للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ لِعَيْنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مَعَ الْخُيَلَاءِ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَيُقَاسُ بِمَا فِيهِ مَا فِي مَعْنَاهُ وَلِأَنَّ اتِّخَاذَهُ يَجُرُّ إلَى اسْتِعْمَالِهِ (كَمُضَبَّبٍ بِأَحَدِهِمَا وَضَبَّةُ الْفِضَّةِ كَبِيرَةٌ لِغَيْرِ حَاجَةٍ) بِأَنْ كَانَتْ لِزِينَةٍ

ــ

[حاشية الجمل]

كَذَلِكَ.

وَعِبَارَةُ الْجَوَاهِرِ مَنْ اُبْتُلِيَ بِشَيْءٍ مِنْ اسْتِعْمَالِ آنِيَةِ النَّقْدِ صَبَّ مَا فِيهَا فِي إنَاءٍ غَيْرِهَا بِقَصْدِ التَّفْرِيغِ وَاسْتَعْمَلَهُ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَجْعَلْ الطَّعَامَ عَلَى رَغِيفٍ وَيَصُبُّ الدُّهْنَ وَمَاءَ الْوَرْدِ فِي يَدِهِ الْيُسْرَى ثُمَّ يَأْخُذُ مِنْهَا بِالْيُمْنَى وَيَسْتَعْمِلُهُ وَيَصُبُّ الْمَاءَ لِلْوُضُوءِ فِي يَدِهِ ثُمَّ يَصُبُّ مِنْ يَدِهِ إلَى مَحَلِّ الْوُضُوءِ وَكَذَا الْمَشْرُوبُ أَيْ بِأَنْ يَصُبَّ فِي يَدِهِ ثُمَّ يَشْرَبُ مِنْهَا قَالَ غَيْرُهُ: وَكَذَا لَوْ مَدَّ بِيُسْرَاهُ ثُمَّ كَتَبَ بِيَمِينِهِ اهـ ثُمَّ قَالَ وَنَظَّرَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ فِي التَّفْرِيغِ فِي يَسَارِهِ بِأَنَّهُ يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ مُسْتَعْمِلًا وَيُرَدُّ بِمَنْعِ مَا ذَكَرَهُ قَالَ: وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ غَيْرَهُ لَوْ صَبَّ عَلَيْهِ مِنْ إنَاءِ الذَّهَبِ فِي الْوُضُوءِ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ مُسْتَعْمَلًا لِأَنَّهُ مَا بَاشَرَ فَإِنْ كَانَ أَذِنَ لَهُ عَصَى مِنْ جِهَةِ الْأَمْرِ فَقَطْ ثُمَّ قَالَ: وَأَفَادَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ مَثَلًا أَنَّ الصَّبَّ فِي الْيُسْرَى لَيْسَ بِشَرْطٍ وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ وَعِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَالْحِيلَةُ فِي اسْتِعْمَالِ مَا فِي إنَاءِ النَّقْدِ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْهُ إلَى شَيْءٍ بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ يَأْكُلَهُ أَوْ يَصُبَّ الْمَاءَ فِي يَدِهِ ثُمَّ يَشْرَبَهُ أَوْ يَتَطَهَّرَ بِهِ أَوْ مَاءَ الْوَرْدِ فِي يَسَارِهِ ثُمَّ بِنَقْلِهِ لِيَمِينِهِ ثُمَّ يَسْتَعْمِلَهُ اهـ.

وَكَأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ مَاءِ الْوَرْدِ وَالْمَاءِ فِيمَا ذُكِرَ أَنَّ الْمَاءَ يُبَاشِرُ اسْتِعْمَالَهُ مِنْ إنَائِهِ مِنْ غَيْرِ تَوَسُّطِ الْيَدِ عَادَةً فَلَمْ يُعَدَّ صَبُّهُ فِيهَا ثُمَّ تَنَاوُلُهُ مِنْهَا اسْتِعْمَالًا لِإِنَائِهِ بِخِلَافِ الطَّيِّبِ فَإِنَّهُ لَمْ يُعْتَدْ فِيهِ ذَلِكَ إلَّا بِتَوَسُّطِ الْيَدِ فَاحْتِيجَ لِنَقْلِهِ مِنْهَا إلَى الْيَدِ الْأُخْرَى قَبْلَ اسْتِعْمَالِهِ وَإِلَّا كَانَ مُسْتَعْمِلًا لِإِنَائِهِ فِيمَا اُعْتِيدَ فِيهِ اهـ سم عَلَى حَجّ وَقَوْلُهُ فَيَصُبُّهُ أَوَّلًا فِي يَدِهِ الْيُسْرَى إلَخْ هَذَا فِي غَيْرِ الْمَاءِ أَمَّا هُوَ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ بَلْ يَكْفِي صَبُّهُ فِي يَدِهِ ثُمَّ يَشْرَبُهُ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ نَقْلٍ إلَى الْأُخْرَى كَمَا يُفِيدُهُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَقَوْلُهُ نَعَمْ يَجْرِي فِيهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي الْمُمَوَّهِ بِنَحْوِ نُحَاسٍ أَيْ فَإِنْ كَانَ الصَّدَأُ لَوْ فُرِضَ نُحَاسًا تَحَصَّلَ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ لَمْ يَحْرُمْ وَإِلَّا حَرُمَ وَقَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ تَحْلِيَةُ الْكَعْبَةِ هَلْ مِنْ التَّحْلِيَةِ مَا يُجْعَلُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فِي سِتْرِ الْكَعْبَةِ أَمْ مُخْتَصٌّ بِمَا يُجْعَلُ فِي بَابِهَا وَجُدْرَانِهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الْآنَ الْأَوَّلُ اهـ مَا كَتَبَهُ ع ش (قَوْلُهُ لِعَيْنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) فِيهِ أَنَّ الْعِلَّةَ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ وَصْفًا مُنَاسِبًا لِلْحُكْمِ وَعَيْنُ الذَّهَبِ أَيْ ذَاتُهُ لَيْسَتْ وَصْفًا اهـ لِكَاتِبِهِ وَقَوْلُهُ مَعَ الْخُيَلَاءِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ: لَوْ صَدِئَ إنَاءُ الذَّهَبِ بِحَيْثُ سَتَرَ الصَّدَأُ جَمِيعَ ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ حَلَّ اسْتِعْمَالُهُ لِفَوَاتِ الْخُيَلَاءِ اهـ زي.

وَفِي الْمِصْبَاحِ وَصَدِئَ الْحَدِيدُ مَهْمُوزٌ مِنْ بَابِ تَعِبَ إذَا عَلَاهُ الْجَرَبُ (قَوْلُهُ مَعَ الْخُيَلَاءِ) أَيْ التَّفَاخُرِ وَالتَّعَاظُمِ فَالنَّهْيُ مَعْقُولُ الْمَعْنَى وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَعَبُّدِيًّا اهـ ح ل.

وَالْخُيَلَاءُ بِضَمِّ الْخَاءِ وَالْمَدِّ مِنْ الِاخْتِيَالِ وَهُوَ التَّفَاخُرُ وَالتَّعَاظُمُ وَقَالَ الْوَاحِدِيُّ: الِاخْتِيَالُ مَأْخُوذٌ مِنْ التَّخَيُّلِ وَهُوَ التَّشَبُّهُ بِالشَّيْءِ فَالْمُخْتَالُ يَتَخَيَّلُ فِي صُورَةِ مَنْ هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ تَكَبُّرًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهَا) الصَّحْفَةُ مَا دُونَ الْقَصْعَةِ فَهِيَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِأَنَّ الْآنِيَةَ تَشْمَلُ الصَّحْفَةَ وَغَيْرَهَا وَخَصَّهَا بِالْأَكْلِ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْعَادَةِ الْأَكْلُ فِي الصِّحَافِ دُونَ الشُّرْبِ وَقَدَّمَ الشُّرْبَ فِي الْحَدِيثِ لِكَثْرَتِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَكْلِ اهـ ع ش عَلَى م ر وَقَالَ بَعْضُ شُرَّاحِ الْبُخَارِيِّ: الْآنِيَةُ اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ وَيُشْرِبُ فِيهِ فَتَكُونُ أَعَمَّ وَالصِّحَافُ اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ فِيهِ فَقَطْ اهـ أج.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهَا مِنْ إضَافَةِ الْأَخَصِّ إلَى الْأَعَمِّ فَهِيَ عَلَى مَعْنَى مِنْ وَبَقِيَّةُ الْحَدِيثِ «فَإِنَّ الَّذِي يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ فَإِنَّمَا يَجُرُّ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ» .

(فَائِدَةٌ) الصَّحْفَةُ كَالْقَصْعَةِ وَالْجَمْعُ صِحَافٌ قَالَ الْكِسَائِيُّ: وَأَعْظَمُ الْأَوَانِي الْجَفْنَةُ بِفَتْحِ الْجِيمِ ثُمَّ الْقَصْعَةُ تَلِيهَا تُشْبِعُ الْعَشَرَةَ ثُمَّ الْمَكِيلَةُ تُشْبِعُ الرَّجُلَيْنِ أَوْ الثَّلَاثَةَ ثُمَّ الصَّحْفَةُ تُشْبِعُ الرَّجُلَ الْوَاحِدَ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ اتِّخَاذَهُ يَجُرُّ إلَى اسْتِعْمَالِهِ) غَرَضُهُ بِهَذَا التَّعْلِيلِ الرَّدُّ عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِجَوَازِ اتِّخَاذِهِ.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَكَذَا يَحْرُمُ اتِّخَاذُهُ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّ اتِّخَاذَهُ يَجُرُّ إلَى اسْتِعْمَالِهِ وَالثَّانِي لَا يَحْرُمُ اقْتِصَارًا عَلَى مَوْرِدِ النَّهْيِ فِي الِاسْتِعْمَالِ انْتَهَتْ وَإِنَّمَا جَازَ اتِّخَاذُ نَحْوِ قِبَابِ الْحَرِيرِ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُلِ عَلَى خِلَافِ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الَّذِي اسْتَوْجَهَهُ بَعْضُهُمْ لِأَنَّ لِلنَّفْسِ مَيْلًا ذَاتِيًّا لِذَاكَ أَكْثَرَ فَكَانَ فِي اتِّخَاذِهِ مَظِنَّةُ اسْتِعْمَالِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ اهـ حَجّ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ كَمُضَبَّبٍ بِأَحَدِهِمَا) تَنْظِيرٌ فِي الْحُكْمِ لَا قِيَاسٌ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ وَكَانَ الْأَظْهَرُ فِي التَّعْبِيرِ عَطْفَهُ عَلَى الْمُسْتَثْنَى فَيَقُولُ أَوْ مُضَبَّبًا بِأَحَدِهِمَا وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ قَوْلَهُ وَضَبَّةُ الْفِضَّةِ كَبِيرَةٌ إلَخْ لَا يَرْجِعُ إلَّا لِهَذَا اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَضَبَّةُ الْفِضَّةِ كَبِيرَةٌ إلَخْ) الْوَاوُ لِلْحَالِ وَأَقْسَامُ الضَّبَّةِ سِتَّةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>