وَشَمَلَ مَا ذُكِرَ الْأَعْمَى لِأَنَّهُ يُدْرِكُ الْأَمَارَةَ بِاللَّمْسِ وَغَيْرِهِ وَمَنْ قَدَرَ عَلَى طَاهِرٍ أَوْ طَهُورٍ بِيَقِينٍ كَمَا مَرَّ لِجَوَازِ الْعُدُولِ إلَى الْمَظْنُونِ مَعَ وُجُودِ الْمُتَيَقَّنِ كَمَا فِي الْأَخْبَارِ فَإِنَّ الصَّحَابَةَ كَانَ بَعْضُهُمْ يَسْمَعُ مِنْ بَعْضٍ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْمُتَيَقَّنِ وَهُوَ سَمَاعُهُ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَاسْتَعْمَلَ مَا ظَنَّهُ) بِالِاجْتِهَادِ مَعَ ظُهُورِ الْأَمَارَةِ (طَاهِرًا أَوْ طَهُورًا) وَتَعْبِيرِي بِطَاهِرٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَاءٍ طَاهِرٍ وَذَكَرَ الِاجْتِهَادَ فِي اشْتِبَاهِ الطَّهُورِ بِالْمُسْتَعْمَلِ وَبِالتُّرَابِ النَّجَسِ مَعَ التَّقْيِيدِ بِبَقَاءِ الْمُشْتَبِهَيْنِ مِنْ زِيَادَتِي (لَا) إنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ (مَاءٌ وَبَوْلٌ) مَثَلًا فَلَا يَجْتَهِدْ
ــ
[حاشية الجمل]
وَقَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِيمَا أَتْلَفَ أَحَدَهُمَا أَيْ لَا بَعْدَ الِاجْتِهَادِ وَكَانَ التَّالِفُ هُوَ الَّذِي ظَنَّ طَهَارَتَهُ وَأَمَّا إذَا كَانَ بَعْدَ الِاجْتِهَادِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ فَالتَّعَدُّدُ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ فِي الِابْتِدَاءِ لَا فِي الدَّوَامِ وَعَلَيْهِ إنْ تَلِفَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ اسْتِعْمَالِهِ كَانَ الِاجْتِهَادُ فِي الثَّانِي جَائِزًا أَوْ وَاجِبًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ أَيْضًا هَذَا إنْ بَقِيَا) أَيْ إلَى تَمَامِ الِاجْتِهَادِ وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى شُرُوطِ الِاجْتِهَادِ أَشَارَ إلَى أَوَّلِهَا وَهُوَ التَّعَدُّدُ بِهَذَا وَإِلَى ثَانِيهَا وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لِكُلٍّ مِنْ الْمُشْتَبَهَيْنِ أَصْلٌ فِي التَّطْهِيرِ بِقَوْلِهِ لَا مَاءُ بَوْلٍ وَلَا مَاءٌ وَمَاءُ وَرْدٍ وَأَشَارَ إلَى الثَّالِثِ وَهُوَ السَّلَامَةُ مِنْ التَّعَارُضِ بِقَوْلِهِ فَإِنْ تَرَكَهُ وَتَغَيَّرَ ظَنُّهُ إلَخْ وَبَقِيَ شُرُوطٌ أُخَرُ بَعْضُهَا لَا يَلِيقُ بِالْمَقَامِ اهـ زي.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلِلِاجْتِهَادِ شُرُوطٌ أَحَدُهَا بَقَاءُ الْمُشْتَبَهَيْنِ إلَى تَمَامِ الِاجْتِهَادِ فَلَوْ انْصَبَّ أَحَدُهُمَا أَوْ أُتْلِفَ امْتَنَعَ الِاجْتِهَادُ وَيَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي مِنْ غَيْرِ إعَادَةٍ وَإِنْ لَمْ يُرِقْ مَا بَقِيَ ثَانِيهَا أَنْ يَتَأَيَّدَ الِاجْتِهَادُ بِأَصْلِ الْحِلِّ فَلَا يَجْتَهِدُ فِي مَاءٍ اشْتَبَهَ بِبَوْلٍ وَإِنْ كَانَ يَتَوَقَّعُ ظُهُورَ الْعَلَامَةِ إذْ لَا أَصْلَ لِلْبَوْلِ فِي حِلِّ الْمَطْلُوبِ وَهُوَ التَّطْهِيرُ ثَالِثُهَا أَنْ يَكُونَ لِلْعَلَّامَةِ مَجَالٌ أَيْ مَدْخَلٌ كَالْأَوَانِي وَالثِّيَابِ بِخِلَافِ اخْتِلَاطِ الْمَحْرَمِ بِنِسْوَةٍ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي النِّكَاحِ وَزَادَ بَعْضُهُمْ سَعَةَ الْوَقْتِ فَلَوْ ضَاقَ عَنْ الِاجْتِهَادِ تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ وَاشْتَرَطَ بَعْضُهُمْ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْإِنَاءَانِ لِوَاحِدٍ فَإِنْ كَانَا لِاثْنَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ تَوَضَّأَ كُلٌّ بِإِنَائِهِ كَمَا لَوْ عَلَّقَ كُلٌّ مِنْ اثْنَيْنِ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ بِكَوْنِ ذَا الطَّائِرِ غُرَابًا أَوْ غَيْرَ غُرَابٍ فَإِنَّهُ لَا حِنْثَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَالْأَوْجَهُ كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ خِلَافُهُ عَمَلًا بِإِطْلَاقِهِمْ كَمَا أَوْضَحْتُهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَشَرْطُ الْعَمَلِ بِالِاجْتِهَادِ ظُهُورُ الْعَلَامَةِ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ أَرَاقَ الْمَاءَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا وَلَوْ بِصَبِّ شَيْءٍ مِنْهُ فِي الْآخَرِ ثُمَّ تَيَمَّمَ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَشَمَلَ مَا ذُكِرَ) أَيْ لَفْظُ أَحَدٍ الْأَعْمَى وَهُوَ وَاضِحٌ لِأَنَّهُ يُدْرِكُ الْأَمَارَةَ بِاللَّمْسِ وَغَيْرِهِ كَالذَّوْقِ لِأَنَّ مَحَلَّ حُرْمَةِ ذَوْقِ النَّجَاسَةِ إذَا كَانَتْ مُحَقَّقَةً وَمِنْ ثَمَّ لَوْ ذَاقَ أَحَدُهُمَا امْتَنَعَ ذَوْقُ الْآخَرِ عِنْدَ شَيْخِنَا لِانْحِصَارِ النَّجَاسَةِ فِيهِ اهـ حَلَبِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْضًا وَشَمَلَ مَا ذَكَرَ الْأَعْمَى) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا يَجْتَهِدُ هُنَا كَمَا لَا يَجْتَهِدُ فِي الْقِبْلَةِ وَقَوْلُهُ وَمَنْ قَدَرَ عَلَى طَاهِرٍ بِيَقِينٍ أَيْ وَشَمَلَ أَيْضًا مَنْ قَدَرَ عَلَى طَاهِرٍ إلَخْ أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا يَجْتَهِدُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك» اهـ مِنْ شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ وَمَنْ قَدَرَ عَلَى طَاهِرٍ أَوْ طَهُورٍ بِيَقِينٍ) أَيْ بِخِلَافِ الْقَادِرِ عَلَى الْيَقِينِ فِي الْقِبْلَةِ أَيْ بِشَرْطِهِ الْآتِي لَا يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ لِأَنَّ الْقِبْلَةَ فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهَا كَانَ طَلَبُهُ لَهَا فِي غَيْرِهَا عَبَثًا بِخِلَافِ الْمَاءِ الطَّهُورِ جِهَاتُهُ كَثِيرَةٌ اهـ ح ل (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ جَوَازُ إنْ قَدَرَ عَلَى طَاهِرٍ أَوْ طَهُورٍ بِيَقِينٍ وَإِنَّمَا أَعَادَهُ تَوْطِئَةً لِلتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ كَافِي الْأَخْبَارِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ شَوْبَرِيٌّ وَضَبَطَهُ الْأُجْهُورِيُّ بِكَسْرِهَا اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَاسْتَعْمَلَ مَا ظَنَّهُ طَاهِرًا أَوْ طَهُورًا) أَيْ اسْتَعْمَلَهُ هُوَ لَا غَيْرُهُ وَلَوْ فِي نَحْوِ وُضُوءِ مُوَلِّيهِ الطِّفْلِ أَوْ الْمَجْنُونِ لِلطَّوَافِ بِهِ وَكَذَا غُسْلُ زَوْجَتِهِ الْمُمْتَنِعَةِ مِنْهُ أَوْ الْمَجْنُونَةِ بَعْدَ انْقِطَاعِ حَيْضِهِمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَانْظُرْ لَوْ تَعَارَضَ اجْتِهَادُهُ مَعَ الْمُمْتَنِعَةِ بِأَنْ ظَهَرَ لَهُ طَهَارَةُ إنَاءٍ وَهِيَ طَهَارَةُ آخَرَ فَهَلْ تُسْتَعْمَلُ مَا ظَنَّ طَهَارَتَهُ وَإِنْ خَالَفَ اعْتِقَادَهَا أَوْ لَا وَإِذَا تَطَهَّرَتْ بِمَا ظَنَّتْهُ هَلْ يُبَاحُ لَوْ وَطْؤُهَا نَظَرًا لِعَقِيدَتِهَا أَوْ لَا نَظَرًا لِاعْتِقَادِهِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ مَعَ ظُهُورِ الْأَمَارَةِ) قَيَّدَ فِي الْعَمَلِ بِالِاجْتِهَادِ لَا فِي حَقِيقَتِهِ إذْ حَقِيقَتُهُ الْبَحْثُ وَالتَّفْتِيشُ وَحِينَئِذٍ تَارَةً تَظْهَرُ لَهُ الْأَمَارَةُ فَيَعْمَلُ بِالِاجْتِهَادِ وَتَارَةً لَا فَلَا يَعْمَلُ اهـ شَيْخُنَا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لَهُ فَإِنْ قُلْت: الِاجْتِهَادُ هُوَ الْبَحْثُ عَنْ الْأَمَارَةِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ غَيْرُهُ قُلْت: الِاجْتِهَادُ هُوَ الْبَحْثُ عَنْهَا وَظُهُورُهَا أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَى الْبَحْثِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْبَحْثِ عَنْ الشَّيْءِ ظُهُورُهُ فَلَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا إذَا ظَهَرَتْ لَهُ الْأَمَارَةُ بَعْدَ الْبَحْثِ عَنْهَا اهـ (قَوْلُهُ وَتَعْبِيرِي بِطَاهِرٍ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ اشْتَبَهَ طَاهِرٌ إلَخْ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ وَلَوْ اشْتَبَهَ مَاءٌ طَاهِرٌ بِنَجَسٍ اجْتَهَدَ انْتَهَتْ قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: وَلَوْ اشْتَبَهَ عَلَى شَخْصٍ أَهْلٍ لِلِاجْتِهَادِ وَلَوْ صَبِيًّا مُمَيِّزًا فِيمَا يَظْهَرُ مَاءٌ طَاهِرٌ أَيْ طَهُورٌ بِنَجَسٍ أَيْ بِمَاءٍ نَجَسٍ أَوْ تُرَابٍ طَاهِرٍ بِضِدِّهِ أَوْ مَاءٌ أَوْ تُرَابٌ مُسْتَعْمَلٌ بِطَهُورٍ أَوْ شَاتُه بِشَاةِ غَيْرِهِ أَوْ طَعَامُهُ بِطَعَامِ غَيْرِهِ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْمَاءِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ وَسَكَتَ عَنْ الثِّيَابِ وَنَحْوِهَا اكْتِفَاءً بِمَا سَيَذْكُرُهُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ اهـ.
(قَوْلُهُ لَا مَاءٌ وَبَوْلٌ) هَذَا تَقْيِيدٌ لِلْغَيْرِ فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ بِغَيْرِهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْغَيْرُ غَيْرَ نَجِسِ الْعَيْنِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ أَيْضًا لَا مَاءٌ وَبَوْلٌ فَلَا يَجْتَهِدُ) أَيْ لِلطَّهَارَةِ وَلَا لِغَيْرِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute