(وَ) رَابِعُهَا (قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ كُلَّ رَكْعَةٍ)
ــ
[حاشية الجمل]
هُنَا لَمْ يَدْخُلْ فِي الصَّلَاةِ؛ إذْ لَا يَتِمُّ دُخُولُهُ فِيهَا إلَّا بِتَمَامِ تَكْبِيرِهِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْقِرَاءَةِ فَسُومِحَ هُنَا مَا لَمْ يُسَامَحْ بِهِ ثَمَّ، وَلَوْ أَرَادَ عِشْرِينَ رَكْعَةً قَاعِدًا وَعَشْرًا قَائِمًا فَفِيهِ احْتِمَالَانِ فِي الْجَوَاهِرِ وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْعِشْرِينَ أَفْضَلُ لِمَا فِيهَا مِنْ زِيَادَةِ الرُّكُوعِ وَغَيْرِهِ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهَا أَكْمَلُ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ الِاسْتِوَاءُ.
وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَفْضِيلُ الْعَشْرِ مِنْ قِيَامٍ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا أَشَقُّ فَقَدْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ مِنْ قِيَامٍ أَفْضَلُ مِنْ أَرْبَعٍ مِنْ قُعُودٍ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ» أَيْ: الْقِيَامِ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ مَا إذَا اسْتَوَى الزَّمَانُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ مَا إذَا اسْتَوَى الزَّمَانُ يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ اسْتِوَاءُ زَمَنِ كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْ رَكَعَاتِ الْقُعُودِ مَعَ كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْ رَكَعَاتِ الْقِيَامِ لِتَحْصُلَ الْمُفَاضَلَةُ بَيْنَ نَفْسِ الْقِيَامِ وَنَفْسِ تَكْثِيرِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ الزَّمَانَ الَّذِي صَرَفَهُ لِمَجْمُوعِ الْعَشْرِ مُسَاوٍ لِلزَّمَانِ الَّذِي صَرَفَهُ لَلْعِشْرِينَ فَيَنْبَغِي الْقَطْعُ بِتَفْضِيلِ الْعَشْرِ مِنْ قِيَامٍ وَالتَّفْضِيلُ حِينَئِذٍ عَارِضٌ مِنْ تَطْوِيلِ الْقِيَامِ لَا مِنْ ذَاتِهِ فَتَأَمَّلْ اهـ رَشِيدِيٌّ وَالْكَلَامُ فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ أَمَّا غَيْرُهُ كَالرَّوَاتِبِ وَالْوِتْرِ فَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى الْعَدَدِ الْمَطْلُوبِ فِيهِ أَفْضَلُ فَفِعْلُ الْوِتْرِ إحْدَى عَشْرَةَ فِي الزَّمَنِ الْقَصِيرِ أَفْضَلُ مِنْ فِعْلِ ثَلَاثَةٍ مَثَلًا فِي قِيَامٍ يَزِيدُ عَلَى زَمَنِ ذَلِكَ الْعَدَدِ لِكَوْنِ الْعَدَدِ فِيمَا ذُكِرَ بِخُصُوصِهِ مَطْلُوبًا لِلشَّارِعِ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ وَقِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ) هَذِهِ دَعْوَى أُولَى وَقَوْلُهُ كُلَّ رَكْعَةٍ دَعْوَى ثَانِيَةٌ وَقَدْ أَثْبَتَهُمَا بِالدَّلِيلِ وَقَوْلُهُ فِي قِيَامٍ أَوْ بَدَلِهِ دَعْوَى ثَالِثَةٌ وَلَمْ يُثْبِتْهَا بِالدَّلِيلِ وَيُمْكِنُ إثْبَاتُهَا بِخَبَرِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ حَيْثُ قَالَ فِيهِ «إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ» فَنَصَّ عَلَى أَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي الْقِيَامِ وَيُقَاسُ بِالْقِيَامِ بَدَلُهُ اهـ لِكَاتِبِهِ، وَلِشَرَفِ الْفَاتِحَةِ عَلَى غَيْرِهَا كَثُرَتْ أَسْمَاؤُهَا؛ لِأَنَّ كَثْرَةَ الْأَسْمَاءِ تَدُلُّ عَلَى شَرَفِ الْمُسَمَّى غَالِبًا وَلِذَلِكَ ذُكِرَ لَهَا ثَلَاثُونَ اسْمًا وَهِيَ الْفَاتِحَةُ وَالْحَمْدُ وَأُمُّ الْكِتَابِ وَأُمُّ الْقُرْآنِ وَالشِّفَاءُ وَالشَّافِيَةُ وَتَعْلِيمُ الْمَسْأَلَةِ وَالْوَافِيَةُ وَسُورَةُ الْوَفَاءِ وَالْكَافِيَةُ وَسُورَةُ الْكَافِيَةِ وَالرَّاقِيَةُ وَالْأَسَاسُ وَالصَّلَاةُ وَسُورَةُ الصَّلَاةِ وَسُورَةُ الْكَنْزِ وَسُورَةُ الثَّنَاءِ وَسُورَةُ التَّفْوِيضِ وَالسَّبْعُ وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ وَالْمُجْزِئَةُ وَالْمُنْجِيَةُ وَسُورَةُ الْإِجْزَاءِ وَسُورَةُ النَّجَاةِ وَسُورَةُ الرَّحْمَةِ وَسُورَةُ النِّعْمَةِ وَسُورَةُ الِاسْتِعَانَةِ وَسُورَةُ الْهِدَايَةِ وَسُورَةُ الْجَزَاءِ وَسُورَةُ الشُّكْرِ فَلَوْ نَذَرَ قِرَاءَةَ سُورَةِ الشُّكْرِ مَثَلًا انْصَرَفَ إلَى الْفَاتِحَةِ.
(فَائِدَةٌ) إثْبَاتُ نَحْوِ أَسْمَاءِ السُّوَرِ وَالْأَعْشَارِ مِنْ بِدَعِ الْحَجَّاجِ اهـ حَجّ وَمُرَادُهُ بِذَلِكَ إثْبَاتُهَا فِي الْمَصَاحِفِ لَا أَنَّهُ اخْتَرَعَ أَسْمَاءَهَا لِمَا صَحَّ أَنَّهَا كُلَّهَا تَوْقِيفِيَّةٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ كُلَّ رَكْعَةٍ) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَتْ الصَّلَاةُ جَهْرِيَّةً أَوْ سِرِّيَّةً وَسَوَاءٌ كَانَتْ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا وَالسُّنَّةُ فِي حَقِّ الْمَأْمُومِ تَأْخِيرُ قُرْآنِهِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ إلَى مَا بَعْدِ فَاتِحَةِ إمَامِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ قِرَاءَتَهُ لِنَحْوِ بَعْدَ قَدْرِ زَمَنِهَا وَحِينَئِذٍ يَشْتَغِلُ بِإِطَالَةِ دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ أَوْ بِذِكْرٍ آخَرَ يَأْتِي بِهِ اهـ ح ل وَقَدْ تُسْتَحَبُّ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا لَا لِخَلَلٍ فِي الصِّحَّةِ وَإِنَّمَا هُوَ لِحِيَازَةِ فَضِيلَةٍ كَأَنْ صَلَّى الْمَرِيضُ قَاعِدًا ثُمَّ وَجَدَ خِفَّةً بَعْدَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ لِيَرْكَعَ وَإِذَا قَامَ اُسْتُحِبَّ لَهُ إعَادَةُ الْفَاتِحَةِ لِتَقَعَ مِنْهُ حَالَ الْكَمَالِ، وَهَكَذَا كُلُّ مَوْضِعٍ انْتَقَلَ إلَى مَا هُوَ أَعْلَى مِنْهُ كَمَا لَوْ صَلَّى مُضْطَجِعًا ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْقُعُودِ وَحِينَئِذٍ إذَا قَرَأَهَا ثَانِيًا قَاعِدًا ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ لِوُجُودِ مَنْ يَمْسِكُهُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَيَجِبُ أَنْ يَقُومَ.
وَيُسْتَحَبُّ لَهُ إعَادَتُهَا وَإِنْ ضَمَمْت إلَى ذَلِكَ قُدْرَتَهُ عَلَى الْقِيَامِ إلَى حَدِّ الرَّاكِعِينَ قَبْلَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ فَيَزِيدُ اسْتِحْبَابُهَا وَيَنْتَظِمُ مِنْهُ مَا تَقَدَّمَ وَأَبْلَغُ مِنْهُ وُجُوبُ تَكْرِيرِ الْفَاتِحَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَأَكْثَرَ كَأَنْ نَذَرَ أَنْ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ كُلَّمَا عَطَسَ فَعَطَسَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ إذَا فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُعْذَرُ فِي التَّأْخِيرِ إلَى فَرَاغِ الصَّلَاةِ وَلَا يُكَلَّفُ الْقِرَاءَةَ فِي الرُّكُوعِ وَنَحْوِهِ فَلَوْ خَالَفَ وَقَرَأَ فِي الرُّكُوعِ أَوْ غَيْرِهِ اعْتَدَّ بِقِرَاءَتِهِ وَإِنْ كَانَ فِي الْقِيَامِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ حَالًا؛ لِأَنَّ تَكْرِيرَ الْفَاتِحَةِ لَا يَضُرُّ وَمَحَلُّهُ فِي الْمَأْمُومِ مَا لَمْ يُعَارِضْهُ رُكُوعُ الْإِمَامِ فَإِنْ عَارَضَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُتَابِعَهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ وَيَتَدَارَكَ بَعْدُ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُمْ حَالًا هُوَ ظَاهِرٌ إنْ عَطَسَ بَعْدَ فَرَاغِ الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يُكْمِلَ الْفَاتِحَةَ عَنْ الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ ثُمَّ يَأْتِيَ بِهَا عَنْ النَّذْرِ إنْ أَمِنَ رُكُوعَ الْإِمَامِ وَإِلَّا أَخَّرَهَا إلَى تَمَامِ الصَّلَاةِ بَقِيَ مَا لَوْ عَرَضَ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ جُنُبٌ هَلْ يَقْرَأُ أَوْ يُؤَخِّرُ الْقِرَاءَةَ إلَى أَنْ يَغْتَسِلَ وَيَكُونُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute