للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَحِيحٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُومُونَ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بِعِشْرِينَ رَكْعَةً وَرَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ بِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَجَمَعَ الْبَيْهَقِيُّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُمْ كَانُوا يُوتِرُونَ بِثَلَاثٍ وَسُمِّيَتْ كُلُّ أَرْبَعٍ مِنْهَا تَرْوِيحَةً؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَرَوَّحُونَ عَقِبَهَا أَيْ: يَسْتَرِيحُونَ وَلَوْ صَلَّى أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهَا بِمَشْرُوعِيَّةِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا أَشْبَهَتْ الْفَرِيضَةَ فَلَا تُغَيَّرُ عَمَّا وَرَدَ وَذِكْرُ وَقْتِهَا مِنْ زِيَادَتِي (وَهُوَ) أَيْ هَذَا الْقِسْمُ (أَفْضَلُ) مِنْ الْأَوَّلِ لِتَأَكُّدِهِ

ــ

[حاشية الجمل]

فَمَنَعَهُمْ مِنْ التَّجْمِيعِ فِي الْمَسْجِدِ إشْفَاقًا عَلَيْهِمْ وَفِي كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ خَشِيت أَنْ تَتَوَهَّمُوا فَرْضِيَّتَهَا وَنُوزِعَ فِيهِ بِأَنَّ هَذَا التَّوَهُّمَ يَنْدَفِعُ بِبَيَانِهِ لَهُمْ عَدَمَ فَرْضِيَّتِهَا اهـ ح ل.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ خَشِيت أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ إلَخْ أَيْ: خَشِيت الْمَشَقَّةَ عَلَيْكُمْ بِتَوَهُّمِ فَرْضِيَّتِهَا أَوْ فَرْضِيَّةِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا بِسَبَبِ الْمُلَازَمَةِ أَوْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَهُ بِأَنَّهُ إنْ لَازَمَ عَلَى جَمَاعَتِهَا فُرِضَتْ هِيَ أَوْ جَمَاعَتُهَا أَوْ هُمَا أَوْ أَنَّهُ تَعَالَى خَيَّرَهُ بَيْنَ أَنْ يَجْعَلَهَا فَرْضًا فَيُلَازِمَ عَلَيْهَا أَوْ لَا؟ فَلَا أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ صَلَاةُ اللَّيْلِ) سَمَّاهَا بِذَلِكَ لِوُقُوعِهَا فِيهِ وَإِلَّا فَصَلَاةُ اللَّيْلِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ تَنْصَرِفُ لِلتَّهَجُّدِ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا) بِكَسْرِ الْجِيمِ عَلَى الْأَفْصَحِ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ عَجَزَ عَنْ الشَّيْءِ عَجْزًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَعَجِزَ عَجَزًا مِنْ بَابِ تَعِبَ لُغَةٌ لِبَعْضِ قَيْسِ غَيْلَانَ ذَكَرَهَا ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَهَذِهِ اللُّغَةُ غَيْرُ مَعْرُوفَةٍ عِنْدَهُمْ، وَقَدْ رَوَى ابْنُ فَارِسٍ بِسَنَدِهِ إلَى ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ أَنَّهُ لَا يُقَالُ عَجِزَ الْإِنْسَانُ بِالْكَسْرِ إلَّا إذَا عَظُمَتْ عَجِيزَتُهُ اهـ.

(قَوْلُهُ كَانُوا يَقُومُونَ) أَيْ: يَتَعَبَّدُونَ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ إلَخْ) اُنْظُرْ فِي أَيِّ سَنَةٍ كَانَ ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ التَّقْرِيبِ لِلْعِرَاقِيِّ أَنَّ جَمْعَ عُمَرَ كَانَ فِي سَنَةِ أَرْبَعَةَ عَشْرَ مِنْ الْهِجْرَةِ وَقَالَ فِي جَامِعِ الْأُصُولِ طَعَنَهُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ غُلَامُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ مَصْدَرَ الْحَاجِّ بِالْمَدِينَةِ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ لِأَرْبَعٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ غُرَّةَ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَكَانَتْ خِلَافَتُهُ عَشْرَ سِنِينَ وَنِصْفًا وَصَلَّى عَلَيْهِ صُهَيْبٌ وَفِيهِ وَكَانَتْ وَفَاةُ أَبِي بَكْرٍ لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ لِثَمَانٍ بَقِينَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَكَانَتْ خِلَافَتُهُ سَنَتَيْنِ وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ انْتَهَى وَمِنْهُ يُسْتَفَادُ أَنَّ عُمَرَ أَقَرَّ النَّاسَ عَلَى صَلَاتِهِمْ فُرَادَى رَمَضَانًا وَاحِدًا بَعْدَ مَوْتِ أَبِي بَكْرٍ وَفِي رَمَضَانَ الثَّانِي جَمَعَ النَّاسَ فِيهِ عَلَى مَا ذُكِرَ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ أَيْ يَسْتَرِيحُونَ) أَيْ: مِنْ فِعْلِ الصَّلَاةِ وَكَانَ أَهْلُ مَكَّةَ يَطُوفُونَ طَوَافًا كَامِلًا بَيْنَ كُلِّ تَرْوِيحَتَيْنِ وَهَذَا بِاجْتِهَادٍ مِنْهُمْ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ طَوَافٌ وَهُمْ يَحْرِصُونَ عَلَى مُسَاوَاةِ أَهْلِ مَكَّةَ اجْتَهَدُوا فَأَدَّاهُمْ اجْتِهَادُهُمْ إلَى أَنْ يَجْعَلُوا بَدَلَ كُلِّ طَوَافٍ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فَصَارَتْ عِنْدَهُمْ سِتًّا وَثَلَاثِينَ رَكْعَةً وَقِيلَ إنَّ بَعْضَ خُلَفَاءِ الْمَدِينَةِ تُوُفِّيَ وَتَرَكَ تِسْعَةَ ذُكُورٍ فَاخْتَلَفُوا فَأَدَّاهُمْ اجْتِهَادُهُمْ إلَى جَعْلِهَا سِتًّا وَثَلَاثِينَ لِيُصَلِّيَ كُلُّ وَاحِدٍ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَكَانَ ابْتِدَاءُ حُدُوثِ ذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ الْقَرْنِ الْأَوَّلِ ثُمَّ اُشْتُهِرَ وَلَمْ يُنْكَرْ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الْإِجْمَاعِ السُّكُوتِيِّ وَلَمَّا كَانَ فِيهِ مَا فِيهِ قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْعِشْرُونَ لَهُمْ أَحَبُّ إلَيَّ وَمَعَ ذَلِكَ يُثَابُونَ عَلَيْهَا فَوْقَ ثَوَابِ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ وَيَنْوُونَ بِالْجَمِيعِ التَّرَاوِيحَ وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ الْمَذْكُورَةُ لِغَيْرِهِمْ لِشَرَفِهِمْ بِهِجْرَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَوَطَنُهُ وَدَفْنُهُ وَالْمُرَادُ بِهِمْ مَنْ وُجِدَ فِيهَا أَوْ فِي مَزَارِعِهَا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُقِيمًا بِهَا وَالْعِبْرَةُ فِي قَضَائِهَا بِوَقْتِ الْأَدَاءِ أَيْ فَمَنْ فَاتَتْهُ وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ فَلَهُ قَضَاؤُهَا وَلَوْ فِي غَيْرِ الْمَدِينَةِ سِتًّا وَثَلَاثِينَ أَوْ فَاتَتْهُ وَهُوَ فِي غَيْرِ الْمَدِينَةِ فَلَهُ قَضَاؤُهَا وَلَوْ فِي الْمَدِينَةِ عِشْرِينَ وَلَوْ أَدْرَكَ بَعْضَ رَمَضَانَ فِي الْمَدِينَةِ وَبَعْضَهُ فِي غَيْرِهَا فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ وَهَلْ يَكْفِي فِي إدْرَاكِ الْيَوْمِ جُزْءٌ مِنْ لَيْلَتِهِ أَوْ مِنْ نَهَارِهِ أَوْ مِنْهُمَا كُلٌّ مُحْتَمَلِ وَيَظْهَرُ الِاكْتِفَاءُ بِكُلِّ ذَلِكَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَفِي الْقَسْطَلَّانِيِّ عَلَى الْبُخَارِيِّ مَا نَصُّهُ وَقَدْ حَكَى الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ أَنَّ وَالِدَهُ الْحَافِظَ لَمَّا وُلِّيَ إمَامَةَ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَحْيَا سُنَّتَهُمْ الْقَدِيمَةَ فِي ذَلِكَ مَعَ مُرَاعَاةِ مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ فَكَانَ يُصَلِّي التَّرَاوِيحَ أَوَّلَ اللَّيْلِ بِعِشْرِينَ رَكْعَةً عَلَى الْمُعْتَادِ ثُمَّ يَقُومُ آخِرَ اللَّيْلِ فِي الْمَسْجِدِ بِسِتَّ عَشْرَةَ رَكْعَةً فَيَخْتِمُ فِي الْجَمَاعَةِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ خَتْمَتَيْنِ وَاسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَهُمْ عَلَيْهِ إلَى الْآنِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ صَلَّى أَرْبَعًا إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ بِعَشْرِ تَسْلِيمَاتٍ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَلَوْ صَلَّى أَرْبَعًا مِنْهَا بِتَسْلِيمَةٍ لَمْ يَصِحَّ) أَيْ: لَمْ تَنْعَقِد إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا وَإِلَّا انْعَقَدَتْ نَفْلَاهُ مُطْلَقًا اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا بِمَشْرُوعِيَّةِ الْجَمَاعَةِ) إلَخْ وَبِهَذَا فَارَقَتْ سُنَّةَ الظُّهْرِ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ حَتَّى لَوْ أَخَّرَ الْقَبْلِيَّةَ وَصَلَّاهَا بَعْدَ الظُّهْرِ كَانَ لَهُ أَنْ يَجْمَعَهَا مَعَ سُنَّتِهِ الَّتِي بَعْدَهَا بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ يَجْمَعُ فِيهَا بَيْنَ الْقَبْلِيَّةِ وَالْبَعْدِيَّةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى سُنَّةَ عِيدِ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى حَيْثُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اشْتَمَلَتْ نِيَّتُهُ عَلَى صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ نِصْفُهَا مُؤَدًّى وَنِصْفُهَا مَقْضِيٌّ وَلَا نَظِيرَ لَهُ فِي الْمَذْهَبِ وَلَوْ جَمَعَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ ثِنْتَانِ مِنْهَا سُنَّةُ الْعِشَاءِ وَوَاحِدَةٌ وِتْرٌ لَمْ يَصِحَّ خِلَافًا لِصَاحِبِ الْبَيَانِ اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ أَيْ: هَذَا الْقِسْمُ أَفْضَلُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>