للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَتَأْخِيرِي لَا لِحَاجَةٍ عَنْ الثَّلَاثَةِ أَوْلَى مِنْ تَقْدِيمِ الْأَصْلِ لَهُ عَلَى الْأَخِيرِ مِنْهَا بَلْ قَدْ يُجْعَلُ قَيْدًا أَيْضًا فِيمَا يَأْتِي أَوْ فِي بَعْضِهِ.

(وَنَظَرٌ نَحْوَ سَمَاءٍ) مِمَّا يُلْهِي كَثَوْبٍ لَهُ أَعْلَامٌ وَذَلِكَ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إلَى السَّمَاءِ فِي صَلَاتِهِمْ لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ» وَخَبَرُ الشَّيْخَيْنِ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي وَعَلَيْهِ خَمِيصَةٌ ذَاتُ أَعْلَامٍ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ أَلْهَتْنِي أَعْلَامُ هَذِهِ اذْهَبُوا بِهَا إلَى أَبِي جَهْمٍ وَائْتُونِي بإنبجانيته» وَنَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَكَفُّ شَعْرٍ أَوْ ثَوْبٍ) لِخَبَرِ «أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمَ وَلَا أَكُفَّ شَعْرًا وَلَا ثَوْبًا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَاللَّفْظُ

ــ

[حاشية الجمل]

مَجَازٌ عَمَّا يَحْصُلُ مِنْ الْخَوَاطِرِ النَّفْسَانِيَّةِ لِلْمُصَلِّي وَلَعَلَّ وَضْعَ الْيَدِ عَلَى الْفَمِ عَلَى هَذَا تَصْوِيرٌ لِحَالِهِ بِحَالِ مَنْ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ مَنْ يَقْصِدُهُ بِالْأَذَى اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ فَتَأْخِيرِي لَا لِحَاجَةٍ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي الثَّلَاثَةِ لَا عَلَى الِاسْتِدْلَالِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْتَدَلَّ عَلَى مَفْهُومِ الْأَخِيرِ اهـ شَيْخُنَا

(قَوْلُهُ وَنَظَرٌ نَحْوَ سَمَاءٍ) أَيْ وَلَوْ بِدُونِ رَفْعِ رَأْسِهِ وَعَكْسُهُ كَذَلِكَ عَلَى مَا بَحَثَ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا وَنَظَرٌ نَحْوَ سَمَاءٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ أَعْمَى اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ مَا بَالُ أَقْوَامٍ) أَيْ: مَا حَالُهُمْ وَأَبْهَمَ الرَّافِعُ بَصَرَهُ لِئَلَّا يَنْكَسِرَ خَاطِرُهُ؛ لِأَنَّ النَّصِيحَةَ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ فَضِيحَةٌ وَقَوْلُهُ لَيَنْتَهُنَّ جَوَابُ قَسَمٍ مَحْذُوفٍ وَالْأَصْلُ لَيَنْتَهُونَنَّ وَقَوْلُهُ عَنْ ذَلِكَ أَيْ: عَنْ رَفْعِ الْبَصَرِ إلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ وَقَوْلُهُ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَأَوْ لِلتَّخْيِيرِ تَهْدِيدًا وَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى الْأَمْرِ وَالْمَعْنَى لَيَكُونَنَّ مِنْكُمْ الِانْتِهَاءُ عَنْ رَفْعِ الْبَصَرِ إلَى السَّمَاءِ أَوْ خَطْفُ الْأَبْصَارِ عِنْدَ رَفْعِهَا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَمَّا رَفْعُ الْبَصَرِ إلَى السَّمَاءِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ لِدُعَاءٍ وَنَحْوه فَجَوَّزَهُ الْأَكْثَرُونَ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ؛ لِأَنَّ السَّمَاءَ قِبْلَةُ الدُّعَاءِ كَالْكَعْبَةِ قِبْلَةٌ لِلصَّلَاةِ وَكَرِهَهُ آخَرُونَ اهـ شَرْحُ الْبُخَارِيِّ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ اهـ ز ي.

(قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ الْهَاءِ لِتَدُلَّ عَلَى وَاوِ الضَّمِيرِ الْمَحْذُوفَةِ؛ لِأَنَّ أَصْلَهُ لَيَنْتَهُونَ وَقَوْلُهُ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الطَّاءِ وَالْفَاءِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ أَيْ: لَتُعْمَيَنَّ أَبْصَارُهُمْ وَكَلِمَةُ أَوْ لِلتَّخْيِيرِ تَهْدِيدٌ أَوْ خَبَرٌ بِمَعْنَى الْأَمْرِ أَيْ: لِيَكُنْ مِنْكُمْ الِانْتِهَاءُ عَنْ رَفْعِ الْبَصَرِ أَوْ تُخْطَفُ الْأَبْصَارُ عِنْدَ الرَّفْعِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى اهـ. وَقَوْلُهُ أَصْلُهُ يَنْتَهُونَ أَيْ: بَعْدَ الْإِعْلَالِ وَبَعْدَ التَّوْكِيدِ؛ إذْ الْأَصْلُ قَبْلَ التَّوْكِيدِ يَنْتَهِيُونَ اُسْتُثْقِلَتْ الضَّمَّةُ عَلَى الْيَاءِ الَّتِي هِيَ لَامُ الْكَلِمَةِ فَحُذِفَتْ فَالْتَقَى سَاكِنَانِ لَامُ الْفِعْلِ وَوَاوُ الْجَمْعِ فَحُذِفَتْ الْيَاءُ وَضُمَّ مَا قَبْلَهَا لِمُجَانَسَةِ الْوَاوِ ثُمَّ أَكَّدَ الْفِعْلَ بِالنُّونِ الثَّقِيلَةِ فَصَارَ فِيهِ ثَلَاثُ نُونَاتٍ حُذِفَتْ نُونُ الرَّفْعِ لَفْظًا لِتَوَالِي الْأَمْثَالِ فَالْتَقَى سَاكِنَانِ وَاوُ الْجَمْعِ وَنُونَا التَّوْكِيدِ الْمُدْغَمَةِ فَحُذِفَتْ وَاوُ الْجَمْعِ لِدَلَالَةِ الضَّمَّةِ عَلَيْهَا فَالْفِعْلُ مُعْرَبٌ بِالنُّونِ الثَّانِيَةِ تَقْدِيرًا وَلَيْسَ مَبْنِيًّا لِعَدَمِ اتِّصَالِ نُونِ التَّوْكِيدِ بِهِ اهـ شَيْخُنَا ع ج وَالضَّابِطُ أَنَّ الْفِعْلَ الْمُضَارِعَ إذَا كَانَ يُرْفَعُ بِالضَّمَّةِ فَإِنَّهُ إذَا أُكِّدَ بِالنُّونِ يُبْنَى وَإِنْ كَانَ يُرْفَعُ بِثَبَاتِ النُّونِ فَإِنَّهُ إنْ أُكِّدَ يَبْقَى عَلَى إعْرَابِهِ لَفْظًا أَوْ تَقْدِيرًا، وَقَدْ تَبَيَّنَ بِمَا قَرَّرْنَا أَنَّ الْإِعْرَابَ التَّقْدِيرِيَّ فِي لَتُبْلَوُنَّ خَاصَّةٌ بِخِلَافِ تَرَيْنَ وَلَنَسْفَعًا فَإِنَّهُ لَفْظِيٌّ اهـ خَالِدٌ فِي التَّصْرِيحِ اهـ شَيْخُنَا ع ج وَفِي الشَّيْخِ عَمِيرَةَ.

(فَائِدَةٌ) نَقَلَ الدَّمِيرِيُّ عَنْ الْغَزَالِيِّ فِي الْإِحْيَاءِ أَنَّهُ قَالَ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَرْمُقَ بِبَصَرِهِ إلَى السَّمَاءِ فِي الدُّعَاءِ بَعْدَ الْوُضُوءِ اهـ ع ش عَلَى م ر قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَلِلِاعْتِبَارِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يُزِيلُ الْهُمُومَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ خَمِيصَةٌ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ وَبِالصَّادِ كِسَاءٌ مُرَبَّعٌ لَهُ عَلَمَانِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ أَلْهَتْنِي أَعْلَامُ هَذِهِ) أَيْ: كَادَتْ أَنْ تُلْهِيَنِي اهـ شَوْبَرِيٌّ أَوْ هُوَ تَعْلِيمٌ لِلْأُمَّةِ وَإِلَّا فَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَشْغَلُهُ شَيْءٌ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ اذْهَبُوا بِهَا إلَى أَبِي جَهْمٍ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ الْمُهْدِي لَهَا وَإِنَّمَا أَمَرَ بِأَخْذِ الْأَنْبِجَانِيَّةِ مِنْهُ جَبْرًا لِخَاطِرِهِ خَوْفًا عَلَيْهِ أَنْ يَنْكَسِرَ بِرَدِّ هَدِيَّتِهِ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ إلَى أَبِي جَهْمٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْهَاءِ وَيُقَالُ الْجَهْمُ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ وَاسْمُهُ عَامِرُ بْنُ حُذَيْفَةَ وَقِيلَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيُّ الْعَدَوِيُّ الصَّحَابِيُّ أَسْلَمَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَصَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ مُعْظَمًا فِي قُرَيْشٍ عَالِمًا بِالْأَنْسَابِ وَكَانَ مِنْ الْمُعَمِّرِينَ شَهِدَ بِنَاءَ الْكَعْبَةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَفِي الْإِسْلَامِ فِي أَيَّامِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَقِيلَ مُعَاوِيَةَ وَهُوَ أَحَدُ دَافِنِي عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَهُوَ غَيْرُ أَبِي الْجُهَيْمِ بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ الْهَاءِ مُصَغَّرًا وَهُوَ صَحَابِيٌّ أَيْضًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ بِأَنْبِجَانِيَّتِهِ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِهَا كِسَاءٌ غَلِيظٌ لَا عَلَمَ لَهُ فَإِنْ كَانَ لَهُ عَلَمٌ فَهُوَ خَمِيصَةٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَهِيَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا وَبِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا أَيْضًا كَمَا قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ وَنُقِلَ عَنْ النَّوَوِيِّ فَفِيهِ أَرْبَعُ لُغَاتٍ، وَأَغْرَبَ ابْنُ قُتَيْبَةَ وَقَالَ إنَّمَا هِيَ مَنْبِجَانِيَّةٌ نِسْبَةً إلَى مَنْبِجٍ بَلَدٌ مَعْرُوفٌ بِالشَّامِ وَمَنْ قَالَهَا بِهَمْزِ أَوَّلِهِ فَقَدْ غَيَّرَهُ وَنَقَلَ ذَلِكَ ابْنُ قُتَيْبَةَ عَنْ الْأَصْمَعِيِّ اهـ ع ش عَلَى م ر

(قَوْلُهُ وَكَفُّ شَعْرٍ أَوْ ثَوْبٍ) مُرَادُهُ بِالْكَفِّ مَا يَشْمَلُ تَرْكَهُمَا مَكْفُوفَيْنِ أَيْ: وَلَوْ فِي صَلَاةِ جِنَازَةٍ لَكِنَّ الْحِكْمَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا لَا تَشْمَلُهَا وَالْحِكْمَةُ الشَّامِلَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>