للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبَيْنَهَا وَالْمُرَادُ بِالْمُصَلِّي وَالْخَطِّ مِنْهَا أَعْلَاهُمَا وَذَلِكَ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنْ النَّاسِ فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ» أَيْ: مَعَهُ شَيْطَانٌ أَوْ هُوَ شَيْطَانُ الْإِنْسِ وَذِكْرُ سَنِّ الدَّفْعِ لِغَيْرِ الْمُصَلِّي مِنْ زِيَادَتِي وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ تَفَقُّهًا.

(وَحَرُمَ مُرُورٌ) وَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمَارُّ سَبِيلًا آخَرَ لِخَبَرِ «لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي أَيْ: إلَى السُّتْرَةِ مَاذَا عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ إلَّا مِنْ الْإِثْمِ فَالْبُخَارِيُّ وَإِلَّا خَرِيفًا فَالْبَزَّارُ وَالتَّحْرِيمُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يُقَصِّرْ الْمُصَلِّي بِصَلَاتِهِ فِي الْمَكَانِ وَإِلَّا كَأَنْ وَقَفَ

ــ

[حاشية الجمل]

حَيَوَانًا وَلَوْ غَيْرَ آدَمِيٍّ وَمِنْهُ الصُّفُوفُ وَالْجِنَازَةُ كَمَا قَالَهُ حَجّ وَعَلَيْهِ حَدِيثُ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْتَرِضُ رَاحِلَتَهُ وَيُصَلِّي إلَيْهَا» وَاعْتَمَدَ الْعَلَّامَةُ م ر أَنَّ الْحَيَوَانَ لَا يُعَدُّ سُتْرَةً بَلْ يُكْرَهُ اسْتِقْبَالُ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَأَقَرَّهُ الْعَلَّامَةُ ز ي وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ لَا تُنَافِي اعْتِبَارَ السُّتْرَةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(فَرْعٌ) حَيْثُ سَاغَ الدَّفْعُ فَتَلِفَ الْمَدْفُوعُ لَمْ يَضْمَنْهُ وَإِنْ كَانَ رَقِيقًا لَمْ يَدْخُلْ فِي يَدِهِ بِمُجَرَّدِ الدَّفْعِ فَلَوْ تَوَقَّفَ دَفْعُهُ عَلَى دُخُولِهِ فِي يَدِهِ بِأَنْ لَمْ يَنْدَفِعْ إلَّا بِقَبْضِهِ عَلَيْهِ وَتَحْوِيلِهِ مِنْ مَكَان إلَى آخَرَ فَهَلْ لَهُ الدَّفْعُ وَيَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ أَوَّلًا وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ حَيْثُ عُدَّ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهِ ضَمِنَهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْجَرِّ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ اهـ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي الضَّمَانِ حَيْثُ عُدَّ مِنْ دَفْعِ الصَّائِلِ فَإِنْ دَفَعَهُ يَكُونُ بِمَا يُمْكِنُهُ وَإِنْ أَدَّى إلَى اسْتِيلَاءٍ عَلَيْهِ حَيْثُ تَعَيَّنَ طَرِيقًا فِي الدَّفْعِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْجَرِّ بِأَنَّ الْجَرَّ لِنَفْعِ الْجَارِّ لَا لِدَفْعِ ضَرَرِ الْمَجْرُورِ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْمُصَلِّي وَالْخَطِّ) أَيْ: فِي قَوْلِ الْمَتْنِ وَبَيْنَهُمَا ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ أَيْ: فَيُقَدَّرُ مُضَافٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى هَذَيْنِ وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ تَقْدِيمُ هَذَا عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ فَيُسَنُّ دَفْعُ مَارٍّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَقَوْلُهُ مِنْهَا حَالَ الْمُصَلِّي وَالْخَطِّ أَيْ: حَالَةَ كَوْنِهِمَا مِنْهَا أَيْ: مِنْ جُمْلَةِ الْأَرْبَعَةِ أَيْ: بَعْضُهَا اهـ شَيْخُنَا وَعَلَى هَذَا لَوْ صَلَّى عَلَى فَرْوَةٍ مَثَلًا وَكَانَ إذَا سَجَدَ سَجَدَ عَلَى مَا وَرَاؤُهَا مِنْ الْأَرْضِ لَا يَحْرُمُ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ تَقْدِيمِ الْفَرْوَةِ الْمَذْكُورَةِ إلَى مَوْضِعِ جَبْهَتِهِ وَيَحْرُمُ الْمُرُورُ عَلَى الْفَرْوَةِ فَقَطْ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ أَعْلَاهُمَا) أَيْ: لَا أَوَّلُهُمَا يَعْنِي أَنَّا نَحْسِبُ الثَّلَاثَةَ أَذْرُعٍ الَّتِي بَيْنَ الْمُصَلِّي وَالْمُصَلَّيْ مِنْ رُءُوسِ أَصَابِعِ الْمُصَلِّي إلَى آخِرِ السَّجَّادَةِ حَتَّى لَوْ كَانَ فَارِشُهَا تَحْتَهُ كَفَتْ لَا أَنَّنَا نَحْسِبُهَا مِنْ رُءُوسِ أَصَابِعِهِ إلَى أَوَّلِهَا حَتَّى لَوْ وَضَعَهَا قُدَّامَهُ وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَوَّلِهَا ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ لَمْ تَكْفِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخِرِهَا ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ فَأَقَلُّ لَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَوَّلِهَا وَكَذَا الْمُصَلِّي اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ أَيْضًا أَعْلَاهُمَا) كَذَا فِي الْمَحَلِّيّ وَغَيْرِهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ طَالَ الْمُصَلِّي أَوْ الْخَطُّ وَكَانَ بَيْنَ قَدَمَيْ الْمُصَلِّي وَبَيْنَ أَعْلَى طَرَفِهِ الْأَعْلَى الَّذِي مِنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ لَمْ تَكُنْ سُتْرَةً مُعْتَبَرَةً حَتَّى لَا يَحْرُمَ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَا يُقَالُ يُعْتَبَرُ مِنْهَا مِقْدَارُ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ إلَى قَدَمَيْهِ وَيَجْعَلُ سُتْرَةً وَيُلْغِي حُكْمَ الزَّائِدِ وَقَدْ تَوَقَّفَ فِيهِ م ر وَمَالَ بِالْفَهْمِ إلَى أَنَّهُ يُقَالُ مَا ذُكِرَ لَكِنَّ ظَاهِرَ الْمَنْقُولِ الْأَوَّلِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ يَسْتُرُهُ مِنْ النَّاسِ) مَعْنَاهُ مَا يَمْنَعُ النَّاسَ شَرْعًا مِنْ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْهِ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ أَيْ مَعَهُ شَيْطَانٌ) قَالَ الرَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَجْسُرُ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي وَحْدَهُ فَإِذَا مَرَّ إنْسَانٌ وَافَقَهُ اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ أَيْ فِعْلُهُ فِعْلُ الشَّيْطَانِ؛ لِأَنَّهُ أَبَى إلَّا التَّشْوِيشَ عَلَى الْمُصَلِّي وَإِطْلَاقُ الشَّيْطَانِ عَلَى الْمَارِّ مِنْ الْإِنْسِ سَائِغٌ شَائِعٌ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمَعْنَى فَإِنَّمَا الْحَامِلُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ الشَّيْطَانُ اهـ فَتْحُ الْبَارِي انْتَهَتْ

(قَوْلُهُ وَحَرُمَ مُرُورُ) مَعْطُوفٌ عَلَى فِسْقٍ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ التَّفْرِيعِ وَانْظُرْ حِكْمَةَ عَدَمِ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْمُتَعَاطِفَيْنِ فِي الْمُضِيِّ أَوْ الْمُضَارَعَةِ اهـ شَيْخُنَا أَيْ: حَرُمَ عَلَى الْمُكَلَّفِ الْعَالِمِ مُرُورٌ أَيْ: وَإِنْ أُزِيلَتْ السُّتْرَةُ حَيْثُ عَلِمَ بِوُجُودِهَا أَيْ: مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ طَرِيقًا لِإِنْقَاذِ نَحْوِ مُشْرِفٍ عَلَى هَلَاكٍ وَإِلَّا جَازَ اهـ ح ل وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ أَخْذًا مِنْ الْحَدِيثِ اهـ عَزِيزِيٌّ قَالَ سم عَلَى حَجّ وَيَلْحَقُ بِالْمُرُورِ جُلُوسُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَمَدُّ رِجْلَيْهِ وَاضْطِجَاعُهُ اهـ بِالْمَعْنَى وَمِثْلُهُ مَا لَوْ مَدَّ يَدَهُ لِيَأْخُذَ مِنْ خِزَانَتِهِ مَتَاعًا؛ لِأَنَّهُ يَشْغَلُهُ وَرُبَّمَا شَوَّشَ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ إلَخْ) جَوَابُ لَوْ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ لَوَقَفَ وَقَوْلُهُ لَكَانَ خَيْرًا إلَخْ مُرَتَّبٌ عَلَى هَذَا الْمَحْذُوفِ أَيْ وَلَوْ وَقَفَ لَكَانَ وُقُوفُهُ خَيْرًا إلَخْ وَقَوْلُهُ خَيْرًا لَهُ أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ لَيْسَ عَلَى بَابِهِ؛ لِأَنَّ الْمُرُورَ لَا خَيْرَ فِيهِ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ أَنْ يَقِفَ) اسْمُ كَانَ وَخَرِيفًا تَمْيِيزٌ وَخَيْرًا لَهُ خَبَرُ كَانَ وَفِي رِوَايَةٍ بِرَفْعِ خَيْرٍ وَعَلَيْهَا فَهُوَ اسْمُ كَانَ؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ نَكِرَةً إلَّا أَنَّهَا وُصِفَتْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ اسْمُهَا ضَمِيرُ الشَّأْنِ وَالْجُمْلَةُ خَبَرُهَا اهـ فَتْحُ الْبَارِي اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يُقَصِّرْ الْمُصَلِّي إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِدْ مَحَلًّا يَقِفُ فِيهِ إلَّا بَابَ الْمَسْجِدِ لِكَثْرَةِ الْمُصَلِّينَ كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ مَثَلًا حَرُمَ الْمُرُورُ وَسُنَّ لَهُ الدَّفْعُ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَيَحْتَمِلُ عَدَمَ حُرْمَةِ الْمُرُورِ لِعُذْرِ كُلٍّ مِنْ الْمَارِّ وَالْمُصَلِّي أَمَّا الْمُصَلِّي فَلِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ وَأَمَّا الْمَارُّ فَلِاسْتِحْقَاقِهِ الْمُرُورَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ عَلَى أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>