يَحُلُّ أَلْفَاظَهُ وَيُجِلُّ حُفَّاظَهُ وَيُبَيِّنُ مُرَادَهُ وَيُتَمِّمُ مُفَادَهُ فَأَجَبْتُهُ إلَى ذَلِكَ بِعَوْنِ الْقَادِرِ الْمَالِكِ (وَسَمَّيْتُهُ) بِفَتْحِ الْوَهَّابِ بِشَرْحِ مَنْهَجِ الطُّلَّابِ وَاَللَّهَ أَسْأَلُ أَنْ يَنْفَعَ بِهِ وَهُوَ حَسْبِي وَنِعْمَ الْوَكِيلُ
ــ
[حاشية الجمل]
الْمَذْكُورَةِ إذْ لَوْ حَمَلَ الشَّرْحَ عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ لَبَعُدَ وَصْفُهُ بِالصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ انْتَهَى.
شَيْخُنَا (قَوْلُهُ يَحِلُّ أَلْفَاظَهُ) أَيْ تَرَاكِيبَهُ بِبَيَانِ فَاعِلِهِ وَمَفْعُولِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَالضَّمَائِرِ وَشَبَّهَ فَكَّ التَّرَاكِيبِ بِحَلِّ الشَّيْءِ الْمَعْقُودِ ثُمَّ أُطْلِقَ الْحَلُّ عَلَى الْفَكِّ ثُمَّ اُشْتُقَّ مِنْهُ الْفِعْلُ فَصَارَتْ الِاسْتِعَارَةُ فِي الْمَصْدَرِ أَصْلِيَّةً وَفِي الْفِعْلِ تَبَعِيَّةً انْتَهَى شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ الْحَلَبِيِّ قَوْلُهُ يَحِلُّ أَلْفَاظَهُ أَيْ يُبَيِّنُ مَعَانِيَهَا وَمِنْهُ بَيَانُ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ وَفِيهِ أَنَّ فِي هَذَا إضَافَةَ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ لِأَنَّ الْمَنْهَجَ اسْمٌ لِلْأَلْفَاظِ عَلَى مَا هُوَ الْمُخْتَارُ وَلَا يُقَالُ: الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ أَيْ أَلْفَاظٌ هِيَ هُوَ لِأَنَّا نَقُولُ: نَقَلَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيُّ أَنَّ الْإِضَافَةَ الْبَيَانِيَّةَ لَا تَأْتِي فِي الْإِضَافَةِ إلَى الضَّمِيرِ وَقَدْ يُقَالُ هُوَ مِنْ إضَافَةِ كُلٍّ مِنْ الْأَجْزَاءِ إلَى كُلِّهِ لِأَنَّ الْمَعْنَى يَحِلُّ كُلَّ تَرْكِيبٍ مِنْ تَرَاكِيبِ جُمْلَةِ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِمْ أَرْكَانُ الصَّلَاةِ أَرْكَانُ الْبَيْعِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَيُجِلُّ حُفَّاظَهُ) أَيْ يُصَيِّرُهُمْ أَجِلَّاءَ لِفَهْمِ مَعَانِيهِ وَزَادَ هَذَا عَلَى الْمُحَلَّى لِيُطَابِقَ السَّجْعَةَ قَبْلَهُ مَعَ التَّجْنِيسِ التَّامِّ انْتَهَى شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَيُبَيِّنُ مُرَادَهُ) أَيْ الْمُسْتَفَادَ مِنْ تَرَاكِيبِهِ وَلَمَّا كَانَ النَّظَرُ إلَى الْمُفْرَدَاتِ سَابِقًا عَلَى النَّظَرِ إلَى الْمُرَكَّبَاتِ أَشَارَ إلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ يَحِلُّ أَلْفَاظَهُ ثُمَّ إلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِالثَّانِي بِقَوْلِهِ وَيُبَيِّنُ مُرَادَهُ ثُمَّ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مِنْ ع طْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ.
وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ بَيْنَهُمَا عُمُومًا وَخُصُوصًا مِنْ وَجْهٍ لِأَنَّ حَلَّ الْأَلْفَاظِ قَدْ لَا يُبَيِّنُ بِمُجَرَّدِهِ الْمُرَادَ وَبَيَانُ الْمَعْنَى الْمُرَادِ قَدْ يَكُونُ بِدُونِ حَلِّ التَّرْكِيبِ كَأَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى نَحْوِ وَالْمُرَادُ كَذَا انْتَهَى شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَيُتَمِّمُ مُفَادَهُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِهَا وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ مُفَادَهُ بِضَمِّ الْمِيمِ مِنْ أَفَادَ مَزِيدُ الثَّلَاثِي وَهُوَ اسْمُ مَفْعُولٍ عَلَى الْمُتَبَادِرِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا مِيمِيًّا وَهُوَ الْمَبْدُوءُ بِمِيمٍ زَائِدَةٍ لِغَيْرِ الْمُفَاعَلَةِ فَيَخْرُجُ بِالْقَيْدِ الْأَوَّلِ نَحْوُ الْمَيْنُ الْكَذِبُ فَإِنَّ مِيمَه أَصْلِيَّةٌ وَبِالثَّانِي نَحْوُ الْمُقَاتَلَةِ فَإِنَّ مِيمَه زَائِدَةٌ لَكِنْ لِلْمُفَاعَلَةِ وَالْمَعْنَى يُكَمِّلُ هَذَا الشَّرْحُ مَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَنْهَجِ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ يُكَمِّلُ فَائِدَتَهُ عَلَى الثَّانِي كَمَا قَالُوا فِي مُقَامِ بِضَمِّ الْمِيمِ أَنَّهُ بِمَعْنَى الْإِقَامَةِ ثُمَّ لَا يَخْفَى عَلَيْك حُسْنُ ذِكْرِ التَّبْيِينِ فِي جَانِبِ الْمُرَادِ وَالتَّتْمِيمِ فِي جَانِبِ الْمُفَادِ لِاحْتِيَاجِ الْمُرَادِ إلَى كَشْفٍ وَإِيضَاحٍ لِخَفَائِهِ وَالْمُفَادِ إلَى تَكْمِيلٍ وَتَتْمِيمٍ لِنَقْصِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْأَوْصَافَ مِنْ كَلَامِ السَّائِلِ انْتَهَى شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ فَأَجَبْتُهُ إلَى ذَلِكَ) أَيْ بَادَرْت إلَى إجَابَتِهِ إلَى ذَلِكَ أَخْذًا مِنْ الْإِيفَاءِ أَيْ بِالْوَعْدِ بِهِ وَالْعَزْمِ عَلَيْهِ أَوْ بِالشُّرُوعِ فِيهِ أَوْ بِهِ نَفْسِهِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ بِعَوْنِ الْقَادِرِ) أَيْ مُسْتَعِينًا بِعَوْنِ الْقَادِرِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ بِفَتْحِ الْوَهَّابِ) مُتَعَلِّقًا بِسَمَّيْتُهُ وَهَذِهِ الْبَاءُ لَيْسَتْ مِنْ الْعَلَمِ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّهَا مِنْهُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْوَهَّابِ بِالنَّظَرِ لِحَالِهِ قَبْلَ الْعَلَمِيَّةِ وَأَمَّا بِالنَّظَرِ لِحَالِهِ بَعْدَهَا فَلَيْسَتْ مُتَعَلِّقَةً بِشَيْءٍ وَهَذَا الْعَلَمُ مُرَكَّبٌ مِنْ سِتِّ كَلِمَاتٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إسْنَادِيٌّ بِأَنْ يُجْعَلَ فَتْحَ الْوَهَّابِ مُبْتَدَأً وَقَوْلَهُ بِشَرْحِ مَنْهَجِ الطُّلَّابِ خَبَرًا وَيَبْعُدُ كَوْنُهُ إضَافِيًّا أَوْ مَزْجِيًّا انْتَهَى
شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَنْ يَنْفَعَ بِهِ) فِي مَوْضِعِ الْمَفْعُولِ الثَّانِي أَيْ فِي أَنْ يَنْفَعَ بِهِ أَيْ فِي النَّفْعِ فَحَذَفَ الْجَارَّ لَا مِنْ اللَّبْسِ وَهُوَ مَقِيسٌ فِي مِثْلِهِ وَمَفْعُولُ يَنْفَعَ مَحْذُوفٌ لِلْعُمُومِ وَلِلْعِلْمِ بِهِ وَلِلِاخْتِصَارِ أَيْ أَطْلُبُ مِنْ اللَّهِ وَحْدَهُ أَنْ يَنْفَعَ بِهِ مُؤَلِّفَهُ وَغَيْرَهُ فِي الدُّنْيَا بِنَحْوِ قِرَاءَتِهِ وَفِي الْآخِرَةِ بِإِثْبَاتِهِ انْتَهَى شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَهُوَ حَسْبِي) أَيْ بِحَسْبِي وَكَافِيِّ (وَقَوْلُهُ: وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) أَيْ هُوَ أَيْ الْمَوْكُولُ وَالْمُفَوَّضُ إلَيْهِ الْأَمْرُ وَالْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْجُمْلَةِ قَبْلَهَا مِنْ عَطْفِ الْإِنْشَاءِ عَلَى الْإِخْبَارِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ أَوْ عَلَى الْإِنْشَاءِ لِإِرَادَتِهِ هُنَا بِأَنْ يُرَادَ بِقَوْلِهِ وَهُوَ حَسْبِي طَلَبُ الْكِفَايَةِ مِنْهُ تَعَالَى أَوْ مِنْ عَطْفِ الْإِخْبَارِ عَلَى الْإِخْبَارِ بِتَقْدِيرِ مُبْتَدَأٍ أَيْ وَهُوَ نِعْمَ الْوَكِيلُ أَوْ الْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْخَبَرِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ حَسْبِي وَيَكُونُ هَذَا مِنْ عَطْفِ الْجُمْلَةِ الْإِنْشَائِيَّةِ عَلَى الْمُفْرَدِ وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ وَيَكُونُ الْخَبَرُ الْأَوَّلُ مُفْرَدًا وَالثَّانِي جُمْلَةً فَتَأَمَّلْهُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ مَعْطُوفٌ عَلَى هُوَ حَسْبِي بِنَاءً عَلَى مَا عَلَيْهِ جَمْعٌ مِنْ جَوَازِ عَطْفِ الْإِنْشَاءِ عَلَى الْخَبَرِ.
لَكِنْ الْمَشْهُورُ امْتِنَاعُهُ فَعَلَيْهِ يُقَدَّرُ فِي الْمَعْطُوفِ مُبْتَدَأٌ بِقَرِينَةِ ذِكْرِهِ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَيُجْعَلُ خَبَرًا عَنْهُ بِالتَّأْوِيلِ الْمَشْهُورِ فِي وُقُوعِ الْإِنْشَاءَاتِ خَبَرًا لِلْمُبْتَدَأِ أَيْ وَهُوَ مَقُولٌ فِيهِ نِعْمَ الْوَكِيلُ وَحِينَئِذٍ فَهِيَ جُمْلَةٌ اسْمِيَّةٌ خَبَرِيَّةٌ مَعْطُوفَةٌ عَلَى مِثْلِهَا فَلَا مَحْذُورَ أَوْ جُمْلَةُ نِعْمَ الْوَكِيلُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى حَسْبِي وَهُوَ مُفْرَدٌ غَيْرُ مُضَمَّنٍ مَعْنَى الْفِعْلِ فَلَمْ يَكُنْ فِي قُوَّةِ الْجُمْلَةِ فَلَمْ يَلْزَمْ عَطْفُ الْجُمْلَةِ الْإِنْشَائِيَّةِ عَلَى الْجُمْلَةِ الْخَبَرِيَّةِ بَلْ عَلَى الْمُفْرَدِ وَلَا مَحْذُورَ فِي عَطْفِ الْجُمْلَةِ عَلَى الْمُفْرَدِ وَلَا فِي عَكْسِهِ بَلْ يَحْسُنُ ذَلِكَ إذَا رُوعِيَ فِيهِ نُكْتَةٌ عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْمُحَقِّقِينَ جَوَّزَ عَطْفَ الْإِنْشَائِيَّةِ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute