(وَبَيْنَهُمَا) أَيْ: بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُصَلِّي (ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ فَأَقَلُّ) وَذِكْرُ سُنَنِ الصَّلَاةِ إلَى الْمَذْكُورَاتِ مَعَ اعْتِبَارِ التَّرْتِيبِ فِيهَا وَضَبْطُهَا بِمَا ذُكِرَ مِنْ زِيَادَتِي وَبِذَلِكَ صَرَّحَ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ إلَّا التَّرْتِيبَ فِي الْأَوَّلَيْنِ فَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِلَّا ضَبْطُ الْأَخِيرَيْنِ فَهُوَ الْقِيَاسُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَإِذَا صَلَّى إلَى شَيْءٍ مِنْهَا (فَيُسَنُّ) لَهُ وَلِغَيْرِهِ (دَفْعُ مَارٍّ) بَيْنَهُ
ــ
[حاشية الجمل]
بِذَلِكَ فَأَكْثَرُ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ بَيْنَهُمَا ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ) أَيْ: بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ الْمُعْتَدِلِ وَتُعْتَبَرُ الثَّلَاثُ بِمَا فِي التَّقَدُّمِ عَلَى الْإِمَامِ فَفِي الْقَائِمِ قَدَمَاهُ وَفِي الْقَاعِدِ إلْيَاهُ وَفِي الْمُضْطَجِعِ جَنْبُهُ وَفِي الْمُسْتَلْقِي رَأْسُهُ وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ مَا فِي كَلَامِ الْعَلَّامَةِ م ر مِمَّا يُوهِمُ الْمُخَالَفَةَ فِي بَعْضِ ذَلِكَ، وَاعْتَبَرَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ فِي الْقَاعِدِ رُكْبَتَيْهِ وَفِي الْمُسْتَلْقِي قَدَمَيْهِ وَلَهُ وَجْهٌ إذَا كَانَ طُولُ الْمُصَلِّي بِكَسْرِ اللَّامِ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ فَأَكْثَرُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَفِي ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ أَيْ: بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُصَلِّي أَيْ: بَيْنَهَا وَبَيْنَ رُءُوسِ أَصَابِعِهِ فِي حَقِّ الْقَائِمِ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ رُكْبَتَيْهِ فِي حَقِّ الْجَالِسِ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ بُطُونِ الْقَدَمَيْنِ فِي الْمُسْتَلْقِي وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الْجُزْءِ الَّذِي يَلِي الْقِبْلَةَ فِي الْمُضْطَجِعِ وَلَا يُشْتَرَطُ لَهُ جُزْءٌ مُعَيَّنٌ فَيُعْتَدُّ بِوَضْعِهَا فِي مُقَابَلَةِ أَيِّ جُزْءٍ كَانَ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ فَأَقَلَّ) وَلَوْ رَآهُ مُسْتَتِرًا بِالْأَدْوَنِ وَشَكَّ فِي قُدْرَتِهِ عَلَى مَا فَوْقَهُ حَرُمَ الْمُرُورُ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقُدْرَةِ وَاحْتِرَامُ السُّتْرَةِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ قَالَهُ فِي الْإِيعَابِ وَهُوَ قَرِيبٌ إنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى خِلَافِهِ وَإِلَّا فَالْوَجْهُ خِلَافُهُ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَذِكْرُ سُنَنِ الصَّلَاةِ إلَى قَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِي) فِيهِ أَنَّ الْأَصْلَ صَرَّحَ بِالسُّنَنِ وَعِبَارَتُهُ وَيُسَنُّ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَتَوَجَّهَ إلَى جِدَارِ إلَخْ انْتَهَتْ فَهِيَ كَعِبَارَةِ الْمَتْنِ وَلَمْ يُنَبِّهْ الْحَوَاشِي عَلَى مُنَاقَشَةِ الشَّارِحِ فِي دَعْوَاهُ هَذِهِ الزِّيَادَةَ تَأَمَّلْ اهـ لِكَاتِبِهِ.
(قَوْلُهُ فَيُسَنُّ دَفْعُ مَارٍّ) أَيْ: وَلَوْ كَانَتْ السُّتْرَةُ آدَمِيًّا أَوْ بَهِيمَةً أَوْ امْرَأَةً وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ اشْتِغَالٌ يُنَافِي خُشُوعَهُ وَلَوْ كَانَتْ السُّتْرَةُ دَابَّةً نُفُورًا أَوْ امْرَأَةً يَشْتَغِلُ قَلْبُهُ بِهَا مَا لَمْ يُعْتَدَّ بِتِلْكَ السُّتْرَةِ عَلَى مَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ لِكَرَاهَةِ الصَّلَاةِ إلَيْهَا حِينَئِذٍ قَالَ وَمِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا فِيمَا يَظْهَرُ لَوْ صَلَّى بَصِيرٌ إلَى شَاخِصٍ مُزَوَّقٍ هَذَا وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِالسُّتْرَةِ بِالْآدَمِيِّ وَنَحْوِهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي أَنَّ بَعْضَ الصُّفُوفِ لَا يَكُونُ سُتْرَةً لِبَعْضٍ آخَرَ وَيُكْرَهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنْ يُصَلِّيَ وَبَيْنَ يَدَيْهِ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ يَسْتَقْبِلَانِهِ وَيَرَاهُمَا اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ إلَى شَاخِصٍ مُزَوَّقٍ ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الشَّاخِصُ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَسْجِدِ وَخَلَا مِنْ أَسْفَلِ الشَّاخِصِ عَنْ التَّزْوِيقِ مَا يُسَاوِي السُّتْرَةَ أَوْ يَزِيدُ عَلَيْهَا فَيَنْتَقِلُ عَنْهُ وَلِوَالِي الْخَطِّ حَيْثُ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا بِمِصْرِنَا فِي مَسَاجِدِهَا اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا فَيُسَنُّ دَفْعُ مَارٍّ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَأْثَمْ بِمُرُورِهِ كَالْجَاهِلِ وَالسَّاهِي وَالْغَافِلِ وَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ خِلَافًا لحج؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ دَفْعِ الصَّائِلِ لَا مِنْ بَابِ إزَالَةِ الْمُنْكَرِ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ يُمْنَعُ مِنْ ارْتِكَابِهِ لِلْمُنْكَرِ وَإِنْ لَمْ يَأْثَمْ اهـ ح ل وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ الدَّفْعُ وَإِنْ كَانَ مِنْ بَابِ النَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ؛ لِأَنَّ الْمُرُورَ مُخْتَلَفٌ فِي تَحْرِيمِهِ وَلَا يُنْكَرُ إلَّا مَا أُجْمِعَ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَلِأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ الْإِنْكَارُ حَيْثُ لَمْ يُؤَدِّ إلَى فَوَاتِ مَصْلَحَةٍ أُخْرَى فَإِنْ أَدَّى إلَى فَوَاتِهَا أَوْ الْوُقُوعِ فِي مَفْسَدَةٍ أُخْرَى لَمْ يَجِبْ كَمَا قَرَّرُوهُ فِي مَحَلِّهِ وَهَهُنَا لَوْ اشْتَغَلَ بِالدَّفْعِ لَفَاتَتْ أُخْرَى وَهِيَ الْخُشُوعُ فِي الصَّلَاةِ وَتَرْكُ الْعَبَثِ فِيهَا وَأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ النَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ بِالْأَسْهَلِ فَالْأَسْهَلِ وَالْأَسْهَلُ هُوَ الْكَلَامُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ فَلَمَّا انْتَفَى سَقَطَ وَلَمْ يَجِبْ بِالْفِعْلِ وَلِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ إنَّمَا يَجِبُ عِنْدَ تَحَقُّقِ ارْتِكَابِ الْمَفْسَدَةِ لِلْإِثْمِ وَمَا هُنَا لَمْ يَتَحَقَّقْ ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ سَاهِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ غَافِلًا أَوْ أَعْمَى وَلِأَنَّ إزَالَةَ الْمُنْكَرِ إنَّمَا تَجِبُ إذَا كَانَ لَا يَزُولُ إلَّا بِالنَّهْيِ وَالْمُنْكَرُ هُنَا يَزُولُ بِانْقِضَاءِ مُرُورِهِ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَلِغَيْرِهِ) أَيْ: الَّذِي لَيْسَ فِي صَلَاةٍ اهـ حَجّ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَنْ فِي صَلَاةٍ لَا يُسَنُّ لَهُ الدَّفْعُ لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ م ر فِي كَفِّ الشَّعْرِ وَالثَّوْبِ وَيُسَنُّ لِمَنْ رَآهُ كَذَلِكَ وَلَوْ مُصَلِّيًا آخَرَ أَنْ يَحِلَّهُ حَيْثُ لَا فِتْنَةَ خِلَافُهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ دَفْعُ الْمَارِّ فِيهِ حَرَكَاتٌ قَوِيَّةٌ فَرُبَّمَا يُشَوِّشُ خُشُوعَهُ بِخِلَافِ حَلِّ الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ وَلِغَيْرِهِ أَيْ: وَلَوْ كَانَ مُصَلِّيًا آخَرَ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ دَفْعُ مَارٍّ) أَيْ بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ؛ لِأَنَّهُ صَائِلٌ بِأَفْعَالٍ لَا تُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِالتَّلَفِ وَدَخَلَ فِي الْمَارِّ مَا لَوْ كَانَ غَيْرَ عَاقِلٍ وَلَوْ حَامِلًا أَوْ رَقِيقًا أَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ أَوْ آدَمِيَّةً حَامِلًا وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِأَفْعَالٍ قَلِيلَةٍ فَإِنْ كَرَّرَهُ ثَلَاثًا مُتَوَالِيَةً بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَاخْتِصَاصُهُ بِوَقْتِ وُجُودِ السُّتْرَةِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ أَوْ بَعْضِهَا سَوَاءٌ وَضَعَهَا الْمُصَلِّي أَوْ غَيْرُهُ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ بِإِكْرَاهٍ أَوْ نَحْوِ رِيحٍ أَوْ وَضَعَهَا قِرْدٌ وَلَوْ مَغْصُوبَةً أَوْ ذَاتَ أَعْلَامٍ أَوْ مُتَنَجِّسَةً أَوْ نَجِسَةً؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ وَالْكَرَاهَةَ لِأَمْرٍ خَارِجٍ نَعَمْ لَا تُعْتَبَرُ سُتْرَةٌ فِي مَحَلٍّ مَغْصُوبٍ؛ لِأَنَّهَا لَا قَرَارَ لَهَا وَدَخَلَ فِيهَا مَا لَوْ كَانَتْ