ذَلِكَ لِكَرَاهَةِ الصَّلَاةِ حِينَئِذٍ كَمَا مَرَّ آخِرَ شُرُوطِ الصَّلَاةِ فَإِذَا لَمْ تُطْلَبْ مَعَهُ الصَّلَاةُ فَالْجَمَاعَةُ أَوْلَى (وَخَوْفٍ عَلَى مَعْصُومٍ) مِنْ نَفْسٍ أَوْ عِرْضٍ أَوْ حَقٍّ لَهُ أَوْ لِمَنْ يَلْزَمُهُ الذَّبُّ عَنْهُ بِخِلَافِ خَوْفِهِ مِمَّنْ يُطَالِبُهُ بِحَقٍّ هُوَ ظَالِمٌ فِي مَنْعِهِ بَلْ عَلَيْهِ الْحُضُورُ وَتَوْفِيَةُ الْحَقِّ.
وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَخَوْفُ ظَالِمٍ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ (وَ) خَوْفٍ (مِنْ) مُلَازَمَةٍ أَوْ حَبْسِ (غَرِيمٍ لَهُ وَبِهِ) أَيْ الْخَائِفِ (إعْسَارٌ يَعْسُرُ) عَلَيْهِ إثْبَاتُهُ بِخِلَافِ الْمُوسِرِ بِمَا يَفِي بِمَا عَلَيْهِ وَالْمُعْسِرُ الْقَادِرُ عَلَى الْإِثْبَاتِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ حَلِفٍ وَالْغَرِيمُ يُطْلَقُ لُغَةً عَلَى الْمَدِينِ وَالدَّائِنِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَقَوْلِي يَعْسُرُ إثْبَاتُهُ مِنْ زِيَادَتِي وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْبَسِيطِ (وَ) خَوْفٍ مِنْ (عُقُوبَةٍ) كَقَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ وَتَعْزِيرٍ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِآدَمِيٍّ (يَرْجُو) الْخَائِفُ (الْعَفْوَ) عَنْهَا (بِغَيْبَتِهِ) مُدَّةَ رَجَائِهِ الْعَفْوَ بِخِلَافِ مَا لَا يَقْبَلُ الْعَفْوَ كَحَدِّ سَرِقَةٍ وَشُرْبٍ وَزِنًا إذَا بَلَغَتْ الْإِمَامَ أَوْ كَانَ لَا يَرْجُو الْعَفْوَ وَاسْتَشْكَلَ الْإِمَامُ جَوَازَ الْغَيْبَةِ لِمَنْ عَلَيْهِ قَوَدٌ فَإِنَّ مُوجِبَهُ كَبِيرَةٌ وَالتَّخْفِيفُ يُنَافِيهِ.
وَأَجَابَ بِأَنَّ الْعَفْوَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ وَالْغَيْبَةُ طَرِيقَةٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْإِشْكَالُ أَقْوَى (وَ) خَوْفِ مَنْ (تَخَلَّفَ عَنْ رُفْقَةٍ) تَرْحَلُ لِمَشَقَّةِ التَّخَلُّفِ عَنْهُمْ (وَفَقْدِ لِبَاسٍ لَائِقٍ) بِهِ وَإِنْ وَجَدَ سَاتِرَ الْعَوْرَةِ لِأَنَّ عَلَيْهِ مَشَقَّةً فِي خُرُوجِهِ كَذَلِكَ أَمَّا إذَا وَجَدَ لَائِقًا بِهِ وَلَوْ سَاتِرًا لِلْعَوْرَةِ فَقَطْ فَلَيْسَ بِعُذْرٍ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَعُرْيٍ لِإِيهَامِهِ أَنَّهُ لَا يُعْذَرُ مَنْ وَجَدَ
ــ
[حاشية الجمل]
كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ صَلَّى وُجُوبًا مَعَ مُدَافَعَةِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ مُحَافَظَةً عَلَى حُرْمَةِ الْوَقْتِ اهـ. شَرْحُ م ر، وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ فَيَبْدَأُ إلَخْ أَيْ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ، وَإِنْ فَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ، وَإِلَّا حَرُمَ قَطْعُ الْفَرْضِ إنْ لَمْ يَخْشَ ضَرَرًا يَقِينًا أَوْ ظَنًّا، وَإِلَّا وَجَبَ قَطْعُهُ، وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ، وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ طَرَأَ فِي أَثْنَائِهَا (قَوْلُهُ وَخَوْفٌ عَلَى مَعْصُومٍ) خَرَجَ بِهِ نَفْسُ مُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ وَزَانٍ مُحْصَنٍ وَتَارِكِ صَلَاةٍ وَأَمْوَالِهِمْ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ عَرَضٌ) كَالْخَوْفِ مِمَّنْ يَقْذِفُهُ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ حَقٌّ لَهُ) أَيْ لِلشَّخْصِ الَّذِي تُطْلَبُ مِنْهُ الْجَمَاعَةُ، وَلَا يَصِحُّ عَوْدُ الضَّمِيرِ لِلْمَعْصُومِ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِهِ أَوْ لِمَنْ يَلْزَمُهُ الذَّبُّ عَنْهُ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ لَهُ أَوْ لِمَنْ يَلْزَمُهُ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْحَقِّ اهـ. شَيْخُنَا، وَانْظُرْ مَا الْمَانِعُ مِنْ رُجُوعِهِ لِلثَّلَاثَةِ مَعَ أَنَّهُ أُفِيدَ. اهـ.
(قَوْلُهُ أَوْ لِمَنْ يَلْزَمُهُ الذَّبُّ عَنْهُ) بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ الدَّفْعِ، وَهُوَ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ فَمَنْ لَا يَلْزَمُهُ الذَّبُّ كَذَلِكَ، وَمِنْ الْعُذْرِ فَوَاتُ نَذْرٍ بِتَأْخِيرِهِ، وَفَوَاتِ تَمَلُّكٍ مُبَاحٍ كَصَيْدٍ، وَفَوَاتِ رِبْحٍ لِمُتَوَقَّعِهِ وَأَكْلِ طَيْرٍ لِبِذْرٍ أَوْ زَرْعٍ وَتَلَفِ خُبْزٍ فِي تَنُّورٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْضًا أَوْ لِمَنْ يَلْزَمُهُ الذَّبُّ عَنْهُ) وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ الذَّبُّ عَنْهُ فِي الْأَوْجَهِ، وَهَذَا لَا يُنَاسِبُ كَلَامَهُ فِي بَابِ الصِّيَالِ مِنْ وُجُوبِ الدَّفْعِ عَنْ مَالِ الْغَيْرِ حَيْثُ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ وِفَاقًا لِلْغَزَالِيِّ اهـ. ح ل، وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِاَلَّذِي لَا يَلْزَمُهُ الذَّبُّ عَنْهُ الَّذِي يَحْصُلُ لَهُ مَشَقَّةٌ فِي دَفْعِ الصَّائِلِ عَلَيْهِ أَوْ يَكُونُ الْمَصُولُ عَلَيْهِ غَيْرَ مَحْقُونِ الدَّمِ كَزَانٍ مُحْصَنٍ وَحَرْبِيٍّ، وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ أَوْ لِمَنْ يَلْزَمُهُ الذَّبُّ عَنْهُ قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ، وَظَهَرَ أَنَّ كَلَامَ م ر فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الَّذِي لَا يَلْزَمُهُ الذَّبُّ عَنْهُ لَا يَكُونُ مُرَخِّصًا فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ خَوْفِهِ إلَخْ) لَعَلَّ هَذَا مُحْتَرَزُ قَيْدٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ، وَخَوْفُ ظَالِمٍ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي عِبَارَةِ الْأَصْلِ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَخَوْفُ ظَالِمٍ) أَيْ لِأَنَّ الظَّالِمَ لَيْسَ بِقَيْدٍ إذْ الْخَوْفُ عَلَى نَحْوِ الْخُبْزِ فِي التَّنُّورُ عُذْرٌ أَيْضًا، وَكَذَا النَّفْسُ وَالْمَالُ لَيْسَا بِقَيْدٍ اهـ. شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر، وَذِكْرُ ظَالِمٍ مِثَالٌ لَا قَيْدٌ إذَا الْخَوْفُ عَلَى نَحْوِ خُبْزِهِ فِي تَنُّورٍ عُذْرٌ أَيْضًا، وَمَحِلُّ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِمَا ذُكِرَ إسْقَاطَ الْجَمَاعَةِ، وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ عُذْرًا نَعَمْ إنْ خَافَ تَلَفَهُ سَقَطَتْ عَنْهُ حِينَئِذٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِلنَّهْيِ عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ، وَكَذَا فِي كُلِّ مَالِهِ رِيحٌ كَرِيهٌ بِقَصْدِ الْإِسْقَاطِ فَيَأْثَمُ بِعَدَمِ حُضُورِهِ الْجُمُعَةَ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَلَوْ مَعَ رِيحٍ مُنْتِنٍ لَكِنْ يُنْدَبُ لَهُ السَّعْيُ فِي إزَالَتِهِ عِنْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْهَا كَذَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَأَفْتَى أَيْضًا بِأَنَّهُ تَسْقُطُ الْجُمُعَةُ عَنْ أَهْلِ مَحَلٍّ عَمَّهُمْ عُذْرٌ كَمَطَرٍ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ حَلِفٍ) نَعَمْ لَوْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بِعِوَضٍ يَأْخُذُهُ الْحَاكِمُ مِنْهُ فَهُوَ فِي مَعْنَى الْعَاجِزِ عَنْ الْإِثْبَاتِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ وَعُقُوبَةُ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى غَرِيمٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ، وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى مَعْصُومٍ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَسَلُّطٌ عَلَيْهِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ، وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْعُقُوبَةَ إنْ كَانَتْ تَعْزِيرًا جَازَتْ الْغَيْبَةُ، وَإِنْ كَانَتْ حَدًّا فَإِنْ كَانَ لِآدَمِيٍّ فَكَذَلِكَ أَوْ لِلَّهِ فَإِنْ بَلَغَتْ الْإِمَامَ امْتَنَعَتْ، وَإِلَّا جَازَتْ اهـ شَبْشِيرِيٌّ (قَوْلُهُ كَقَوَدٍ) فَلَوْ كَانَ الْقِصَاصُ لِصَبِيٍّ فَإِنْ قَرُبَ بُلُوغُهُ كَانَتْ الْغَيْبَةُ عُذْرًا إذَا رُجِيَ الْعَفْوُ، وَإِنْ بَعُدَ بُلُوغُهُ فَلَا تَكُونُ عُذْرًا لِأَنَّ الْعَفْوَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ بُلُوغِهِ فَيُؤَدِّي إلَى تَرْكِ الْجَمَاعَةِ سِنِينَ كَمَا فِي م ر وز ي اهـ.
(قَوْلُهُ يَرْجُو الْعَفْوَ بِغَيْبَتِهِ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ مِنْ الْخَائِفِ الْمَفْهُومِ مِنْ خَوْفٍ، وَقَوْلُهُ مُدَّةَ رَجَائِهِ ظَرْفٌ لِغَيْبَتِهِ أَيْ بِغَيْبَتِهِ جَمِيعَ مُدَّةٍ رَجَاءَ الْعَفْوِ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَيْضًا يَرْجُو الْعَفْوَ) أَيْ وَلَوْ عَلَى بُعْدٍ، وَلَوْ بِبَذْلِ مَالٍ، وَقَوْلُهُ مُدَّةَ رَجَائِهِ أَيْ مُدَّةً يَسْكُنُ فِيهَا غَضَبُ الْمُسْتَحِقِّ، وَإِنْ طَالَتْ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ) أَيْ مَدْعُوٌّ إلَيْهِ مِنْ الشَّارِعِ أَيْ طَلَبَهُ الشَّارِعُ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَالْإِشْكَالُ أَقْوَى) أَيْ مِنْ الْجَوَابِ لِأَنَّ الْقَوَدَ حَقٌّ آدَمِيٌّ، وَالْخُرُوجُ مِنْهُ وَاجِبٌ فَوْرًا بِالتَّوْبَةِ، وَهِيَ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى تَسْلِيمِ نَفْسِهِ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ أَيْ فَفِيهِ تَرْكُ وَاجِبٍ، وَهُوَ التَّوْبَةُ لِتَحْصِيلِ مَنْدُوبٍ، وَهُوَ الْعَفْوُ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ لِمَشَقَّةِ التَّخَلُّفِ عَنْهُمْ) أَيْ بِاسْتِيحَاشِهِ، وَإِنْ أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ لَائِقٌ بِهِ) أَيْ بِأَنْ اعْتَادَهُ بِحَيْثُ لَمْ تَخْتَلَّ مُرُوءَتُهُ فِيمَا يَظْهَرُ أَيْضًا أَنَّ الْعَجْزَ عَنْ مَرْكُوبٍ لِمَنْ لَا يَلِيقُ بِهِ الْمَشْيُ كَالْعَجْزِ عَنْ لِبَاسٍ لَائِقٍ بِهِ اهـ. حَجّ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَعُرْيٌ) يُقَالُ فَرَسٌ عُرْيٌ أَيْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَيُقَالُ أَيْضًا عَرِيَ مِنْ ثِيَابِهِ إذَا تَعَرَّى كَعَمِيَ يَعْرَى عُرِّيَا بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَتَشْدِيد الْيَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute