للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ بَادِيَتِك فَأَذَّنَتْ لِلصَّلَاةِ فَارْفَعْ صَوْتَك بِالنِّدَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلَا إنْسٌ وَلَا شَيْءٌ إلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَمِعْته مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» أَيْ سَمِعْت مَا قُلْته لَك بِخِطَابٍ لِي وَيَكْفِي فِي أَذَانِ الْمُنْفَرِدِ إسْمَاعُ نَفْسِهِ بِخِلَافِ أَذَانِ الْإِعْلَامِ كَمَا سَيَأْتِي (وَ) سُنَّ (عَدَمُهُ فِيهِ) أَيْ عَدَمُ رَفْعِ صَوْتِهِ بِالْأَذَانِ فِي الْمُصَلَّى الْمَذْكُورِ لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ السَّامِعُونَ دُخُولَ وَقْتِ صَلَاةٍ أُخْرَى وَالتَّصْرِيحُ بِسُنَّ رَفْعُ الصَّوْتِ وَعَدَمُ رَفْعِهِ لِغَيْرِ الْمُنْفَرِدِ مَعَ قَوْلِي وَذَهَبُوا مِنْ زِيَادَتِي وَبِهِ صَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَتَعْبِيرِي بِمُصَلًّى أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَسْجِدٍ وَتَعْبِيرِي بِسُنَّ عَدَمُ الرَّفْعِ فِيمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُفِيدُ عَدَمَ السَّنِّ وَسُنَّ إظْهَارُ الْأَذَانِ فِي الْبَلَدِ وَغَيْرِهَا بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ كُلُّ مَنْ أَصْغَى إلَيْهِ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَلَدِ أَوْ غَيْرِهِ

(وَ) سُنَّ (إقَامَةٌ) لَا أَذَانٌ (لِغَيْرِهِ) أَيْ لِلْمَرْأَةِ

ــ

[حاشية الجمل]

أَبُوهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: أَوْ بَادِيَتِكِ) قِيلَ: إنَّ أَوْ لِلشَّكِّ وَالرَّاجِحُ أَنَّهَا لِلتَّنْوِيعِ وَهِيَ مَانِعَةُ خُلُوٍّ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ) أَيْ غَايَةُ صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ وَالْمَدَى بِفَتْحِ الْمِيمِ يُكْتَبُ بِالْيَاءِ وَهُوَ غَايَةُ الشَّيْءِ اهـ ع ش عَلَى م ر وَهَذَا بِالنَّظَرِ لِمَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ وَالْمُرَادُ هُنَا الصَّوْتُ مِنْ حَيْثُ هُوَ وَلَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ الْغَايَةَ وَالنِّهَايَةَ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: جِنٌّ وَلَا إنْسٌ) قُدِّمَ الْجِنُّ عَلَى الْإِنْسِ لَعَلَّهُ لِسَبْقِهِمْ عَلَيْهِمْ فِي الْخَلْقِ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَقَالَ شَيْخُنَا الْحِفْنِيُّ قُدِّمَ الْجِنُّ لِتَأَثُّرِهِمْ بِالْأَذَانِ أَكْثَرَ مِنْ تَأَثُّرِ الْإِنْسِ اهـ.

وَقَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ غَيْرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ مِمَّا يَصِحُّ إضَافَةُ السَّمَاعِ إلَيْهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ الْأَعَمَّ وَيَشْهَدُ لَهُ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى، «فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ إنْسٌ وَلَا جِنٌّ وَلَا حَجَرٌ وَلَا شَجَرٌ وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَخْلُقُ لَهَا لِسَانًا تَشْهَدُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» قَالَهُ الْحَاوِي فِي شَرْحِ مُسْنَدِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَدَخَلَ فِي الْجِنِّ إبْلِيسٌ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ وَهُوَ شَهَادَةٌ لِلْمُؤَذِّنِ لَا عَلَيْهِ فَلَا يُقَالُ هُوَ عَدُوٌّ لِبَنِي آدَمَ فَكَيْفَ يَشْهَدُ لَهُ وَدَخَلَ فِي الْإِنْسِ الْكَافِرُ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ أَيْضًا اهـ ع ش (قَوْلُهُ: إلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) أَيْ بِشَعَائِرِ الدِّينِ فَيُجَازَى عَلَى ذَلِكَ وَهَذَا الثَّوَابُ إنَّمَا يَحْصُلُ لِلْمُؤَذِّنِ احْتِسَابًا بِالْمُدَاوِمِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ يَحْصُلُ لَهُ أَصْلُ السُّنَّةِ اهـ ع ش عَلَى م ر وَقَالَ فِي مَحَلٍّ آخَرَ قَوْلُهُ «إلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» أَيْ بِالْأَذَانِ وَمَنْ لَازِمَهُ إيمَانُهُ لِنُطْقِهِ بِالشَّهَادَتَيْنِ فِيهِ اهـ (قَوْلُهُ: أَيْ سَمِعْت مَا قُلْته لَك) أَيْ جَمِيعَ ذَلِكَ وَهُوَ أَنِّي أَرَاك تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ إلَخْ اهـ زي وَلَفْظُ الْمَاوَرْدِيِّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِأَبِي سَعِيدٍ إنَّك رَجُلٌ تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ، فَإِذَا دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ فَأَذِّنْ وَارْفَعْ صَوْتَك بِالنِّدَاءِ إلَى آخَرِ» الْحَدِيثِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ سَمِعْته أَيْ قَوْلَهُ، فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ إلَخْ كَمَا بَيَّنَ فِي رِوَايَةٍ لِابْنِ خُزَيْمَةَ بِخِلَافِ ذِكْرِ الْغَنَمِ وَالْبَادِيَةِ، فَإِنَّهُ مَوْقُوفٌ وَجَرَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ وَفَهِمَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ مَرْفُوعٌ وَأَنَّ سَمِعْته عَائِدٌ عَلَى جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ وَسَبَقَهُ إلَى ذَلِكَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ وَغَيْرُهُمْ وَتَعَقَّبَهُ النَّوَوِيُّ وَوَافَقَهُ حَجّ اهـ مِنْ التَّوْشِيحِ عَلَى الْجَامِعِ الصَّحِيحِ لِلسُّيُوطِيِّ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: بِخِطَابٍ لِي) مُقْتَضَاهُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ كَانَ يُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ اهـ.

(قَوْلُهُ: إسْمَاعُ نَفْسِهِ) أَيْ إنْ كَانَ صَحِيحَ السَّمْعِ وَإِلَّا فَقَدْرُ مَا يَسْمَعُ لَوْ كَانَ صَحِيحًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ أَذَانِ الْإِعْلَامِ) أَيْ الْأَذَانِ لِلْجَمَاعَةِ أَوْ لِأَهْلِ الْبَلَدِ، فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي فِيهِ إسْمَاعُ نَفْسِهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ سَمَاعِ غَيْرِهِ وَلَوْ وَاحِدًا مِنْهُمْ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ سَنُّ رَفْعِ الصَّوْتِ زِيَادَةً عَلَى مَا ذُكِرَ اهـ ح ل (قَوْلُهُ كَمَا سَيَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلِجَمَاعَةٍ جَهْرٌ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ السَّامِعُونَ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر؛ لِأَنَّهُ إنْ طَالَ الزَّمَنُ بَيْنَ الْأَذَانَيْنِ تَوَهَّمَ السَّامِعُونَ دُخُولَ وَقْتِ صَلَاةٍ أُخْرَى وَإِلَّا تَوَهَّمُوا وُقُوعَ صَلَاتِهِمْ قَبْلَ الْوَقْتِ لَا سِيَّمَا فِي وَقْتِ الْغَيْمِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَيَرْفَعُ الْمُنْفَرِدُ صَوْتَهُ نَدْبًا لَا بِمَسْجِدٍ وَقَعَتْ فِيهِ جَمَاعَةٌ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إنَّمَا يُفِيدُ عَدَمَ السَّنِّ أَيْ وَالْمُدَّعَى سَنُّ الْعَدَمِ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، فَإِنَّ عَدَمَ السَّنِّ صَادِقٌ بِالْإِبَاحَةِ وَغَيْرِهَا بِخِلَافِ سَنِّ الْعَدَمِ، فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ الْفِعْلَ مَكْرُوهٌ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَسُنَّ إظْهَارُ الْأَذَانِ فِي الْبَلَدِ إلَخْ) ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ حُصُولَ سُنَّةِ الْأَذَانِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ وَأَنَّ الْمُتَوَقِّفَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ إظْهَارُهُ الَّذِي هُوَ إظْهَارُ الشِّعَارِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَيَكْفِي فِي تَحَقُّقِهِ لِأَهْلِ الْبَلَدِ إسْمَاعُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي تَحَقُّقِهِ مَا ذُكِرَ، فَإِنْ كَبُرَتْ الْبَلَدُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعَدُّدِهِ فِيهَا بِحَيْثُ يَظْهَرُ فِيهَا قَالَ شَيْخُنَا وَلَوْ أُذِّنَ فِي جَانِبٍ مِنْ بَلَدٍ كَبِيرٍ حَصَلَتْ السُّنَّةُ أَيْ سُنَّةُ الْإِظْهَارِ لِأَهْلِ ذَلِكَ الْجَانِبِ فَقَطْ فَعُلِمَ أَنَّ إظْهَارَ الْأَذَانِ وَهُوَ ظُهُورُ الشِّعَارِ غَيْرُ الْأَذَانِ وَأَنَّ الْأَذَانَ لِلْجَمَاعَةِ أَوْ لِأَهْلِ الْبَلَدِ يَكْفِي فِيهِ سَمَاعُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَأَمَّا ظُهُورُ الشِّعَارِ فِي الْبَلَدِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ جَمِيعُ أَهْلِ الْبَلَدِ فَلَا بُدَّ فِي حُصُولِ سُنَّةِ إظْهَارِ الْأَذَانِ بِالنِّسْبَةِ لِأَهْلِ الْبُلْدَانِ يَظْهَرُ فِي تِلْكَ الْبَلَدِ بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ مَنْ بِهَا لَوْ أَصْغَوْا إلَيْهِ اهـ ح ل.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالضَّابِطُ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ جَمِيعُ أَهْلِهَا لَوْ أَصْغَوْا إلَيْهِ لَكِنْ لَا بُدَّ فِي حُصُولِ السُّنَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِكُلِّ الْبَلَدِ مِنْ ظُهُورِ الشِّعَارِ كَمَا ذُكِرَ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي أَنَّ أَذَانَ الْجَمَاعَةَ يَكْفِي فِيهِ سَمَاعُ وَاحِدٍ لَهُ؛ لِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ لِأَدَاءِ أَصْلِ سُنَّةِ الْأَذَانِ وَهَذَا بِالنَّظَرِ لِأَدَائِهِ عَنْ جَمِيعِ أَهْلِ الْبَلَدِ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: وَسُنَّ إقَامَةٌ لَا أَذَانٌ لِغَيْرِهِ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ الْأَذَانَ يُخْشَى

<<  <  ج: ص:  >  >>