للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ مَا رَجَّحَ الشَّرْعُ فِعْلَهُ وَجَوَّزَ تَرْكَهُ وَيُرَادِفُهُ السُّنَّةُ وَالتَّطَوُّعُ وَالْمَنْدُوبُ وَالْمُسْتَحَبُّ وَالْمُرَغَّبُ فِيهِ وَالْحَسَنُ (صَلَاةُ النَّفْلِ قِسْمَانِ قِسْمٌ لَا تُسَنُّ) لَهُ (جَمَاعَةٌ كَالرَّوَاتِبِ)

ــ

[حاشية الجمل]

وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَالزَّكَاةِ وَأَفْضَلُهَا الْإِسْلَامُ وَفِيهِ مَا مَرَّ فِي الْإِيمَانِ ثُمَّ الصَّلَاةِ ثَمَّ الصَّوْمِ ثُمَّ الْحَجِّ ثُمَّ الزَّكَاةِ، وَفَرْضُ كُلٍّ مِنْهَا أَفْضَلُ مِنْ نَفْلِهِ بِسَبْعِينَ دَرَجَةً وَفَرْضُ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ الْفَرَائِضِ الْبَدَنِيَّةِ وَنَفْلُهَا أَفْضَلُ النَّوَافِلِ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا كَانَتْ أَفْضَلَ أَعْمَالِ الْبَدَنِ؛ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِيهَا مَا تَفَرَّقَ فِي غَيْرِهَا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ وَقِرَاءَةٍ وَتَسْبِيحٍ وَلُبْثٍ وَطَهَارَةٍ وَسَتْرٍ وَاسْتِقْبَالٍ وَتَرْكِ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَزَادَتْ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَنَحْوِهِمَا وَالْكَلَامُ فِي الْإِكْثَارِ مِنْهَا مَعَ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْآكَدِ مِنْ غَيْرِهَا وَفِي شَغْلِ الزَّمَنِ الْمُعَيَّنِ بِوَاحِدَةِ مِنْهَا وَهَذَا أَوْجَهُ وَأَدَقُّ وَإِلَّا فَصَوْمُ يَوْمٍ أَفْضَلُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ بِلَا خِلَافٍ وَفِي الْإِحْيَاءِ أَنَّ اخْتِلَافَ فَضِيلَةِ هَذِهِ الْعِبَادَاتِ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِهَا كَمَا يُقَالُ التَّصَدُّقُ بِالْخُبْزِ لِلْجَائِعِ أَفْضَلُ مِنْ الْمَاءِ وَلِلْعَطْشَانِ عَكْسُهُ وَالتَّصَدُّقُ بِدِرْهَمٍ مِنْ غَنِيٍّ شَدِيدِ الْبُخْلِ أَفْضَلُ مِنْ قِيَامِ لَيْلَةٍ أَوْ صِيَامِ يَوْمٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ اهـ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر هُنَا وَتَقَدَّمَ نَقْلُ عِبَارَتِهِ هُنَا فِي أَوَّلِ كِتَابِ الصَّلَاةِ بِالْحَرْفِ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ مَا رَجَّحَ الشَّرْعُ فِعْلَهُ) يُحْتَمَلُ تَفْسِيرُ مَا بِحُكْمٍ فَتَشْمَلُ الْأَحْكَامَ الْخَمْسَةَ فَيَخْرُجُ بِقَوْلِهِ رَجَحَ فِعْلُهُ مَا عَدَا الْوَاجِبَ وَالْمَنْدُوبَ وَبِقَوْلِهِ وَجُوِّزَ تَرْكُهُ الْوَاجِبَ وَيُحْتَمَلُ تَفْسِيرُ مَا بِعِبَادَةٍ فَلَا يَدْخُلُ فِيهَا إلَّا الْوَاجِبُ وَالْمَنْدُوبُ، وَقَدْ يَكُونُ قَوْلُهُ رُجِّحَ فِعْلُهُ صِفَةً كَاشِفَةً وَبِقَوْلِهِ وَجُوِّزَ تَرْكُهُ يَخْرُجُ الْوَاجِبُ اهـ شَيْخُنَا وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ وَهُوَ مَا رُجِّحَ إلَخْ رَاجِعٌ لِلنَّفْلِ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَا لِخُصُوصِ نَفْلِ الصَّلَاةِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

(قَوْلُهُ وَيُرَادِفُهُ السُّنَّةُ إلَخْ) وَقِيلَ التَّطَوُّعُ مَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ شَيْءٌ بِخُصُوصِهِ أَيْ: لَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ وَلَا أَمَرَ بِهِ بَلْ يُنْشِئُهُ الْإِنْسَانُ بِاخْتِيَارِهِ وَالسُّنَّةُ مَا وَاظَبَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُسْتَحَبُّ مَا فَعَلَهُ أَحْيَانًا أَوْ أَمَرَ بِهِ وَلَمْ يَفْعَلْهُ وَحِينَئِذٍ فَالْمَنْدُوبُ وَالْمُرَغَّبُ فِيهِ وَالْحَسَنُ يُرَادِفُ كُلٌّ مِنْهَا الثَّلَاثَةَ أَيْ: التَّطَوُّعَ وَالْمُسْتَحَبَّ وَالسُّنَّةَ وَعَلَيْهِ فَالسُّنَّةُ أَفْضَلُهَا ثُمَّ الْمُسْتَحَبُّ ثُمَّ التَّطَوُّعُ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ وَالْحَسَنُ) لَعَلَّ هَذَا اصْطِلَاحٌ لِلْفُقَهَاءِ وَإِلَّا فَالْحَسَنُ كَمَا فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ الْمَأْذُونُ فِيهِ وَاجِبًا كَانَ أَوْ مَنْدُوبًا أَوْ مُبَاحًا اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ قِسْمٌ لَا تُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةٌ) أَيْ: دَائِمًا وَأَبَدًا بِأَنْ لَمْ تُسَنَّ أَصْلًا أَوْ تُسَنُّ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ كَالْوِتْرِ فَصَحَّ عَدُّهُ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ اهـ شَيْخُنَا وَبَدَأَ بِهَذَا الْقِسْمِ مَعَ أَفْضَلِيَّةِ الثَّانِي لِتَكَرُّرِهِ كُلَّ يَوْمٍ وَتَبَعِيَّتِهِ لِلْفَرَائِضِ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَدَّمَهُ لِانْضِمَامِ بَعْضِهِ إلَى الْفَرْضِ وَلِكَثْرَةِ وُقُوعِ أَفْرَادِهِ وَعُمُومِهَا وَلِكَوْنِهِ كَالْبَسِيطِ وَلِكَثْرَةِ تَكْرَارِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا أَخَّرَ النَّفَلَ الْمُطْلَقَ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي تَعْرِيفِهِ فَقْدُ الْقِسْمَيْنِ مَعًا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا قِسْمٌ لَا تُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةٌ) أَيْ: وَلَوْ صَلَّى جَمَاعَةً لَمْ يُكْرَهْ اهـ شَرْحُ م ر وَيُثَابُ عَلَى ذَلِكَ اهـ سم عَلَى حَجّ بِالْمَعْنَى وَهَلْ الْأَوْلَى تَرْكُ الْجَمَاعَةِ فِيهِ كَمَا مَرَّ فِي اقْتِدَاءِ الْمُسْتَمِعِ بِالْقَارِئِ أَوْ لَا؟ وَيُفَرَّقُ فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْفَرْقِ فَيَكُونُ فِعْلُهَا فِي الْجَمَاعَةِ خِلَافَ الْأَوْلَى، وَقَدْ يُشْعِرُ بِهِ جَعْلُهَا كَذَلِكَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمَحَلِّيِّ فِي التَّرَاوِيحِ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّ الِانْفِرَادَ بِهَا أَفْضَلُ كَغَيْرِهَا مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى كَوْنِهِ خِلَافَ الْأَوْلَى حُصُولُ الثَّوَابِ فِيهَا فَإِنَّ خِلَافَ الْأَوْلَى مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي عَدَمَ الثَّوَابِ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمْ يُرِدْ بِكَوْنِهِ خِلَافَ الْأَوْلَى كَوْنَهُ مَنْهِيًّا عَنْهُ بَلْ إنَّهُ خِلَافُ الْأَفْضَلِ اهـ ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ كَالرَّوَاتِبِ) أَيْ: وَكَالضُّحَى وَكَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ فَلَمْ يُذْكَرْ لِهَذَا الْقِسْمِ إلَّا هَذِهِ الثَّلَاثَةُ اهـ شَيْخُنَا وَمِنْهُ رَكْعَتَانِ عِنْدَ إرَادَةِ سَفَرٍ بِمَنْزِلِهِ وَكُلَّمَا نَزَلَ وَإِنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ بَيْنَ النُّزُولَيْنِ وَبِالْمَسْجِدِ عِنْدَ قُدُومِهِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ مَنْزِلَهُ وَيَكْتَفِي بِهِمَا عَنْ رَكْعَتَيْ دُخُولِهِ وَعَقِبَ خُرُوجِهِ مِنْ الْحَمَّامِ وَيُكْرَهُ فِعْلُهُمَا فِي مَسْلَخِهِ بَلْ يَفْعَلُهُمَا فِي بَيْتِهِ أَوْ الْمَسْجِدِ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ بِحَيْثُ تَنْقَطِعُ النِّسْبَةُ عَنْ كَوْنِهِمَا لِلْخُرُوجِ مِنْ الْحَمَّامِ وَرَكْعَتَانِ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلسَّفَرِ وَلِمَنْ دَخَلَ أَرْضًا لَا يُعْبَدُ اللَّهُ فِيهَا وَلِمَنْ زُفَّتْ إلَيْهِ امْرَأَةٌ قَبْلَ الْوَقَاعِ وَيُنْدَبَانِ لَهَا أَيْضًا وَبَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ الْكَعْبَةِ مُسْتَقْبِلًا بِهِمَا وَجْهَهَا وَقَبْلَ عَقْدِ النِّكَاحِ وَعِنْدَ حِفْظِ الْقُرْآنِ وَلَوْ بَعْدَ نِسْيَانِهِ، وَقَدْ صَلَّى لِلْحِفْظِ الْأَوَّلِ وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ الْوُضُوءِ وَرَكْعَتَانِ لِلِاسْتِخَارَةِ وَلِلْقَتْلِ بِحَقٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَلِلتَّوْبَةِ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا وَلَوْ مِنْ صَغِيرَةٍ وَصَلَاةُ الْأَوَّابِينَ وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ صَلَاةَ الْأَوَّابِينَ؛ لِأَنَّ فَاعِلَهَا رَجَعَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَتَابَ مِمَّا فَعَلَهُ فِي نَهَارِهِ فَإِذَا تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ دَلَّ عَلَى رُجُوعِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَلَوْ لَمْ يُلَاحَظْ ذَلِكَ الْمَعْنَى وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ بِصَلَاةِ الْغَفْلَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>