أَوْ فَائِتَةَ سَفَرِ قَصْرٍ فِي سَفَرٍ) بِشُرُوطِهِ الْآتِيَةِ فَلَا تُقْصَرُ صُبْحٌ وَمَغْرِبٌ وَمَنْذُورَةٌ وَنَافِلَةٌ وَلَا فَائِتَةُ حَضَرٍ لِأَنَّهُ قَدْ تَعَيَّنَ فِعْلُهَا أَرْبَعًا فَلَمْ يَجُزْ نَقْصُهَا كَمَا فِي الْحَضَرِ وَلَا مَشْكُوكٍ فِي أَنَّهَا فَائِتَةُ حَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ احْتِيَاطًا وَلِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِتْمَامُ وَلَا فَائِتَةَ سَفَرٍ غَيْرِ قَصْرٍ وَلَوْ فِي سَفَرٍ آخَرَ وَلَا فَائِتَةِ سَفَرِ قَصْرٍ فِي حَضَرٍ أَوْ سَفَرِ غَيْرِ قَصْرٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلَّ قَصْرٍ.
(وَأَوَّلُهُ) أَيْ السَّفَرِ لِسَاكِنِ أَبْنِيَةٍ (مُجَاوَزَةُ سُورٍ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (مُخْتَصٌّ بِمَا سَافَرَ مِنْهُ)
ــ
[حاشية الجمل]
أَيْ يَقِينًا، وَلَوْ أَدَاءَ مَجَازِيًّا بِأَنْ شَرَعَ فِيهَا بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي السَّفَرِ، وَأَدْرَكَ مِنْهَا رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقَوْلُ الْعَلَّامَةِ الزِّيَادِيِّ يَكْفِي إدْرَاكُ مَا يَسَعُ رَكْعَةً مِنْ الْوَقْتِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي السَّفَرِ مُرَادُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ قَصْرُهَا لِكَوْنِهَا فَائِتَةَ سَفَرٍ خِلَافًا لِلْعَلَّامَةِ الْخَطِيبِ مِنْ مَنْعِ قَصْرِهَا لِأَنَّهَا عِنْدَهُ فَائِتَةٌ حَضَرَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ أَنَّهَا عِنْدَهُمَا مُؤَدَّاةٌ بِذَلِكَ الزَّمَنِ لِئَلَّا يَلْزَمَ عَدَمُ صِحَّةِ وَصْفِ صَلَاةِ الْقَضَاءِ، وَلِلِاتِّفَاقِ عَلَى الْقَضَاءِ فِيمَا لَوْ لَمْ يُوقِعْ مِنْهَا رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ، وَإِنْ كَانَ شُرُوعُهُ فِي وَقْتٍ يَسَعُهَا فَأَكْثَرَ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ أَوْ فَائِتَةَ سَفَرٍ قَصَرَ) أَيْ بِأَنْ فَاتَتْ فِي السَّفَرِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ سَافَرَ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ رَكْعَةً اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَوْ فَائِتَةَ سَفَرٍ قَصَرَ) أَيْ يَقِينًا فَهَذَا الْقَيْدُ مُلَاحَظٌ فِي الْمَتْنِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الشَّارِحِ، وَلَا مَشْكُوكَ فِي أَنَّهَا إلَخْ، وَقَوْلُهُ فِي سَفَرٍ فِيهِ أَنَّ النَّكِرَةَ إذَا أُعِيدَتْ نَكِرَةً كَانَتْ غَيْرَ الْأُولَى فَيَقْتَضِي التَّرْكِيبُ أَنَّ السَّفَرَ الثَّانِي سَفَرٌ غَيْرُ قَصْرٍ فَلَا يَصِحُّ الْإِخْرَاجُ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ، وَلَا فَائِتَةَ سَفَرٍ قَصَرَ فِي سَفَرٍ غَيْرِ قَصْرٍ فَلِذَلِكَ احْتَاجَ إلَى قَوْلِهِ بِشُرُوطِهِ الْآتِيَةِ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فِي سَفَرٍ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْمَتْنِ فِي سَفَرِهِ بِالْإِضَافَةِ لِلضَّمِيرِ، وَهِيَ وَاضِحَةٌ فِي إخْرَاجِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، وَعَلَيْهَا فَلَا يُحْتَاجُ إلَى قَوْلِ الشَّارِحِ بِشُرُوطِهِ الْآتِيَةِ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ بِشُرُوطِهِ الْآتِيَةِ) مِنْهَا أَنْ يَكُونَ طَوِيلًا، وَأَنْ يَكُونَ جَائِزًا سَوَاءٌ كَانَ وَاجِبًا أَمْ مَنْدُوبًا أَمْ مُبَاحًا أَمْ مَكْرُوهًا، وَمِنْهُ أَنْ يُسَافِرَ وَحْدَهُ لَا سِيَّمَا فِي اللَّيْلِ لِخَبَرِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ «كَرِهَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْوَحْدَةَ فِي السَّفَرِ، وَلَعَنَ رَاكِبَ الْفَلَاةِ وَحْدَهُ» أَيْ إنْ ظَنَّ لُحُوقَ ضَرَرٍ بِهِ، وَقَالَ الرَّاكِبُ شَيْطَانٌ وَالرَّاكِبَانِ شَيْطَانَانِ، وَالثَّلَاثَةُ رَكْبٌ فَيُكْرَهُ أَيْضًا اثْنَانِ فَقَطْ لَكِنَّ الْكَرَاهَةَ فِيهِمَا أَخَفُّ، نَعَمْ مَنْ كَانَ أُنْسُهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى بِحَيْثُ صَارَ أُنْسُهُ مَعَ الْوَحْدَةِ كَأُنْسِ غَيْرِهِ مَعَ الرُّفْقَةِ لَمْ يُكْرَهْ فِي حَقِّهِ مَا ذُكِرَ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا لَوْ دَعَتْ حَاجَةٌ إلَى الِانْفِرَادِ وَالْبُعْدِ عَنْ الرُّفْقَةِ إلَى حَدٍّ لَا يَلْحَقُهُ غَوْثُهُمْ فَلَا يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْوَحْدَةِ كَمَا لَا يَخْفَى اهـ. شَرْحَ م ر.
(قَوْلُهُ فَلَا تُقْصَرُ صُبْحٌ، وَمَغْرِبٌ) أَيْ بِالْإِجْمَاعِ، وَحَذَفَهُ الشَّارِحُ لِأَنَّ فِي طَبَقَاتِ الْعَبَّادِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيِّ جَوَازَ قَصْرِ الصُّبْحِ فِي الْخَوْفِ إلَى رَكْعَةٍ كَمَذْهَبِ ابْنِ عَبَّاسٍ اهـ. ابْنُ رَضِيِّ الدِّينِ عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ وَنَافِلَةً) اُنْظُرْ أَيْ نَافِلَةً قَابِلَةً لِلْقَصْرِ احْتَرَزَ عَنْهَا اهـ. شَوْبَرِيٌّ أَقُولُ لَا وَجْهَ لِهَذَا التَّرَدُّدِ فَإِنَّ سُنَّةَ الْعَصْرِ مَثَلًا أَرْبَعٌ، وَلَوْ أَرَادَ صَلَاةَ رَكْعَتَيْنِ قَصْرًا لِلْأَرْبَعِ إلَيْهِمَا لَمْ يَكْفِ بَلْ إنْ أَحْرَمَ بِرَكْعَتَيْنِ سُنَّةَ الْعَصْرِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِقَصْرٍ وَلَا جَمْعٍ صَحَّتَا، وَكَانَتَا بَعْضَ مَا طَلَبَ لِلْعَصْرِ، وَإِنْ أَحْرَمَ عَلَى أَنَّهُمَا قَصْرٌ لِلْأَرْبَعِ بِحَيْثُ إنَّهُمَا يَجْزِيَانِ عَنْ الْأَرْبَعِ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ طَلَبُ مَا زَادَ لَمْ يُعْتَدَّ بِنِيَّتِهِ بَلْ الْكَلَامُ فِي صِحَّةِ النِّيَّةِ حَيْثُ نَوَى مَا لَا يُعْتَدُّ بِهِ شَرْعًا اهـ. ع ش (قَوْلُهُ وَلَا مَشْكُوكَ فِي أَنَّهَا إلَخْ) مُرَادُهُ بِالشَّكِّ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ، وَلَوْ بِرُجْحَانٍ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ وَلَا فَائِتَةَ سَفَرٍ غَيْرِ قَصْرٍ) أَيْ لِكَوْنِهِ قَصِيرًا أَوْ سَفَرَ مَعْصِيَةٍ فَإِنْ كَانَ سَفَرَ غَيْرِ قَصْرٍ لِغَيْرِ هَاتَيْنِ الْجِهَتَيْنِ فَإِنَّ فَائِتَتَهُ تُقْضَى فِي السَّفَرِ مَقْصُورَةً كَأَنْ كَانَ سَفَرَ هَائِمٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ زَوْجَةٍ أَوْ جُنْدِيٍّ كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّرْطِ الثَّالِثِ،.
وَعِبَارَةُ م ر هُنَاكَ، وَلَوْ جَاوَزَ الْمَرْحَلَتَيْنِ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْقَصْرُ قَبْلَهُمَا قَضَى مَا فَاتَهُ قَبْلَهُمَا مَقْصُورًا لِأَنَّهَا فَائِتَةُ سَفَرٍ طَوِيلٍ كَمَا شَمِلَ ذَلِكَ كَلَامَهُمْ أَوَّلَ الْبَابِ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَأَوَّلُهُ مُجَاوَزَةُ سُورٍ إلَخْ) ، وَلَا أَثَرَ لِمُجَرَّدِ نِيَّةِ السَّفَرِ لِتَعْلِيقِ الْقَصْرِ فِي الْآيَةِ بِالضَّرْبِ الَّذِي هُوَ السَّفَرُ، وَيُخَالِفُ نِيَّةَ الْإِقَامَةِ كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّ الْإِقَامَةَ كَالْقُنْيَةِ فِي مَالِ التِّجَارَةِ كَذَا فَرَّقَ الرَّافِعِيُّ تَبَعًا لِبَعْضِ الْمَرَاوِزَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي نِيَّةِ الْإِقَامَةِ الْمُكْثُ، وَلَيْسَ مُرَادًا كَمَا سَيَأْتِي فَالْمَسْأَلَتَانِ كَمَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ مُسْتَوِيَتَانِ فِي أَنَّ مُجَرَّدَ النِّيَّةِ لَا يَكْفِي فَلَا حَاجَةَ لِفَارِقٍ اهـ. شَرْحَ م ر لَكِنْ سَيَأْتِي فِي بَعْضِ الصُّوَرِ أَنَّ مُجَرَّدَ النِّيَّةِ يَقْطَعُ السَّفَرَ، وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ، وَنِيَّةُ رُجُوعِهِ مَاكِثًا إلَخْ (قَوْلُهُ أَيْضًا وَأَوَّلُهُ مُجَاوَزَةُ سُورٍ إلَخْ) هَذَا كُلُّهُ إذَا سَافَرَ فِي الْبَرِّ فَإِنْ سَافَرَ فِي الْبَحْرِ الْمُتَّصِلِ سَاحِلُهُ بِالْبَلَدِ، وَقَدْ سَافَرَ فِيهِ عَرَضًا فَلَا بُدَّ مِنْ جَرْيِ السَّفِينَةِ أَوْ الزَّوْرَقِ إلَيْهَا أَيْ آخِرِ مَرَّةٍ فَلِمَنْ بِالسَّفِينَةِ أَنْ يَتَرَخَّصَ إذَا جَرَى الزَّوْرَقُ، وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْبَلَدُ لَهُ سُورٌ فَيَكُونُ سَيْرُ الزَّوْرَقِ بِمَثَابَةِ الْخُرُوجِ مِنْ السُّورِ، وَهَذَا إذَا سَافَرَ فِي عَرْضِ الْبَحْرِ، وَأَمَّا لَوْ سَافَرَ فِي طُولِهِ مُحَاذِيًا لِلْعُمْرَانِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُجَاوَزَةِ الْعُمْرَانِ، وَحِينَئِذٍ يُخَالِفُ سَيْرُ الْبَحْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute