للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِنِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ وَإِنْ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ فَرْضَ كِفَايَةٍ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ إلَّا فِي الْجِهَادِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَلِأَنَّ الْفِرْقَةَ الْأُولَى فَارَقَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَاتِ الرِّقَاعِ كَمَا سَيَأْتِي (وَكُرِهَ) مِنْ زِيَادَتِي أَيْ قَطَعَهَا لِمُفَارَقَةِ الْجَمَاعَةِ الْمَطْلُوبَةِ وُجُوبًا وَنَدْبًا مُؤَكَّدًا (إلَّا لِعُذْرٍ) سَوَاءٌ أُرْخِصَ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ أَوْ لَا (كَمَرَضٍ

ــ

[حاشية الجمل]

ثَوْبَهُ تَخَرَّقَ اهـ. شَرْحُ م ر،.

وَعِبَارَةُ حَجّ، وَقَدْ تَجِبُ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ كَأَنْ عَرَضَ مُبْطِلٌ لِصَلَاةِ إمَامِهِ، وَقَدْ عَلِمَهُ فَتَلْزَمُهُ نِيَّتُهَا فَوْرًا، وَإِلَّا بَطَلَتْ، وَإِنْ لَمْ يُتَابِعْهُ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمُتَابَعَةَ الصُّورِيَّةَ مَوْجُودَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ قَطْعِهَا، وَهُوَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى نِيَّتِهِ، وَحِينَئِذٍ فَلَوْ اسْتَدْبَرَ الْإِمَامُ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْ الْمَأْمُومِ اتَّجَهَ عَدَمُ وُجُوبِهَا لِزَوَالِ الصُّورَةِ انْتَهَتْ.

وَقَدْ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ تَقَدَّمَ عَلَى الْإِمَامِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا تَقَدَّمَ أَيْ مَا لَمْ يَنْوِ الْمُفَارَقَةَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلَوْ كَفَى زَوَالُ الصُّورَةِ عَنْ نِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ لَمْ تَبْطُلْ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِتَعَدِّي الْمَأْمُومِ بِالتَّقَدُّمِ، وَعَدَمِ تَعَدِّيه بِتَأَخُّرِ الْإِمَامِ اهـ. سم اهـ. شَوْبَرِيٌّ، وَقَوْلُهُ وَكَشْفُهَا الرِّيحُ مَثَلًا، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الظَّاهِرَةَ هِيَ الَّتِي لَوْ تَأَمَّلَهَا أَبْصَرَهَا بِأَنْ كَانَتْ يَظْهَرُ الْإِمَامُ مَثَلًا أَمَّا عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ مُقْتَضَى الضَّبْطِ بِمَا فِي الْأَنْوَارِ أَنْ يُفْرَضَ بَاطِنُ الثَّوْبِ ظَاهِرٌ أَوْ مَا فِي الثَّوْبِ السَّافِلِ أَعْلَى، وَأَنَّ الظَّاهِرَةَ هِيَ الْعَيْنِيَّةُ، وَأَنَّ الْخَفِيَّةَ هِيَ الْحُكْمِيَّةُ فَقَطْ فَهَذِهِ مِنْ الظَّاهِرَةِ، وَعَلَيْهِ فَيَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ لَا الْمُفَارَقَةُ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ بِنِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ) أَيْ بِقَلْبِهِ فَقَطْ اهـ. ع ش، وَتَقَدَّمَ فِي الشَّرْطِ الْخَامِسِ عَنْ سم حُكْمُ مَا لَوْ تَلَفَّظَ بِنِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا السُّنَنُ فَلَا تَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ فِيهَا إلَّا فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ اهـ. شَرْحُ م ر.

وَقَوْلُهُ إلَّا فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَيْ فِي حَجّ الصَّبِيِّ وَالرَّقِيقِ وَعُمْرَتِهِمَا فَإِنَّهُمَا مِنْهُمَا سُنَّةٌ لَا فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَمَعَ ذَلِكَ يَحْرُمُ قَطْعُهُمَا بِمَعْنَى أَنَّ الْوَلِيَّ يَحْرُمُ عَلَيْهِ تَمْكِينُ الصَّبِيِّ مِنْ الْقَطْعِ أَمَّا الرَّقِيقُ فَالْحُرْمَةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ نَفْسُهُ لِتَكْلِيفِهِ، وَظَاهِرُ اقْتِصَارِهِ عَلَى اسْتِثْنَاءِ هَذَيْنِ أَنَّ الصَّبِيَّ إذَا صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ أَوْ حَضَرَ الصَّفَّ كَانَ لَهُ قَطْعُهُمَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ، وَلَوْ قِيلَ يَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الصَّبِيِّ مَنْعُهُ مِنْ إبْطَالِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ لِسُقُوطِ الْفَرْضِ بِهِ كَالْبَالِغِ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ الِازْدِرَاءِ بِالْمَيِّتِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا اهـ. ع ش عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ بِمَعْنَى أَنَّ الْوَلِيَّ يَحْرُمُ عَلَيْهِ إلَخْ مُقْتَضَاهُ أَنَّ حَجَّ الصَّبِيِّ وَالرَّقِيقِ يَنْقَطِعُ بِقَطْعِهِ، وَيَحْرُمُ تَمْكِينُهُمَا مِنْهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْحَجُّ لَا يَنْقَطِعُ إلَّا بِالرِّدَّةِ فَقَطْ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ هُنَاكَ (قَوْلُهُ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ) أَيْ وَإِنْ تَأَدَّى الْفَرْضُ بِغَيْرِهِ كَأَنْ صَلَّى عَلَيْهِ مَنْ سَقَطَ الْفَرْضُ بِهِ ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهِ غَيْرُهُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ قَطْعُهَا لِأَنَّهَا تَقَعُ فَرْضًا، وَإِنْ تَعَدَّدَ الْفَاعِلُونَ وَتَرَتَّبُوا، وَأَمَّا لَوْ ادَّعَاهَا شَخْصٌ بَعْدَ صَلَاتِهِ عَلَيْهِ أَوَّلًا فَتَقَعُ لَهُ نَفْلًا، وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ قَطْعُهَا قِيَاسًا عَلَى الْمَكْتُوبَةِ الْمُعَادَةِ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ.

وَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَكْتُوبَةَ الْمُعَادَةَ قِيلَ إنَّهَا الْفَرْضُ، وَقِيلَ الْفَرْضُ وَاحِدَةٌ لَا بِعَيْنِهَا يَحْتَسِبُ اللَّهُ مَا شَاءَ مِنْهُمَا، وَقِيلَ الْفَرْضُ أَكْمَلُ الصَّلَاتَيْنِ بِخِلَافِ هَذِهِ فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ فِي كَوْنِهَا نَفْلًا عَلَى أَنَّ إعَادَةَ الْجِنَازَةِ غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ فَكَانَ الْقِيَاسُ عَدَمَ انْعِقَادِهَا إلَّا أَنَّهُ جَوَّزَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الدُّعَاءُ ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي حُرْمَةِ قَطْعِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بَيْنَ كَوْنِهَا عَلَى حَاضِرٍ أَوْ غَائِبٍ أَوْ قَبْرٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِمَا فِي الْقَطْعِ مِنْ الْإِزْرَاءِ بِالْمَيِّتِ فِي الْجُمْلَةِ اهـ. ع ش عَلَى م ر، وَمِثْلُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ كُلُّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَيِّتِ مِنْ نَحْوِ غُسْلِهِ، وَتَكْفِينِهِ وَدَفْنِهِ اهـ. ح ل.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ أَيْ وَلَوْ عَلَى غَائِبٍ، وَمِثْلُهَا جَمِيعُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَيِّتِ مِنْ غُسْلٍ وَتَكْفِينٍ وَدَفْنٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ حَيْثُ عُدَّ تَهَاوُنًا بِهِ وَإِعْرَاضًا عَنْهُ لِأَنَّهُ ازْدِرَاءٌ بِهِ بِخِلَافِ التَّنَاوُبِ فِي حَفْرِ قَبْرِهِ وَحَمْلِهِ لِاسْتِرَاحَةٍ أَوْ تَبَرُّكٍ، وَلَا يَحْرُمُ قَطْعُ الْعِلْمِ وَنَحْوِهِ لِمَنْ شَرَعَ فِيهِ لِاسْتِقْلَالِ مَسَائِلِهِ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْفُرْقَةَ الْأُولَى إلَخْ) لَا يُقَالُ هَذَا مَحَلُّ عُذْرٍ فَلَا يَحْسُنُ الِاسْتِدْلَال بِهِ عَلَى الْجَوَازِ مُطْلَقًا لِأَنَّا نَقُولُ كَانَ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ صَلَاةَ بَطْنِ نَخْلٍ فَلَمْ تَتَعَيَّنْ تِلْكَ الْكَيْفِيَّةُ اهـ ح ل.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ، وَلِأَنَّ الْفُرْقَةَ الْأُولَى إلَخْ اسْتِدْلَالٌ عَلَى أَحَدِ شِقَّيْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَلَهُ قَطْعُهَا شَامِلٌ لِلْعُذْرِ، وَلِعَدَمِهِ فَقَوْلُهُ أَوَّلًا لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ إلَخْ اسْتِدْلَالٌ لِلْأَعَمِّ مِنْ الْعُذْرِ وَعَدَمِهِ، وَقَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْفُرْقَةَ الْأُولَى إلَخْ اسْتِدْلَالٌ لِمَا إذَا كَانَ ثَمَّ عُذْرٌ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ الْمَطْلُوبَةِ وُجُوبًا) أَيْ كَمَا فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَقَوْلُهُ أَوْ نَدْبًا أَيْ كَمَا فِي نَحْوِ الْعِيدِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ الْإِشَارَةَ لِلتَّفْرِيعِ عَلَى قَوْلَيْ الْجَمَاعَةِ مِنْ وُجُوبِهَا وَنَدْبِهَا، وَهُوَ أَوْلَى كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ الْمَحَلِّيِّ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ كَمَرَضٍ) مِثَالٌ لِلْعُذْرِ الَّذِي يُرَخَّصُ فِي تَرْكِهَا ابْتِدَاءً، وَقَوْلُهُ وَتَطْوِيلِ إمَامِ وَتَرْكِهِ إلَخْ مِثَالَانِ لِلْعُذْرِ الَّذِي لَا يُرَخَّصُ فِي تَرْكِهَا ابْتِدَاءً كَمَا يُعْلَمُ مَنْ شَرْحِ م ر، وَكُتِبَ عَلَيْهِ ع ش.

قَوْلُهُ يُرَخَّصُ فِي تَرْكِهَا ابْتِدَاءً قَضِيَّتُهُ أَنَّ مَا أُلْحِقَ هُنَا بِالْعُذْرِ كَالتَّطْوِيلِ، وَتَرْكِ السُّنَّةِ الْمَقْصُودَةِ لَا يُرَخَّصُ فِي التَّرْكِ

<<  <  ج: ص:  >  >>