فَضِدُّهُ أَوْلَى كَمَا أَشَرْت إلَى بَعْضِهِ فِيمَا مَرَّ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الْمُنْتَسِبَ إلَى مَنْ هَاجَرَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُنْتَسِبِ إلَى قُرَيْشٍ مَثَلًا (فَأَنْظَفُ ثَوْبًا وَبَدَنًا وَصَنْعَةً) عَنْ الْأَوْسَاخِ لِإِفْضَاءِ النَّظَافَةِ إلَى اسْتِمَالَةِ الْقُلُوبِ وَكَثْرَةِ الْجَمْعِ.
(فَأَحْسَنُ صَوْتًا) لِمَيْلِ الْقُلُوبِ إلَى الِاقْتِدَاءِ بِهِ وَاسْتِمَاعِ كَلَامِهِ (فَ) أَحْسَنُ (صُورَةً) لِمَيْلِ الْقُلُوبِ إلَى الِاقْتِدَاءِ بِهِ كَذَا رَتَّبَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الْمُتَوَلِّي وَجَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَالْأَصْلُ عَطْفٌ بِالْوَاوِ فَقَالَ فَإِنْ اسْتَوَيَا فَنَظَافَةُ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَحُسْنُ الصَّوْتِ وَطِيبُ الصَّنْعَةِ وَنَحْوِهَا أَيْ كَحُسْنِ وَجْهٍ وَسَمْتٍ وَاَلَّذِي فِي التَّحْقِيقِ فَإِنْ اسْتَوَيَا قُدِّمَ بِحُسْنِ الذِّكْرِ ثُمَّ بِنَظَافَةِ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَطِيبِ الصَّنْعَةِ وَحُسْنِ الصَّوْتِ ثُمَّ الْوَجْهِ وَفِي الْمَجْمُوعِ الْمُخْتَارُ تَقْدِيمُ أَحْسَنِهِمْ ذِكْرًا ثُمَّ صَوْتًا ثُمَّ هَيْئَةً فَإِنْ تَسَاوَيَا
ــ
[حاشية الجمل]
وَلَدِ الزِّنَا، وَمَنْ لَا يُعْرَفُ أَبُوهُ وَهِيَ مُصَوَّرَةٌ بِكَوْنِ ذَلِكَ فِي الِابْتِدَاءِ أَيْ ابْتِدَاءِ الصَّلَاةِ، وَلَمْ يُسَاوِهِ الْمَأْمُومُ فَإِنْ سَاوَاهُ أَوْ وَجَدَهُ قَدْ أَحْرَمَ، وَاقْتَدَى بِهِ فَلَا بَأْسَ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ كَمَا أَشَرْت إلَى بَعْضِهِ فِيمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ اُخْتُصَّ بِصِفَاتٍ مُرَجِّحَةٍ أَوْ فِي قَوْلِهِ وَعَدْلٌ أَوْلَى مِنْ فَاسِقٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ وَبِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ تَقْدِيمِ الْمُهَاجِرِ عَلَى الْمُنْتَسِبِ أَيْ فَوَلَدُ كُلٍّ فِي رُتْبَتِهِ، وَفِيهِ اعْتِرَاضٌ، وَهُوَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ عَلَيْهِ تَقْدِيمُ ابْنِ الْأَفْقَهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَارِئًا عَلَى الْأَقْرَإِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ. شَيْخُنَا، وَهَذَا الِاعْتِرَاضُ بَنَاهُ عَلَى مَا فَهِمَهُ مِنْ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ إلَخْ مُتَوَقِّفٌ عَلَى هَذَا الضَّمِيمَةُ، وَالْمَعُونَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّيْخُ بِقَوْلِهِ أَيْ مَوْلِدِ كُلٍّ فِي رُتْبَتِهِ، وَإِنَّمَا احْتَاجَ لِهَذَا لِأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَقْدَامِ هِجْرَةً فِيمَا تَقَدَّمَ الشَّخْصُ الْمُهَاجِرُ نَفْسُهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا عَلِمْت مِنْ عِبَارَةِ م ر السَّابِقَةِ النَّاصَّةِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْأَعَمُّ مِنْ نَفْسِهِ وَأَوْلَادِهِ فَإِنَّهُ قَالَ فِيمَا تَقَدَّمَ فَأَقْدَمُ هِجْرَةً بِالنِّسْبَةِ لِآبَائِهِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَبِالنِّسْبَةِ لِنَفْسِهِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ أَيْضًا، وَبِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ تَقْدِيمِ الْمُهَاجِرِ عَلَى الْمُنْتَسِبِ عُلِمَ أَنَّ الْمُنْتَسِبَ إلَى مَنْ هَاجَرَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُنْتَسِبِ لِقُرَيْشٍ، وَعَلَى قِيَاسِهِ يَكُونُ الْمُنْتَسِبُ لِمَنْ يُقَدَّمُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُنْتَسِبِ لِمَنْ يُؤَخَّرُ فَابْنُ الْأَفْقَهِ مُقَدَّمٌ عَلَى ابْنِ الْأَقْرَإِ، وَابْنُ الْأَقْرَإِ مُقَدَّمٌ عَلَى ابْنِ الْأَوْرَعِ، وَلَا مَانِعَ مِنْ الْتِزَامِ ذَلِكَ فَإِنْ قُلْت، وَعَلَى قِيَاسِهِ أَيْضًا يُلْتَزَمُ تَقْدِيمُ وَلَدِ الْأَسَنِّ، وَلَوْ فِي غَيْرِ الْإِسْلَامِ عَلَى وَلَدِ غَيْرِهِ، وَتَقْدِيمُ وَلَدِ مَنْ ذُكِرَ عَلَى وَلَدِ الْقُرَشِيِّ، وَيَبْعُدُ الْتِزَامُ ذَلِكَ ثُمَّ رَأَيْت عَنْ الشِّهَابِ الْبُرُلُّسِيِّ أَنَّهُ اعْتَرَضَ الشَّارِحُ بِأَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِاتِّفَاقِ الشَّيْخَيْنِ عَلَى تَقْدِيمِ قُرَيْشٍ عَلَى غَيْرِهَا مِنْ الْعَرَبِ، وَالْعَجَمِ لَا عَلَى الْأَفْقَهِ فَمَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْمَرَاتِبِ الَّتِي ذَكَرُوهَا انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ وَبِمَا تَقَرَّرَ إلَخْ شُبْهَتُهُ فِي هَذَا أَنَّ الْهِجْرَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى النَّسَبِ، وَيَرُدُّهُ أَمْرُ أَنَّ الْأَوَّلَ تَصْرِيحُ الرَّافِعِيِّ بِأَنَّ فَضِيلَةَ وَلَدِ الْمُهَاجِرِينَ مِنْ حَيِّزِ النَّسَبِ مَعَ تَصْرِيحِ الشَّيْخَيْنِ بِتَقْدِيمِ قُرَيْشٍ عَلَى غَيْرِهَا الثَّانِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَقُولَ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَلَدُ الْأَسَنِّ وَالْأَوْرَعِ وَالْأَقْرَإِ وَالْأَفْقَهِ مِنْ غَيْرِ قُرَيْشٍ مَعَ وَلَدِ الْقُرَشِيِّ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَذْهَبَ ذَاهِبٌ إلَى ذَلِكَ لِاتِّفَاقِ الشَّيْخَيْنِ عَلَى تَقْدِيمِ قُرَيْشٍ عَلَى غَيْرِهَا، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَنَبَّهَ شَيْخُنَا عَلَى أَنَّ قَوْلَ الْمَحَلِّيِّ وَأَوْلَادُ مَنْ هَاجَرَ أَوْ تَقَدَّمَتْ هِجْرَتُهُ عَلَى أَوْلَادِ غَيْرِهِمْ يُوهِمُ مُوَافَقَةَ الشَّارِحِ لَكِنَّهُ قَابِلٌ لِلتَّأْوِيلِ انْتَهَى انْتَهَتْ، وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(تَنْبِيهٌ) مَا اقْتَضَاهُ مَا ذُكِرَ مِنْ تَقْدِيمِ التَّابِعِيِّ وَوَلَدِهِ عَلَى الصَّحَابِيِّ وَوَلَدِهِ صَحِيحٌ، وَلَيْسَ فِيهِ مَا يَقْتَضِي تَفْضِيلَ التَّابِعِيِّ عَلَى الصَّحَابِيِّ كَمَا فَهِمَهُ بَعْضُ سُخَفَاءِ الْعُقُولِ، وَاغْتَرَّ بِهِ غَيْرُهُ اهـ. (قَوْلُهُ فَأَنْظَفُ ثَوْبًا وَبَدَنًا إلَخْ) الْوَاوُ فِي هَذِهِ بِمَعْنَى الْفَاءِ كَمَا فِي عِبَارَةِ م ر اهـ. شَيْخُنَا، وَفِي سم، وَلَوْ تَعَارَضَتْ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ فَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْأَنْظَفِ ثَوْبًا لِأَنَّ الثَّوْبَ أَكْثَرُ مُشَاهَدَةً مِنْ الْبَدَنِ فَالْقُلُوبُ إلَى صِحَابِهِ أَمْيَلُ ثُمَّ الْأَنْظَفُ بَدَنًا لِأَنَّ الْبَدَنَ مُشَاهَدٌ حَالَ الصَّلَاةِ فَالْقُلُوبُ أَمْيَلُ إلَى صَاحِبِهِ مِنْ الْأَنْظَفِ صَنْعَةً ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا مَا نَصُّهُ، وَلَوْ تَعَارَضَتْ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ قُدِّمَ الْأَنْظَفُ ثَوْبًا ثُمَّ بَدَنًا ثُمَّ صَنْعَةً فِيمَا يَظْهَرُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ لَوْنُ الثَّوْبِ، وَلَهُ وَجْهٌ، وَإِنْ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ تَقْدِيمَ ذِي الْأَبْيَضِ عَلَى ذِي الْأَسْوَدِ اهـ.
وَبَحْثُ الْأَذْرَعِيُّ وَاضِحٌ. اهـ. سم (قَوْلُهُ وَصَنْعَةً) أَيْ كَسْبًا فَيُقَدَّمُ الزَّرَّاعُ، وَالتَّاجِرُ عَلَى غَيْرِهِمَا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَأَحْسَنُ صُورَةً) الْمُرَادُ بِحُسْنِ الصُّورَةِ سَلَامَةُ الْأَعْضَاءِ مِنْ الْآفَاتِ كَالشَّلَلِ وَالْعَرَجِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ قُدِّمَ بِحُسْنِ الذِّكْرِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَصِفْهُ مَنْ لَمْ تُعْلَمْ عَدَاوَتُهُ لَهُ بِنَقْصٍ يُسْقِطُ الْعَدَالَةَ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ. حَجّ فَيَدْخُلُ فِيهِ مَنْ لَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ، وَمَنْ وُصِفَ بِخَارِمِ الْمُرُوءَةِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ أَيْضًا قُدِّمَ بِحُسْنِ الذِّكْرِ) هَذِهِ الْمَرْتَبَةُ أَسْقَطَهَا الْمُصَنِّفُ، وَهِيَ عَقِبُ قَوْلِهِ فَأَنْسَبُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصِّفَاتِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ الْأَفْقَهُ ثُمَّ الْأَقْرَأُ ثُمَّ الْأَزْهَدُ ثُمَّ الْأَوْرَعُ ثُمَّ الْأَقْدَمُ هِجْرَةً ثُمَّ الْأَسَنُّ ثُمَّ الْأَنْسَبُ ثُمَّ الْأَحْسَنُ ذِكْرًا ثُمَّ الْأَنْظَفُ ثَوْبًا فَوَجْهًا فَبَدَنًا فَصَنْعَةً ثُمَّ الْأَحْسَنُ صَوْتًا فَصُورَةً اهـ. سُلْطَانٌ (قَوْلُهُ وَفِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا فَائِدَةُ نَقْلِ هَذَا بَعْدَ كَلَامِ التَّحْقِيقِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فَائِدَتُهُ مَا فِيهِ مِنْ التَّصْرِيحِ بِالِاخْتِيَارِ لِأَنَّ غَرَضَهُ مِنْ نَقْلِ مَا فِي التَّحْقِيقِ، وَهَذَا لِإِشَارَةِ إلَى أَنَّ مَا فِي الْمِنْهَاجِ ضَعِيفٌ عِنْدَ النَّوَوِيِّ لِأَنَّهُ وَقَعَ لَهُ فِي التَّحْقِيقِ، وَغَيْرِهِ مَا يُخَالِفُهُ، وَالْمُخْتَارُ هُوَ مَا فِي الْغَيْرِ كَمَا قَالَ وَالْمُخْتَارُ إلَخْ. اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ ثُمَّ هَيْئَةُ) الْهَيْئَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute