للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرُهُ مِمَّنْ ذُكِرَ (ثُمَّ) يَقُولُ (اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ) أَيْ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ (إلَى آخِرِهِ) تَتِمَّتُهُ كَمَا فِي الْأَصْلِ التَّامَّةِ وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْته، وَالتَّامَّةُ السَّالِمَةُ مِنْ تَطَرُّقِ نَقْصٍ إلَيْهَا وَالْقَائِمَةُ أَيْ الَّتِي سَتُقَامُ وَالْوَسِيلَةُ مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَالْمَقَامُ الْمَحْمُودُ مَقَامُ الشَّفَاعَةِ فِي فَصْلِ الْقَضَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَاَلَّذِي مَنْصُوبٌ بَدَلًا مِمَّا قَبْلَهُ أَوْ بِتَقْدِيرِ أَعْنِي أَوْ مَرْفُوعٌ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَذِكْرُ مَا يُقَالُ بَعْدَ الْإِقَامَةِ مَعَ ذِكْرِ السَّلَامِ مِنْ زِيَادَتِي.

ــ

[حاشية الجمل]

بَعْدَهُ إلَى أَنْ أَبْطَلَهُ السُّلْطَانُ صَلَاحُ الدِّينِ الْمَذْكُورُ وَجَعَلَ بَدَلَهُ الصَّلَاةَ وَالسَّلَامَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ كُلِّ أَذَانٍ إلَّا الْمَغْرِبَ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الْمَعْهُودَةِ الْآنَ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ أَوَّلَ حُدُوثِ السَّلَامِ الْمَشْهُورِ كَانَ فِي مِصْرَ فِي عَامِ إحْدَى وَثَمَانِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ أَنَّهُ عَقِبَ عِشَاءِ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ بِالْخُصُوصِ ثُمَّ حَدَثَ فِي بَقِيَّةِ الْأَوْقَاتِ إلَّا الْمَغْرِبَ لِقَصَرِ وَقْتِهَا فِي عَامِ إحْدَى وَتِسْعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ أَحْدَثَهُ الْمُحْتَسِبُ بَدْرُ الدِّينِ الطَّنْبَدِيُّ وَاسْتَمَرَّ إلَى الْآنَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْإِجَابَةِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالدُّعَاءِ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فَلَوْ تَرَكَ بَعْضَهَا سُنَّ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْبَاقِي اهـ ع ش عَلَى م ر وَيُسَنُّ الدُّعَاءُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِمَا وَرَدَ «أَنَّ الدُّعَاءَ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لَا يُرَدُّ فَادْعُوَا» وَأَنْ يَقُولَ الْمُؤَذِّنُ وَمَنْ سَمِعَهُ بَعْدَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ اللَّهُمَّ هَذَا إقْبَالُ لَيْلِك وَإِدْبَارُ نَهَارِك وَأَصْوَاتُ دُعَاتِك اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَيَقُولُ كُلٌّ مِنْهُمَا بَعْدَ أَذَانِ الصُّبْحِ اللَّهُمَّ هَذَا إقْبَالُ نَهَارِك وَإِدْبَارُ لَيْلِك وَأَصْوَاتِ دُعَاتِك فَاغْفِرْ لِي وَآكَدُ الدُّعَاءِ كَمَا فِي الْعُبَابِ سُؤَالُ الْعَافِيَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ كَأَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَيُسَنُّ الدُّعَاءُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ أَيْ وَإِنْ طَالَ مَا بَيْنَهُمَا وَيَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ بِمُجَرَّدِ الدُّعَاءِ وَالْأَوْلَى شَغْلُ الزَّمَنِ بِتَمَامِهِ بِالدُّعَاءِ إلَّا وَقْتَ فِعْلِ الرَّاتِبَةِ عَلَى أَنَّ الدُّعَاءَ فِي نَحْوِ سُجُودِهَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ دُعَاءٌ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، وَمَفْهُومُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا يُطْلَبُ الدُّعَاءُ بَعْدَ الْإِقَامَةِ وَقَبْلَ التَّحْرِيمِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْ الْمُصَلِّي الْمُبَادَرَةُ إلَى التَّحَرُّمِ لِتَحْصُلَ لَهُ الْفَضِيلَةُ التَّامَّةُ.

(فَرْعٌ) لَوْ كَانَ اشْتِغَالُهُ بِالْإِجَابَةِ يُفَوِّتُ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ مَعَ الْإِمَامِ أَوْ بَعْضَ الْفَاتِحَةِ بَلْ أَوْ كُلَّهَا بِقِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ مِنْ أَنَّهُ يُقَدِّمُ سُنَّةَ الْوُضُوءِ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ يُقَدِّمُ الْإِجَابَةَ عَلَى أَنَّهُ قِيلَ بِوُجُوبِهَا اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَالْفَضِيلَةُ) عَطْفٌ مُرَادِفٌ أَوْ مُغَايِرٌ لِمَا قِيلَ إنَّهُمَا قُبَّتَانِ فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ إحْدَاهُمَا مِنْ لُؤْلُؤَةٍ بَيْضَاءَ وَقِيلَ يَاقُوتَةٌ حَمْرَاءُ يَسْكُنُهَا مُحَمَّدٌ وَآلُهُ، وَالثَّانِيَةُ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ أَوْ صَفْرَاءَ يَسْكُنُهَا إبْرَاهِيمُ وَآلُهُ وَالْحِكْمَةُ فِي سُؤَالِ ذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ وَاجِبَ الْوُقُوعِ بِوَعْدِ اللَّهِ تَعَالَى إظْهَارُ شَرَفِهِ وَحُصُولُ الثَّوَابِ لِلدَّاعِي وَالْوَفَاءُ بِمَا وَرَدَ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اُطْلُبُوهَا لِي وَلَمْ يَقُلْ كَأَصْلِهِ وَالدَّرَجَةَ الْعَالِيَةَ الرَّفِيعَةَ وَخَتَمَهُ بِقَوْلِهِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ؛ لِأَنَّهُ لَا أَصْلَ لَهُمَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ يَسْكُنُهَا إبْرَاهِيمُ وَآلُهُ وَلَا يُنَافِي هَذَا سُؤَالَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُمَا عَلَى أَنَّ هَذَا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ السُّؤَالُ لِتَنْجِيزِ مَا وَعَدَ بِهِ مِنْ أَنَّهُمَا لَهُ وَتَكُونُ سُكْنَى إبْرَاهِيمَ وَآلِهِ فِيهَا مِنْ قَبْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إظْهَارًا لِشَرَفِهِ عَلَى غَيْرِهِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: مَقَامًا مَحْمُودًا) مَفْعُولٌ بِهِ لِابْعَثْهُ بِتَضْمِينِهِ مَعْنَى أَعْطِهِ أَوْ مَفْعُولٌ فِيهِ أَيْ ابْعَثْهُ فِي مَقَامٍ مَحْمُودٍ أَوْ حَالٌ أَيْ ابْعَثْهُ ذَا مَقَامٍ مَحْمُودٍ مُقَنِّنًا مَعَ أَنَّهُ مُعَيَّنٌ؛ لِأَنَّهُ أَفْخَمُ كَأَنَّهُ قِيلَ مَقَامًا أَيْ مَقَامٌ وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ أَيْضًا الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ وَقَوْلُهُ مَحْمُودًا أَيْ بِكُلِّ لِسَانٍ كَذَا فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ لِلْمُصَنِّفِ اهـ شَوْبَرِيٌّ وع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ الَّذِي وَعَدْته) زَادَ فِي رِوَايَةٍ «وَأَوْرِدْنَا حَوْضَهُ وَاسْقِنَا مِنْ يَدِهِ الشَّرِيفَةِ شَرْبَةً هَنِيئَةً مَرِيئَةً لَا نَظْمَأُ بَعْدَهَا أَبَدًا يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ» وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَرِدْ أَيْضًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: مَقَامَ الشَّفَاعَةِ) هَذَا مَا عَلَيْهِ إجْمَاعُ الْمُفَسِّرِينَ كَمَا قَالَهُ الْوَاحِدِيُّ وَقِيلَ شَهَادَتُهُ لِأُمَّتِهِ وَقِيلَ إعْطَاؤُهُ لِوَاءَ الْحَمْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ هُوَ أَنْ يُجْلِسَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْعَرْشِ وَقِيلَ عَلَى الْكُرْسِيِّ وَقِيلَ هُوَ كَوْنُ آدَمَ وَمَنْ دُونَهُ تَحْتَ لِوَائِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أَوَّلِ عَرَصَاتِهَا إلَى دُخُولِهِمْ الْجَنَّةَ قَالَهُ حَجّ فِي الْجَوْهَرِ الْمُنَظَّمِ وَفَائِدَةُ الدُّعَاءِ بِذَلِكَ مَعَ أَنَّ اللَّهَ وَعَدَهُ بِهِ طَلَبُ الدَّوَامِ أَوْ إشَارَةٌ لِنَدْبِ دُعَاءِ الشَّخْصِ لِغَيْرِهِ قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ اهـ شَوْبَرِيٌّ أَوْ لِإِظْهَارِ شَرَفِهِ وَعَظِيمِ مَنْزِلَتِهِ اهـ شَرْحُ م ر أَوْ إيصَالُ الثَّوَابِ إلَى الدَّاعِي اهـ ع ش (قَوْلُهُ: فِي فَصْلِ الْقَضَاءِ) أَيْ الَّذِي يَحْمَدُهُ فِيهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَصَدِّي لِذَلِكَ بِسُجُودِهِ تَحْتَ سَاقِ الْعَرْشِ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ كَسُجُودِ الصَّلَاةِ لَمَّا فَزِعُوا إلَيْهِ بَعْدَ فَزَعِهِمْ لِآدَمَ ثُمَّ لِأُولِي الْعَزْمِ نُوحٍ فَإِبْرَاهِيمَ فَمُوسَى فَعِيسَى وَاعْتَذَرَ كُلٌّ مِنْهُمْ بِمَا وَقَعَ مِنْهُ فَلَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ حَتَّى يُجَابَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَفِي الْمِصْبَاحِ فَزِعْت إلَيْهِ مِنْ بَابِ تَعِبَ لَجَأْت اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>