الْمُؤَذِّنِ وَالْمُقِيمِ قَالُوا، وَلَوْ مُحْدِثًا حَدَثًا أَكْبَرَ (مِثْلُ قَوْلِهِمَا) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَى» وَيُقَاسُ بِالْمُؤَذِّنِ الْمُقِيمُ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي (إلَّا فِي حَيْعَلَاتٍ وَتَثْوِيبٍ وَكَلِمَتَيْ إقَامَةٍ فَيُحَوْلِقُ) فِي كُلِّ كَلِمَةٍ فِي الْأَوَّلِ بِأَنْ يَقُولَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ لِقَوْلِهِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «، وَإِذَا قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ قَالَ أَيْ سَامِعُهُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ، وَإِذَا قَالَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ قَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ» أَيْ لَا حَوْلَ عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ إلَّا بِهِ وَلَا قُوَّةَ عَلَى طَاعَتِهِ إلَّا بِمَعُونَتِهِ وَيُقَاسُ
ــ
[حاشية الجمل]
إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ مُتَأَكِّدٌ يُكْرَهُ تَرْكُهُ وَقَالَ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّ إجَابَةَ الْأَوَّلِ أَفْضَلُ إلَّا أَذَانَيْ الصُّبْحِ فَلَا أَفْضَلِيَّةَ فِيهِمَا لِتَقَدُّمِ الْأَوَّلِ وَوُقُوعِ الثَّانِي فِي الْوَقْتِ وَإِلَّا أَذَانَيْ الْجُمُعَةِ لِتَقَدُّمِ الْأَوَّلِ وَمَشْرُوعِيَّةِ الثَّانِي فِي زَمَنِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَمِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى مَا إذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُونَ وَاخْتَلَطَتْ أَصْوَاتُهُمْ عَلَى السَّامِعِ وَصَارَ بَعْضُهُمْ يَسْبِقُ بَعْضًا.
وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا تُسْتَحَبُّ إجَابَةُ هَؤُلَاءِ وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إجَابَتُهُمْ اهـ شَرْحُ م ر وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَأَمَّا الْأَذَانُ الْأَوَّلُ فِي الْجُمُعَةِ فَقَدْ حَدَثَ فِي زَمَانِ الْإِمَامِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَلِسَمَاعِهِمَا) أَيْ وَلَوْ بِصَوْتٍ لَمْ يَفْهَمْهُ، وَإِنْ كُرِهَ أَذَانُهُ وَإِقَامَتُهُ، فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ إلَّا آخِرَهُ أَجَابَ الْجَمِيعُ مُبْتَدِئًا مِنْ أَوَّلِهِ وَيُجِيبُ فِي التَّرْجِيعِ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ وَيَقْطَعْ نَحْوَ الطَّائِفِ وَالْقَارِئِ مَا هُوَ فِيهِ وَيَتَدَارَكُ مَنْ تَرَكَ الْمُتَابَعَةَ وَلَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ إنْ قَرُبَ الْفَصْلُ وَفَارَقَ تَكْبِيرَ الْعِيدِ الْمَشْرُوعِ عَقِبَ الصَّلَاةِ حَيْثُ يَتَدَارَكُ، وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ بِأَنَّ الْإِجَابَةَ تَنْقَطِعُ مَعَ الطُّولِ بِخِلَافِ التَّكْبِيرِ وَلَوْ تَرَتَّبَ مُؤَذِّنُونَ أَجَابَ الْكُلُّ مُطْلَقًا، فَإِنْ أَذَّنُوا مَعًا كَفَتْ إجَابَةٌ وَاحِدَةٌ وَخَرَجَ بِسَمَاعِهِمَا نَفْسُهُمَا وَالْأَصَمُّ فَلَا يُسَنُّ لَهُمْ ذَلِكَ وَلَا تُسَنُّ إجَابَةُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فِي أُذْنَيْ الْمَوْلُودِ وَلَا عِنْدَ تَغَوُّلِ الْغِيلَانِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلَوْ ثَنَّى الْإِقَامَةَ حَنَفِيٌّ أُجِيبَ مَثْنَى وَبِهِ صَرَّحَ الْعَلَّامَةُ م ر اهـ بِرْمَاوِيٌّ (فَرْعٌ) لَوْ دَخَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي أَثْنَاءِ الْأَذَانِ بَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ فَفِي الْعُبَابِ تَبَعًا لِمَا اخْتَارَهُ أَبُو شُكَيْلٍ أَنَّهُ يُجِيبُ قَائِمًا ثُمَّ يُصَلِّي التَّحِيَّةَ بِخِفَّةٍ لِيَسْمَعَ أَوَّلَ الْخُطْبَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّهُ يُصَلِّي ثُمَّ يُجِيبُ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا؛ لِأَنَّ الْإِجَابَةَ لَا تَفُوتُ بِطُولِ الْفَصْلِ مَا لَمْ يُفْحِشْ الطُّولَ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْإِتْيَانُ بِالْإِجَابَةِ وَالْخَطِيبُ يَخْطُبُ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ، فَإِنَّهَا تَمْتَنِعُ عَلَيْهِ إذَا طَالَ الْفَصْلُ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: قَالُوا وَلَوْ مُحْدِثًا حَدَثًا أَكْبَرَ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر، وَإِنْ كَانَ جُنُبًا أَوْ حَائِضًا أَوْ نَحْوَهُمَا خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ فِي قَوْلِهِ لَا يُجِيبَانِ انْتَهَتْ وَلَعَلَّ حِكْمَةَ التَّبَرِّي احْتِمَالُ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ بَعْدُ لِلتَّخْصِيصِ بِغَيْرِ الْجُنُبِ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَرِهْت أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ إلَّا عَلَى طُهْرٍ» اهـ ع ش (قَوْلُهُ أَيْضًا قَالُوا وَلَوْ مُحْدِثًا حَدَثًا أَكْبَرَ) كَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَتَبْرَأُ مِنْهُ مِيلًا لِمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ إنَّ الْجُنُبَ وَالْحَائِضَ لَا يُجِيبَانِ وَقَالَ وَلَدُهُ لَا يُجِيبُ الْجُنُبُ وَتُجِيبُ الْحَائِضُ لِطُولِ أَمَدِهَا اهـ ح ل هَذَا وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ كَرَاهَةُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لَهُمْ وَفَرَّقَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بِأَنَّ الْمُؤَذِّنَ وَالْمُقِيمَ مُقَصِّرَانِ حَيْثُ لَمْ يَتَطَهَّرَا عِنْدَ مُرَاقَبَتِهِمَا الْوَقْتَ وَالْمُجِيبُ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ إجَابَتَهُ تَابِعَةٌ لِأَذَانِ غَيْرِهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ غَالِبًا وَقْتَ الْأَذَانِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: ثُمَّ صَلُّوا) عَلَى تَتِمَّتِهِ، «فَإِنَّ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ» أَيْ وَجَبَتْ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي} [طه: ٨١] وَقِيلَ مِنْ الْحُلُولِ بِمَعْنَى النُّزُولِ لَا مِنْ الْحِلِّ بِكَسْرِ الْحَاءِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مُحَرَّمَةً قَبْلَ ذَلِكَ يَعْنِي اسْتَحَقَّ شَفَاعَتِي مُجَازَاةً لِدُعَائِهِ وَفِي رِوَايَةٍ «أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَجَابَتْ الْأَذَانَ أَوْ الْإِقَامَةَ كَانَ لَهَا بِكُلِّ حَرْفٍ أَلْفُ أَلْفِ دَرَجَةٍ وَلِلرَّجُلِ ضِعْفُ ذَلِكَ» اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: فَيُحَوْلِقُ) تَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ عَلَى لُغَةٍ ضَعِيفَةٍ وَالْمَشْهُورُ الْحَوْقَلَةُ لِتَرَكُّبِهِ مِنْ جَمِيعِ أَلْفَاظِ الْكَلِمَةِ بِتَرْتِيبِهَا وَتِلْكَ مُرَكَّبَةٌ مِنْ حَوْلٍ وَقُوَّةٍ فَقَطْ أَوْ مِنْ الْكُلِّ لَكِنْ فِيهِ إخْلَالٌ بِالتَّرْتِيبِ وَهُوَ مَعِيبٌ وَهَلْ تُسَنُّ إجَابَةُ " الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ " أَوْ لَا؟ مَحَلُّ نَظَرٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تُسَنُّ قِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِ: أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ فَيُجِيبُ بِلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ كَلِمَةٍ) أَيْ مِنْ الْحَيْعَلَاتِ وَفِي بِمَعْنَى اللَّامِ وَالثَّانِيَةُ عَلَى بَابِهَا فَلَا يَلْزَمُ تَعَلُّقُ حَرْفَيْ جَرٍّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ بِعَامِلٍ وَاحِدٍ اهـ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَقُولَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ) أَيْ بَعْدَ فَرَاغِ الْمُؤَذِّنِ عَلَى الْأَكْمَلِ، فَإِنْ قَارَنَهُ كَفَى وَيَقُولُ ذَلِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَوَرَدَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «أَكْثِرُوا مِنْ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ، فَإِنَّ ذِكْرَهَا يَدْفَعُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ دَاءً أَدْنَاهَا اللَّمَمُ» وَعَنْ مَكْحُولٍ أَنَّ مَنْ قَالَهَا كَشَفَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ سَبْعِينَ بَابًا مِنْ الْبَلَاءِ وَفِي رِوَايَةٍ مِنْ الْهَمِّ أَدْنَاهَا الْفَقْرُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ اللَّمَمُ طَرَفٌ مِنْ الْجُنُونِ اهـ (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ إلَخْ) أَيْ وَلِأَنَّ الْحَيْعَلَتَيْنِ دُعَاءٌ إلَى الصَّلَاةِ فَلَا يَلِيقُ بِغَيْرِ الْمُؤَذِّنِ إذْ لَوْ قَالَهُ السَّامِعُ لَكَانَ النَّاسُ كُلُّهُمْ دُعَاةً فَمَنْ الْمُجِيبُ فَسُنَّ لِلْمُجِيبِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ تَفْوِيضٌ مَحْضٌ إلَى اللَّهِ تَعَالَى اهـ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute