(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) .
ــ
[حاشية الجمل]
الْإِخْبَارِيَّةِ فِي الْجُمَلِ الَّتِي لَهَا مَحَلٌّ مِنْ الْإِعْرَابِ لِوُقُوعِهَا مَوْقِعَ الْمُفْرَدَاتِ وَلَا عِبْرَةَ بِنِسْبَتِهَا انْتَهَى شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُ الْمَتْنِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) الْبَاءُ فِيهَا قِيلَ: إنَّهَا زَائِدَةٌ فَلَا تَحْتَاجُ إلَى مَا تَتَعَلَّقُ بِهِ أَوْ لِلِاسْتِعَانَةِ أَوْ لِلْمُصَاحَبَةِ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ اسْمِ فَاعِلٍ خَبَرٍ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَوْ فِعْلٍ أَيْ أُؤَلِّفُ أَوْ أَبْدَأُ أَوْ حَالٍ مِنْ فَاعِلِ الْفِعْلِ الْمَحْذُوفِ أَيْ أَبْدَأُ مُتَبَرِّكًا أَوْ مُسْتَعِينًا بِاَللَّهِ وَالتَّبَرُّكُ بِالْأَلْفَاظِ إجْرَاؤُهَا عَلَى اللِّسَانِ وَإِخْطَارُ مَعَانِيهَا بِالْبَالِ وَبِالْمَعَانِي بِالْعَكْسِ أَوْ مَصْدَرُ مُبْتَدَأٍ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ ابْتِدَائِي بِسْمِ اللَّهِ ثَابِتٌ وَلَا يَضُرُّ عَلَى هَذَا حَذْفُ الْمَصْدَرِ وَإِبْقَاءُ مَعْمُولِهِ لِأَنَّهُ يُتَوَسَّعُ فِي الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ مَا لَا يُتَوَسَّعُ فِي غَيْرِهِمَا وَتَقْدِيمُ الْمَعْمُولِ هَاهُنَا أَوْقَعُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا} [هود: ٤١] وَقَوْلِهِ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [الفاتحة: ٥] لِأَنَّهُ أَهَمُّ وَأَدَلُّ عَلَى الِاخْتِصَاصِ وَأَدْخَلُ فِي التَّعْظِيمِ وَأَوْفَقُ لِلْوُجُودِ فَإِنَّ اسْمَهُ تَعَالَى مُقَدَّمٌ لِأَنَّهُ قَدِيمٌ وَاجِبُ الْوُجُودِ لِذَاتِهِ وَإِنَّمَا كُسِرَتْ الْبَاءُ وَمِنْ حَقِّ الْحُرُوفِ الْمُفْرَدَةِ أَنْ تُفْتَحَ لِاخْتِصَاصِهَا بِلُزُومِ الْحَرْفِيَّةِ وَالْجَرِّ كَمَا كُسِرَتْ لَامُ الْأَمْرِ وَلَامُ الْجَرِّ إذَا دَخَلَتْ عَلَى الْمُظْهَرِ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ لَامِ التَّأْكِيدِ انْتَهَى شَرْحُ م ر.
وَأَمَّا غَيْرُ الْبَاءِ مِنْ الْحُرُوفِ فَمِنْهُ مَا يَنْفَكُّ عَنْ الْحَرْفِيَّةِ كَالْكَافِ وَمَا يَنْفَكُّ عَنْ الْجَرِّ كَالْوَاوِ وَإِنَّمَا كَانَ لُزُومُهَا لِهَذَيْنِ مُقْتَضِيًا لِكَسْرِهَا قَالَ الشَّيْخُ سَعْدُ الدِّينِ التَّفْتَازَانِيُّ: أَمَّا الْحَرْفِيَّةُ فَلِأَنَّهَا تَقْتَضِي الْبِنَاءَ عَلَى السُّكُونِ الَّذِي هُوَ عَدَمُ الْحَرَكَةِ وَالْكَسْرُ يُنَاسِبُ الْعَدَمَ لِقِلَّتِهِ إذْ لَا يُوجَدُ فِي الْفِعْلِ وَلَا فِي غَيْرِ الْمُنْصَرِفِ مِنْ الْأَسْمَاءِ وَلَا فِي الْحُرُوفِ إلَّا نَادِرًا وَأَمَّا الْجَرُّ فَلِتَنَاسُبِ حَرَكَتِهَا الَّتِي هِيَ الْكَسْرَةُ عَمَلَهَا الَّذِي لَا تَنْفَكُّ عَنْهُ وَهُوَ الْجَرُّ الَّذِي هُوَ الْكِسْرَةُ أَصَالَةً اهـ عَبْدُ الْحَقِّ فِي شَرْحِ الْبَسْمَلَةِ انْتَهَى ع ش عَلَى م ر وَالِاسْمُ لُغَةً مَا أَبَانَ عَنْ مُسَمًّى أَيْ أَظْهَرَ وَكَشَفَ وَاصْطِلَاحًا مَا دَلَّ عَلَى مَعْنًى فِي نَفْسِهِ غَيْرِ مُتَعَرِّضٍ بِبِنْيَتِهِ لِزَمَانٍ وَلَا دَالٍّ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَائِهِ عَلَى جُزْءِ مَعْنَاهُ وَالتَّسْمِيَةُ جَعْلُ ذَلِكَ اللَّفْظِ دَالًّا عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى وَأَقْسَامُ الِاسْمِ تِسْعَةٌ (أَوَّلُهَا) الِاسْمُ الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ ذَاتِهِ كَسَائِرِ الْأَعْلَامِ (ثَانِيهَا) الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ ذَاتِهِ كَالْجَوْهَرِ لِلْجِدَارِ وَالْجِسْمِ لَهُ (ثَالِثُهَا) الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ صِفَةٍ حَقِيقِيَّةٍ قَائِمَةٍ بِذَاتِهِ كَالْأَسْوَدِ وَالْأَبْيَضِ وَالْحَارِّ وَالْبَارِدِ (رَابِعُهَا) الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ صِفَةٍ إضَافِيَّةٍ فَقَطْ كَالْمَعْلُومِ وَالْمَفْهُومِ وَالْمَذْكُورِ وَالْمَالِكِ وَالْمَمْلُوكِ وَيَمِينًا وَشِمَالًا.
(خَامِسُهَا) الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ صِفَةٍ سَلْبِيَّةٍ كَأَعْمَى وَفَقِيرٍ وَسَلِيمٍ عَنْ الْآفَاتِ (سَادِسُهَا) الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ صِفَةٍ حَقِيقِيَّةٍ مَعَ صِفَةٍ إضَافِيَّةٍ كَعَالِمٍ وَقَادِرٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِلْمَ وَالْقُدْرَةَ صِفَةٌ حَقِيقِيَّةٌ لَهَا إضَافَةٌ إلَى الْمَعْلُومَاتِ وَالْمَقْدُورَاتِ (سَابِعُهَا) الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ صِفَةٍ حَقِيقِيَّةٍ مَعَ صِفَةٍ سَلْبِيَّةٍ كَقَادِرٍ لَا يَعْجِزُ وَعَالِمٍ لَا يَجْهَلُ (ثَامِنُهَا) الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ صِفَةٍ إضَافِيَّةٍ مَعَ صِفَةٍ سَلْبِيَّةٍ كَلَفْظَةِ أَوَّلِ فَإِنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ كَوْنِهِ سَابِقًا غَيْرَهُ وَهُوَ صِفَةٌ سَلْبِيَّةٌ وَكَالْقَيُّومِ فَإِنَّ مَعْنَاهُ قَائِمًا بِنَفْسِهِ أَيْ لَا يَحْتَاجُ إلَى غَيْرِهِ وَهُوَ سَلْبٌ وَمُقَوِّمٌ لِغَيْرِهِ وَهُوَ إضَافَةٌ (تَاسِعُهَا) الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ مَجْمُوعِ صِفَةٍ حَقِيقِيَّةٍ وَإِضَافِيَّةٍ وَسَلْبِيَّةٍ كَالْإِلَهِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ مَوْجُودًا أَزَلِيًّا وَاجِبَ الْوُجُودِ لِذَاتِهِ وَعَلَى الصِّفَاتِ السَّلْبِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّنْزِيهِ وَعَلَى الصِّفَاتِ الْإِضَافِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى الْإِيجَادِ وَالتَّكْوِينِ وَالِاسْمُ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ مِنْ الْأَسْمَاءِ الَّتِي حُذِفَتْ أَعْجَازُهَا لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ وَبُنِيَتْ أَوَائِلُهَا عَلَى السُّكُونِ أَيْ وُضِعَتْ سَاكِنَةً وَأُدْخِلَتْ عَلَيْهَا عِنْدَ الِابْتِدَاءِ بِهَا هَمْزَةُ الْوَصْلِ وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ السُّمُوِّ وَهُوَ الْعُلُوُّ أَوْ مِنْ السِّمَةِ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ وَهِيَ الْعَلَامَةُ لِأَنَّهُ عَلَامَةٌ عَلَى مُسَمَّاهُ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لَكِنَّهُ فَاسِدٌ مِنْ حَيْثُ التَّصْرِيفُ وَأَصْلُهُ وَسْمٌ حُذِفَتْ الْوَاوُ وَعُوِّضَ عَنْهَا هَمْزَةُ الْوَصْلِ لَيَقِلَّ إعْلَالُهُ وَرُدَّ بِأَنَّ هَمْزَةَ الْوَصْلِ لَمْ تُعْهَدْ دَاخِلَةً عَلَى مَا حُذِفَ صَدْرُهُ فِي كَلَامِهِمْ وَالِاسْمُ إنْ أُرِيدَ بِهِ اللَّفْظُ فَغَيْرُ الْمُسَمَّى لِأَنَّهُ يَتَأَلَّفُ مِنْ أَصْوَاتٍ مُقَطَّعَةٍ غَيْرِ قَارَّةٍ وَتَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأُمَمِ وَالْإِعْصَارِ وَيَتَعَدَّدُ تَارَةً وَيَتَحَدَّدُ أُخْرَى وَالْمُسَمَّى لَا يَكُونُ كَذَلِكَ وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ ذَاتُ الشَّيْءِ فَهُوَ الْمُسَمَّى لَكِنَّهُ لَمْ يَشْتَهِرْ بِهَذَا الْمَعْنَى.
وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ} [الرحمن: ٧٨] فَالْمُرَادُ بِهِ اللَّفْظُ لِأَنَّهُ كَمَا يَجِبُ تَنْزِيهُ ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ عَنْ النَّقَائِصِ يَجِبُ تَنْزِيهُ الْأَلْفَاظِ الْمَوْضُوعَةِ لَهَا عَنْ الرَّفَثِ وَسُوءِ الْأَدَبِ أَوْ لَفْظُ الِاسْمِ فِيهِ مُقْحَمٌ لِلتَّعْظِيمِ وَالْإِجْلَالِ وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الصِّفَةُ كَمَا هُوَ رَأْيُ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ انْقَسَمَ انْقِسَامَ الصِّفَةِ عِنْدَهُ إلَى مَا هُوَ نَفْسُ الْمُسَمَّى كَالْوَاحِدِ وَالْقَدِيمِ وَإِلَى مَا هُوَ غَيْرُهُ كَالْخَالِقِ وَالرَّازِقِ وَإِلَى مَا لَيْسَ هُوَ وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute