عَلَى أَفْضَالِهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَصَحْبِهِ وَآلِهِ (وَبَعْدُ) فَقَدْ كُنْت اخْتَصَرْت مِنْهَاجَ الطَّالِبِينَ فِي الْفِقْهِ تَأْلِيفَ الْإِمَامِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَبِي زَكَرِيَّا يَحْيَى مُحْيِي الدِّينِ النَّوَوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابٍ سَمَّيْتُهُ بِمَنْهَجِ الطُّلَّابِ وَقَدْ سَأَلَنِي بَعْضُ الْأَعِزَّةِ عَلَيَّ مِنْ الْفُضَلَاءِ الْمُتَرَدِّدِينَ إلَى أَنْ أَشْرَحَهُ شَرْحًا
ــ
[حاشية الجمل]
حَمْدِي اللَّازِمُ مِمَّا ذُكِرَ لِأَجْلِ أَفْضَالِهِ وَلَا يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِخَبَرِ الْمُبْتَدَأِ مَعَ حَمْلِ الـ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ إذْ لَا تَنْحَصِرُ عِلَّةُ مَمْلُوكِيَّةِ الْحَمْدِ مَثَلًا فِي الْأَفْضَالِ بَلْ تَكُونُ فِي نَحْوِ الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ وَإِنْ جُعِلَتْ إنْشَائِيَّةً فَيَتَعَلَّقُ بِمَضْمُونِ الْجُمْلَةِ أَيْ أَصِفُهُ بِمَالِكِيَّةِ كُلِّ وَصْفٍ جَمِيلٍ لِأَفْضَالِهِ أَوْ بِالْمُبْتَدَأِ أَيْ أَصِفُهُ بِمَالِكِيَّةِ كُلِّ وَصْفٍ لِأَجْلِ أَفْضَالِهِ اهـ شَيْخُنَا مُفْتِي الْأَنَامِ انْتَهَى شَوْبَرِيٌّ.
(فَائِدَةٌ) الْأَصَحُّ أَنَّ الْبَسْمَلَةَ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ الْعَرَبِيَّةِ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ مِنْ خَصَائِصِ الْمُصْطَفَى وَأُمَّتِهِ الْمُحَمَّدِيَّةِ وَمَا فِي سُورَةِ النَّمْلِ جَاءَ عَلَى جِهَةِ التَّرْجَمَةِ عَمَّا فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَرَبِيًّا كَمَا أَتْقَنَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ انْتَهَى مِنْ شَرْحِ الْمَوَاهِبِ لِلزَّرْقَانِيِّ اهـ مَدَابِغِيٌّ عَلَى التَّحْرِيرِ (قَوْلُهُ عَلَى أَفْضَالِهِ) خَبَرٌ ثَانٍ فَيَكُونُ فِي الْكَلَامِ جُمْلَتَانِ فَيَكُونُ قَدْ حَمِدَ عَلَى الذَّاتِ أَوَّلًا وَعَلَى الْفِعْلِ ثَانِيًا وَهَذَا أَظْهَرُ مِنْ إعْرَابِهِ ظَرْفًا لَغْوًا مُتَعَلِّقًا بِالْحَمْدِ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ عَلَى هَذَا فِي الْكَلَامِ إلَّا حَمْدٌ وَاحِدٌ انْتَهَى شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ) جَمَعَ بَيْنَهُمَا امْتِثَالًا لِلْأَمْرِ بِهِ وَلِلْخُرُوجِ مِنْ كَرَاهَةِ إفْرَادِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ وَلَوْ خَطًّا عَلَى الْقَوْلِ بِهِ وَذَكَرَهُمَا بِالْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ لِلْإِشَارَةِ إلَى الدَّوَامِ وَالثَّبَاتِ وَلَوْ بِمَعُونَةٍ أَنَّ الْأَصْلَ فِي كُلِّ ثَابِتٍ دَوَامُهُ كَمَا فِي جُمْلَةِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَتَنَاسُبُ الْجُمْلَتَيْنِ فِي كَوْنِهِمَا اسْمِيَّتَيْنِ مَثَلًا مِنْ مُحَسِّنَاتِ الْوَصْلِ كَمَا بُيِّنَ فِي عِلْمِ الْبَيَانِ وَالصَّلَاةُ اسْمُ مَصْدَرٍ إذْ مَصْدَرُ صَلَّى التَّصْلِيَةُ لَكِنَّهُ لَمْ يُسْمَعْ وَأَمَّا مَصْدَرُ سَلَّمَ فَالتَّسْلِيمُ كَمَا فِي الْآيَةِ وَإِنَّمَا لَمْ يَأْتِ بِهِ بَدَلَ السَّلَامِ نَظَرًا لِلْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ لَفْظَيْ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ فِي كَوْنِهِمَا مِنْ أَسْمَاءِ الْمَصَادِرِ انْتَهَى شَوْبَرِيٌّ.
وَقَوْلُهُ لَكِنَّهُ لَمْ يُسْمَعْ لَعَلَّ الْمُرَادَ لَمْ يُسْمَعْ بِمَعْنَى الصَّلَاةِ أَيْ الدُّعَاءِ بِخَيْرٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ سُمِعَ فِي الْعَذَابِ قَالَ تَعَالَى {وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ} [الواقعة: ٩٤] اهـ مَدَابِغِيٌّ عَلَى التَّحْرِيرِ (قَوْلُهُ عَلَى سَيِّدِنَا) مُتَعَلِّقٌ بِالسَّلَامِ عَلَى اخْتِيَارِ الْبَصْرِيِّينَ وَمُتَعَلِّقُ الصَّلَاةِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ الْمَذْكُورُ بِالصَّلَاةِ لِأَنَّهُ كَانَ يَجِبُ ذِكْرُ الْمُتَعَلِّقِ بِالسَّلَامِ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَا هُنَا مِنْ بَابِ التَّنَازُعِ وَهُوَ مَرْدُودٌ لِفَقْدِ الِاشْتِقَاقِ الَّذِي هُوَ شَرْطُ الْعَامِلَيْنِ الْمُتَنَازِعَيْنِ.
وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ عَلَى سَيِّدِنَا جَارٌّ وَمَجْرُورٌ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ كَائِنَانِ فَلَيْسَ مِنْ بَابِ التَّنَازُعِ وَإِنْ جَرَى عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَصَحْبِهِ وَآلِهِ) قَدَّمَ الصَّحْبَ عَلَى الْآلِ مَعَ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْآلِ ثَبَتَتْ بِخَبَرِ قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ إلَخْ وَالصَّلَاةُ عَلَى الصَّحْبِ إنَّمَا هِيَ بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ جُمْلَةَ الصَّحْبِ أَفْضَلُ مِنْ جُمْلَةِ الْآلِ إذْ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَيُقَالُ قَدَّمَهُ رِعَايَةً لِلسَّجْعِ انْتَهَى ع ش.
(قَوْلُهُ فِي الْفِقْهِ) فِي هَذِهِ الظَّرْفِيَّةِ أَشْكَالٌ حَاصِلُهُ أَنَّ الْمِنْهَاجَ كَغَيْرِهِ مِنْ أَسْمَاءِ الْكُتُبِ اسْمٌ لِلْأَلْفَاظِ الْمَخْصُوصَةِ بِاعْتِبَارِ دَلَالَتِهَا عَلَى الْمَعَانِي وَالْفِقْهُ كَغَيْرِهِ مِنْ أَسْمَاءِ الْعُلُومِ اسْمٌ لِلْمَلَكَةِ أَوْ الْإِدْرَاكِ أَوْ الْمَسَائِلِ عَلَى مَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي مَحَلِّهِ وَلَا مَعْنَى لِظَرْفِيَّةِ نَحْوِ الْمَسَائِلِ لِلْأَلْفَاظِ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِوُجُوهٍ مِنْهَا أَنَّ فِي بِمَعْنَى عَلَى فَهُوَ مِنْ ظَرْفِيَّةِ الْمَدْلُولِ فِي الدَّالِّ أَوْ الْمَعْنَى اخْتَصَرْت مِنْهَاجَ الطَّالِبِينَ الدَّالَّ عَلَى الْمَسَائِلِ الْمَخْصُوصَةِ أَوْ الْمُحَصِّلَ لِلْإِدْرَاكَاتِ الْمَخْصُوصَةِ أَوْ الْمَلَكَةِ.
وَهَذَا الْقَيْدُ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ لَا لِلِاحْتِرَازِ إذْ لَمْ يُسَمَّ بِهَذَا الِاسْمِ غَيْرُهُ وَإِنْ كَانَ لَفْظُ الْمِنْهَاجِ مُتَعَدِّدًا إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ مُضَافًا لِلطَّالِبِينَ اهـ ع ش (قَوْلُهُ مُحْيِي الدِّينِ) نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ النَّوَوِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ فِي حِلٍّ مَنْ قَالَ عَنِّي مُحْيِي الدِّينِ وَهَذَا مِنْ وَرَعِهِ وَتَوَاضُعِهِ فَلَا يُقَالُ يَقْتَضِي ذَلِكَ حُرْمَةَ إطْلَاقِ اللَّفْظِ اهـ حِلِّيٌّ (قَوْلُهُ النَّوَوِيُّ) نِسْبَةٌ إلَى نَوًى قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الشَّامِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فِي كِتَابِ) مِنْ ظَرْفِيَّةِ الْأَجْزَاءِ فِي الْكُلِّ أَوْ مِنْ بَابِ التَّجْرِيدِ أَوْ أَرَادَ بِالْمُخْتَصَرِ الْمَعْنَى وَبِالْكِتَابِ اللَّفْظَ انْتَهَى شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ بِمَنْهَجِ الطُّلَّابِ) بِضَمِّ الطَّاءِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ جَمْعُ طَالِبٍ كَكُتَّابٍ جَمْعِ كَاتِبٍ انْتَهَى تَقْرِيرٌ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا الْحَفْنِي مَا نَصُّهُ الطُّلَّابُ جَمْعُ طَلَّابٍ بِفَتْحِ الطَّاءِ مُبَالَغَةٌ فِي طَالِبٍ فَيُفِيدُ أَنَّ طَلَبَ النَّاسِ لِلْمَنْهَجِ أَكْثَرُ مِنْ طَلَبِهِمْ لِلْمِنْهَاجِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَقَدْ سَأَلَنِي) جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ انْتَهَى شَيْخُنَا (قَوْلُهُ بَعْضُ الْأَعِزَّةِ عَلَيَّ) فِي الْمُخْتَارِ عَزَزْت عَلَيْهِ بِالْفَتْحِ كَرُمْت عَلَيْهِ وَجَمْعُ الْعَزِيزِ عِزَازٌ مِثْلُ كَرِيمٍ وَكِرَامٍ وَقَوْمٌ أَعِزَّةٌ وَأَعِزَّاءُ اهـ وَبَيْنَ عَلَى وَإِلَى الْجِنَاسُ الْمُضَارِعُ وَهُوَ اخْتِلَافُ الْكَلِمَتَيْنِ بِحَرْفَيْنِ مُتَقَارِبَيْ الْمَخْرَجِ وَبَيْنَ مُرَادٍ وَمُفَادٍ الْجِنَاسُ اللَّاحِقُ وَهُوَ اخْتِلَافُهُمَا بِحَرْفَيْنِ مُتَبَاعِدَيْ الْمَخْرَجِ وَبَيْنَ يَحِلُّ وَيُجِلُّ الْجِنَاسُ الْمُصَحَّفُ انْتَهَى شَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَنْ أَشْرَحَهُ) أَيْ أَضَعَ عَلَيْهِ شَرْحًا اصْطِلَاحِيًّا وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ لِأَجْلِ الصِّفَاتِ