للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(سَجْدَتَانِ) بِنِيَّةِ سُجُودِ السَّهْوِ (قُبَيْلَ سَلَامِهِ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَهُ وَأَمَرَ بِهِ؛ إذْ ذَاكَ وَلِأَنَّهُ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ فَكَانَ قَبْلَ السَّلَامِ كَمَا لَوْ نَسِيَ سَجْدَةً مِنْهَا وَأَجَابُوا عَنْ سُجُودِهِ بَعْدَهُ فِي خَبَرِ ذِي الْيَدَيْنِ وَغَيْرِهِ بِحَمْلِهِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَنْ قَصْدٍ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ لِبَيَانِ حُكْمِ سُجُودِ السَّهْوِ سَوَاءٌ كَانَ السَّهْوُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ أَمْ بِهِمَا (كَسُجُودِ الصَّلَاةِ) فِي وَاجِبَاتِهِ وَمَنْدُوبَاتِهِ (فَإِنْ سَلَّمَ عَمْدًا) مُطْلَقًا (أَوْ) سَهْوًا

ــ

[حاشية الجمل]

لِتَرَدُّدِهِ فِي النِّيَّةِ بَيْنَهُمَا اهـ ع ش عَلَيْهِ.

(تَنْبِيهٌ) لَا يَخْفَى ظُهُورُ كَلَامِهِمْ أَوْ صَرَاحَتُهُ فِي امْتِنَاعِ تَعَدُّدِ سُجُودِ السَّهْوِ بِتَعَدُّدِ الْمُقْتَضِي بِخِلَافِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ السَّبَبَ هُنَا قَدْ يَكُونُ بِغَيْرِ الِاخْتِيَارِ، وَقَدْ لَا يَنْحَصِرُ فَلَوْ طَلَبَ تَعَدُّدَ السُّجُودِ رُبَّمَا يَتَسَلْسَلُ كَذَا قَالَهُ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ الْغَايَةِ.

(أَقُولُ) وَكَذَا مُقْتَضِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ قَدْ لَا يَكُونُ بِالِاخْتِيَارِ كَمَا إذَا هَجَمَهُ السَّمَاعُ مِنْ جَمَاعَةٍ، وَقَدْ لَا يَنْحَصِرُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَقَوْلُهُ قَدْ لَا يَكُونُ بِالِاخْتِيَارِ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمُصَلِّيَ إنَّمَا يَسْجُدُ لِقِرَاءَةِ نَفْسِهِ لَا لِقِرَاءَةِ غَيْرِهِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ سَجْدَتَانِ) فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ نَوَى الِاقْتِصَارَ عَلَيْهَا ابْتِدَاءً فَإِنْ عَنَّ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا بَعْدَ فِعْلِهَا لَمْ يُؤَثِّرْ؛ لِأَنَّهُمَا نَفْلٌ وَهُوَ لَا يَصِيرُ وَاجِبًا بِالشُّرُوعِ فِيهِ اهـ شَرْحُ م ر وَهَلْ لَهُ بَعْدَ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْأُولَى أَنْ يَأْتِيَ بِالثَّانِيَةِ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَنَقَلَ سم عَنْ م ر أَنَّهُ إنْ سَجَدَ عَلَى الْفَوْرِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ اهـ شَيْخُنَا، وَقَدْ يُتَصَوَّرُ السُّجُودُ فِي الصَّلَاةِ الْوَاحِدَةِ بِسَبَبِ السَّهْوِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَجْدَةً وَذَلِكَ فِيمَنْ اقْتَدَى فِي رُبَاعِيَّةٍ بِأَرْبَعَةِ أَئِمَّةٍ اقْتَدَى بِالْأَوَّلِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ ثُمَّ بِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِينَ فِي رَكْعَتِهِ الْأَخِيرَةِ ثُمَّ صَلَّى الرَّابِعَةَ وَحْدَهُ وَسَهَا كُلُّ إمَامٍ مِنْهُمْ فَيَسْجُدُ مَعَهُ لِسَهْوِهِ ثُمَّ ظَنَّ أَنَّهُ سَهَا فِي رَكْعَتِهِ فَيَسْجُدُ لِسَهْوِ نَفْسِهِ ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَسْهُ فَيَسْجُدُ فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَجْدَةً اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ بِنِيَّةِ سُجُودِ السَّهْوِ) وَالنِّيَّةُ هِيَ الْقَصْدُ وَيَجِبُ التَّعَرُّضُ لِخُصُوصِ السَّهْوِ وَلَا يَكْفِي نِيَّةُ مُطْلَقِ السُّجُودِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا تَكْبِيرَ فِيهَا لِلتَّحَرُّمِ حَتَّى يَجِبَ قَرْنُهَا بِهِ وَالْأَوْجَهُ بُطْلَانُهَا بِالتَّلَفُّظِ بِالنِّيَّةِ فِيهَا إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَى ذَلِكَ اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ أَيْضًا بِنِيَّةِ سُجُودِ السَّهْوِ) مَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمَأْمُومِ، وَأَمَّا هُوَ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ الْمُتَابَعَةُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ قُبَيْلَ سَلَامِهِ) بِأَنْ لَا يَفْصِلَ بَيْنَ السَّلَامِ وَالتَّشَهُّدِ مَعَ تَوَابِعِهِ شَيْءٌ مِنْ الصَّلَاةِ وَلَا يَضُرُّ طُولُ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا بِسُكُوتٍ طَوِيلٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ؛ إذْ ذَاكَ) اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ إلَى قُبَيْلِ سَلَامِهِ وَإِذْ ظَرْفٌ بِمَعْنَى وَقْتٍ وَذَاكَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ؛ لِأَنَّ إذْ لَا تُضَافُ إلَى الْجُمْلَةِ وَالتَّقْدِيرُ إذْ ذَاكَ مَوْجُودٌ إلَى وَقْتِ الْقُبَيْلِ مَوْجُودٌ وَإِضَافَتُهَا هُنَا مِنْ إضَافَةِ الْعَامِّ إلَى الْخَاصِّ؛ لِأَنَّ الْقُبَيْلَ زَمَانٌ أَيْضًا اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ) أَيْ: السَّلَامَ اهـ شَوْبَرِيٌّ لَمْ يَكُنْ عَنْ قَصْدٍ أَيْ: بَلْ كَانَ سَهْوًا وَقَوْلُهُ مَعَ أَنَّهُ أَيْ: السُّجُودَ بَعْدَ السَّلَامِ لَمْ يَرِدْ لِبَيَانِ إلَخْ أَيْ: وَإِنَّمَا وَرَدَ لِبَيَانِ أَنَّ السَّلَامَ سَهْوًا لَا يُبْطِلُ اهـ ع ش وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ لِبَيَانِ حُكْمِ سُجُودِ السَّهْوِ وَجَبَ تَأْوِيلُهُ عَلَى وَفْقِ الْوَارِدِ لِبَيَانِهِ الصَّرِيحِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ تَأْوِيلُهُ وَلَا يَجُوزُ رَدُّهُ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَتَأْوِيلُهُ بِأَنْ يُقَالَ سَلَامُهُ قَبْلَ السُّجُودِ كَانَ سَهْوًا بِدَلِيلِ أَنَّهُ أَعَادَهُ بَعْدَ سُجُودِ السَّهْوِ اهـ.

(فَائِدَةٌ) ذَكَرَ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ بْنُ عَرَبِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «سَجَدَ لِلسَّهْوِ خَمْسَ مَرَّاتٍ إحْدَاهَا شَكَّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ فَسَجَدَ ثَانِيهَا قَامَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَتَشَهَّدْ فَسَجَدَ ثَالِثًا سَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ فَسَجَدَ رَابِعُهَا سَلَّمَ مِنْ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ فَسَجَدَ خَامِسُهَا شَكَّ فِي رَكْعَةٍ خَامِسَةٍ فَسَجَدَ» اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَتَقَدَّمَ فِي الشَّارِحِ سَادِسَةٌ وَهُوَ أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا فَسَجَدَ اهـ.

(قَوْلُهُ مَعَ أَنَّهُ) أَيْ: السُّجُودَ بَعْدَ السَّلَامِ وَهَذَا جَوَابٌ ثَانٍ أَيْ: وَإِنَّمَا أَتَى بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتِدْرَاكًا لِمَا فَاتَهُ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ لِبَيَانِ أَنَّ مَحَلَّ السُّجُودِ بَعْدَ السَّلَامِ اهـ أَطْفِيحِيٌّ.

(قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ السَّهْوُ بِزِيَادَةٍ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى الرَّدِّ عَلَى مُقَابِلِ الْجَدِيدِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ إنْ سَهَا بِنَقْصٍ سَجَدَ قُبَيْلَ السَّلَامِ أَوْ بِزِيَادَةٍ فَبَعْدَهُ اهـ شَرْحُ م ر اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ فِي وَاجِبَاتِهِ وَمَنْدُوبَاتِهِ) كَوَضْعِ الْجَبْهَةِ وَالطُّمَأْنِينَةِ وَالتَّحَامُلِ وَالتَّنْكِيسِ وَالِافْتِرَاشِ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا قَالَ بَعْضُهُمْ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَالَ فِيهِمَا: سُبْحَانَ مَنْ لَا يَنَامُ وَلَا يَسْهُو وَهُوَ اللَّائِقُ بِالْحَالِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّمَا يَتِمُّ إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ مَا يَقْتَضِي السُّجُودَ فَإِنْ تَعَمَّدَهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَائِقًا بِالْحَالِ بَلْ اللَّائِقُ الِاسْتِغْفَارُ وَسَكَتُوا عَنْ الذِّكْرِ بَيْنَهُمَا وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ كَالذِّكْرِ بَيْنَ سَجْدَتَيْ صُلْبِ الصَّلَاةِ فَلَوْ أَخَلَّ بِشَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ السَّجْدَةِ أَوْ الْجُلُوسِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي السَّجْدَةِ مِنْ أَنَّهُ إنْ نَوَى الْإِخْلَالَ بِهِ قَبْلَ فِعْلِهِ أَوْ مَعَهُ وَفَعَلَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ طَرَأَ لَهُ أَثْنَاءَ فِعْلِهِ الْإِخْلَالُ بِهِ وَأَنَّهُ يَتْرُكُهُ فَتَرَكَهُ فَوْرًا لَمْ تَبْطُلْ وَعَلَى هَذَا الْأَخِيرِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْإِسْنَوِيِّ عَدَمَ الْبُطْلَانِ اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ وَمَنْدُوبَاتِهِ) مِنْهَا التَّكْبِيرُ لِهَوِيِّهِ وَلِرَفْعِهِ مِنْهُ بِلَا رَفْعِ يَدَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ فَإِنْ سَلَّمَ عَمْدًا) أَيْ مُتَذَكِّرًا الْمُقْتَضِي سُجُودَ السَّهْوِ وَقَوْلُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>