للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَضَاءِ نُسُكِهِ ثَلَاثًا وَكَانَ يَحْرُمُ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ الْإِقَامَةُ بِمَكَّةَ وَمُسَاكَنَةُ الْكُفَّارِ رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ فَالتَّرْخِيصُ بِالثَّلَاثَةِ يَدُلُّ عَلَى بَقَاءِ حُكْمِ السَّفَرِ بِخِلَافِ الْأَرْبَعَةِ وَأُلْحِقَ بِإِقَامَتِهَا نِيَّةُ إقَامَتِهَا وَتُعْتَبَرُ بِلَيَالِيِهَا وَفِي مَعْنَى الثَّلَاثَةِ مَا فَوْقَهَا وَدُونَ الْأَرْبَعَةِ وَإِنَّمَا لَمْ يُحْسَبْ يَوْمَا الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ لِأَنَّ فِيهِمَا الْحَطَّ وَالرَّحِيلَ وَهُمَا مِنْ أَشْغَالِ السَّفَرِ أَمَّا لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ فِي الثَّانِيَةِ وَهُوَ سَائِرٌ فَلَا يُؤَثِّرُ لِأَنَّ سَبَبَ الْقَصْرِ السَّفَرُ وَهُوَ مَوْجُودٌ حَقِيقَةً وَكَذَا لَوْ نَوَاهَا فِيهَا أَوْ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ غَيْرِ الْمُسْتَقِلِّ دُونَ مَتْبُوعِهِ كَعَبْدٍ وَجَيْشٍ وَلَوْ مَاكِثًا (وَإِنْ تَوَقَّعَهُ) أَيْ رَجَا حُصُولَ إرْبِهِ (كُلَّ وَقْتٍ قَصَرَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا) صِحَاحًا وَلَوْ غَيْرَ مُحَارِبٍ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَامَهَا بِمَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ لِحَرْبِ هَوَازِنَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَإِنْ كَانَ فِي سَنَدِهِ ضَعْفٌ لِأَنَّ لَهُ شَوَاهِدَ

ــ

[حاشية الجمل]

فَقَدْ مَضَى الْأَجَلُ فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ نَعَمْ فَارْتَحَلَ» (قَوْلُهُ وَكَانَ يَحْرُمُ إلَخْ) أَيْ قَبْلَ الْفَتْحِ، وَأَتَى بِهِ لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ الثَّلَاثَةَ لَيْسَتْ إقَامَةً لِأَنَّ الْإِقَامَةَ كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِمْ اهـ. شَيْخُنَا، وَاسْمُ كَانَ ضَمِيرُ الشَّأْنِ، وَخَبَرُهَا جُمْلَةُ يَحْرُمُ إلَخْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَفِي مَعْنَى الثَّلَاثَةِ) أَيْ فِي الْحَدِيثِ فَصَحَّ اسْتِثْنَاءُ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ، وَبِهَذَا سَقَطَ مَا لِلشَّيْخِ عَمِيرَةَ فِي هَذَا الْمَقَامِ اهـ شَوْبَرِيٌّ، وَقَدْ نَقَلَ سم عَمِيرَةُ فَقَالَ قَوْلُهُ وَفِي مَعْنَى الثَّلَاثَةِ مَا فَوْقَهَا هَذَا غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالثَّلَاثَةِ فِي الْحَدِيثِ غَيْرُ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ، وَفَرْضُ إقَامَةِ زِيَادَةٍ عَلَى الثَّلَاثِ بِحَيْثُ لَا تَبْلُغُ الرَّابِعَ، وَتَكُونُ الثَّلَاثُ غَيْرَ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ غَيْرُ مَعْقُولٍ فَتَأَمَّلْ اهـ. عَمِيرَةُ.

(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يُحْسَبْ يَوْمَا الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ إلَخْ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَلَا يُحْسَبُ مِنْهَا أَيْ الْأَرْبَعَةِ يَوْمًا أَوْ لَيْلَتَا دُخُولِهِ وَخُرُوجِهِ عَلَى الصَّحِيحِ إذْ فِي الْأَوَّلِ الْحَطُّ، وَفِي الثَّانِي الرَّحِيلُ، وَهُمَا مِنْ مُهِمَّاتِ أَشْغَالِ السَّفَرِ الْمُقْتَضِي لِتَرَخُّصِهِ، وَبِهِ فَارَقَ حُسْبَانَهَا فِي مُدَّةِ مَسْحِ الْخُفِّ حَيْثُ اُعْتُبِرَتْ الْمُدَّةُ مِنْ آخِرِ الْحَدَثِ، وَإِنْ كَانَ فِي أَثْنَاءِ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ دَخَلَ لَيْلًا لَمْ يُحْسَبْ الْيَوْمُ الَّذِي يَلِيهِ مَرْدُودٌ، وَالثَّانِي يُحْسَبَانِ كَمَا يُحْسَبُ فِي مُدَّةِ الْخُفِّ يَوْمَ الْحَدَثِ، وَيَوْمَ النَّزْعِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمُسَافِرَ لَا يَسْتَوْعِبُ النَّهَارَ بِسَيْرِهِ، وَإِنَّمَا يَسِيرُ فِي بَعْضِهِ، وَهُوَ فِي يَوْمَيْ دُخُولِهِ وَخُرُوجِهِ سَائِرٌ فِي بَعْضِ النَّهَارِ بِخِلَافِ اللُّبْسِ فَإِنَّهُ مُسْتَوْعِبٌ لِلْمُدَّةِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ إلَخْ) هَذَا مِنْ بَقِيَّةِ الْكَلَامِ عَلَى الْمَفْهُومِ الَّذِي ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ أَمَّا إذَا لَمْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ إلَخْ، وَفِيهِ أَيْضًا مَفْهُومُ الْقَيْدُ الثَّالِثُ فِي الْمَتْنِ، وَهُوَ قَوْلُهُ وَهُوَ مُسْتَقِلٌّ، وَلَعَلَّ عُذْرَ الشَّارِحِ فِي تَوْسِيطِ الِاسْتِدْلَالِ بِالْخَبَرَيْنِ، وَالْقِيَاسِ بَيْنَ خِلَالِ الْكَلَامِ عَلَى الْمَفْهُومِ أَنَّ الْخَبَرَيْنِ، وَالْقِيَاسَ إنَّمَا يُثْبِتَانِ بَعْضَ الْمَفْهُومِ، وَهُوَ مَا قَدَّمَهُ عَلَيْهِمَا، وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْمَفْهُومِ فَلَمْ تُؤْخَذْ مِنْ دَلِيلِهِ الْمَذْكُورِ فَلِذَلِكَ أَخَّرَهَا عَنْهُ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى بَعْضِهَا بِدَلِيلٍ عَقْلِيٍّ حَيْثُ قَالَ لِأَنَّ سَبَبَ الْقَصْرِ السَّفَرُ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ نَوَاهَا فِيهَا) أَيْ فِي الثَّانِيَةِ، وَهِيَ مَا إذَا نَوَى بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَقَوْلُهُ أَوْ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ، وَهِيَ مَا إذَا نَوَى قَبْلَ الْبُلُوغِ الْمَذْكُورَةِ بِقَوْلِهِ وَقَدْ نَوَى قَبْلَ إلَخْ تَأَمَّلْ لَكِنْ لَا يَبْعُدُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ مَاكِثًا، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْمُخَالَفَةِ كَنِسَاءِ أَهْلِ مِصْرَ، وَصَمَّمَ عَلَى قَصْدِ الْمُخَالَفَةِ أَثَّرَتْ نِيَّتُهُ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ وَإِنْ تَوَقَّعَهُ كُلَّ وَقْتٍ إلَخْ) مِنْ ذَلِكَ انْتِظَارُ خُرُوجِ الرِّيحِ لِرَاكِبِ السَّفِينَةِ وَخُرُوجِ الرُّفْقَةِ إلَيْهِ إذَا كَانَ عَزْمُهُ عَلَى السَّفَرِ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجُوا فَإِنْ نَوَى أَنَّهُ لَا يُسَافِرُ إلَّا مَعَ الرُّفْقَةِ لَمْ يَتَرَخَّصْ لِعَدَمِ جَزْمِهِ بِالسَّفَرِ اهـ. ح ل وَزِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ كُلَّ وَقْتٍ) مُرَادُهُ مُدَّةً لَا تَقْطَعُ السَّفَرَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ كَيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِكُلَّ وَقْتٍ كُلَّ لَحْظَةٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ قَصَرَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا) يَعْنِي تَرَخَّصَ إذْ لَهُ سَائِرُ رُخَصِ السَّفَرِ، وَمَا اسْتَثْنَاهُ بَعْضُهُمْ مِنْ سُقُوطِ الْفَرْضِ بِالتَّيَمُّمِ وَصَلَاةِ النَّافِلَةِ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ يَرُدُّ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ إذْ الْمَدَارُ فِي الْأُولَى عَلَى غَلَبَةِ الْمَاءِ وَفَقْدِهِ، وَالْأَمْرُ فِي الثَّانِيَةِ مَنُوطٌ بِالسَّفَرِ، وَهُوَ مَفْقُودٌ هُنَا اهـ. شَرْحَ م ر.

(قَوْلُهُ وَلَوْ غَيْرَ مُحَارِبٍ) أَيْ مُقَاتِلٍ وَغَرَضُهُ بِهَذِهِ الْغَايَةِ الرَّدُّ عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ يُخَصِّصُ التَّرَخُّصَ بِالْمُقَاتِلِ، وَبَقِيَ قَوْلَانِ ضَعِيفَانِ أَيْضًا لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمَا لَعَلَّهُ لِشِدَّةِ ضَعْفِهِمَا الْأَوَّلُ قِيلَ يَتَرَخَّصُ أَبَدًا، وَالثَّانِي قِيلَ يَتَرَخَّصُ أَرْبَعَ أَيَّامٍ فَقَطْ،.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مِنْ شَرْحِ م ر، وَقِيلَ يَقْصُرُ أَرْبَعَةً فَقَطْ غَيْرَ كَامِلَةٍ لِأَنَّ الْقَصْرَ يَمْتَنِعُ بِنِيَّةِ إقَامَةِ الْأَرْبَعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فَبِفِعْلِهَا أَوْلَى لِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ النِّيَّةِ، وَفِي قَوْلٍ يَقْصُرُ أَبَدًا لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَوْ دَامَتْ الْحَاجَةُ لَدَامَ الْقَصْرُ، وَقِيلَ الْخِلَافُ فِيمَا فَوْقَ الْأَرْبَعَةِ فِي خَائِفِ الْقِتَالِ لَا التَّاجِرِ وَنَحْوِهِ كَالْمُتَفَقِّهِ فَلَا يَقْصُرَانِ فِيمَا فَوْقَهَا لِأَنَّ الْوَارِدَ إنَّمَا كَانَ فِي الْقِتَالِ، وَالْمُقَاتِلُ أَحْوَجُ لِلتَّرْخِيصِ، وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمُرَخَّصَ إنَّمَا هُوَ وَصْفُ السَّفَرِ، وَالْمُقَاتِلُ وَغَيْرُهُ فِيهِ سَوَاءٌ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ أَقَامَهَا بِمَكَّةَ) عِبَارَةُ م ر وحج بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَهِيَ ظَاهِرَةٌ اهـ. ع ش، وَرَوَى أَنَّهُ أَقَامَ سَبْعَةَ عَشَرَ، وَتِسْعَةَ عَشَرَ وَعِشْرِينَ، وَحَمَلَ الْأَخِيرَ عَلَى حِسَابِ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ، وَاَلَّذِي قَبْلَهُ عَلَى أَحَدِهِمَا، وَالْأَوَّلُ عَلَى فَوَاتِ يَوْمٍ قَبْلَ حُضُورِ الرَّاوِي لَهُ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ لِحَرْبِ هَوَازِنَ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَتَخْفِيفِ الْوَاوِ أَيْ لِأَجْلِ حَرْبِ هَوَازِنَ أَيْ لِأَجْلِ انْتِظَارِ الْخُرُوجِ لِحَرْبِهِمْ فَالْمُرَادُ أَنَّهُ كَانَ يَقْصُرُ فِي مَكَّةَ قَبْلَ الْخُرُوجِ لِحَرْبِ هَوَازِنَ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ كَانَ يَقْصُرُ وَقْتَ الْمُحَاصَرَةِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ بَعْضُهُمْ إذْ هَذَا لَيْسَ فِي كَلَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>