للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالُوا لِخَبَرٍ «لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلَا إنْسٌ وَلَا شَيْءٌ إلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَلِأَنَّهُ لِإِعْلَامِهِ بِالْوَقْتِ أَكْثَرُ نَفْعًا مِنْهَا

(وَسُنَّ مُؤَذِّنَانِ لِمُصَلَّى) مَسْجِدًا أَوْ غَيْرَهُ تَأَسِّيًا بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فَيُؤَذِّنُ وَاحِدٌ) لِلصُّبْحِ (قَبْلَ فَجْرٍ) بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ (وَآخَرُ بَعْدَهُ) لِخَبَرِ «أَنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ» السَّابِقِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا وَاحِدًا أَذَّنَ لَهَا الْمَرَّتَيْنِ نَدْبًا أَيْضًا، فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى مَرَّةٍ فَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَوْلِي لِمُصَلًّى أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ لِمَسْجِدٍ (و) سُنَّ (لِسَامِعِهِمَا) أَيْ لِسَامِعِ

ــ

[حاشية الجمل]

وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ مَنْ يُحْسِنُهَا وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّمَ حَكَاهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَأَقَرَّهُ انْتَهَتْ.

وَقَوْلُهُ وَالْأُجْرَةُ عَلَى جَمِيعِهِ أَيْ وَفَائِدَةُ ذَلِكَ تَظْهَرُ فِيمَا لَوْ أَخَلَّ بِهِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ فَيَسْقُطُ مَا يُقَابِلُهُ فِي الْمُسَمَّى بِقِسْطِهِ أَمَّا لَوْ أَخَلَّ بِبَعْضِ كَلِمَاتِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ الْأَوْقَاتِ الَّتِي أَخَلَّ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ بِتَرْكِ كَلِمَةٍ مِنْهُ أَوْ بَعْضِهَا بَطَلَ الْأَذَانُ بِجُمْلَتِهِ وَقَوْلُهُ وَتَدْخُلُ الْإِقَامَةُ فِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْأَذَانِ أَيْ فَلَوْ تَرَكَهَا سَقَطَ مِنْ الْأُجْرَةِ مَا يُقَابِلُهَا وَأَمَّا مَا اُعْتِيدَ مِنْ فِعْلِ الْمُؤَذِّنِينَ مِنْ التَّسْبِيحَاتِ وَالْأَدْعِيَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَلَيْسَ دَاخِلًا فِي الْإِجَارَةِ فِي الْأَذَانِ، فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْهُ لَا يَسْقُطَ مِنْ أُجْرَتِهِ لِلْأَذَانِ شَيْءٌ وَقَوْلُهُ إذْ لَا كُلْفَةَ فِيهَا فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِيهَا كُلْفَةٌ كَأَنْ احْتَاجَ إلَى سَمَاعِ النَّاسِ إلَى صُعُودِ مَحَلٍّ عَالٍ فِي صُعُودِهِ مَشَقَّةٌ أَوْ مُبَالَغَةٌ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ وَالتَّأَنِّي فِي الْكَلِمَاتِ لِيَتَمَكَّنَ النَّاسُ مِنْ سَمَاعِهِ صِحَّةَ الْإِجَارَةِ لَهَا اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: قَالُوا لِخَبَرِ لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ إلَخْ) إنَّمَا أَسْنَدَهُ لَهُمْ لِجَوَازِ أَنْ يُقَالَ لَا يَلْزَمُ مِنْ الشَّهَادَةِ لَهُ فَضْلُ الْأَذَانِ عَلَى الْإِمَامَةِ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِيهَا أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ اهـ ع ش وَكُلٌّ مِنْ الدَّلِيلَيْنِ خَاصٌّ بِالْأَذَانِ فَهَذَا الِاسْتِدْلَال ظَاهِرٌ عَلَى طَرِيقَةِ الْمِنْهَاجِ الْمُعْتَمَدَةِ مِنْ أَنَّ الْأَذَانَ وَحْدَهُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِمَامَةِ لَا عَلَى طَرِيقَةِ الشَّارِحِ الضَّعِيفَةِ مِنْ أَنَّ الْأَفْضَلَ مِنْ الْإِمَامَةِ إنَّمَا هُوَ مَجْمُوعُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: وَسُنَّ مُؤَذِّنَانِ لِمُصَلَّى) لَعَلَّ الْمُرَادَ يُؤَذِّنَانِ عَلَى التَّنَاوُبِ هَذَا فِي وَقْتٍ وَهَذَا فِي آخَرَ لَمْ يَتَّسِعْ الْمَسْجِدُ؛ لِأَنَّهُمَا يُؤَذِّنَانِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ قَوْلُهُ فَيُؤَذِّنُ وَاحِدٌ إلَخْ مِنْ جُمْلَةِ فَوَائِدِ التَّعَدُّدِ لَا أَنَّ هَذَا فَائِدَةُ التَّعَدُّدِ فَقَطْ اهـ ح ل.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمِنْ جُمْلَةِ فَوَائِدِ التَّعَدُّدِ أَنْ يُؤَذِّنَ وَاحِدٌ إلَخْ انْتَهَتْ ثُمَّ قَالَ وَتُسْتَحَبُّ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِمَا بِحَسَبِ الْحَاجَةِ وَالْمَصْلَحَةِ وَيَتَرَتَّبُونَ فِي أَذَانِهِمْ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِعْلَامِ، فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَالْمَسْجِدُ كَبِيرٌ تَفَرَّقُوا فِي أَقْطَارِهِ كُلُّ وَاحِدٍ فِي قُطْرٍ، وَإِنْ صَغُرَ اجْتَمَعُوا إنْ لَمْ يُؤَدِّ اجْتِمَاعُهُمْ إلَى اضْطِرَابٍ وَاخْتِلَاطٍ وَيَقِفُونَ عَلَيْهِ كَلِمَةً كَلِمَةً، فَإِنْ أَدَّى إلَى تَشْوِيشٍ أَذَّنَ بَعْضُهُمْ بِالْقُرْعَةِ إذَا تَنَازَعُوا نَعَمْ لَنَا صُورَةٌ يُسْتَحَبُّ فِيهَا اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى الْأَذَانِ مِنْ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ وَهِيَ أَذَانُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَسَبَبُهُ التَّطْوِيلُ عَلَى الْحَاضِرِينَ، فَإِنَّهُمْ يَجْتَمِعُونَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ غَالِبًا سِيَّمَا مَنْ امْتَثَلَ وَبَكَّرَ لَكِنَّ الْأَصَحَّ خِلَافُهُ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ السُّنَّةَ كَوْنُ الْمُؤَذِّنِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَاحِدًا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَعِنْدَ التَّرْتِيبِ لَا يَتَأَخَّرُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ لِئَلَّا يَذْهَبَ أَوَّلُ الْوَقْتِ اهـ (وَقَوْلُهُ: فَيُؤَذِّنُ وَاحِدٌ قَبْلَ فَجْرٍ إلَخْ) وَهُوَ أَيْ الْمُؤَذِّنُ الْأَوَّلُ أَوْلَى بِالْإِقَامَةِ مَا لَمْ يَكُنْ الرَّاتِبُ غَيْرَهُ فَيَكُونُ الرَّاتِبُ أَوْلَى اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: وَلِسَمَاعِهِمَا مِثْلَ قَوْلِهِمَا) شَمِلَ السَّامِعَ الْمُجَامِعَ وَقَاضِيَ الْحَاجَةِ غَيْرَ أَنَّهُمَا إنَّمَا يُجِيبَانِ بَعْدَ فَرَاغِهِمَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ عُرْفًا وَإِلَّا لَمْ تُسْتَحَبَّ لَهُمَا الْإِجَابَةُ وَمَنْ فِي صَلَاةٍ لَكِنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ اسْتِحْبَابِ الْإِجَابَةِ فِي حَقِّهِ بَلْ هِيَ مَكْرُوهَةٌ، فَإِنْ قَالَ فِي التَّثْوِيبِ صَدَقْتَ وَبَرَرْتَ أَوْ قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ أَوْ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا تَبْطُلُ بِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ كَانَ الْمُصَلِّي يَقْرَأُ فِي الْفَاتِحَةِ فَأَجَابَهُ قَطَعَ مُوَالَاتَهَا وَوَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْنِفَهَا وَلَوْ كَانَ السَّامِعُ وَنَحْوُهُ فِي ذِكْرٍ أَوْ قِرَاءَةٍ سُنَّ لَهُ الْإِجَابَةُ وَقَطْعُ مَا هُوَ فِيهِ، أَوْ فِي طَوَافٍ إجَابَةُ فِيهِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُجِيبَ فِي كُلِّ كَلِمَةٍ عَقِبَهَا بِأَنْ لَا يُقَارِنَهُ وَلَا يَتَأَخَّرَ عَنْهُ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمُقْتَضَاهُ الْإِجْزَاءُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَيْ حَالَةِ الْمُقَارَنَةِ وَالتَّأَخُّرِ وَعَدَمِهِ عِنْدَ التَّقَدُّمِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ الْعِمَادِ مِنْ عَدَمِ حُصُولِ سُنَّةِ الْإِجَابَةِ فِي حَالَةِ الْمُقَارَنَةِ مَحْمُولٌ عَلَى نَفْيِ الْفَضِيلَةِ الْكَامِلَةِ وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَدَمَ اسْتِحْبَابِ الْإِجَابَةِ إذَا عَلِمَ بِأَذَانِ غَيْرِهِ أَيْ أَوْ إقَامَتِهِ وَلَمْ يَسْمَعْ ذَلِكَ لِصَمَمٍ أَوْ بُعْدٍ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إنَّهُ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهَا مُعَلَّقَةٌ بِالسَّمَاعِ فِي خَبَرِ إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ وَكَمَا فِي نَظِيرِهِ فِي تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ قَالَ، وَإِذَا لَمْ يَسْمَعْ التَّرْجِيعَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ الْإِجَابَةُ فِيهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ وَلَمْ يَقُلْ مِثْلَ مَا تَسْمَعُونَ وَصَرَّحَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ بِاسْتِحْبَابِ الْإِجَابَةِ فِي جَمِيعِهِ إذَا لَمْ يَسْمَعْ إلَّا بَعْضَهُ أَيْ الْأَذَانِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَوَّلِهِ أَوْ آخِرِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ قَالَ فِيهِ: وَإِذَا سَمِعَ مُؤَذِّنًا بَعْدَ مُؤَذِّنٍ فَالْمُخْتَارُ أَنَّ أَصْلَ الْفَضِيلَةِ فِي الْإِجَابَةِ شَامِلٌ لِلْجَمِيعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>