للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَخَرَجَ بِالْهَاشِمِيَّةِ الْمَنْسُوبَةِ لِبَنِي هَاشِمٍ الْأُمَوِيَّةُ الْمَنْسُوبَةُ لِبَنِي أُمَيَّةَ فَالْمَسَافَةُ بِهَا أَرْبَعُونَ إذْ كُلُّ خَمْسَةٍ مِنْهَا قَدْرُ سِتَّةٍ هَاشِمِيَّةٍ.

(وَ) ثَانِيهَا (جَوَازُهُ فَلَا قَصْرَ كَغَيْرِهِ) مِنْ بَقِيَّةِ رُخَصِ السَّفَرِ (لِعَاصٍ بِهِ) وَلَوْ فِي أَثْنَائِهِ كَآبِقٍ وَنَاشِزَةٍ

ــ

[حاشية الجمل]

صَحَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَخَمْسُمِائَةٍ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا ذَكَرُوهُ فِي تَحْدِيدِ مَا بَيْنَ مَكَّةَ، وَمِنًى، وَهِيَ، وَمُزْدَلِفَةُ، وَهِيَ وَعَرَفَةُ وَمَكَّةُ وَالتَّنْعِيمُ وَالْمَدِينَةُ، وَقُبَاءُ بِالْأَمْيَالِ اهـ.

وَيُرَدُّ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُمْ فِي تِلْكَ الْمَسَافَاتِ قَلَّدُوا الْمُحَدِّدِينَ لَهَا مِنْ غَيْرِ اخْتِبَارِهَا لِبُعْدِهَا عَنْ دِيَارِهِمْ عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْمُحَدِّدِينَ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ وَغَيْرِهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا كَمَا بَيَّنْته فِي حَاشِيَةِ إيضَاحِ الْمُصَنِّفِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يُعَارِضُ ذَلِكَ مَا حَدَّدُوهُ هُنَا، وَاخْتَبَرُوهُ لَا سِيَّمَا، وَقَوْلُ مِثْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ، وَغَيْرِهِمَا أَنَّ كُلًّا مِنْ جُدَّةَ وَالطَّائِفِ وَعُسْفَانَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرُوهُ هُنَا، نَعَمْ قَدْ يُعَارِضُ ذِكْرُ الطَّائِفِ قَوْلَهُمْ فِي قَرْنَ أَنَّهُ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ أَيْضًا مَعَ كَوْنِهِ أَقْرَبَ إلَى مَكَّةَ نَحْوَ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالطَّائِفِ هُوَ، وَمَا قَرُبَ إلَيْهِ فَيَشْمَلُ قَرْنَ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت فِي الْخُلَاصَةِ تَارِيخَ الْمَدِينَةِ الْمُشَرَّفَةِ لِلسَّيِّدِ السَّمْهُودِيِّ مَا نَصُّهُ.

(تَنْبِيهٌ) الْبَرِيدُ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ، وَالْفَرْسَخُ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ، وَالْمِيلُ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَخَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ كَمَا صَحَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِاخْتِيَارِ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْمَسَافَاتِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّهُ سِتَّةُ آلَافِ ذِرَاعٍ، وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا، وَقِيلَ أَلْفَا ذِرَاعٍ، وَالذِّرَاعُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أُصْبُعًا كُلُّ أُصْبُعٍ سِتُّ شَعِيرَاتٍ مَضْمُومَةٍ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ، وَذَلِكَ ذِرَاعُ الْأَثْمَنِ بِذِرَاعِ الْحَدِيدِ الْمُسْتَعْمَلِ بِمِصْرَ كَمَا حَقَّقَهُ التَّقِيُّ الْفَاسِيُّ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا اخْتَرْنَاهُ مِنْ ذِرَاعِ مُحَقِّقِي الْمُتَقَدِّمِينَ، وَلْيَكُنْ ذَلِكَ عَلَى ذِكْرٍ مِنْك اهـ. (قَوْلُهُ الْمَنْسُوبَةُ لِبَنِي هَاشِمٍ) أَيْ بَنِي الْعَبَّاسِ لِتَقْدِيرِهِمْ لَهَا وَقْتَ خِلَافَتِهِمْ، وَلَيْسَتْ مَنْسُوبَةً إلَى تَقْدِيرِ هَاشِمٍ جَدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ قَدَّرَ أَمْيَالَ الْبَادِيَةِ، وَقَوْلُهُ الْمَنْسُوبَةُ لِبَنِي أُمَيَّةَ أَيْ لِتَقْدِيرِهِمْ لَهَا وَقْتَ خِلَافَتِهِمْ قَبْلَ بَنِي الْعَبَّاسِ اهـ. حَلَبِيٌّ.

(قَوْلُهُ الْأُمَوِيَّةُ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا قَالَهُ فِي شَرْحِ التَّوْضِيحِ فِي بَابِ النَّسَبِ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ، وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ قَالَ السُّيُوطِيّ فِي الْأَنْسَابِ الْأُمَوِيِّ بِالْفَتْحِ نِسْبَةٌ إلَى أَمَةَ بْنِ بِحَالَةَ بْنِ مَازِنِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، وَالْأُمَوِيُّ بِالضَّمِّ نِسْبَةٌ إلَى بَنِي أُمَيَّةَ قَالَ فِي جَامِعِ الْأُصُولِ بَعْدَ ذِكْرِ الْفَتْحِ وَالضَّمِّ، وَالْفَتْحُ قَلِيلٌ اهـ.

وَمُرَادُهُ أَنَّ الْمَنْسُوبِينَ إلَى أَمَةَ هُمْ الْقَلِيلُونَ، وَالْكَثِيرُ هُمْ الْمَنْسُوبُونَ إلَى بَنِي أُمَيَّةَ لَا أَنَّ فِي هَذِهِ النِّسْبَةِ لُغَتَيْنِ مُطْلَقًا فَمَا هُنَا بِالضَّمِّ لَا غَيْرُ اهـ.

وَبِهَذَا تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّوْبَرِيِّ (قَوْلُهُ إذْ كُلُّ خَمْسَةٍ مِنْهَا إلَخْ) بِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْهَاشِمِيَّةِ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ أَمْيَالَهَا بِالْهَاشِمِيَّةِ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ، وَبِالْأُمَوِيَّةِ أَرْبَعُونَ فَيَصِحُّ التَّقْدِيرُ بِالْأُمَوِيَّةِ أَيْضًا، وَلَكِنَّهُ إنَّمَا احْتَرَزَ عَنْهَا لِأَجْلِ قَوْلِهِ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ إذْ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْعَدَدِ يَجِبُ التَّقْيِيدُ بِالْهَاشِمِيَّةِ لِأَنَّهُ بِالْأُمَوِيَّةِ يَزِيدُ عَلَى الْمَرْحَلَتَيْنِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَثَانِيهَا جَوَازُهُ) لَا يُقَالُ هَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ السَّابِقُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ لِأَنَّا نَقُولُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ صِحَّةِ الْغَرَضِ وَالْجَوَازِ فَإِنَّ سَفَرَ الْمَرْأَةِ لِلتِّجَارَةِ بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا سَفَرٌ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ لَكِنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ اهـ. شَوْبَرِيٌّ، وَالْمُرَادُ بِالْجَائِزِ مَا لَيْسَ حَرَامًا فَيَشْمَلُ الْوَاجِبَ وَالْمَنْدُوبَ وَالْمَكْرُوهَ كَالسَّفَرِ لِلتِّجَارَةِ فِي أَكْفَانِ الْمَوْتَى اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ لِعَاصٍ بِهِ) أَيْ وَإِنْ انْضَمَّ إلَى الْمَعْصِيَةِ غَيْرُهَا كَأَنْ قَصَدَ قَطْعَ الطَّرِيقِ وَزِيَارَةَ أَهْلِهِ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ فِي أَثْنَائِهِ بِأَنْ أَنْشَأَهُ مُبَاحًا ثُمَّ قَصَدَ الْعِصْيَانَ بِهِ فِي أَثْنَائِهِ اهـ. ح ل، وَأَمَّا الْعَاصِي فِيهِ كَأَنْ زَنَى فِيهِ أَوْ شَرِبَ خَمْرًا فَإِنَّهُ يَقْصُرُ مُطْلَقًا اهـ. شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ أَمَّا الْمَعْصِيَةُ فِي السَّفَرِ كَشُرْبِ خَمْرٍ فِي سَفَرِ حَجٍّ فَلَا تُؤَثِّرُ لِإِبَاحَةِ السَّفَرِ فَلَا نَظَرَ لِمَا يَطْرَأُ فِيهِ انْتَهَتْ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر، وَخَرَجَ بِالْعَاصِي بِسَفَرِهِ الْعَاصِي فِيهِ، وَهُوَ مَنْ يَقْصِدُ سَفَرًا مُبَاحًا فَتَعْرِضُ لَهُ فِيهِ مَعْصِيَةٌ فَيَرْتَكِبُهَا فَلَهُ التَّرَخُّصُ لِأَنَّ سَبَبَ تَرَخُّصِهِ مُبَاحٌ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا انْتَهَتْ، وَمِنْ الْمَعْصِيَةِ بِالسَّفَرِ مَا لَوْ ذَهَبَ لِيَسْعَى عَلَى وَظِيفَةِ غَيْرِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَنْ مَعَهُ الْوَظِيفَةُ أَهْلًا لَهَا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي أَثْنَائِهِ) وَهَذَا يُقَالُ لَهُ عَاصٍ فِي السَّفَرِ بِالسَّفَرِ بِأَنْ أَنْشَأَهُ مُبَاحًا ثُمَّ قَلَبَهُ مَعْصِيَتُهُ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ كَآبِقٍ وَنَاشِزَةٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَا غَيْرَ بَالِغَيْنِ فَانْتَفَى عَنْهُمَا الْإِثْمُ اهـ. شَرْحُ م ر فَإِذَا سَافَرَ الصَّبِيُّ بِلَا إذْنٍ مِنْ وَلِيِّهِ لَمْ يَقْصُرْ قَبْلَ بُلُوغِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ قَاسِمٍ، وَكَذَا النَّاشِزَةُ الصَّغِيرَةُ.

وَيُنْظَرُ فِيمَا بَقِيَ بَعْدَ الْبُلُوغِ مِنْ الْمَسَافَةِ فَإِنْ بَلَغَ مَرْحَلَتَيْنِ قَصَرُوا، وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا عُصَاةً حَالَ السَّفَرِ لَهُمْ حُكْمُ الْعُصَاةِ، وَقَالَ حَجّ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ الصَّبِيَّ يَقْصُرُ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَبَعْدَهُ، وَإِنْ سَافَرَ بِلَا إذْنٍ مِنْ وَلِيِّهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَاصٍ، وَامْتِنَاعُ الْقَصْرِ فِي حَقِّهِ يَتَوَقَّفُ عَلَى نَقْلٍ فِي أَنَّ مَنْ فَعَلَ مَا هُوَ بِصُورَةِ الْمَعْصِيَةِ، وَلَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ لَهُ حُكْمُ الْعَاصِي اهـ ع ش عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>