وَاعْلَمْ أَنَّ دَمَ الْبَرَاغِيثِ رَشْحَاتٌ تَمُصُّهَا مِنْ بَدَنِ الْإِنْسَانِ ثُمَّ تَمُجُّهَا وَلَيْسَ لَهَا دَمٌ فِي نَفْسِهَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ.
(و) عُفِيَ عَنْ (قَلِيلِ دَمٍ أَجْنَبِيٍّ) لِعُسْرِ تَجَنُّبِهِ بِخِلَافِ كَثِيرِهِ وَيُعْرَفَانِ بِالْعُرْفِ (لَا) عَنْ قَلِيلِ دَمِ (نَحْوَ كَلْبٍ) لِغِلَظِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي وَصَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَقَرَّهُ (وَكَالدَّمِ) فِيمَا ذُكِرَ (قَيْحٌ) وَهُوَ مِدَّةٌ لَا يُخَالِطُهَا دَمٌ (وَصَدِيدٌ) وَهُوَ مَاءٌ رَقِيقٌ يُخَالِطُهُ دَمٌ؛ لِأَنَّهُ أَصْلُهُمَا (وَمَاءُ جُرُوحٍ وَمُتَنَفِّطٌ لَهُ رِيحٌ) قِيَاسًا عَلَى الْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ أَمَّا مَاءٌ لَا رِيحَ لَهُ فَظَاهِرٌ كَالْعَرَقِ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ.
(وَلَوْ صَلَّى بِنَجِسٍ) غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ (لَمْ يَعْلَمْهُ أَوْ) عَلِمَهُ ثُمَّ (نَسِيَ) فَصَلَّى ثُمَّ تَذَكَّرَ (وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ) فِي الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ لِتَفْرِيطِهِ بِتَرْكِ التَّطْهِيرِ وَتَجِبُ إعَادَةُ كُلِّ صَلَاةٍ تَيَقَّنَ فِعْلَهَا مَعَ النَّجَسِ بِخِلَافِ مَا احْتَمَلَ حُدُوثُهُ بَعْدَهَا فَلَا تَجِبُ إعَادَتُهَا
ــ
[حاشية الجمل]
دَلِيلًا حَتَّى يَقِيسَ عَلَيْهِ غَيْرَهُ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ ذَكَرَ عِبَارَةَ التَّحْقِيقِ وَهِيَ لَيْسَتْ دَلِيلًا شَرْعِيًّا حَتَّى يَقِيسَ غَيْرَ مَا فِيهَا عَلَى مَا فِيهَا تَأَمَّلْ اهـ لِكَاتِبِهِ.
(قَوْلُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ دَمَ الْبَرَاغِيثِ إلَخْ) بَيَّنَ بِهِ أَنَّ إضَافَةَ الدَّمِ لِلْبَرَاغِيثِ لِكَوْنِهَا مُشْتَمِلَةً عَلَيْهِ الْآنَ فَإِضَافَةُ الدَّمِ إلَيْهَا لِلْمُلَابَسَةِ اهـ ع ش
(قَوْلُهُ وَقَلِيلُ دَمِ أَجْنَبِيٍّ) الْمُرَادُ بِهِ مَا يَعُمُّ دَمَ غَيْرِهِ وَدَمَ نَفْسِهِ إذَا جَاوَزَ مَحَلَّ سَيَلَانِهِ غَالِبًا أَوْ انْتَقَلَ عَنْ مَحَلِّهِ وَلَوْ مِنْ الْعُضْوِ إلَيْهِ أَوْ مِنْ عُضْوِهِ إلَى عُضْوِهِ الْآخَرِ وَشَمِلَ الْعَفْوُ مَا لَوْ كَانَ مُتَفَرِّقًا وَلَوْ جُمِعَ صَارَ كَثِيرًا عُرْفًا وَهُوَ كَذَلِكَ لِلتَّوَسُّعِ فِي الدَّمِ وَبِهِ فَارَقَ مَا لَا يُدْرِكُهُ الطَّرَفُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَيُعْرَفَانِ بِالْعُرْفِ) فَفِي الْأُمِّ الْقَلِيلُ مَا تَعَافَاهُ النَّاسُ أَيْ: عَدُّوهُ عَفْوًا اهـ ح ل وَلَوْ شَكَّ فِي شَيْءٍ أَقَلِيلٌ هُوَ أَمْ كَثِيرٌ فَلَهُ حُكْمُ الْقَلِيلِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي هَذِهِ النَّجَاسَاتِ الْعَفْوُ إلَّا إذَا تَيَقَّنَّا الْكَثْرَةَ اهـ شَرْحُ م ر ثُمَّ قَالَ: ثُمَّ مَحَلُّ الْعَفْوِ عَنْ سَائِرِ مَا تَقَدَّمَ مِمَّا يُعْفَى عَنْهُ مَا لَمْ يَخْتَلِطْ بِأَجْنَبِيٍّ فَإِنْ اخْتَلَطَ بِهِ وَلَوْ دَمَ نَفْسِهِ كَالْخَارِجِ مِنْ عَيْنِهِ أَوْ لِثَتِهِ أَوْ أَنْفِهِ أَوْ قُبُلِهِ أَوْ دُبُرِهِ لَمْ يُعْفَ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ مَا لَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ فَخَرَجَ حَالَ حَلْقِهِ وَاخْتَلَطَ دَمُهُ بِبَلِّ الشَّعْرِ أَوْ حَكَّ نَحْوَ دُمَّلٍ حَتَّى أَدْمَاهُ لِيَسْتَمْسِكَ عَلَيْهِ الدَّوَاءُ ثُمَّ ذَرَّهُ عَلَيْهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ.
(قَوْلُهُ وَكَالدَّمِ فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ فِي التَّفْصِيلِ السَّابِقِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَهُوَ مِدَّةٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَأَمَّا بِضَمِّهَا فَهُوَ الْقِطْعَةُ مِنْ الزَّمَنِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَصْلُهُمَا) وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ؛ لِأَنَّهُمَا دَمَانِ مُسْتَحِيلَانِ إلَى نَتِنٍ وَفَسَادٍ وَمِمَّا يُعْفَى عَنْهُ الْبَلْغَمُ إذَا كَثُرَ كَمَا سَبَقَ فِي بَابِ النَّجَاسَةِ وَمَتَى أُرِيدَ غَسْلُ نَجِسٍ مَعْفُوٍّ عَنْهُ وَجَبَ فِيهِ مَا فِي غَيْرِهِ وَمِنْهُ التَّسْبِيعُ وَالتُّرَابُ فِي نَحْوِ الْكَلْبِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَمُتَنَفِّطٌ) وَهُوَ الْبَقَابِيقُ الَّتِي تَطْلُعُ فِي الْبَدَنِ اهـ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ لَهُ رِيحٌ قَيْدٌ فِي مَاءِ الْجُرُوحِ وَمَا بَعْدَهُ اهـ ح ل وَمِثْلُ تَغَيُّرِ الرِّيحِ تَغَيُّرُ اللَّوْنِ وَفِي الْمِصْبَاحِ نَفِطَتْ يَدُهُ نَفَطًا مِنْ بَابِ تَعِبَ وَنَفِيطًا إذَا صَارَ بَيْنَ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ مَاءٌ الْوَاحِدَةُ نَفِطَةٌ وَالْجَمْعُ نَفِطٌ مِثْلُ كَلِمَةٍ وَكَلِمٍ وَهُوَ الْجُدَرِيُّ وَرُبَّمَا جَاءَ عَلَى نَفِطَاتٍ، وَقَدْ تُخَفَّفُ الْوَاحِدَةُ وَالْجَمْعُ بِالسُّكُونِ اهـ
(قَوْلُهُ وَلَوْ صَلَّى بِنَجَسٍ إلَخْ) مُرَادُهُ بِهَذَا أَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَطَهُرَ نَجِسٌ إلَخْ أَيْ: فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا فِي اعْتِقَادِهِ فَقَطْ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ لَمْ يَعْلَمْهُ) أَيْ: حَالَ ابْتِدَائِهِ بِهَا وَقَوْلُهُ أَوْ عَلِمَهُ إلَخْ أَيْ: عَلِمَهُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ) أَقُولُ فِي إطْلَاقِ الْإِعَادَةِ عَلَى مَا بَعْدَ الْوَقْتِ تَغْلِيبٌ؛ إذْ الْإِعَادَةُ فِعْلُ الْعِبَادَةِ ثَانِيًا فِي الْوَقْتِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ حَجّ الْمُرَادُ بِالْقَضَاءِ مَا يَشْمَلُ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ وَقَالَ سم عَلَيْهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْقَضَاءَ فِي الصُّورَتَيْنِ يَعْنِي هَذِهِ وَمَا بَعْدَهَا عَلَى التَّرَاخِي اهـ وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَالُوهُ فِي الصَّوْمِ مِنْ أَنَّ مَنْ نَسِيَ النِّيَّةَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ فَوْرًا وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ لَمْ يَرَ الْهِلَالَ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ الشَّهْرِ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِيهِ الْقَضَاءُ عَلَى الْفَوْرِ بِأَنَّهُ فِي تِلْكَ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّحَرِّي إمَّا بِإِمْعَانِ النَّظَرِ أَوْ بِالْبَحْثِ عَنْهُ فَإِذَا لَمْ يَرَهُ وَلَا أُخْبِرَ بِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مِنْ الشَّهْرِ نُسِبَ إلَى تَقْصِيرٍ فِي الْجُمْلَةِ وَفِيمَا نَحْنُ فِيهِ لَمْ يُنْسَبْ إلَى تَقْصِيرٍ؛ لِأَنَّهُ مَعَ النِّسْيَانِ وَعَدَمِ الْعِلْمِ بِالنَّجَاسَةِ مَعْذُورٌ؛ إذْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْبَحْثُ عَنْ ثِيَابِهِ قَبْلَ الصَّلَاةِ فِيهَا بَلْ يَعْمَلُ بِمَا هُوَ الْأَصْلُ فِيهَا مِنْ الطَّهَارَةِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ لِتَفْرِيطِهِ) تَعْلِيلٌ لِلثَّانِيَةِ فَقَطْ، وَأَمَّا الْأُولَى فَعَلَّلَهَا م ر بِأَنَّهَا طَهَارَةٌ وَاجِبَةٌ فَلَا تَسْقُطُ بِالْجَهْلِ كَطَهَارَةِ الْحَدَثِ فَلَوْ عَلَّلَ الشَّارِحُ لِلْأُولَى بِذَلِكَ لَفُهِمَتْ الثَّانِيَةُ بِالْأَوْلَى اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَيْضًا لِتَفْرِيطِهِ بِتَرْكِ التَّطْهِيرِ) مُقْتَضَاهُ وُجُوبُ قَضَاءِ الصَّلَاةِ فَوْرًا لَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَهُوَ وَاضِحٌ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى اهـ ح ل وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ التَّذَكُّرِ فَالْمَرْجُوُّ مِنْ اللَّهِ أَنْ لَا يُؤَاخِذَهُ لِرَفْعِهِ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ كُلُّ صَلَاةٍ تَيَقَّنَ فِعْلَهَا مَعَ النَّجَسِ) أَيْ: فَلَوْ فَتَّشَ عِمَامَتَهُ فَوَجَدَ فِيهَا قِشْرَ قَمْلٍ وَجَبَ عَلَيْهِ إعَادَةُ مَا تَيَقَّنَ إصَابَتَهُ فِيهَا اهـ زي بِهَامِشٍ وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ الْعِمَادِ الْعَفْوُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُؤْمَرُ بِتَفْتِيشِهَا أَقُولُ وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ لِمَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ الْعَفْوِ عَنْ قَلِيلِ النَّجَاسَةِ الَّذِي يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ كَيَسِيرِ دُخَانِ النَّجَاسَةِ وَغُبَارِ السِّرْجِينِ وَشَعْرِ نَحْوِ الْحِمَارِ فَقِيَاسُ ذَلِكَ الْعَفْوُ عَنْهُ وَلَوْ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي عَلِمَ وُجُودَهُ فِيهَا بَلْ الِاحْتِرَازُ فِي هَذَا أَشَقُّ مِنْ الِاحْتِرَازِ عَنْ دُخَانِ النَّجَاسَةِ وَنَحْوِهَا اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا اُحْتُمِلَ حُدُوثُهُ) أَيْ بِرَاجِحِيَّةٍ أَوْ مَرْجُوحِيَّةٍ أَوْ اسْتِوَاءِ الْأَمْرَيْنِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَلَا تَجِبُ إعَادَتُهَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِيمَنْ عَلَيْهِ فَوَائِتُ حَيْثُ