للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَاتِرَ الْعَوْرَةِ مُطْلَقًا مَعَ أَنَّهُ يُعْذَرُ إذَا لَمْ يَعْتَدْ ذَلِكَ (وَأَكْلُ ذِي رِيحٍ كَرِيهٍ) بِقَيْدِ زِدْته بِقَوْلِي (تَعَسَّرَ إزَالَتُهُ) كَبَصَلٍ وَثُومٍ نِيءٍ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلًا أَوْ كُرَّاثًا فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا» وَفِي رِوَايَةٍ «الْمَسَاجِدَ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ» . زَادَ الْبُخَارِيُّ قَالَ جَابِرٍ مَا أُرَاهُ يَعْنِي إلَّا نِيئَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَعْسُرْ وَبِخِلَافِ الْمَطْبُوخِ لِزَوَالِ رِيحِهِ

ــ

[حاشية الجمل]

ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فَيَجُوزُ قِرَاءَةُ الْكِتَابِ بِالْوَجْهَيْنِ اهـ عَمِيرَةُ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ وَأَكْلُ ذِي رِيحٍ كَرِيهٍ) أَيْ إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِأَكْلِهِ إسْقَاطَ الْجُمُعَةِ، وَإِلَّا حَرُمَ عَلَيْهِ فِي الْجُمُعَةِ وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْحُضُورُ اهـ. عَنَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ ذِي رِيحٍ كَرِيهٍ) وَمِنْهُ الدُّخَانُ الْمَشْهُورُ الْآنَ جَعَلَ اللَّهُ عَاقِبَتَهُ كَأَنَّهُ مَا كَانَ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ تَعَسَّرَ إزَالَتُهُ) أَيْ بِغَسْلٍ أَوْ مُعَالَجَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا سَهُلَتْ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ فَلَا يَكُونُ عُذْرًا، وَلَا يُكْرَهُ لِلْمَعْذُورِ دُخُولُ الْمَسْجِدِ، وَلَوْ مَعَ الرِّيحِ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ حِبَّانَ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ فِي حَقِّهِ ذَلِكَ كَمَا فِي آخِرِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ مِنْ الرَّوْضَةِ خِلَافًا لِمَنْ صَرَّحَ بِحُرْمَتِهِ هَذَا، وَالْأَوْجَهُ كَمَا يَقْتَضِيهِ إطْلَاقُهُمْ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَعْذُورِ وَغَيْرِهِ لِوُجُودِ الْمَعْنَى، وَهُوَ التَّأَذِّي، وَلَا فَرْقَ فِي ثُبُوتِ الْكَرَاهَةِ بَيْنَ كَوْنِ الْمَسْجِدِ خَالِيًا أَوْ لَا، وَهَلْ يُكْرَهُ أَكْلُهُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ أَوْ لَا أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِكَرَاهَتِهِ نَيْئًا كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ بَلْ جَعَلَهُ أَصْلًا مَقِيسًا عَلَيْهِ حَيْثُ قَالَ وَكُرِهَ لَهُ يَعْنِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكْلَ الْبَصَلِ وَالثُّومِ وَالْكُرَّاثِ وَإِنْ كَانَ مَطْبُوخًا كَمَا كُرِهَ لَنَا نَيْئًا اهـ.، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَنْقُولُ الْمَذْهَبِ إذْ عَادَتُهُ غَالِبًا فِي غَيْرِ ذَلِكَ عَزْوُهُ إلَى قَائِلِهِ، وَإِنْ اعْتَمَدَهُ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ شَرْطَ إسْقَاطِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِأَكْلِهِ الْإِسْقَاطَ، وَإِنْ تَعَسَّرَ إزَالَتُهُ اهـ. شَرْحُ م ر، وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ، وَمَرَّ آنِفًا أَنَّ مَنْ أَكَلَهُ بِقَصْدِ الْإِسْقَاطِ كُرِهَ لَهُ، وَحَرُمَ عَلَيْهِ فِي الْجُمُعَةِ، وَلَمْ تَسْقُطْ، وَيَنْبَغِي حُرْمَتُهُ هُنَا أَيْضًا إذَا تَوَقَّفَتْ الْجَمَاعَةُ الْمُجْزِئَةُ عَلَيْهِ اهـ.

وَقَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِ بِالْقَصْدِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْصِدْ الْإِسْقَاطَ لَمْ يَأْثَمْ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ، وَإِنْ تَعَمَّدَ أَكْلَهُ، وَعَلِمَ أَنَّ النَّاسَ يَتَضَرَّرُونَ بِهِ، وَقَوْلُهُ وَلَمْ تَسْقُطْ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْحُضُورِ، وَإِنْ تَأَذَّى بِهِ الْحَاضِرُونَ بَقِيَ أَنَّ مِثْلَ أَكْلِ مَا ذُكِرَ بِقَصْدِ الْإِسْقَاطِ وَضْعُ قِدْرِهِ فِي الْفُرْنِ بِقَصْدِ ذَلِكَ لَكِنْ لَا يَجِبُ الْحُضُورُ مَعَ تَأْدِيَتِهِ لِتَلَفِهِ اهـ. سم عَلَى حَجّ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ نَيْءٌ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ نَاءَ الطَّعَامُ يَنِيءُ نَيْئًا مِنْ بَابِ بَاعَ فَهُوَ نَيْءٌ إذَا لَمْ يَنْضَجُ انْتَهَى فَهُوَ اسْمٌ جَامِدٌ أَوْ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ مِثْلُ جَلِفَ اهـ. شَيْخُنَا ح ف، وَفِي الْمِصْبَاحِ النِّيءُ بِالْهَمْزِ وِزَانُ حِمْلٍ كُلِّ شَيْءٍ شَأْنُهُ أَنْ يُعَالَجَ بِطَبْخٍ أَوْ شَيْءٍ، وَلَمْ يَنْضَجْ فَيُقَالُ لَحْمٌ نِيءٌ، وَالْإِبْدَالُ وَالْإِدْغَامُ غَيْرُ مَشْهُورٍ، وَنَاءَ اللَّحْمُ وَغَيْرُهُ نَيْئًا مِنْ بَابِ بَاعَ إذَا كَانَ غَيْرَ نَضْجٍ، وَيَتَعَدَّى بِالْهَمْزِ فَيُقَالُ أَنَاءَهُ صَاحِبُهُ إذَا لَمْ يُنْضِجْهُ اهـ. (قَوْلُهُ مَنْ أَكَلَ بَصَلًا إلَخْ) وَأَكْلُهَا مَكْرُوهٌ فِي حَقِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الرَّاجِحِ، وَكَذَا فِي حَقِّنَا، وَلَوْ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ ثُومًا) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَبِالْوَاوِ. اهـ. مُنَاوِيٌّ، وَقَوْلُهُ أَوْ كُرَّاثًا بِضَمِّ الْكَافِ وَفَتْحِهَا اهـ. قَامُوسٌ.

(فَائِدَةٌ) ذَكَرَ بَعْضُ السَّلَفِ أَنَّ مَنْ أَكَلَ الْفُجْلَ ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ خَمْسَ عَشَرَةَ مَرَّةً فِي نَفَسٍ وَاحِدٍ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى النَّبِيِّ الطَّاهِرِ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ رِيحٌ، وَلَا يَتَجَشَّأُ مِنْهُ، وَقَالَ بَعْضُ الْأَطِبَّاءِ لَوْ عَلِمَ آكِلُ رُءُوسِ الْفُجْلِ مَا فِيهَا مِنْ الضَّرَرِ لَمْ يَعَضَّ عَلَى رَأْسِ فُجْلَةٍ قَالَ وَمَنْ أَكَلَ عُرُوقَهُ مُبْتَدِئًا بِأَطْرَافِهَا لَا يَتَجَشَّأُ مِنْهُ أَيْضًا اهـ. ق ل (قَوْلُهُ فَلَا يَقْرُبَنَّ مَسْجِدَنَا) هُوَ بِضَمِّ الرَّاءِ مِنْ قَرُبَ يَقْرُبُ بِضَمِّهَا فِيهِمَا اهـ. عَمِيرَةُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ مُقْتَضَى الْحَدِيثِ التَّحْرِيمُ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ اهـ. أَطْفِيحِيٌّ، وَفِي الْمِصْبَاحِ، وَقَرَّبْتُ الْأَمْرَ أُقَرِّبهُ مِنْ بَابِ تَعِبَ، وَفِي لُغَةٍ مِنْ بَابِ قَتَلَ قِرْبَانًا بِالْكَسْرِ فَعَلَّته أَوْ دَانَيْته، وَمِنْ الْأَوَّلِ لَا تَقْرَبُوا الزِّنَا، وَمِنْ الثَّانِي لَا تَقْرُبْ الْحُمَّى أَيْ لَا تَدْنُ مِنْهُ انْتَهَى، وَفِي الْمُخْتَارِ قَرِبَهُ بِالْكَسْرِ قِرْبَانًا بِكَسْرِ الْقَافِ دَنَا مِنْهُ اهـ.

(قَوْلُهُ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى إلَخْ) قَدْ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ غَيْرُ الْكَاتِبِينَ لِأَنَّهُمَا لَا يُفَارِقَانِهِ بَقِيَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ مَوْجُودُونَ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ أَيْضًا فَمَا وَجْهُ التَّقْيِيدِ بِالْمَسْجِدِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ غَيْرِ الْمَسْجِدِ تَضْيِيقٌ لَا يَحْتَمِلُ، وَمَا مِنْ مَحِلٍّ إلَّا تُوجَدُ الْمَلَائِكَةُ فِيهِ، وَأَيْضًا يُمْكِنُ الْمَلَائِكَةَ الْبُعْدُ عَنْهُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ بِخِلَافِ الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُمْ يُحِبُّونَ مُلَازَمَتَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ نَعَمْ مَوْضِعُ الْجَمَاعَةِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ يَنْبَغِي أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. سم عَلَى ابْنِ حَجَرٍ أَقُولُ أَوْ لِشَرَفِ مَلَائِكَةِ الْمَسْجِدِ عَلَى غَيْرِهِمْ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي حِكْمَةِ الْبَصْقِ عَلَى الْيَسَارِ أَنَّ فِي ذَلِكَ تَعْظِيمَ مَلَكِ الْيَمِينِ لِكِتَابَتِهِ الْحَسَنَاتِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ مَا أُرَاهُ) أَيْ مَا أَظُنُّهُ، وَالضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ فِي الْفِعْلِ لِجَابِرٍ، وَالْبَارِزُ فِيهِ وَالْمُسْتَتِرُ فِي يَعْنِي لِلنَّبِيِّ، وَفِي قَوْلِهِ إلَّا نِيئَهُ أَيْ الْمَذْكُورَ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمَطْبُوخِ لِزَوَالِ رِيحِهِ) فَإِنْ بَقِيَ لَهُ رِيحٌ يُؤْذِي، وَإِنْ قَلَّ كَانَ عُذْرًا، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَنْ بِثِيَابِهِ أَوْ بَدَنِهِ رِيحٌ كَرِيهٌ يُؤْذِي كَأَرْبَابِ الْحِرَفِ الْخَبِيثَةِ كَقَصَّابٍ، وَمَنْ بِهِ صُنَانٌ مُسْتَحْكَمٌ أَوْ بَخْرٌ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>