وَأَفْضَلُهَا) نَقْلًا وَدَلِيلًا (ثَمَانٍ) وَيُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ نَدْبًا كَمَا قَالَهُ الْقَمُولِيُّ رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «أَوْصَانِي خَلِيلِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِثَلَاثٍ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَرَكْعَتَيْ الضُّحَى وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ» وَرَوَى مُسْلِمٌ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعًا وَيَزِيدُ مَا شَاءَ» وَرَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلَّى سُبْحَةَ الضُّحَى أَيْ: صَلَاتَهُ ثَمَانِ رَكَعَاتٍ يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ» وَفِي الصَّحِيحَيْنِ قَرِيبٌ مِنْهُ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنْ صَلَّيْت الضُّحَى عَشْرًا لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْك ذَلِكَ الْيَوْمَ ذَنْبٌ وَإِنْ صَلَّيْتهَا ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بَنِي اللَّهُ لَك بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ» وَوَقْتُهَا فِيمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ مِنْ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ إلَى الِاسْتِوَاءِ وَفِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّحْقِيقِ إلَى الزَّوَالِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالِاسْتِوَاءِ فِيمَا يَظْهَرُ وَنُقِلَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ وَقْتَهَا مِنْ الطُّلُوعِ وَيُسَنُّ تَأْخِيرُهَا إلَى الِارْتِفَاعِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِيهِ نَظَرٌ وَالْمَعْرُوفُ فِي كَلَامِهِمْ الْأَوَّلِ وَوَقْتُهَا الْمُخْتَارُ إذَا مَضَى رُبْعُ النَّهَارِ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ وَقَوْلِي وَأَفْضَلُهَا ثَمَانٍ مِنْ زِيَادَتِي وَهُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا.
(وَكَتَحِيَّةِ مَسْجِدٍ) غَيْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ (لِدَاخِلِهِ)
ــ
[حاشية الجمل]
فِي التَّحْقِيقِ وَالْمَجْمُوعِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ أَكْثَرَهَا ثَمَانٍ وَعَلَيْهِ فَلَوْ زَادَ عَلَيْهَا لَمْ يَجُزْ وَلَمْ يَصِحَّ ضُحًى إنْ أَحْرَمَ بِالْجَمِيعِ دُفْعَةً وَاحِدَةً فَإِنْ سَلَّمَ مِنْ كُلِّ ثِنْتَيْنِ صَحَّ إلَّا الْإِحْرَامُ الْخَامِسُ فَلَا يَصِحُّ ضُحًى ثُمَّ إنْ عَلِمَ الْمَنْعَ وَتَعَمَّدَهُ لَمْ يَنْعَقِدْ وَإِلَّا وَقَعَ نَفْلًا كَنَظِيرِهِ مِمَّا مَرَّ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ عَدَدًا) لَمْ يَذْكُرْ مِثْلَهُ فِي الْوِتْرِ وَهَلْ ذَلِكَ لِحِكْمَةٍ تَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَأَفْضَلُهَا نَقْلًا ثَمَانٍ فَقَوْلُهُ هُنَا عَدَدًا أَيْ: لَا فَضْلًا بِخِلَافِهِ ثُمَّ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَأَفْضَلُهَا ثَمَانٍ) فِي حَجّ مَا نَصُّهُ.
(تَنْبِيهٌ) مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الثَّمَانِ أَفْضَلُ مِنْ الِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَا يُنَافِي قَاعِدَةَ أَنَّ الْعَمَلَ كُلَّمَا كَثُرَ وَشَقَّ كَانَ أَفْضَلَ؛ لِأَنَّهَا أَغْلَبِيَّةٌ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ الْعَمَلَ الْقَلِيلَ يَفْضُلُ الْكَثِيرَ فِي صُوَرٍ كَالْقَصْرِ أَفْضَلُ مِنْ الْإِتْمَامِ بِشُرُوطِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَيُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ نَدْبًا) وَيَجُوزُ فِعْلُهُ الثَّمَانِ بِسَلَامٍ وَاحِدٍ وَيَنْبَغِي جَوَازُ الِاقْتِصَارِ عَلَى تَشَهُّدٍ وَاحِدٍ فِي الْأَخِيرَةِ وَجَوَازُ أَنْ يَتَشَهَّدَ فِي كُلِّ شَفْعٍ مِنْ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعٍ وَهَلْ يَجُوزُ لَهُ تَشَهُّدٌ بَعْدَ ثَلَاثٍ أَوْ خَمْسٍ ثُمَّ آخَرَ فِي الْأَخِيرَةِ أَوْ تَشَهَّدَ بَعْدَ الثَّالِثَةِ وَآخَرَ بَعْدَ السَّادِسَةِ وَآخَرَ بَعْدَ الْأَخِيرَةِ فِيهِ نَظَرٌ اهـ حَجّ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) وَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ الْبِيضَ وَهِيَ الثَّالِثَ عَشَرَ وَالرَّابِعَ عَشَرَ وَالْخَامِسَ عَشَرَ اهـ ح ل وَقَوْلُهُ وَإِنْ أَوْتَرَ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ إنَّمَا أَمَرَهُ بِهَذَا؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ حَكِيمًا يُخَاطِبُ كُلَّ إنْسَانٍ بِمَا يُنَاسِبُهُ فَلَمَّا عَلِمَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ لَا يَقُومُ آخِرَ اللَّيْلِ لِكَثْرَةِ اشْتِغَالِهِ بِالْأَحَادِيثِ وَالرِّوَايَاتِ أَمَرَهُ بِالْوِتْرِ قَبْلَ النَّوْمِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَيَزِيدُ مَا شَاءَ) أَيْ: مِنْ الضُّحَى يَدُلُّ لَهُ الرِّوَايَةُ الَّتِي بَعْدَهَا اهـ شَوْبَرِيٌّ أَيْ: وَيُخَصَّصُ بِالثَّمَانِ وَقَالَ ح ل مَا شَاءَ مِنْ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ اهـ.
(قَوْلُهُ مِنْ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُهُ مِنْ الطُّلُوعِ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلُ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهَا وَقْتَ الْكَرَاهَةِ؛ لِأَنَّهَا صَاحِبَةُ وَقْتٍ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ وَوَقْتُهَا الْمُخْتَارُ إذَا مَضَى رُبُعُ النَّهَارِ) أَيْ: لِيَكُونَ فِي كُلِّ رُبُعٍ مِنْهُ صَلَاةٌ فَفِي الرُّبُعِ الْأَوَّلِ الصُّبْحُ وَفِي الثَّانِي الضُّحَى وَفِي الثَّالِثِ الظُّهْرُ وَفِي الرَّابِعِ الْعَصْرُ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ» وَهِيَ مُشْتَرِكَةٌ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ عِشْرِينَ رَكْعَةً بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ حِينَ تَرْمَضُ الْفِصَالُ بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ تَبْرُكُ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ فِي أَخْفَافِهَا اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَوَقْتُهَا الْمُخْتَارُ إذَا مَضَى رُبُعُ النَّهَارِ) وَهُوَ الَّذِي أُضِيفَتْ إلَيْهِ وَسُمِّيَتْ بِهِ؛ إذْ الضُّحَى بِالضَّمِّ وَالْقَصْرِ هُوَ وَقْتُ شِدَّةِ إشْرَاقِ الشَّمْسِ فَفِي الْمُخْتَارِ ضَحْوَةُ النَّهَارِ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ ثُمَّ بَعْدَهُ الضُّحَى وَهِيَ حِينَ تُشْرِقُ الشَّمْسُ أَيْ: يَشْتَدُّ ضَوْءُهَا مَقْصُورَةً تُؤَنَّثُ وَتُذَكَّرُ ثُمَّ بَعْدَهُ الضَّحَاءُ مَفْتُوحٌ مَمْدُودٌ مُذَكَّرٌ وَهُوَ عِنْدَ ارْتِفَاعِ النَّهَارِ إلَّا عَلَى تَقَوُّلٍ مِنْهُ قَامَ بِالنَّهَارِ حَتَّى أَضْحَى كَمَا تَقُولُ مِنْ الصَّبَاحِ حَتَّى أَصْبَحَ اهـ
(قَوْلُهُ وَكَتَحِيَّةِ مَسْجِدٍ) الْإِضَافَةُ غَيْرُ حَقِيقِيَّةٍ؛ إذْ الْمُرَادُ بِهَا التَّحِيَّةُ لِرَبِّ الْمَسْجِدِ تَعْظِيمًا لَهُ لَا لِلْبُقْعَةِ فَلَوْ قَصَدَ سُنَّةَ الْبُقْعَةِ لَمْ تَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْبُقْعَةَ مِنْ حَيْثُ هِيَ بُقْعَةٌ لَا تُقْصَدُ بِالْعِبَادَةِ شَرْعًا وَإِنَّمَا تُقْصَدُ لِإِيقَاعِ الْعِبَادَةِ فِيهَا لِلَّهِ تَعَالَى اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَالتَّحِيَّةُ مَا يَحْيَا بِهِ الشَّيْءُ أَيْ يَعْظُمُ بِهِ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَكَتَحِيَّةِ مَسْجِدٍ لِدَاخِلِهِ) وَيُكْرَهُ كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ دُخُولُ الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ وُضُوءٍ فَإِنْ دَخَلَ فَلْيَقُلْ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ فَإِنَّهَا تَعْدِلُ رَكْعَتَيْنِ فِي الْفَضْلِ زَادَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ وَزَادَ غَيْرُهُ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ؛ لِأَنَّهَا الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ وَصَلَاةُ الْحَيَوَانَاتِ وَالْجَمَادَاتِ أَيْ: دُعَاؤُهُمْ وَفِي الْأَذْكَارِ عَنْ بَعْضِهِمْ يُسَنُّ لِمَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهَا لِحَدِيثِ أَوْ شُغُلٍ أَوْ نَحْوِهِ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ أَرْبَعًا قَالَ الْمُصَنِّفُ: إنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ اهـ شَرْحُ م ر وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَهِيَ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ وَالْقَرْضُ الْحَسَنُ وَالذِّكْرُ الْكَثِيرُ وَصَلَاةُ سَائِرِ الْحَيَوَانِ وَالْجَمَادِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء: ٤٤] وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ الْكَلْبَ وَالْحِمَارَ وَالْغُرَابَ الْأَبْقَعَ اهـ وَقَوْلُهُ فَلْيَقُلْ سُبْحَانَ اللَّهِ إلَخْ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ الْوُضُوءُ فِيهِ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ وَإِلَّا فَلَا تَحْصُلُ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْوُضُوءِ مَعَ تَيَسُّرِهِ وَتُسَنُّ التَّحِيَّةُ وَلَوْ كَانَ الْمَسْجِدُ مَشَاعًا كَأَنْ وَقَفَ حِصَّةً شَائِعَةً مَسْجِدًا عَلَى الْأَوْجَهِ وَلَا يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ فِيهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْغَرَضَ مِنْ التَّحِيَّةِ أَنْ لَا تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ الْمَسْجِدِ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ فِيهِ فَاسْتُحِبَّتْ فِي الشَّائِعِ؛ لِأَنَّ مَا مِنْ