كَضَحِكٍ وَبُكَاءٍ وَأَنِينٍ وَنَفْخٍ وَسُعَالٍ وَعُطَاسٍ فَهُوَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ (وَبِحَرْفٍ مُفْهِمٍ) كَقِ مِنْ الْوِقَايَةِ وَإِنْ أَخْطَأَ بِحَذْفِ هَاءِ السَّكْتِ (أَوْ) حَرْفٍ (مَمْدُودٍ) ؛ لِأَنَّ الْمَدَّةَ أَلِفٌ أَوْ وَاوٌ أَوْ يَاءٌ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ كَأَنْ قَامَ إمَامُهُ لِزَائِدٍ فَقَالَ لَهُ: أَقْعُدُ أَمْ لَا وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ مُسْلِمٍ «إنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ» وَالْكَلَامُ يَقَعُ عَلَى الْمُفْهِمِ وَغَيْرِهِ الَّذِي هُوَ حَرْفَانِ وَتَخْصِيصُهُ بِالْمُفْهِمِ اصْطِلَاحٌ لِلنُّحَاةِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ إجَابَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ــ
[حاشية الجمل]
يَضُرُّ كَظُهُورِ الْحَرْفَيْنِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَلَوْ فِي نَحْوِ تَنَحْنُحٍ) أَيْ: لِغَيْرِ غَلَبَةٍ وَلِغَيْرِ تَعَذُّرِ رُكْنٍ قَوْلِي كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي اهـ شَيْخُنَا وَلَوْ جَهِلَ بُطْلَانَهَا بِالتَّنَحْنُحِ مَعَ عِلْمِهِ بِتَحْرِيمِ الْكَلَامِ عُذِرَ لِخَفَائِهِ عَلَى الْعَوَامّ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ كَضَحِكٍ) خَرَجَ بِهِ التَّبَسُّمُ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ لِثُبُوتِهِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَبُكَاءٍ) وَلَوْ مِنْ خَوْفِ الْآخِرَةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلَيْنِ وَأَنِينٍ) وَمِثْلُهُ التَّأَوُّهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَنَفْخٍ) أَيْ: مِنْ فَمٍ أَوْ أَنْفٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَعُطَاسٍ) يُقَالُ عَطَسَ يَعْطِسُ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَفِي لُغَةٍ مِنْ بَابِ قَتَلَ اهـ مِصْبَاحٌ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَبِحَرْفٍ مُفْهِمٍ) أَيْ: فِي نَفْسِهِ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ عَدَمَ الْإِفْهَامِ كَعَكْسِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ قَالَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِاشْتِمَالِهِ عَلَى مَقْصُودِ الْكَلَامِ وَالْإِعْرَاضِ بِهِ عَنْ الصَّلَاةِ اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم.
(قَوْلُهُ كَقِ مِنْ الْوِقَايَةِ) لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِهِ؛ لِأَنَّ الْفَتْحَ لَحْنٌ وَهُوَ لَا يَضُرُّ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا مَا لَمْ يُرِدْ بِهِ مَا لَا يُفْهِمُ كَمَا يَأْتِي اهـ ع ش عَلَى م ر.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ كَقِ أَيْ: إنْ نَطَقَ بِهِ مَكْسُورًا فَإِنْ نَطَقَ بِهِ مَفْتُوحًا لَمْ تَبْطُلْ بِهِ؛ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ حِينَئِذٍ عَنْ مَوْضُوعِهَا وَهُوَ الْأَمْرُ وَيَنْبَغِي فِيمَا لَوْ قَصَدَ بِهَا الْأَمْرَ مَعَ الْفَتْحِ أَنَّهُ يَضُرُّ انْتَهَتْ. وَتَسْمِيَةُ ق حَرْفًا إنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ الصُّورَةِ وَإِلَّا فَهُوَ فِعْلُ أَمْرٍ عِنْدَ النُّحَاةِ اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا كَقِ مِنْ الْوِقَايَةِ) أَيْ وَعِ مِنْ الْوَعْيِ أَوْ فِ مِنْ الْوَفَاءِ وَشِ مِنْ الْوَشْيِ وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ فِي الشَّيْءِ مَا يُخَالِفُ لَوْنَهُ وَمِنْهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - {لا شِيَةَ فِيهَا} [البقرة: ٧١] اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ مِنْ الْوِقَايَةِ) قَيَّدَ بِهِ لِبَيَانِ كَوْنِ هَذَا الْحَرْفِ مُفْهِمًا، وَأَمَّا الْمُصَلِّي فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ مُطْلَقًا أَيْ: سَوَاءٌ قَصَدَ كَوْنَهُ مِنْ الْوِقَايَةِ أَوْ أَطْلَقَ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَصَدَ كَوْنَهُ مِنْ الْقَلَقِ مَثَلًا فَلَا تَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُفْهِمٍ فَالصُّوَرُ ثَلَاثٌ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ وَبِحَرْفٍ مُفْهِمٍ ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَطْلَقَ فَلَمْ يَقْصِدْ الْمَعْنَى الَّذِي بِاعْتِبَارِهِ صَارَ مُفْهِمًا وَلَا غَيْرَهُ، وَقَدْ يُقَالُ قَصْدُ ذَلِكَ الْمَعْنَى لَازِمٌ لِشَرْطِ الْبُطْلَانِ وَهُوَ التَّعَمُّدُ وَعِلْمُ التَّحْرِيمِ اهـ سَمِّ عَلَى حَجّ وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ مِنْ الْوِقَايَةِ عَدَمُ الضَّرَرِ حَالَةَ الْإِطْلَاقِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ تُحْمَلُ عَلَى كَوْنِهَا مِنْ الْوِقَايَةِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْقَافَ الْمُفْرَدَةَ وُضِعَتْ لِلطَّلَبِ وَالْأَلْفَاظُ الْمَوْضُوعَةُ إذَا أُطْلِقَتْ حُمِلَتْ عَلَى مَعَانِيهَا وَلَا تُحْمَلُ عَلَى غَيْرِهَا إلَّا بِقَرِينَةٍ وَالْقَافُ مِنْ الْقَلَقِ وَنَحْوِهِ جُزْءُ كَلِمَةٍ لَا مَعْنَى لَهَا فَإِذَا نَوَاهَا عَمِلَ بِنِيَّتِهِ وَإِذَا لَمْ يَنْوِهَا حُمِلَتْ عَلَى مَعْنَاهَا الْوَضْعِيِّ قَالَ حَجّ وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِإِبْطَالِ زِيَادَةِ يَا قَبْلَ أَيُّهَا النَّبِيُّ فِي التَّشَهُّدِ أَخْذًا بِظَاهِرِ كَلَامِهِمْ هُنَا لَكِنَّهُ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَجْنَبِيًّا عَنْ الذِّكْرِ بَلْ يُعَدُّ مِنْهُ وَمِنْ ثَمَّ أَفْتَى شَيْخُنَا بِأَنَّهُ لَا بُطْلَانَ بِهِ اهـ وَأَقَرَّهُ سَمِّ وَقَوْلُهُ لَا بُطْلَانَ بِهِ أَيْ وَإِنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا وَلَوْ أَتَى بِحَرْفٍ لَا يُفْهِمُ قَاصِدًا بِهِ مَعْنَى الْمُفْهِمِ هَلْ يَضُرُّ فِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ أَقُولُ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي عَدَمُ الضَّرَرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَوْضُوعًا لِلْإِفْهَامِ وَنُقِلَ فِي الدَّرْسِ بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ عَنْ م ر مَا يُوَافِقُ ذَلِكَ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ، وَقَدْ يُقَالُ بِالضَّرَرِ؛ لِأَنَّ قَصْدَ مَا يُفْهِمُ تَضَمَّنَ قَطْعَ النِّيَّةِ وَكَأَنَّهُ لَمَّا اسْتَعْمَلَ مَا لَا يُفْهِمُ فِي مَعْنَى مَا يُفْهِمُ صَارَ كَالْكَلِمَةِ الْمَجَازِيَّةِ الْمُسْتَعْمَلَةِ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَتْ لَهُ وَلَعَلَّ هَذَا أَقْرَبُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَضَمُّنِهِ قَطْعَ النِّيَّةِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ أَوْ حَرْفٌ مَمْدُودٌ) أَتَى بِهِ وَإِنْ كَانَ دَاخِلًا فِي الْحَرْفَيْنِ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّ الْحَرْفَ الْمَمْدُودَ حَرْفٌ وَاحِدٌ وَلَا نَظَرَ لِلْإِشْبَاعِ اهـ شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ) وَكَانَ جَائِزًا فِيهَا ثُمَّ حَرُمَ قِيلَ بِمَكَّةَ وَقِيلَ بِالْمَدِينَةِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ حَرُمَ مَرَّتَيْنِ فَفِي مَكَّةَ حَرُمَ إلَّا لِحَاجَةٍ وَفِي الْمَدِينَةِ حَرُمَ مُطْلَقًا وَفِي بَعْضِ طُرُقِ الْبُخَارِيِّ مَا يُشِيرُ لِذَلِكَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَالْكَلَامُ يَقَعُ) أَيْ: لُغَةً وَقَوْلُهُ الَّذِي هُوَ حَرْفَانِ أَيْ: هُنَا وَإِلَّا فَكَمَا يَكُونُ حَرْفَيْنِ يَكُون حَرْفًا وَلَوْ غَيْرَ مُفْهِمٍ، وَأَمَّا قَوْلُ شَيْخِنَا؛ لِأَنَّ أَقَلَّ مَا يَنْبَنِي الْكَلَامُ مِنْهُ لُغَةً حَرْفَانِ فَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْكَلَامَ لُغَةً مَا يُتَكَلَّمُ بِهِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ ع ش التَّقْيِيدُ بِالْحَرْفَيْنِ هُوَ بِحَسَبِ مَا اُشْتُهِرَ فِي اللُّغَةِ كَمَا قَالَهُ الرَّضِيُّ وَإِلَّا فَالْكَلَامُ فِي أَصْلِ الْوَضْعِ اسْمٌ لِكُلِّ مَا يُتَكَلَّمُ بِهِ وَلَوْ حَرْفًا وَعِبَارَتُهُ الْكَلَامُ مَوْضُوعٌ لِجِنْسِ مَا يُتَكَلَّمُ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ كَلِمَةً عَلَى حَرْفٍ كَوَاوِ الْعَطْفِ أَوْ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ كَلِمَةٍ سَوَاءٌ كَانَ مُهْمَلًا أَوْ لَا انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَتَخْصِيصُهُ بِالْمُفْهِمِ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ هُوَ أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِالْحَدِيثِ لَا يَتِمُّ عَلَى الْقَوْلِ بِإِبْطَالِ غَيْرِ الْمُفْهِمِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُوَ الْمُفْهِمُ فَأَجَابَ بِأَنَّ تَخْصِيصَهُ بِالْمُفْهِمِ لَيْسَ فِي عُرْفِ