وَلَوْ صَبِيًّا
ــ
[حاشية الجمل]
السُّجُودِ وَإِنْ فَاتَتْ بِهِ التَّحِيَّةُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى أَحَدِهِمَا فَالسُّجُودُ أَفْضَلُ وَقَوْلُهُ لِيُفَسِّرَ لَهُ مَعْنَاهَا أَيْ وَكَذَا الْقَارِئُ عَلَى الشَّيْخِ لِتَصْحِيحِ قِرَاءَتِهِ أَوْ لِلْأَخْذِ عَنْهُ اهـ حَجّ وَقَوْلُهُ لِتَقْرِيرِ مَعْنَاهَا يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ مِثْلَهُ الْمُسْتَدِلُّ بِالْآيَةِ فَيَسْجُدُ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِوُجُودِ هَذِهِ الْعِلَّةِ فِي الْمُسْتَدِلِّ وَفِي كَلَامِ سم عَلَى حَجّ خِلَافُهُ وَفِيهِ وَقْفَةٌ وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا قِرَاءَتُهُ عَلَى الشَّيْخِ آيَتَهَا بِوُجُوهِ الْقُرْآنِ فَيُسْتَحَبُّ لِكُلٍّ مِنْ الْقَارِئِ وَالشَّيْخِ السُّجُودُ بِعَدَدِ الْمَرَّاتِ الَّتِي يُكَرِّرُ فِيهَا الْقَارِئُ الْآيَةَ بِكَمَالِهَا ثُمَّ رَأَيْت حَجّ صَرَّحَ بِذَلِكَ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا الْقَارِئُ) قَدْ وَقَعَ اضْطِرَابٌ فِي الْقِرَاءَةِ خَارِجَ الصَّلَاةِ بِقَصْدِ السُّجُودِ هَلْ هِيَ مَشْرُوعَةٌ فَيُسَنُّ السُّجُودُ لَهَا أَوْ لَا؟ فَلَا يُسَنُّ فَطُلِبَ مِنِّي تَحْرِيرُ ذَلِكَ وَبَيَانُ الْمُعْتَمَدِ فَنَظَرْت فِي نُقُولِ الْمَذْهَبِ الْمَشْهُورَةِ وَسَأَذْكُرُ لَك عِبَارَاتِ الْقَائِلِينَ بِالْأَوَّلِ وَالْقَائِلِينَ بِالثَّانِي وَأُبَيِّنُ الْمُعْتَمَدَ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فَأَقُولُ:
قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ:.
وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ آيَةً أَوْ سُورَةً تَتَضَمَّنُ سَجْدَةً لِيَسْجُدَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الصَّلَاةِ وَلَا فِي الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيَّةِ لَمْ يُكْرَهْ اهـ وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلَهُ لَمْ يُكْرَهْ أَيْ: بَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ اهـ وَقَالَ حَجّ فِي شَرْحِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَثِّرْ قَصْدُهُ السُّجُودَ فَقَطْ خَارِجَ الصَّلَاةِ وَالْوَقْتُ الْمَكْرُوهُ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ عِبَادَةً لَا مَانِعَ مِنْهَا اهـ وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَثِّرْ إلَخْ قَدْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ حِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَكِنَّ الْأَقْرَبَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ لِعَدَمِ مَشْرُوعِيَّةِ الْقِرَاءَةِ كَالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ اهـ وَقَضِيَّةُ تَشَبُّهِهِ بِالْجِنَازَةِ عَدَمُ صِحَّةِ السُّجُودِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْقِرَاءَةَ خَارِجَ الصَّلَاةِ وَالْوَقْتُ الْمَكْرُوهُ مَشْرُوعَةٌ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْجِنَازَةِ لَا يُقَالُ بَلْ هِيَ مَشْرُوعَةٌ فِيهَا أَيْضًا فِي الْجُمْلَةِ وَذَلِكَ إذَا عَجَزَ عَنْ الْفَاتِحَةِ وَحَفِظَ آيَاتِ السُّجُودِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا الْعَارِضُ مَعَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ مَنْ قَرَأَ آيَاتِ السُّجُودِ بَدَلَ الْفَاتِحَةِ لَا يَسْجُدُ إعْطَاءً لِلْبَدَلِ حُكْمَ الْمُبْدَلِ هَذَا حَاصِلُ مَا رَأَيْنَاهُ فِي النُّقُولِ الْمُفِيدَةِ مَشْرُوعِيَّةُ الْقِرَاءَةِ بِقَصْدِ السُّجُودِ خَارِجَ الصَّلَاةِ فَيُفِيدُ ذَلِكَ سَنَّ السُّجُودِ.
وَأَمَّا النُّقُولُ الْمُفِيدَةُ عَدَمَ مَشْرُوعِيَّتِهَا فَيَمْتَنِعُ السُّجُودُ فَمِنْهَا عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ حَيْثُ قَالَ وَلَا يُسْتَحَبُّ الْقِرَاءَةُ بِقَصْدِ السُّجُودِ بَلْ تُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ كَقَصْدِ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمُكْرَهَةِ كَمَا لَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فِي وَقْتِ النَّهْيِ لِيُصَلِّيَ التَّحِيَّةَ فَالْكَرَاهَةُ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ فَعُلِمَ أَنَّ عَدَمَ اسْتِحْبَابِ قِرَاءَتِهِ لِذَلِكَ إذَا كَانَ خَارِجًا عَنْ الصَّلَاةِ وَعَنْ الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ وَهَلْ يَسْجُدُ لَهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ لَا لِعَدَمِ مَشْرُوعِيَّتِهَا كَالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَمِنْهَا عِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ حَيْثُ قَالَ قَوْلُهُ وَسَامِعٍ أَيْ: وَإِنْ كَانَ سَمَاعُهُ بِقَصْدِ السُّجُودِ فِيمَا يَظْهَرُ بِخِلَافِ الْقَارِئِ بِهَذَا الْقَصْدِ وَمِنْهَا عِبَارَةُ ز ي لَكِنَّهُ عَزَا عَدَمَ السُّجُودِ لِعَدَمِ مَشْرُوعِيَّةِ الْقِرَاءَةِ لحج أَيْ: فِي غَيْرِ شَرْحِهِ عَلَى الْمِنْهَاجِ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ الَّذِي فِيهِ خِلَافُ ذَلِكَ.
وَأَقُولُ: الْمُعْتَمَدُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْقَائِلُونَ بِمَشْرُوعِيَّةِ الْقِرَاءَةِ الْمُقْتَضِيَةِ طَلَبَ السُّجُودِ لِمَا عَلِمْته مِنْ رَدِّهِمْ الْقَوْلَ بِعَدَمِ السُّجُودِ بِرَدِّ دَلِيلِهِ وَهُوَ عَدَمُ مَشْرُوعِيَّةِ الْقِرَاءَةِ وَأَيْضًا شَرْحِ الرَّوْضِ وزي بَيْنَ يَدَيْ الشبراملسي فَعُدُولُهُ عَمَّا ذَهَبَا إلَيْهِ وَتَصْرِيحُهُ بِخِلَافِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ غَيْرُ مَرَضِيٍّ عِنْدَهُ وَأَيْضًا مِنْ الْمُقَرَّرِ أَنَّهُ مَتَى وُجِدَ فِي شَرْحِ م ر حُكْمٌ فَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَلَا عِبْرَةَ بِمُخَالَفَةِ غَيْرِهِ لَهُ وَقَدْ عَلِمْت تَصْرِيحَهُ بِعَدَمِ كَرَاهَةِ السُّجُودِ عَنْ مُقْتَضَى مَذْهَبِنَا وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَنْوَارِ وَعَدَمُ الْكَرَاهَةِ لَهُ يَقْتَضِي عَدَمَ الْكَرَاهَةِ إعْطَاءً لِلسَّبَبِ حُكْمَ مُسَبَّبِهِ وَعَدَمُ كَرَاهَتِهَا يَقْتَضِي مَشْرُوعِيَّتَهَا فَيَكُونُ السُّجُودُ لَهَا سُنَّةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ مُحَشِّيهِ الْعَلَّامَةُ الشبراملسي وَإِيضَاحُهُ أَنَّ نَفْيَ الْكَرَاهَةِ يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الْحُرْمَةِ وَالْإِبَاحَةُ لَا يُتَوَهَّمُ إثْبَاتُهَا؛ إذْ لَيْسَ لَنَا سُجُودٌ مُتَّصِفٌ بِهَا وَلَيْسَ مِنْ مَاصَدَقَاتُهُ الْوَاجِبُ فَانْحَصَرَ نَفْيُ الْكَرَاهَةِ فِي النَّدْبِ الْمُسْتَلْزِمِ مَشْرُوعِيَّةَ سَبَبِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ شَيْخُنَا ح ف فِي رِسَالَةٍ لَهُ أَلَّفَهَا فِي شَأْنِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَدْ نَقَلْتهَا بِالْحَرْفِ كَمَا رَأَيْت.
(قَوْلُهُ وَلَوْ صَبِيًّا) أَيْ مُمَيِّزًا وَلَوْ جَنِينًا وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا تَكُونَ قِرَاءَتُهُ مَشْرُوعَةً؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْحُرْمَةِ عَلَيْهِ لِعَارِضِ عَدَمِ تَكْلِيفِهِ اهـ ح ل وَجَعَلُ الصَّبِيِّ مُتَعَلِّقًا لِلسِّنِّ يَقْتَضِي أَنَّ أَفْعَالَهُ يُقَالُ لَهَا مَسْنُونَةٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ مِنْ أَنَّ السِّنَّ نَوْعٌ مِنْ الْحُكْمِ وَالْحُكْمُ لَا يَتَعَلَّقُ بِغَيْرِ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ فَالْمُرَادُ بِكَوْنِهَا سُنَّةً أَنَّهُ يُثَابُ عَلَيْهَا لَا أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ثَوَابِهِ عَلَيْهَا أَمْرُهُ بِهَا.
وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيّ وَلَا خِطَابَ يَتَعَلَّقُ بِفِعْلِ غَيْرِ الْبَالِغِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute