للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ عَجَزَ أَجْرَى أَفْعَالَ الصَّلَاةِ عَلَى قَلْبِهِ فَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ الصَّلَاةُ مَا دَامَ عَقْلُهُ ثَابِتًا.

(وَلِقَادِرٍ) عَلَى الْقِيَامِ (نَفْلٌ قَاعِدًا وَمُضْطَجِعًا) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «مَنْ صَلَّى قَائِمًا فَهُوَ أَفْضَلُ وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ وَمَنْ صَلَّى نَائِمًا أَيْ: مُضْطَجِعًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَاعِدِ» وَيَقْعُدُ لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ الْمُسْتَلْقِي عَلَى قَفَاهُ وَإِنْ أَتَمَّ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ لِعَدَمِ وُرُودِهِ.

ــ

[حاشية الجمل]

لِظُهُورِ التَّمْيِيزِ بَيْنَهُمَا فِي الْإِيمَاءِ بِالرَّأْسِ دُونَ الطَّرْفِ اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ أَجْرَى أَفْعَالَ الصَّلَاةِ عَلَى قَلْبِهِ) أَيْ: بِأَنْ يُمَثِّلَ نَفْسَهُ قَائِمًا وَقَارِئًا وَرَاكِعًا؛ لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ وَلَا إعَادَةَ اهـ شَرْحُ م ر أَيْ: وَلَا يُشْتَرَطُ فِيمَا يُقَدَّرُ بِهِ تِلْكَ الْأَفْعَالُ أَنْ يَسَعَهَا لَوْ كَانَ قَادِرًا وَفَعَلَهَا بَلْ حَيْثُ حَصَلَ التَّمْيِيزُ بَيْنَ الْأَفْعَالِ فِي نَفْسِهِ كَأَنْ مَثَّلَ نَفْسَهُ رَاكِعًا وَمَضَى زَمَنٌ بِقَدْرِ الطُّمَأْنِينَةِ فِيهِ كَفَى وَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ مُرَاعَاةُ صِفَةِ الْقُرْآنِ مِنْ الْإِدْغَامِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى النُّطْقِ وَجَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الصِّفَاتِ إنَّمَا اُعْتُبِرَتْ عِنْدَ النُّطْقِ لِيَتَمَيَّزَ بَعْضُ الْحُرُوفِ عَنْ بَعْضٍ خُصُوصًا الْمُتَمَاثِلَةُ وَالْمُتَقَارِبَةُ وَعِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهَا إنَّمَا يَأْتِي بِهَا عَلَى وَجْهِ الْإِشَارَةِ إلَيْهَا فَلَا يُشْتَبَهُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى التَّمْيِيزِ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ أَيْضًا أَجْرَى أَفْعَالَ الصَّلَاةِ عَلَى قَلْبِهِ) أَيْ: بِأَنْ يُجْرِيَ أَرْكَانَهَا وَسُنَنَهَا عَلَيْهِ قَوْلِيَّةً أَوْ فِعْلِيَّةً إنْ عَجَزَ عَنْ النُّطْقِ بِأَنْ يُمَثِّلَ نَفْسَهُ قَائِمًا وَقَارِئًا وَرَاكِعًا؛ لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَالْقَوْلُ بِنُدْرَتِهِ مَمْنُوعٌ وَلَا يَلْزَمُ نَحْوَ الْقَاعِدِ وَالْمُومِئِ إجْرَاءُ نَحْوِ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ عَلَى قَلْبِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ فَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ الصَّلَاةُ إلَخْ) وَعِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ إذَا عَجَزَ عَنْ الْإِيمَاءِ بِرَأْسِهِ سَقَطَتْ عَنْهُ الصَّلَاةُ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَا يُعِيدُ بَعْدَ ذَلِكَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ مَا دَامَ عَقْلُهُ ثَابِتًا) أَيْ لِوُجُودِ مَنَاطِ التَّكْلِيفِ وَلَوْ قَدَرَ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ عَلَى الْقِيَامِ أَوْ الْقُعُودِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ قَرَأَ قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا وَلَا تَجْزِيهِ قِرَاءَتُهُ فِي نُهُوضِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهَا فِيمَا هُوَ أَكْمَلُ مِنْهُ فَلَوْ قَرَأَ فِيهِ شَيْئًا أَعَادَهُ وَتَجِبُ الْقِرَاءَةُ فِي هَوِيِّ الْعَاجِزِ؛ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ مِمَّا بَعْدَهُ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ بَعْدَهَا وَجَبَ قِيَامٌ بِلَا طُمَأْنِينَةٍ لِيَرْكَعَ مِنْهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ الطُّمَأْنِينَةُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ لِنَفْسِهِ أَوْ قَدَرَ عَلَيْهِ فِي الرُّكُوعِ قَبْلَ الطُّمَأْنِينَةِ ارْتَفَعَ لَهَا إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ فَإِنْ انْتَصَبَ ثُمَّ رَكَعَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ رُكُوعٍ أَوْ بَعْدَ الطُّمَأْنِينَةِ فَقَدْ تَمَّ رُكُوعُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَنْتَقِلَ إلَى حَدِّ الرَّاكِعِينَ، وَأَمَّا الِاعْتِدَالُ فَلَمْ يَذْكُرُوهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّهُ وَاجِبٌ مِنْ قِيَامٍ أَوْ قَدَرَ عَلَيْهِ فِي الِاعْتِدَالِ قَبْلَ الطُّمَأْنِينَةِ قَامَ وَاطْمَأَنَّ وَكَذَا بَعْدَهَا إنْ أَرَادَ قُنُوتًا فِي مَحَلِّهِ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ الْقِيَامُ؛ لِأَنَّ الِاعْتِدَالَ رُكْنٌ قَصِيرٌ فَلَا يَطُولُ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ مَنْعُهُ وَهُوَ الْوَجْهُ، وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ أَدَّى قِيَامُهُ إلَى تَطْوِيلِ الِاعْتِدَالِ تَطْوِيلًا غَيْرَ مَشْرُوعٍ وَإِلَّا فَالْوَجْهُ جَوَازُ الْقِيَامِ لِتَكْمِيلِ الدُّعَاءِ الْمَشْرُوعِ فِيهِ فَإِنْ قَنَتَ قَاعِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ الْإِبَاحِيِّينَ مِنْ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا بَلَغَ غَايَةَ الْمَحَبَّةِ فِي اللَّهِ وَصَفَا قَلْبُهُ وَاخْتَارَ الْإِيمَانَ عَلَى الْكُفْرِ مِنْ غَيْرِ نِفَاقٍ سَقَطَ عَنْهُ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ بِارْتِكَابِ الْكَبَائِرِ رَدَّهُ التَّفْتَازَانِيُّ بِأَنَّهُ كُفْرٌ وَضَلَالٌ فَإِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ فِي الْإِيمَانِ الْأَنْبِيَاءُ خُصُوصًا نَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ أَنَّ التَّكَالِيفَ فِي حَقِّهِمْ أَتَمُّ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَمِثْلُهُ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَلِقَادِرٍ نَفْلٌ قَاعِدًا) أَيْ: بِالْإِجْمَاعِ رَاتِبًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ النَّوَافِلَ تَكْثُرُ فَاشْتِرَاطُ الْقِيَامِ فِيهَا يُؤَدِّي إلَى الْحَرَجِ أَوْ التَّرْكِ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ الْقُعُودُ فِي الْعِيدَيْنِ وَالْكُسُوفَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ عَلَى وَجْهٍ ضَعِيفٍ لِنُدُورِهَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَاعِدِ) هَذَا وَارِدٌ فِيمَنْ صَلَّى النَّفَلَ كَذَلِكَ مَعَ الْقُدْرَةِ وَهَذَا فِي حَقِّنَا، وَأَمَّا فِي حَقِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا إذْ مِنْ خَصَائِصِهِ أَنَّ تَطَوُّعَهُ قَاعِدًا كَهُوَ قَائِمًا؛ لِأَنَّهُ مَأْمُونُ الْكَسَلِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَيَعْقِدُ لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ) أَيْ: دُونَ غَيْرِهِمَا كَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَلِلتَّحَرُّمِ اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ وَانْظُرْ حُكْمَ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ هَلْ يَقْعُدُ لَهُ أَوْ يَكْفِيهِ الِاضْطِجَاعُ فِيهِ تَأَمُّلٌ ثُمَّ رَأَيْته فِي الْإِيعَابِ قَالَ وَيَكْفِيهِ الِاضْطِجَاعُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَفِي الِاعْتِدَالِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ أَتَمَّ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ) بِخِلَافِ الِانْحِنَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ؛ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ مِنْ الْقُعُودِ نَعَمْ إذَا قَرَأَ فِيهِ وَأَرَادَ جَعْلَهُ لِلرُّكُوعِ اُشْتُرِطَ فِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مُضِيُّ جُزْءٍ مِنْهُ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ وَهُوَ مُطْمَئِنٌّ لِيَكُونَ عَنْ الرُّكُوعِ إذْ مَا قَارَنَهَا لَا يُمْكِنُ حُسْبَانُهُ عَنْهُ سُئِلَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ يُصَلِّي النَّفَلَ قَائِمًا هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكَبِّرَ لِلْإِحْرَامِ حَالَ قِيَامِهِ قَبْلَ اعْتِدَالِهِ وَتَنْعَقِدُ بِهِ صَلَاتُهُ أَمْ لَا فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ بِتَكْبِيرَتِهِ الْمَذْكُورَةِ وَتَنْعَقِدُ بِهَا صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا فِي حَالَةٍ أَدْنَى مِنْ حَالَتِهِ وَلَوْ فِي حَالِ اضْطِجَاعِهِ ثُمَّ يُصَلِّي قَائِمًا وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا أَفْتَى بِهِ سَابِقًا مِنْ إجْزَاءِ قِرَاءَتِهِ فِي هَوِيِّهِ لِلْجُلُوسِ دُونَ عَكْسِهِ؛ لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>