(و) ثَالِثُهَا (سَتْرُ عَوْرَةٍ) وَلَوْ خَالِيًا فِي ظُلْمَةٍ (بِمَا)
ــ
[حاشية الجمل]
يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَأَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ يُقَالُ: إنْ ظَهَرَ لَهُ أَمَارَةٌ تُرَجِّحُ عِنْدَهُ مَا أَجَابَ بِهِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا امْتَنَعَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ حِينَئِذٍ الظَّاهِرُ كَذَا يُفِيدُ السَّائِلَ أَنَّ هَذَا رَاجِحٌ عِنْدَ الْمُجِيبِ وَالْوَاقِعُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ وَإِنْ وَافَقَ الْوَاقِعَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ اهـ ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ وَسَتْرُ عَوْرَةٍ) أَيْ: عِنْدَ الْقُدْرَةِ بِخِلَافِ الْعَاجِزِ وَمِنْ الْعَجْزِ احْتِيَاجُهُ لِفُرُشِ سُتْرَتِهِ عَلَى نَجِسٍ مَحْبُوسٍ عَلَيْهِ أَوْ تَنَجُّسُهَا مَعَ عَجْزِهِ عَمَّا يَغْسِلُهَا بِهِ أَوْ مَنْ يَغْسِلُهَا لَهُ أَوْ عَنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ أَوْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ وَيَجِبُ قَطْعُ ثَوْبِهِ إنْ لَمْ يَنْقُصْ بِقَطْعِهِ قَدْرًا زَائِدًا عَلَى أُجْرَةِ ثَوْبٍ يُصَلِّي فِيهِ وَلَا نَظَرَ لِثَمَنِ مَاءٍ وَلَا غَيْرِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا يُبَاعُ فِيهَا مَسْكَنٌ وَلَا خَادِمٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ ثُمَّ قَالَ: وَيَجِبُ قَبُولَ عَارِيَّةِ السُّتْرَةِ وَاسْتِئْجَارَهَا وَسُؤَالَهَا إنْ جَوَّزَ الْإِعْطَاءَ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ قَدَرَ عَلَيْهَا قَالَ شَيْخُنَا: وَلَا يَجِبُ قَبُولُ هِبَتِهَا وَلَا قَرْضِهَا وَلَوْ مِنْ نَحْوِ طِينٍ فِيهِمَا وَإِنْ خَالَفَ الْعَلَّامَةُ الرَّمْلِيُّ فِي ذَلِكَ وَلَا ثَمَنَهَا مُطْلَقًا وَيَحْرُمُ التَّصَرُّفُ فِيهَا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَلَا يَصِحُّ لَوْ وَقَعَ وَلَا صَلَاتُهُ عَارِيًّا وَيَحْرُمُ غَصْبُهَا مِنْ مَالِكِهَا إلَّا لِنَحْوِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ مُضِرَّيْنِ اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَسَتْرُ عَوْرَةٍ) أَيْ: عَنْ الْعُيُونِ مِنْ إنْسٍ وَجِنٍّ وَمَلَكٍ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ صَلَّى عَارِيًّا وَأَتَمَّ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ صَلَّى عَارِيًّا أَيْ: صَلَّى الْفَرَائِضَ وَالسُّنَنَ عَلَى مَا مَرَّ لَهُ فِي التَّيَمُّمِ مِنْ اعْتِمَادِهِ وَلَا تَحْرُمُ رُؤْيَتُهُ لَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَلَا يُكَلَّفُ غَضَّ الْبَصَرِ اهـ ع ش عَلَيْهِ وَحِكْمَةُ السَّتْرِ فِي الصَّلَاةِ مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ مُرِيدِ التَّمَثُّلِ بَيْنَ يَدَيْ كَبِيرٍ مِنْ التَّجَمُّلِ بِالسَّتْرِ وَالتَّطَهُّرِ وَالْمُصَلِّي يُرِيدُ التَّمَثُّلَ بَيْنَ يَدَيْ مَلِكِ الْمُلُوكِ وَالتَّجَمُّلُ لَهُ بِذَلِكَ أَوْلَى وَيَجِبُ السَّتْرُ فِي غَيْرِهَا أَيْضًا لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَمْشُوا عُرَاةً» قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْعَوْرَةُ الَّتِي يَجِبُ سَتْرُهَا فِي الْخَلْوَةِ السَّوْأَتَانِ فَقَطْ مِنْ الرَّجُلِ وَمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مِنْ الْمَرْأَةِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَإِطْلَاقُهُمْ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ اهـ وَفَائِدَةُ السَّتْرِ فِي الْخَلْوَةِ مَعَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَحْجُبُهُ شَيْءٌ فَيَرَى الْمَسْتُورَ كَمَا يَرَى الْمَكْشُوفَ أَنَّهُ يَرَى الْأَوَّلَ مُتَأَدِّبًا وَالثَّانِيَ تَارِكًا لِلْأَدَبِ فَإِنْ دَعَتْ حَاجَةٌ إلَى كَشْفِهَا لِاغْتِسَالٍ جَازَ بَلْ صَرَّحَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ بِجَوَازِ كَشْفِهَا فِي الْخَلْوَةِ لِأَدْنَى غَرَضٍ وَلَا يُشْتَرَطُ حُصُولُ الْحَاجَةِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ بِجَوَازِ كَشْفِهَا فِي الْخَلْوَةِ إلَخْ أَيْ: بِلَا كَرَاهَةٍ أَيْضًا وَلَيْسَ مِنْ الْغَرَضِ حَاجَةُ الْجِمَاعِ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِيهِ أَنْ يَكُونَا مُسْتَتِرَيْنِ اهـ ع ش عَلَيْهِ وَعُدَّ مِنْ الْأَغْرَاضِ كَشْفُهَا لِتَبَرُّدٍ وَصِيَانَةِ الثَّوْبِ عَنْ الْأَدْنَاسِ وَالْغُبَارِ عِنْدَ كَنْسِ الْبَيْتِ وَنَحْوِهِ وَالْمُرَادُ ثَوْبُ التَّجَمُّلِ دُونَ غَيْرِهِ نَعَمْ لَا يَجِبُ سَتْرُهَا عَنْ نَفْسِهِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ نَظَرُهُ إلَيْهَا مِنْ غَيْرِ حَاجَةِ مَا فِيهَا فَوَاجِبٌ فَلَوْ رَأَى عَوْرَةَ نَفْسِهِ فِي صَلَاتِهِ بَطَلَتْ كَمَا فِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ الْغَرِيبَةِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
وَالْعَوْرَةُ لُغَةً: النُّقْصَانُ وَالشَّيْءُ الْمُسْتَقْبَحُ وَسُمِّيَ الْمِقْدَارُ الْآتِي بِهَا لِقُبْحِ ظُهُورِهِ وَتُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى مَا يَجِبُ سَتْرُهُ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَعَلَى مَا يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهِ وَسَيَأْتِي فِي النِّكَاحِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى اهـ شَرْحُ م ر ثُمَّ قَالَ: وَيُسْتَحَبُّ لِلذَّكَرِ أَنْ يَلْبَسَ لِصَلَاتِهِ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ وَيَتَقَمَّصَ وَيَتَعَمَّمَ وَيَتَطَيْلَسَ وَيَرْتَدِيَ وَيَتَّزِرَ أَوْ يَتَسَرْوَلَ وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى ثَوْبَيْنِ فَقَمِيصٌ مَعَ رِدَاءٍ أَوْ إزَارٍ أَوْ سَرَاوِيلَ أَوْلَى مِنْ رِدَاءٍ مَعَ إزَارٍ أَوْ سَرَاوِيلَ وَمِنْ إزَارٍ مَعَ سَرَاوِيلَ وَحَاصِلُهُ اسْتِحْبَابُ الصَّلَاةِ فِي ثَوْبَيْنِ لِلِاتِّبَاعِ فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى وَاحِدَةٍ فَقَمِيصٌ فَإِزَارٌ فَسَرَاوِيلُ وَيَلْتَحِفُ بِالثَّوْبِ الْوَاحِدِ إنْ اتَّسَعَ وَيُخَالِفُ بَيْنَ طَرَفَيْهِ فَإِنْ ضَاقَ اتَّزَرَ بِهِ وَيَجْعَلُ شَيْئًا مِنْهُ عَلَى عَاتِقِهِ وَيُسَنُّ لِلْمَرْأَةِ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى فِي الصَّلَاةِ ثَوْبٌ سَابِغٌ لِجَمِيعِ بَدَنِهَا وَخِمَارٌ وَمِلْحَفَةٌ كَثِيفَةٌ وَإِتْلَافُ الثَّوْبِ وَبَيْعُهُ فِي الْوَقْتِ كَإِتْلَافِ الْمَاءِ وَلَا يُبَاعُ لَهُ مَسْكَنٌ وَلَا خَادِمٌ كَمَا فِي الْكَفَّارَةِ وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ فِيهِ صُورَةٌ وَأَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ وَأَنْ يُصَلِّي مُضْطَجِعًا وَأَنْ يُغَطِّيَ فَاهُ فَإِنْ تَثَاءَبَ غَطَّاهُ بِيَدِهِ نَدْبًا أَيْ: الْيَسَارِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ بِظَهْرِهَا وَيُكْرَهُ أَنْ يَشْتَمِلَ اشْتِمَالَ الصَّمَّاءِ وَالْيَهُودِ بِأَنْ يُجَلِّلَ فِي الْأَوَّلِ بَدَنَهُ بِالثَّوْبِ ثُمَّ يَرْفَعُ طَرَفَهُ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ وَفِي الثَّانِي بِأَنْ يُجَلِّلَ بَدَنَهُ بِالثَّوْبِ بِدُونِ وَضْعِ طَرَفَيْهِ وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّي الرَّجُلُ مُلْتَثِمًا وَالْمَرْأَةُ مُتَنَقِّبَةً اهـ وَاشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ أَنْ يَرُدَّ الْكِسَاءَ مِنْ قِبَلِ يَمِينِهِ عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى وَعَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ ثُمَّ يَرُدُّ ثَانِيَهُ مِنْ خَلْفِهِ عَلَى يَدِهِ الْيُمْنَى وَعَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ فَيُغَطِّيهِمَا جَمِيعًا اهـ قَامُوسٌ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَلَوْ خَالِيًا فِي ظُلْمَةٍ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ خَالِيًا أَوْ فِي ظُلْمَةٍ وَهِيَ أَوْضَحُ وَهَذِهِ الْغَايَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute