لَكِنَّهَا تُكْرَهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ شَكَّ فِي تَقَدُّمِهِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمُفْسِدِ.
(وَسُنَّ أَنْ يَقِفَ إمَامٌ خَلْفَ الْمَقَامِ عِنْدَ الْكَعْبَةِ) تَبَعًا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِلصَّحَابَةِ مِنْ
ــ
[حاشية الجمل]
وَقَوْلُهُ وَيُنْدَبُ تَخَلُّفُهُ قَلِيلًا عُرْفًا، وَلَا يَتَوَقَّفُ حُصُولُ السُّنَّةِ عَلَى زِيَادَةِ الْقُرْبِ بِحَيْثُ يُحَاذِي بَعْضُ بَدَنِ الْمَأْمُومِ بَعْضَ بَدَنِ الْإِمَامِ فِي الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لَكِنَّهَا تُكْرَهُ) أَيْ وَتَفُوتُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ كَمَا هُوَ شَأْنُ كُلِّ مَكْرُوهٍ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ الْمَطْلُوبَةُ اهـ. ح ل، وَقَوْلُهُ وَتَفُوتُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ أَيْ فِيمَا قَارَنَ فِيهِ فَإِنْ انْتَفَتْ زَالَتْ الْكَرَاهَةُ، وَعَادَتْ الْفَضِيلَةُ اهـ. شَيْخُنَا، وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ، وَفِي حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَلَا تَضُرُّ مُسَاوَاتُهُ إلَخْ.
(تَنْبِيهٌ) مِنْ الْوَاضِحِ مِمَّا مَرَّ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ التَّحَرُّمَ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ حَصَّلَ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ، وَهِيَ السَّبْعُ وَالْعِشْرُونَ لَكِنَّهَا دُونَ مَنْ حَصَّلَهَا مِنْ أَوَّلِهَا بَلْ أَوْ فِي أَثْنَائِهَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَإِنَّ الْمُرَادَ بِالْفَضِيلَةِ الْفَائِتَةِ هُنَا فِيمَا إذَا سَاوَاهُ فِي الْبَعْضِ السَّبْعَةُ وَالْعِشْرُونَ فِي ذَلِكَ الْجُزْءِ، وَمَا عَدَاهُ مِمَّا لَمْ يُسَاوِهِ فِيهِ يَحْصُلُ لَهُ السَّبْعُ وَالْعِشْرُونَ لَكِنَّهَا مُتَفَاوِتَةٌ كَمَا تَقَرَّرَ، وَكَذَا فِي كُلِّ مَكْرُوهٍ هُنَا أَمْكَنَ تَبْعِيضُهُ اهـ. أَقُولُ قَوْلُهُ السَّبْعَةُ وَالْعِشْرُونَ أَيْ الَّتِي تَخُصُّ مَا قَارَنَ فِيهِ، وَإِيضَاحُهُ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي جَمَاعَةٍ تَزِيدُ عَلَى الْمُنْفَرِدِ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ صَلَاةً فَالرُّكُوعُ فِي الْجَمَاعَةِ يَزِيدُ عَلَى رُكُوعِ الْمُنْفَرِدِ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ رُكُوعًا فَإِذَا قَارَنَ فِيهِ دُونَ غَيْرِهِ فَاتَتْ الزِّيَادَةُ الْمُخْتَصَّةُ بِالرُّكُوعِ، وَهِيَ السَّبْعُ وَالْعِشْرُونَ الَّتِي تَتَعَيَّنُ لَهُ فَقَطْ دُونَ السَّبْعِ وَالْعِشْرِينَ الَّتِي تَخُصُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ مَثَلًا فِي الْجَمَاعَةِ اهـ.
(فَرْعٌ) صَلَّى عَلَى وَصْفٍ يَقْتَضِي كَرَاهَةَ الصَّلَاةِ نَفْسِهَا كَالْحَقْنِ فَالْوَجْهُ فَوَاتُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ أَيْضًا إذْ لَا يَتَّجِهُ فَوَاتُ ثَوَابِ أَصْلِ الصَّلَاةِ، وَحُصُولُ ثَوَابِ وَصْفِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. م ر اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْضًا لَكِنَّهَا تُكْرَهُ) أَيْ وَلَوْ فِي إمَامَةِ النِّسْوَةِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ نَعَمْ تُنْدَبُ الْمُسَاوَاةُ لِإِمَامِ عَارٍ لِعُرَاةِ بُصَرَاءَ فِي ضَوْءٍ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ أَيْضًا لَكِنَّهَا تُكْرَهُ) أَيْ وَتَفُوتُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ، وَإِنْ كَانَتْ صُورَتُهَا مُعْتَدًّا بِهَا فِي الْجُمُعَةِ، وَغَيْرِهَا حَتَّى يَسْقُطَ فَرْضُهَا فَلَا تَنَافِيَ، وَإِنْ ظَنَّهُ بَعْضُهُمْ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي كُلِّ مَكْرُوهٍ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ الْمَطْلُوبَةُ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ مُعْتَدًّا بِهَا أَيْ مِنْ حُصُولِ الشِّعَارِ فَيَسْقُطُ بِهَا فَرْضُ الْكِفَايَةِ، وَيَتَحَمَّلُ الْإِمَامُ عَنْهُ الْقِرَاءَةَ وَالسَّهْوَ، وَيَلْحَقُهُ سَهْوُ إمَامِهِ، وَيَضُرُّ التَّقَدُّمُ عَلَيْهِ بِرُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ كَمَا يَأْتِي، وَغَيْرُ ذَلِكَ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ شَكَّ فِي تَقَدُّمِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر فَإِنْ شَكَّ فِي تَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ لَمْ تَبْطُلْ، وَإِنْ جَاءَ مِنْ إمَامِهِ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الْمُبْطِلِ فَكَانَ مُقَدَّمًا عَلَى أَصْلِ بَقَاءِ التَّقَدُّمِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَ الشَّكُّ حَالَ النِّيَّةِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ كَمَا لَوْ شَكَّ عِنْدَ النِّيَّةِ فِي انْتِقَاضِ طُهْرِهِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ، وَيُقَالُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ الشَّكُّ حَالَ النِّيَّةِ مُغْتَفَرًا فَلَا تَنْعَقِدُ حِينَئِذٍ لِلتَّرَدُّدِ فِي النِّيَّةِ، وَالتَّرَدُّدُ يُؤَثِّرُ فِيهَا، وَعَرَضْته عَلَى شَيْخِنَا الطَّبَلَاوِيِّ فَارْتَضَاهُ انْتَهَى سم عَلَى الْمَنْهَجِ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُجَرَّدُ الشَّكِّ فِي النِّيَّةِ مَانِعًا مِنْ الِانْعِقَادِ لَا امْتَنَعَتْ الْقُدْوَةُ لِمَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ، وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ كَمَا أَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الطَّهَارَةِ، وَلَا نَظَرَ لِلِاحْتِمَالِ الْمُخَالِفِ لِلْأَصْلِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَسُنَّ أَنْ يَقِفَ إمَامٌ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي الْآدَابِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهَذَا الشَّرْطِ، وَقَوْلُهُ خَلْفَ وَعِنْدَ كِلَاهُمَا مُتَعَلِّقٌ بِيَقِفُ، وَتَعَلُّقُ الثَّانِي بِهِ يُفِيدُ تَخْصِيصَ الْخَلْفِ بِالْقُرْبِ لِأَنَّ الْخَلْفَ يَصْدُقُ بِمَا لَا نِهَايَةَ لَهُ فَخَصَّصَهُ الثَّانِي، وَلَا يَصِحُّ تَعَلُّقُ الثَّانِي بِسُنَّ كَمَا قِيلَ لِفَسَادِ الْمَعْنَى لِأَنَّ السَّنَّ، وَهُوَ الطَّلَبُ الشَّرْعِيُّ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى لَيْسَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ خَلْفَ الْمَقَامِ) الْأَوْلَى أَمَامَ الْمَقَامِ لِأَنَّ خَلْفَ الْمَقَامِ جِهَةُ الْكَعْبَةِ، وَبَابُهُ فِي الْجِهَةِ الْأُخْرَى، وَالْعَمَلُ الْآنَ أَنَّ الْإِمَامَ يَقِفُ قُبَالَةَ بَابِ الْمَقَامِ فَيَكُونُ الْمَقَامُ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْكَعْبَةِ، وَمُقْتَضَى تَعْبِيرِ الْمَتْنِ بِخَلْفَ أَنَّ الْإِمَامَ يَجْعَلُ الْمَقَامَ خَلْفَ ظَهْرِهِ، وَيَتَوَجَّهُ لِلْكَعْبَةِ فَلَا يَكُونُ الْمَقَامُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ، وَهَذَا خِلَافُ مَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ لِمَنْ رَأَى تِلْكَ الْمَعَاهِدَ، وَقَدْ رَأَيْت فِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: وَسُنَّ أَنْ يَقِفَ إمَامٌ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا ز ي، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِخَلْفِهِ مَا يُسَمَّى خَلْفُهُ عُرْفًا، وَإِنَّهُ كُلَّمَا قَرُبَ مِنْهُ كَانَ أَفْضَلَ اهـ. حَجّ أَقُولُ أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى دَفْعِ مَا يُقَالُ كَانَ الْمُنَاسِبُ فِي التَّعْبِيرِ أَنْ يَقُولَ أَمَامَ الْمَقَامِ يَعْنِي بِأَنْ يَقِفَ قُبَالَةَ بَابِهِ لِأَنَّهُ إذَا وَقَفَ خَلْفَ الْمَقَامِ، وَاسْتَقْبَلَ الْكَعْبَةَ صَارَ الْمَقَامُ خَلْفَ ظَهْرِهِ اهـ.
وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ خَلْفَ الْمَقَامِ أَيْ بِحَيْثُ يَكُونُ الْمَقَامُ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْكَعْبَةِ لِأَنَّ وَجْهَهُ كَانَ مِنْ جِهَتِهَا اهـ.
فَانْظُرْ قَوْلَهُ كَانَ مِنْ جِهَتِهَا الْمُقْتَضَى أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْخَلْفِ صَحِيحٌ بِالنَّظَرِ إلَى مَا كَانَ أَوَّلًا، وَإِنَّ مَا هُوَ عَلَيْهِ الْآنَ قَدْ حَدَثَ فَالتَّوَقُّفُ وَالْإِشْكَالُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute