للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْأَذَانِ الْإِقَامَةُ قَالَ فِي الْمُهِّمَّاتِ وَالْقِيَاسُ أَنَّ السَّامِعَ يَقُولُ فِي قَوْلِ الْمُؤَذِّنِ أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ، وَالْحَيْعَلَةُ مُرَكَّبَةٌ مِنْ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ وَحَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ وَالْحَوْقَلَةُ مِنْ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ وَيُقَالُ فِيهَا الْحَوْقَلَةُ (وَ) يَقُولُ فِي الثَّانِي (صَدَقْت وَبَرَرْت) مَرَّتَيْنِ لِخَبَرٍ وَرَدَ فِيهِ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَبَرَرْت بِكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ صِرْت ذَا بِرٍّ أَيْ خَيْرٍ كَثِيرٍ (وَ) فِي الثَّالِثِ (أَقَامَهَا اللَّهُ وَأَدَامَهَا وَجَعَلَنِي مِنْ صَالِحِي أَهْلِهَا) لِوُرُودِهِ فِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد هَذَا مِنْ زِيَادَتِي وَالْقِيَاسُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ مَرَّتَيْنِ.

(وَ) سُنَّ (لِكُلٍّ) مِنْ مُؤَذِّنٍ وَمُقِيمٍ وَسَامِعٍ وَمُسْتَمِعٍ (أَنْ يُصَلِّي وَيُسَلِّمَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ فَرَاغِ) مِنْ الْأَذَانِ أَوْ الْإِقَامَةِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ وَيُقَاسُ بِالسَّامِعِ فِيهِ

ــ

[حاشية الجمل]

شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ) أَيْ عَلَى الْحَيْعَلَتَيْنِ بِجَامِعِ الْخِطَابِ فِي كُلٍّ وَقَوْلُهُ فِي قَوْلِ الْمُؤَذِّنِ إلَخْ وَالْمُؤَذِّنُ يَقُولُ ذَلِكَ فِي أَذَانِ الْعِشَاءِ فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ أَوْ ذَاتِ الرِّيحِ أَوْ الظُّلْمَةِ بِنَحْوِ سَحَابٍ لَا بِعَدَمِ طُلُوعِ الْقَمَرِ كَمَا فِي أَوَاخِرِ الشُّهُورِ بَعْدَ الْأَذَانِ وَهُوَ الْأَوْلَى أَوْ بَعْدَ الْحَيْعَلَتَيْنِ لَا بُدَّ لَهُمَا؛ لِأَنَّهُ يَبْطُلُ الْأَذَانُ وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ مُطْلَقًا وَفِي رِوَايَةٍ «أَنَّ بِلَالًا كَانَ يُؤَذِّنُ لِلصُّبْحِ فَيَقُولُ: حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَجْعَلَ مَكَانَهَا الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ» .

(فَائِدَةٌ) مَعْنَى قَوْلِ الْمُؤَذِّنِ اللَّهُ أَكْبَرُ أَيْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ أَوْ مِنْ أَنْ يُنْسَبَ إلَيْهِ مَا لَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ، وَأَشْهَدُ أَيْ أَعْلَمُ وَأُذْعِنُ وَأَتَيَقَّنُ، وَحَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ أَيْ أَقْبِلُوا عَلَيْهَا، وَالْفَلَاحُ الْفَوْزُ وَالْبَقَاءُ أَيْ هَلُمُّوا إلَى سَبَبِ ذَلِكَ وَهُوَ الصَّلَاةُ وَخَتَمَ بِلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ لِيَخْتِمَ بِالتَّوْحِيدِ وَبِاسْمِهِ تَعَالَى كَمَا بَدَأَ بِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: فِي قَوْلِ الْمُؤَذِّنِ أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ) وَيَقُولُ الْمُؤَذِّنُ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: مُرَكَّبَةٌ مِنْ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ) أَيْ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ وَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ ذَلِكَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ كُلِّ كَلِمَةٍ بَعْضُ حُرُوفِهَا فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ الْحَيْعَلَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ حَيَّ عَلَى فَقَطْ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الرَّاءِ) وَحُكِيَ فَتْحُهَا وَفِي الْعُبَابِ زِيَادَةٌ وَبِالْحَقِّ نَطَقْت اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ وَالْبِرُّ بِالْكَسْرِ الْخَيْرُ وَالْفَضْلُ وَبَرَّ الرَّجُلُ يَبَرُّ بِرًّا وِزَانُ عَلِمَ يَعْلَمُ عِلْمًا فَهُوَ بَرٌّ بِالْفَتْحِ وَبَارٌّ أَيْضًا أَيْ صَادِقٌ أَوْ تَقِيٌّ وَهُوَ خِلَافُ الْفَاجِرِ وَجَمْعُ الْأَوَّلِ أَبْرَارٌ وَجَمْعُ الثَّانِي بَرَرَةٌ مِثْلُ كَافِرٍ وَكَفَرَةٍ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ لِلْمُؤَذِّنِ صَدَقْت وَبَرَرْت أَيْ صَدَقْت فِي دُعَائِك إلَى الطَّاعَةِ وَصِرْت بَارًّا دَعَا لَهُ بِذَلِكَ أَوْ دَعَا لَهُ بِالْقَبُولِ وَالْأَصْلُ بَرَّ عَمَلُك اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلِكُلٍّ أَنْ يُصَلِّيَ وَيُسَلِّمَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَفْضَلَ الصِّيَغِ عَلَى الرَّاجِحِ صِيغَةُ التَّشَهُّدِ فَيَنْبَغِي تَقْدِيمُهَا عَلَى غَيْرِهَا وَمِنْ الْغَيْرِ مَا يَقَعُ لِلْمُؤَذِّنِينَ مِنْ قَوْلِهِمْ بَعْدَ الْأَذَانِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ إلَى آخِرِ مَا يَأْتُونَ بِهِ فَيَكْفِي.

(فَائِدَةٌ) قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ وَتَتَأَكَّدُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَوَاضِعَ وَرَدَ فِيهَا أَخْبَارٌ خَاصَّةٌ أَكْثَرُهَا بِأَسَانِيدَ جِيَادٍ عَقِب إجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ وَأَوَّلُ الدُّعَاءِ وَأَوْسَطُهُ وَآخِرُهُ وَفِي أَوَّلِهِ آكَدُ وَفِي آخِرِ الْقُنُوتِ وَفِي أَثْنَاءِ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ وَعِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالْخُرُوجِ مِنْهُ وَعِنْدَ الِاجْتِمَاعِ وَالتَّفَرُّقِ وَعِنْدَ السَّفَرِ وَالْقُدُومِ مِنْهُ وَالْقِيَامِ لِصَلَاةِ اللَّيْلِ وَخَتْمِ الْقُرْآنِ وَعِنْدَ الْكَرْبِ وَالْهَمِّ وَالتَّوْبَةِ وَقِرَاءَةِ الْحَدِيثِ وَتَبْلِيغِ الْعِلْمِ وَالذِّكْرِ وَنِسْيَانِ الشَّيْءِ وَوَرَدَ أَيْضًا فِي أَحَادِيثَ ضَعِيفَةٍ عِنْدَ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ وَطَنِينِ الْأُذُنِ وَالتَّلْبِيَةِ وَعَقِبِ الْوُضُوءِ وَعِنْدَ الذَّبْحِ وَالْعُطَاسِ وَوَرَدَ الْمَنْعُ مِنْهَا عِنْدَهُمَا أَيْضًا اهـ مُنَاوِيٌّ.

عِنْدَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ عَلَيَّ زَكَاةٌ لَكُمْ» وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ بِحَدِيثَيْنِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ: «صَلُّوا عَلَى أَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَرُسُلِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ بَعَثَهُمْ كَمَا بَعَثَنِي» إلَخْ وَحِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ لَمَّا بَذَلُوا أَعْرَاضَهُمْ فِيهِ لِأَعْدَائِهِ فَنَالُوا مِنْهُمْ وَسَبُّوهُمْ أَعْطَاهُمْ اللَّهُ الصَّلَاةَ عَلَيْهِمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَطْيَبَ الثَّنَاءِ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَأَخْلَصَهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ فَالصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ مَنْدُوبَةٌ لَا وَاجِبَةٌ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ عَلَى نَبِيِّنَا إذْ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ الْأُمَمِ السَّابِقَةِ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ كَذَا بَحَثَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: بَعْدَ فَرَاغٍ مِنْ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ) ، وَأَمَّا قَبْلَ الْإِقَامَةِ فَهَلْ يُسَنُّ أَيْضًا أَوْ لَا أَفْتَى شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ حِينَ سُئِلَ عَمَّا يَفْعَلُ مِنْ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ الْإِقَامَةِ هَلْ هُوَ سُنَّةٌ أَوْ بِدْعَةٌ بِأَنَّهُ سُنَّةٌ ثُمَّ رَأَيْت ذَلِكَ مَنْقُولًا عَنْ جَمَاعَاتٍ مِنْ مُحَقِّقِي الْعُلَمَاءِ.

(فَائِدَةٌ) وَأَوَّلُ مَا زِيدَتْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بَعْدَ كُلِّ أَذَانٍ عَلَى الْمَنَابِرِ فِي زَمَنِ السُّلْطَانِ الْمَنْصُورِ حَاجِي بْنِ الْأَشْرَفِ شَعْبَانَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قَلَاوُونَ بِأَمْرِ الْمُحْتَسِبِ نَجْمِ الدِّينِ الطَّنْبَدِيِّ وَكَانَ ذَلِكَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ إحْدَى وَسِتِّينَ وَسَبْعِمِائَةٍ وَكَانَ حَدَثَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي أَيَّامِ السُّلْطَانِ صَلَاحِ الدِّينِ بْنِ أَيُّوبَ أَنْ يُقَالَ قَبْلَ أَذَانِ الْفَجْرِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ بِمِصْرَ وَالشَّامِ السَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ إلَى سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَسَبْعِمِائَةٍ فَزِيدَ فِيهِ بِأَمْرِ الْمُحْتَسِبِ صَلَاحِ الدِّينِ الْبُرُلُّسِيِّ أَنْ يُقَالَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ إلَى أَنْ جُعِلَ عَقِبَ كُلِّ أَذَانٍ، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الْحَاكِمَ الْمَخْذُولَ لَمَّا قُتِلَ أَمَرَتْ أُخْتُهُ الْمُؤَذِّنِينَ أَنْ يَقُولُوا فِي حَقِّ وَلَدِهِ السَّلَامُ عَلَى الْإِمَامِ الظَّاهِرِ ثُمَّ اسْتَمَرَّ السَّلَامُ عَلَى الْخُلَفَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>