وَلَوْ وَاحِدًا بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (فِي الْوَقْتِ) قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ صَلَاتِهِ الصُّبْحَ لِرَجُلَيْنِ لَمْ يُصَلِّيَا مَعَهُ وَقَالَا صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا «إذَا صَلَّيْتهَا فِي رِحَالِكُمَا ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَاهَا مَعَهُمْ فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ
ــ
[حاشية الجمل]
قَارَنَ فِيهِ فَقَطْ.
وَعِبَارَةُ حَجّ لَكِنْ يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ عَنْ الزَّرْكَشِيّ فِي مَسْأَلَةِ الْمُفَارَقَةِ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي ذَلِكَ بِتَحَرُّمِهَا، وَإِنْ انْتَفَى الثَّوَابُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ لِنَحْوِ انْفِرَادٍ عَنْ الصَّفِّ أَوْ مُقَارَنَةِ أَفْعَالِ الْإِمَامِ انْتَهَتْ.
وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَحْرَمَ مَرِيدَ الْإِعَادَةِ مُنْفَرِدًا عَنْ الصَّفِّ ابْتِدَاءً، وَاسْتَمَرَّ إلَى آخِرِهَا وَقُلْنَا بِأَنَّ ذَلِكَ مَانِعٌ مِنْ حُصُولِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ فَهَلْ تَصِحُّ الْإِعَادَةُ، وَيَكْفِي مُجَرَّدُ حُصُولِ الْجَمَاعَةِ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الصِّحَّةِ لِانْتِفَاءِ الْفَضِيلَةِ فِيهَا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذِهِ، وَمَا ذُكِرَ عَنْ حَجّ بِأَنَّ تِلْكَ حَصَّلَ فِيهَا فَضِيلَةَ التَّحَرُّمِ، وَعُرِضَتْ الْكَرَاهَةُ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَسْقَطَتْ الْفَضِيلَةَ فِي بَعْضِهَا، وَهَذِهِ لَمْ يُحَصِّلْ فِيهَا فَضِيلَةً أَصْلًا اهـ. ع ش عَلَيْهِ فَتَلَخَّصَ لَنَا مِنْ النُّقُولِ أَنَّ شُرُوطَ الْإِعَادَةِ أَحَدَ عَشَرَ شَرْطًا وُقُوعُ رَكْعَةٍ مِنْهَا فَأَكْثَرَ فِي الْوَقْتِ وَالْجَمَاعَةِ مِنْ أَوَّلِهَا إلَى آخِرِهَا وَنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ وَكَوْنِ الْأُولَى صَحِيحَةً، وَإِنْ لَمْ تُغْنِ عَنْ الْقَضَاءِ إلَّا صَلَاةَ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ فَإِنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً إلَّا أَنَّهُ يَمْتَنِعُ بِهَا إعَادَتُهَا بِخِلَافِ صَلَاةِ الْمُتَيَمِّمِ لِبَرْدٍ، وَلَوْ بِمَحِلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ، وَإِعَادَتُهَا مَعَ مُقْتَدٍ يَرَى جَوَازَ الْإِعَادَةِ فَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ الْمُعِيدُ شَافِعِيًّا، وَالْمُقْتَدِي حَنَفِيٌّ أَوْ مَالِكِيٌّ لَمْ تَصِحَّ لِأَنَّ الْمَأْمُومَ يَرَى بُطْلَانَ الصَّلَاةِ فَلَا قُدْوَةَ.
وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُقْتَدِي الْمُعِيدُ شَافِعِيًّا خَلْفَ مَنْ ذُكِرَ فَهِيَ صَحِيحَةٌ، وَإِعَادَتُهَا مَرَّةً فَقَطْ، وَكَوْنُهَا مَكْتُوبَةً أَوْ نَافِلَةً تُسَنُّ جَمَاعَةً مَا عَدَا الْوِتْرَ فِي رَمَضَانَ، وَحُصُولُ ثَوَابِ الْجَمَاعَةِ حَالَةَ الْإِحْرَامِ بِهَا فَلَوْ انْفَرَدَ عَنْ الصَّفِّ حَالَةَ إحْرَامِهِ مَعَ إمْكَانِ دُخُولِهِ فِيهِ لَمْ تَصِحَّ إعَادَتُهُ لِكَرَاهَةِ ذَلِكَ الْمُفَوِّتِ لِلْفَضِيلَةِ، وَكَذَا إعَادَةُ الْقِرَاءَةِ إذَا لَمْ يَكُونُوا عُمْيًا أَوْ فِي ظُلْمَةٍ كَمَا عَلِمْته أَوَّلَ الْبَابِ، وَالْقِيَامُ فِيهَا، وَكَوْنُ إعَادَتِهَا لَا لِخُرُوجٍ مِنْ خِلَافٍ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ كَأَنْ صَلَّى، وَقَدْ مَسَحَ رُبُعَ رَأْسِهِ أَوْ صَلَّى فِي الْحَمَّامِ أَوْ بَعْدَ سَيَلَانِ دَمٍ مِنْ بَدَنِهِ بَعْدَ وُضُوئِهِ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ عِنْدَ مَالِكٍ فِي الْأُولَى، وَعِنْدَ أَحْمَدَ فِي الثَّانِيَةِ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الثَّالِثَةِ فَتُسَنُّ الْإِعَادَةُ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ بَعْدَ وُضُوئِهِ عَلَى مَذْهَبِ الْمُخَالِفِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ، وَلَوْ مُنْفَرِدًا فَلَيْسَتْ هَذِهِ الْإِعَادَةُ مُرَادَةً هُنَا، وَلِذَا لَمْ تُشْتَرَطْ فِيهَا الْجَمَاعَةُ، وَكَوْنُ الصَّلَاةِ فِي غَيْرِ شِدَّةِ الْخَوْفِ عَلَى الْأَوْجَهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا احْتَمَلَ الْمُبْطِلَ فِيهَا لِلْحَاجَةِ فَلَا تُكَرَّرُ اهـ. شَيْخُنَا ح ف.
وَقَوْلُهُ فِي الشَّرْطِ السَّابِعِ، وَحُصُولُ ثَوَابِ الْجَمَاعَةِ إلَخْ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُسَلَّمٍ لِمَا سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ فِي الشَّرْطِ السَّابِعِ مِنْ شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ، وَعِبَارَتُهُ هُنَاكَ، وَالْمُقَارَنَةُ فِي الْأَفْعَالِ مَكْرُوهَةٌ مُفَوِّتَةٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَيَجْرِي ذَلِكَ أَيْ تَفْوِيتُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ فِي سَائِرِ الْمَكْرُوهَاتِ الْمَفْعُولَةِ مَعَ الْجَمَاعَةِ مِنْ مُخَالَفَةِ الْمَأْمُورِ بِهِ كَانْفِرَادٍ عَنْ الصَّفِّ وَسَبْقِ الْإِمَامِ بِرُكْنٍ إذْ الْمَكْرُوهُ لَا ثَوَابَ فِيهِ مَعَ أَنَّ صَلَاتَهُ جَمَاعَةً إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ فَضْلِهَا انْتِفَاؤُهَا انْتَهَتْ بِبَعْضِ تَصَرُّفٍ، وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ هُنَاكَ قَوْلُهُ مَعَ أَنَّ صَلَاتَهُ جَمَاعَةً أَيْ فَتَصِحُّ مَعَهَا الْجُمُعَةُ، وَيَخْرُجُ بِهَا عَنْ عُهْدَةِ النَّذْرِ، وَتَصِحُّ مَعَهَا الْمُعَادَةُ، وَيَسْقُطُ بِهَا الشِّعَارُ تَأَمَّلْ اهـ. (قَوْلُهُ وَلَوْ وَاحِدًا) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ مَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ إذَا أَرَادَ الْإِعَادَةَ لِتَحْصِيلِ الْفَضِيلَةِ لِمَنْ لَمْ يُدْرِكْ الْجَمَاعَةَ الْأُولَى اُشْتُرِطَ فِي اسْتِحْبَابِ الْإِعَادَةِ لَهُ أَنْ يَكُونَ الْآتِي مِمَّنْ يَرَى جَوَازَ الْإِعَادَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ مَالِكِيًّا مَثَلًا لَا يَرَى جَوَازَ الْإِعَادَةِ لِمَنْ ذُكِرَ فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ يَرَى لِلْمُصَلِّي مَعَهُ.
وَعِبَارَةُ حَجّ، وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحِلَّ نَدْبِهَا مَعَ الْمُنْفَرِدِ إنْ اعْتَقَدَ جَوَازَهَا أَوْ نَدْبَهَا، وَإِلَّا لَمْ يَنْعَقِدْ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لَهَا تَعُودُ عَلَيْهِ انْتَهَتْ أَيْ، وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ كَانَ الْمُخَالِفُ إمَامًا أَمَّا لَوْ كَانَ مَأْمُومًا فَلَا مَانِعَ مِنْ حُصُولِ الْفَضِيلَةِ لِلشَّافِعِيِّ اعْتِبَارًا بِعَقِيدَتِهِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ فِي الْوَقْتِ) أَيْ وَقْتِ الْأَدَاءِ بِأَنْ يُدْرِكَ فِيهِ رَكْعَةً اهـ. م ر اهـ. سم عَلَى حَجّ، وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ قَبْلَ إدْرَاكِ رَكْعَةٍ مِنْهَا يَنْبَغِي أَنْ تَنْقَلِبَ نَقْلًا مُطْلَقًا اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ. ع ش عَلَى م ر، وَشَمِلَ الْوَقْتُ وَقْتَ الْكَرَاهَةِ فَتَصِحُّ الْإِعَادَةُ فِيهِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ) دَلَّ بِتَرْكِهِ الِاسْتِفْصَالَ مَعَ إطْلَاقِ قَوْلِهِ إذَا صَلَّيْتُمَا عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ صَلَّى جَمَاعَةً وَمُنْفَرِدًا، وَلَا بَيْنَ اخْتِصَاصِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ بِفَضْلٍ أَوْ لَا اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ بَعْدَ صَلَاتِهِ الصُّبْحَ) أَيْ بِمَسْجِدِ الْخَيْفِ بِمِنًى، وَمِنْ فَوَائِدِ الْحَدِيثِ الرَّدُّ عَلَى الْوَجْهِ الْقَائِلِ بِالِاسْتِحْبَابِ فِيمَا عَدَا الصُّبْحَ وَالْعَصْرَ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ مَسْجِدُ جَمَاعَةٍ) أَيْ مَحِلًّا تُقَامُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَسْجِدًا اهـ. ع ش (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ) فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يَتَأَتَّى الْقَوْلُ بِأَنَّ الْفَرْضَ الثَّانِيَةُ أَوْ كِلَاهُمَا مَعَ التَّصْرِيحِ فِي الْحَدِيثِ بِكَوْنِهَا نَافِلَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute