إذْ لَا أَصْلَ لِلْبَوْلِ فِي التَّطْهِيرِ لِيُرَدَّ بِالِاجْتِهَادِ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَاءِ (بَلْ) هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي لِلِانْتِقَالِ مِنْ غَرَضٍ إلَى آخَرَ لِلْإِبْطَالِ (يَتَيَمَّمُ
ــ
[حاشية الجمل]
كَالشُّرْبِ وَقَوْلُهُ وَلَا مَاءٌ وَمَاءُ وَرْدٍ أَيْ لِلطَّهَارَةِ بِخِلَافِ الشُّرْبِ اهـ زي.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر ثُمَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ مَنْعِ الِاجْتِهَادِ فِي مَاءِ الْوَرْدِ مَحَلُّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّطَهُّرِ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلشُّرْبِ فَيَجُوزُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَهُ التَّطْهِيرُ بِالْآخِرِ لِلْحُكْمِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مَاءٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطُّهْرِ أَنَّهُ يَسْتَدْعِي الطَّهُورِيَّةَ وَهُمَا مُخْتَلِفَانِ وَالشُّرْبُ يَسْتَدْعِي الطَّاهِرِيَّةَ وَهُمَا طَاهِرَانِ وَإِفْسَادُ الشَّاشِيِّ بِأَنَّ الشُّرْبَ لَا يَحْتَاجُ لِلتَّحَرِّي رُدَّ بِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ فِيهِ لَكِنْ شُرْبُ مَاءِ الْوَرْدِ فِي ظَنِّهِ يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَاسْتِنْتَاجُ الْمَاوَرْدِيِّ صَحِيحٌ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَ الْآخَرِ فِي الطُّهْرِ وَقَعَ تَبَعًا وَقَدْ عُهِدَ امْتِنَاعُ الِاجْتِهَادِ لِلشَّيْءِ مَقْصُودًا وَيَسْتَفِيدُهُ تَبَعًا كَمَا فِي امْتِنَاعِ الِاجْتِهَادِ لِلْوَطْءِ وَيَمْلِكُهُ فِيمَا لَوْ اشْتَبَهَتْ أَمَتُهُ بِأَمَةِ غَيْرِهِ وَاجْتَهَدَ فِيهِمَا لِلْمِلْكِ فَإِنَّهُ يَطَؤُهَا بَعْدَهُ لِحِلِّ تَصَرُّفِهِ فِيهَا وَلِكَوْنِهِ يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ مَجِيءِ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ فِي الْمَاءِ وَالْبَوْلِ بَعِيدٌ إذْ كَلَامُهُ يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ إنَّمَا أُبِيحَ لَهُ الِاجْتِهَادُ لِيَشْرَبَ مَاءَ الْوَرْدِ ثُمَّ يَتَطَهَّرُ بِالْآخَرِ وَهَذَا غَيْرُ مُمْكِنٍ هُنَا وَأَيْضًا فَكُلٌّ مِنْ الْمَاءَيْنِ لَهُ أَصْلٌ فِي الْحِلِّ الْمَطْلُوبُ وَهُوَ الشُّرْبُ فَجَازَ الِاجْتِهَادُ لِذَلِكَ بِخِلَافِ الْمَاءِ وَالْبَوْلِ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا اجْتِهَادَ فِي ذَلِكَ وَنَحْوِهِ كَمَيْتَةٍ وَمُذَكَّاةٍ مُطْلَقًا بَلْ إنْ وُجِدَ اضْطِرَارٌ جَازَ التَّنَاوُلُ حُكْمًا وَإِلَّا امْتَنَعَ وَلَوْ بِاجْتِهَادٍ وَبِذَلِكَ يَنْدَفِعُ مَا فِي التَّوَسُّطِ وَغَيْرِهِ انْتَهَتْ.
(فَرْعٌ) فِي الْخَادِمِ لَوْ تَطَايَرَ مِنْ أَحَدِ الْإِنَاءَيْنِ الْمُشْتَبِهَيْنِ رَشَاشٌ عَلَى ثَوْبٍ لَمْ يُحْكَمْ بِنَجَاسَتِهِ فِي الْحَالِ كَمَا لَوْ خَفِيَ مَوْضِعُ النَّجَاسَةِ مِنْ الثَّوْبِ فَوَطِئَ عَلَيْهَا وَرِجْلُهُ مُبْتَلَّةٌ لَا تُنَجَّسُ بِخِلَافِ مَا لَوْ صَلَّى عَلَى مَكَان مِنْهَا فَإِنَّهَا تُبْطِلُ صَلَاتَهُ فَلَوْ اجْتَهَدَ وَأَدَامَ اجْتِهَادَهُ إلَى نَجَاسَةٍ مَا أَصَابَ الرَّشَاشُ مِنْهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ غَسْلُ الثَّوْبِ أَيْضًا لِلشَّكِّ إذْ النَّجَاسَةُ لَا تَثْبُتُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ طَهَارَةِ الثَّوْبِ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُ مَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ نَجَاسَتُهُ لِعَدَمِ الْجَزْمِ بِمَا فِيهِ لَكِنْ قَضِيَّةُ مَا نَقَلُوهُ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ فِيمَا إذَا تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ أَنَّهُ يُورِدُهُ مَوَارِدَ الْأَوَّلِ يَقْتَضِي الْحُكْمَ بِتَنَجُّسِهِ وَعَلَى هَذَا تُسْتَثْنَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ قَاعِدَةِ عَدَمِ الْحُكْمِ بِالنَّجَاسَةِ عِنْدَ الظَّنِّ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ ذَبَحَ أَعْمَى شَاةً بِشَيْءٍ وَلَمْ يَدْرِ أَنَّهُ عَظْمٌ أَوْ حَدِيدٌ هَلْ تُبَاحُ الْمُذَكَّاةُ؟ وَالْقِيَاسُ الْمَنْعُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحِلِّ اهـ وَعَدَمُ وُجُوبِ الْغَسْلِ مُعْتَمَدٌ م ر وَيُفَرَّقُ بِأَنَّهُ فِيمَا نَقَلُوهُ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ أَصَابَهُ الْمَاءَانِ وَأَقُولُ: قِيَاسُ ذَلِكَ أَنْ تَصِحَّ هُنَا صَلَاتُهُ قَبْلَ غَسْلِ مَا أَصَابَهُ مِنْ الرَّشَاشِ نَعَمْ إنْ تَطَهَّرَ مِنْ الْآخَرِ الَّذِي ظَنَّ طَهَارَتَهُ قَبْلَ غَسْلِ الرَّشَاشِ لَمْ يَصِحَّ لِتَحَقُّقِ النَّجَاسَةِ حِينَئِذٍ وَكَانَ الْفَرْقُ بَيْنَ عَدَمِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَمَا ذُكِرَ فِيمَا تَقَدَّمَ شِدَّةَ احْتِمَالِ النَّجَاسَةِ لِاتِّصَالِهَا بِمَحَلِّهَا وَالتَّرَدُّدِ فِي النِّيَّةِ أَيْضًا تَأَمَّلْ اهـ سم.
(قَوْلُهُ إذْ لَا أَصْلَ لِلْبَوْلِ فِي التَّطْهِيرِ) ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّهُ إنَّمَا يَمْتَنِعُ الِاجْتِهَادُ فِي ذَلِكَ لِأَجْلِ الطَّهَارَةِ وَأَنَّهُ لَوْ احْتَاجَ إلَى الْبَوْلِ لِإِطْفَاءِ نَارٍ مَثَلًا جَازَ لَهُ الِاجْتِهَادُ إلَّا أَنْ يُقَالَ الطَّهَارَةُ هِيَ الْأَصْلُ فَإِذَا امْتَنَعَ الِاجْتِهَادُ لِأَجْلِهَا فَغَيَّرَهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لَكِنْ يَرُدُّ هَذَا مَا سَيَأْتِي فِي الْمَاءِ وَمَاءِ الْوَرْدِ حَيْثُ يَجْتَهِدُ لِلشُّرْبِ وَيَسْتَعْمِلُ لِلطَّهَارَةِ مَا ظَنَّهُ مَاءً اهـ ح ل (قَوْلُهُ أَيْضًا إذْ لَا أَصْلَ لِلْبَوْلِ فِي التَّطْهِيرِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ لَهُ أَصْلٌ فِي التَّطْهِيرِ عَدَمُ اسْتِحَالَتِهِ عَنْ خِلْقَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ كَالْمُتَنَجِّسِ وَالْمُسْتَعْمَلِ فَإِنَّهُمَا لَمْ يَسْتَحِيلَا عَنْ أَصْلِ حَقِيقَتِهِمَا إلَى حَقِيقَةٍ أُخْرَى بِخِلَافِ نَحْوِ الْبَوْلِ وَمَاءِ الْوَرْدِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ اسْتَحَالَ إلَى حَقِيقَةٍ أُخْرَى انْتَهَتْ (قَوْلُهُ لِيَرُدَّ بِالِاجْتِهَادِ إلَيْهِ) أَيْ لَوْ فُرِضَ أَنَّ الِاجْتِهَادَ أَدَّى إلَى طَهَارَتِهِ فَهُمْ يَكْتَفُونَ بِالطَّهَارَةِ الْأَصْلِيَّةِ لِلْعُذْرِ فَلَا بُدَّ فِي الْمُشْتَبَهِ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَصْلٌ فِي الطَّهَارَةِ أَيْ طَاهِرٌ بِحَسَبِ الْأَصْلِ وَالنَّجَاسَةُ طَارِئَةٌ عَلَيْهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالطَّهَارَةِ التَّطْهِيرَ وَإِلَّا اخْتَصَّ ذَلِكَ بِالْمَاءِ وَالتُّرَابِ تَأَمَّلْ اهـ ح ل (قَوْلُهُ أَيْضًا لِيُرَدَّ بِالِاجْتِهَادِ إلَيْهِ) فَإِنْ قُلْت: لَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْ طَلَبِ الِاجْتِهَادِ هُوَ طَلَبُ الْبَحْثِ عَنْ النَّجَسِ حَتَّى يُشْتَرَطَ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَصْلٌ فِي التَّطْهِيرِ يُرَدُّ بِالِاجْتِهَادِ إلَيْهِ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ طَلَبُ الطَّاهِرِ قُلْت: لَعَلَّ الْمُرَادَ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ الِاجْتِهَادَ قَدْ يُؤَدِّيهِ إلَى النَّجَسِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَيَظُنُّهُ الطَّاهِرَ فَاشْتَرَطْنَا مَا ذُكِرَ لِنَكْتَفِيَ بِالطَّهَارَةِ الْأَصْلِيَّةِ لِمَكَانِ الِاجْتِهَادِ وَالْعُذْرِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ لَا لِلْإِبْطَالِ) لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ لِلْإِبْطَالِ لَأَبْطَلَتْ الْحُكْمَ الْأَوَّلَ وَهُوَ عَدَمُ الِاجْتِهَادِ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ يَجْتَهِدُ لِأَنَّهُ إذَا بَطَلَ عَدَمُ الِاجْتِهَادِ ثَبَتَ الِاجْتِهَادُ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ إذْ لَوْ كَانَتْ لِلْإِبْطَالِ لَكَانَ مَا قَبْلَهَا غَيْرَ مَقْصُودٍ وَالْفَرْضُ خِلَافُهُ إذْ هُوَ مَقْصُودٌ بِالذِّكْرِ غَيْرُ مُعْرَضٍ عَنْهُ اهـ وَقَالَ الدَّوَانِيُّ بَلْ حَرْفُ إضْرَابٍ وَلَهُ حَالَانِ الْأَوَّلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute