لِأَنَّ السَّفَرَ سَبَبُ الرُّخْصَةِ فَلَا يُنَاطُ بِالْمَعْصِيَةِ نَعَمْ لَهُ بَلْ عَلَيْهِ التَّيَمُّمُ مَعَ وُجُوبِ إعَادَةِ مَا صَلَّاهُ بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (فَإِنْ تَابَ فَأَوَّلُهُ مَحَلُّ تَوْبَتِهِ) فَإِنْ كَانَ طَوِيلًا أَوْ لَمْ يُشْتَرَطْ لِلرُّخْصَةِ طُولُهُ كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ فِيهِ تَرَخُّصٌ وَإِلَّا
ــ
[حاشية الجمل]
وَفِي سم مَا نَصُّهُ (فَرْعٌ) سَافَرَ غَيْرُ الْبَالِغِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ حَيْثُ يُعْتَبَرُ إذْنُهُ يَتَّجِهُ أَنَّهُ فِي حُكْمِ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ هَذَا السَّفَرِ شَرْعًا، وَإِنْ لَمْ يَأْثَمْ لِعَدَمِ التَّكْلِيفِ فَهُوَ سَفَرٌ لَا يُوصَفُ بِالْجَوَازِ شَرْعًا، وَإِنْ لَمْ يُوصَفْ أَيْضًا بِالْحُرْمَةِ، وَالْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ أَظُنُّهَا فِي الْإِسْنَوِيِّ فَرَاجِعْهَا ثُمَّ رَأَيْت حَاصِلَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بَعْدَ أَنْ قَرَّرَ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ الصَّبِيَّ لَوْ قَصَدَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ قَصَرَ قَالَ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ مَا ذَكَرَهُ فِي الصَّبِيِّ يَتَّجِهُ إنْ بَعَثَهُ وَلِيُّهُ فَإِنْ سَافَرَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا أَثَرَ لِمَا قَطَعَهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ، وَإِنْ سَافَرَ مَعَهُ فَيَتَّجِهُ أَنْ يَجِيءَ فِيهِ مَا مَرَّ فِي غَيْرِهِ اهـ. (قَوْلُهُ أَيْضًا كَآبِقٍ وَنَاشِزَةٍ) أَيْ وَقَاطِعِ طَرِيقٍ وَمُسَافِرٍ بِلَا إذْنِ أَصْلٍ يَجِبُ اسْتِئْذَانُهُ فِيهِ، وَمُسَافِرٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ حَالٌ، وَإِنْ قَلَّ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى وَفَائِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ غَرِيمِهِ أَوْ ظَنَّ رِضَاهُ. اهـ. شَرْحُ م ر.
وَقَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ غَرِيمِهِ ظَاهِرُهُ، وَإِنْ بَعُدَ عَنْ مَحَلِّ رَبِّ الدَّيْنِ، وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْعَوْدُ أَوْ التَّوْكِيلُ فِي الْوَفَاءِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنْ لَمْ يَعْزِمْ عَلَى تَوْفِيَتِهِ إذَا قَدَرَ بِالتَّوْكِيلِ أَوْ نَحْوِهِ، وَنَدِمَ عَلَى خُرُوجِهِ بِلَا إذْنٍ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ عَجَزَ عَنْ رَدِّ الْمَظَالِمِ أَوْ عَزَمَ عَلَى رَدِّهَا إذَا قَدَرَ حَيْثُ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ فِي أَوَّلِ الْجَنَائِزِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ السَّفَرَ سَبَبُ الرُّخْصَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر إذْ مَشْرُوعِيَّةُ التَّرَخُّصِ فِي السَّفَرِ لِلْإِعَانَةِ، وَالْعَاصِي لَا يُعَانُ لِأَنَّ الرُّخَصَ لَا تُنَاطُ بِالْمَعَاصِي انْتَهَتْ (قَوْلُهُ فَلَا تُنَاطُ) أَيْ لَا تُعَلَّقُ، وَكَتَبَ أَيْضًا مَعْنَى قَوْلِهِمْ الرُّخَصُ لَا تُنَاطُ بِالْمَعَاصِي أَنَّ فِعْلَ الرُّخْصَةِ مَتَى تَوَقَّفَ عَلَى وُجُودِ شَيْءٍ فَإِنْ كَانَ تَعَاطِيهِ فِي نَفْسِهِ حَرَامًا امْتَنَعَ مَعَهُ فِعْلُ الرُّخْصَةِ، وَإِلَّا فَلَا اهـ. شَرْحُ م ر اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَهُ بَلْ عَلَيْهِ التَّيَمُّمُ إلَخْ) أَيْ لِلْفَقْدِ الْحِسِّيِّ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ التَّيَمُّمَ مِنْ رُخَصِ السَّفَرِ وَإِنَّهُ جَائِزٌ بَلْ وَاجِبٌ مَعَ الْمَعْصِيَةِ لِسَبَبٍ، وَهُوَ السَّفَرُ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَيْسَ مِنْ رُخَصِ السَّفَرِ، وَلَيْسَ سَبَبُهُ السَّفَرَ، وَإِلَّا لَاخْتَصَّ بِالسَّفَرِ، وَإِنَّمَا سَبَبُهُ فَقَدْ الْمَاءِ فَلَا حَاجَةَ لِلِاسْتِدْرَاكِ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ السَّفَرُ مَظِنَّةً لِفَقْدِ الْمَاءِ غَالِبًا كَانَ كَأَنَّهُ سَبَبٌ لَهُ فَوَجَبَتْ الْإِعَادَةُ لِذَلِكَ أَوْ يُقَالُ سُقُوطُ الْإِعَادَةِ عَنْ الْمُتَيَمِّمِ رُخْصَةٌ، وَهِيَ لَا تَسْقُطُ عَنْ الْعَاصِي، وَلَوْ مُقِيمًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ التَّيَمُّمُ لِمَرَضٍ فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَةِ مَا صَلَّاهُ بِالتَّيَمُّمِ لِأَنَّ سَبَبَهُ الْمَرَضُ لَا الْفَقْدُ، وَلَيْسَ السَّفَرُ سَبَبًا لِلتَّرَخُّصِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ. ح ل.
وَعِبَارَةُ ع ش.
قَوْلُهُ بَلْ عَلَيْهِ التَّيَمُّمُ أَيْ حَيْثُ كَانَ التَّيَمُّمُ لِفَقْدِ حِسِّيٍّ أَمَّا لَوْ كَانَ لِفَقْدِ شَرْعِيٍّ فَلَا يَجُوزُ، وَلَهُ التَّيَمُّمُ إلَّا بَعْدَ تَوْبَةٍ صَحِيحَةٍ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَابَ إلَخْ) هَذَا رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْغَايَةِ، وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الْعِصْيَانُ ابْتِدَاءً، وَأَمَّا مَا بَعْدَهَا، وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الْعِصْيَانُ فِي الْأَثْنَاءِ فَيَتَرَخَّصُ فِيهِ إذَا تَابَ، وَلَوْ كَانَ الْبَاقِي دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ اهـ مِنْ الزِّيَادِيِّ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر فَلَوْ أَنْشَأَ سَفَرًا مُبَاحًا ثُمَّ جَعَلَهُ مَعْصِيَةً فَلَا تَرَخُّصَ لَهُ فِي الْأَصَحِّ مِنْ حِينِ جَعْلِهِ مَعْصِيَةً كَمَا لَوْ أَنْشَأَهُ بِهَذِهِ النِّيَّةِ، وَالثَّانِي يَتَرَخَّصُ اكْتِفَاءً بِكَوْنِ السَّفَرِ مُبَاحًا فِي ابْتِدَائِهِ فَإِنْ تَابَ تَرَخَّصَ جَزْمًا كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ اللُّقَطَةِ أَيْ، وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي أَقَلَّ مِنْ مَرْحَلَتَيْنِ نَظَرًا لِأَوَّلِهِ وَآخِرِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ مِمَّا يُوهِمُ خِلَافَهُ مُؤَوَّلٌ انْتَهَتْ، وَقَدْ عَلِمْت تَأْوِيلَهُ بِجَعْلِ قَوْلِهِ فَإِنْ تَابَ إلَخْ خَاصًّا بِمَا قَبْلَ الْغَايَةِ (قَوْلُهُ أَيْضًا فَإِنْ تَابَ إلَخْ) أَيْ تَوْبَةً صَحِيحَةً، وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا صَحِيحَةً مَا لَوْ عَصَى بِسَفَرِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ تَابَ فَإِنَّهُ لَا يَتَرَخَّصُ مِنْ حِينِ تَوْبَتِهِ بَلْ حَتَّى تَفُوتَ الْجُمُعَةُ، وَمِنْ وَقْتِ فَوَاتِهَا يَكُونُ ابْتِدَاءُ سَفَرِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. اهـ. شَرْحُ م ر، وَقَوْلُهُ حَتَّى تَفُوتَ الْجُمُعَةُ أَيْ بِسَلَامِ الْإِمَامِ مِنْهَا بِاعْتِبَارِ غَلَبَةِ ظَنِّهِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ لَا يَتَرَخَّصُ، وَإِنْ بَعُدَ عَنْ مَحَلِّ الْجُمُعَةِ، وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ إدْرَاكُهَا. اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
وَعِبَارَةُ ح ل.
قَوْلُهُ فَإِنْ تَابَ إلَخْ أَيْ، وَقَدْ خَرَجَ عَنْ تَلَبُّسِهِ بِالْمَعْصِيَةِ، وَأَمَّا لَوْ عَصَى بِسَفَرِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ تَابَ قَبْلَ فَوْتِ الْجُمُعَةِ فَلَا عِبْرَةَ بِتَوْبَتِهِ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ تَفُوتَهُ الْجُمُعَةُ أَيْ بِالْيَأْسِ مِنْهَا، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ وَقْتُهَا، وَالْمُرَادُ الْيَأْسُ الْعَادِيُّ، وَمِنْ وَقْتِ فَوَاتِهَا يَكُونُ ابْتِدَاءُ سَفَرِهِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ مَحَلُّ تَوْبَتِهِ) أَيْ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ مَا تُعْتَبَرُ مُجَاوَزَتُهُ أَوَّلًا اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ) فِيهِ أَنَّ أَكْلَ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ لَيْسَ مِنْ رُخَصِ السَّفَرِ لِجَوَازِهِ لِلْمُقِيمِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) نَعَمْ لَوْ كَانَ الْمُسَافِرُ كَافِرًا ثُمَّ أَسْلَمَ فِي أَثْنَاءِ سَفَرِهِ تَرَخَّصَ، وَإِنْ بَقِيَ دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ وَأُلْحِقُ بِسَفَرِ الْمَعْصِيَةِ إلَخْ) فَإِنْ قُلْت هَذَا سَفَرُ مَعْصِيَةٍ فَمَا وَجْهُ الْإِلْحَاقِ اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute