أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَصَمَّ أَوْ جَاوَزَ سَمْعُهُ حَدَّ الْعَادَةِ لَمْ يُعْتَبَرْ وَبِقَوْلِي عَادَةً فِي هُدُوٍّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الصَّوْتُ الْعَالِي عَلَى خِلَافِ عَادَتِهِ فِي بَقِيَّةِ الْأَيَّامِ أَوْ عَلَى عَادَتِهِ لَا فِي هُدُوٍّ لَمْ يَتَعَيَّنْ وَلَا يُعْتَبَرُ وُقُوفُ الْمُنَادِي بِمَحَلٍّ عَالٍ كَمَنَارَةٍ
وَلَوْ وَافَقَ يَوْمَ جُمُعَةٍ عِيدٌ فَحَضَرَ صَلَاتَهُ أَهْلُ قُرًى يَبْلُغُهُمْ النِّدَاءُ فَلَهُمْ الِانْصِرَافُ وَتَرْكُ الْجُمُعَةِ نَعَمْ لَوْ دَخَلَ وَقْتُهَا قَبْلَ انْصِرَافِهِمْ كَأَنْ دَخَلَ عَقِبَ سَلَامِهِمْ مِنْ الْعِيدِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ تَرْكُهَا وَقَوْلِي مُعْتَدِلَ سَمْعٍ وَعَادَةً مَعَ أَوْ مُسَافِرٍ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي وَتَعْبِيرِي بِمُسْتَوٍ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِقَرْيَةٍ.
(وَتَلْزَمُ) الْجُمُعَةُ (أَعْمَى وَجَدَ قَائِدًا) مُتَبَرِّعًا
ــ
[حاشية الجمل]
وَقَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةَ يُفْرَضُ الصُّعُودُ أَوْ الْهُبُوطُ مُمْتَدًّا إلَى غَيْرِ جِهَةِ بَلَدِ الْجُمُعَةِ وَالْقَرْيَةُ عَلَى طَرَفِهِ؛ لِأَنَّهُمْ يَقْطَعُونَ تِلْكَ الْمَسَافَةَ فِي الْوُصُولِ إلَيْهَا اهـ.
(قَوْلُهُ إنَّهُ لَوْ كَانَ أَصَمَّ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مُعْتَدِلَ السَّمْعِ لَسَمِعَ وَقَوْلُهُ: أَوْ جَاوَزَ إلَخْ أَيْ وَلَوْ كَانَ مُعْتَدِلَ السَّمْعِ لَمْ يَسْمَعْ اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: لَمْ يُعْتَبَرْ) أَيْ فَتَجِبُ عَلَى الْأَصَمِّ وَلَا تَجِبُ عَلَى مَنْ جَاوَزَ سَمْعُهُ الْعَادَةَ فَلَا يُعْتَبَرُ الْأَوَّلُ فِي إسْقَاطِ الْوُجُوبِ وَلَا الثَّانِي فِي تَحْصِيلِهِ اهـ. شَيْخُنَا، فَإِنْ قُلْت قِيَاسُ مَا فِي الصَّوْمِ مِنْ أَنَّ حَدِيدَ الْبَصَرِ إذَا رَأَى الْهِلَالَ يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ وُجُوبَ الْحُضُورِ هُنَا قُلْت الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمَدَارَ فِي الصَّوْمِ عَلَى الْعِلْمِ بِوُجُودِ الْهِلَالِ وَقَدْ حَصَلَ بِرُؤْيَةِ حَدِيدِ الْبَصَرِ وَالْمَدَارُ هُنَا عَلَى مَسَافَةٍ لَا يَحْصُلُ بِهَا مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ وَلَوْ عُوِّلَ عَلَى حَدِيدِ السَّمْعِ لَرُبَّمَا حَصَلَ لَهَا مَشَقَّةٌ تَامَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ فِي الْعَادَةِ فَإِنَّ حَدِيدَ السَّمْعِ قَدْ يَسْمَعُ مِنْ مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ كَنِصْفِ يَوْمٍ مَثَلًا اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى عَادَتِهِ لَا فِي هُدُوٍّ) أَيْ لِلرِّيَاحِ وَقَوْلُهُ: لَمْ تَتَعَيَّنْ أَيْ حَيْثُ سَمِعُوا مَعَ وُجُودِ الْأَصْوَاتِ أَوْ الرِّيَاحِ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا وَاضِحٌ فِي الرِّيَاحِ؛ لِأَنَّهَا رُبَّمَا حَمَلَتْ الصَّوْتَ وَأَمَّا الْأَصْوَاتُ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَسْمَعْ الصَّوْتَ مَعَ عَدَمِ الْأَصْوَاتِ فَمَعَ وُجُودِهَا أَوْلَى فَلَا وَجْهَ لِعَدَمِ الْيَقِينِ.
وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا اُعْتُبِرَ هُدُوُّ الْأَصْوَاتِ وَالرِّيَاحِ لِئَلَّا يَمْنَعَا بُلُوغَ النِّدَاءِ أَوْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الرِّيَاحُ. اهـ. حَلَبِيٌّ.
(قَوْلُهُ: كَمَنَارَةٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ) سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْبَلَدُ الْكَثِيرَةُ الْأَشْجَارِ وَالنَّخْلِ كَطَبَرِسْتَانَ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّا نُقَدِّرُ الْبُلُوغَ بِتَقْدِيرِ زَوَالِ الْمَانِعِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ السَّمَاعُ عُرْفًا بِحَيْثُ يُعْلَمُ أَنَّ مَا سَمِعَهُ نِدَاءُ الْجُمُعَةِ وَإِنْ لَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ كَلِمَاتِهِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ حَيْثُ اشْتَرَطَ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَسَكَتُوا عَنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي يَقِفُ فِيهِ الْمُسْتَمِعُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَوْضِعُ الْإِقَامَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي تَلَخَّصَ مِنْ كَلَامِهِمْ وَاعْتَمَدَهُ الْعَلَّامَةُ م ر أَنَّ ضَابِطَ مَا تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ مَا يَمْتَنِعُ الْقَصْرُ قَبْلَ مُجَاوَزَتِهِ فَشَمِلَ الْمَسْجِدَ الْخَارِجَ عَنْ الْبَلَدِ بِأَنْ خَرِبَ مَا بَيْنَ الْبَلَدِ وَبَيْنَهُ لَكِنْ لَمْ يَهْجُرُوهُ بَلْ يَتَرَدَّدُونَ إلَيْهِ لِنَحْوِ الصَّلَاةِ، وَكَذَا الْمَسْجِدُ الَّذِي أَحْدَثُوهُ بِجَانِبِ الْبَلَدِ مُنْفَصِلًا عَنْهَا قَلِيلًا مَعَ تَرَدُّدِهِمْ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَعْدُودٌ مِنْهَا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ وَافَقَ يَوْمَ جُمُعَةٍ عِيدٌ إلَخْ) مُرَادُهُ بِهَذَا اسْتِثْنَاءُ صُورَةٍ مِنْ مَنْطُوقِ قَوْلِهِ: بِمُسْتَوٍ أَيْ فَتَلْزَمُ الْمُقِيمَ بِهِ إلَّا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ. اهـ. ع ش بِالْمَعْنَى. (قَوْلُهُ: فَحَضَرَ صَلَاتَهُ أَهْلُ قُرًى) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى الذَّهَابِ إلَيْهِ وَعَدَمِهِ لَا عَلَى حُضُورِ الصَّلَاةِ فَمَتَى تَوَجَّهُوا إلَيْهِ بِقَصْدِ الصَّلَاةِ وَلَوْ لَمْ يُدْرِكُوهَا سَقَطَ عَنْهُمْ الْعَوْدُ لِلْجُمُعَةِ لِوُجُودِ الْمَشَقَّةِ وَأَمَّا لَوْ حَضَرُوا لِبَيْعِ أَسْبَابِهِمْ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُمْ الْحُضُورُ سَوَاءٌ رَجَعُوا إلَى مَحَلِّهِمْ أَوْ لَا اهـ. ع ش فَإِنْ لَمْ يَحْضُرُوا كَأَنْ صَلَّوْا الْعِيدَ بِمَكَانِهِمْ لَزِمَتْهُمْ الْجُمُعَةُ اهـ. ش م ر.
(قَوْلُهُ: فَلَهُمْ الِانْصِرَافُ وَتَرْكُ الْجُمُعَةِ) أَيْ لِسُقُوطِهَا عَنْهُمْ وَإِنْ قَرُبُوا وَأَمْكَنَهُمْ إدْرَاكُهَا لَوْ عَادُوا فَهَذِهِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ إطْلَاقِهِمْ وُجُوبَ السَّعْيِ عَلَى مَنْ يَسْمَعُ النِّدَاءَ وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا مَا لَوْ كَانَ مَنْ يَسْمَعُ النِّدَاءَ أَرْبَعِينَ بِالصِّفَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يُقِيمُوهَا بِمَحَلِّهِمْ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ السَّعْيُ إلَى مَحَلِّ النِّدَاءِ لِتَعْطِيلِهِمْ الْجُمُعَةَ فِي مَحَلِّهِمْ اهـ. ح ل وَقَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ السَّعْيُ إلَخْ وَيَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ مَنْعُهُمْ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَكُونُ قَصْدُهُمْ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ فِي الْمِصْرِ عُذْرًا فِي تَرْكِهِمْ الْجُمُعَةَ فِي بَلْدَتِهِمْ إلَّا إذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ فَسَادُ شَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِهِمْ أَوْ احْتَاجُوا إلَى مَا يَصْرِفُونَهُ فِي نَفَقَةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ الضَّرُورِيَّةِ وَلَا يُكَلَّفُونَ الِاقْتِرَاضَ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ دَخَلَ وَقْتُهَا قَبْلَ انْصِرَافِهِمْ) أَيْ أَوْ بَعْدَهُ حَيْثُ لَمْ يَصِلُوا إلَى مَحَلٍّ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ مِنْ مَحَلِّ الْجُمُعَةِ اهـ. ح ل وع ش.
(قَوْلُهُ: كَأَنْ دَخَلَ عَقِبَ سَلَامِهِمْ مِنْ الْعِيدِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُمْ لَوْ صَلَّوْا الْعِيدَ ثُمَّ تَشَاغَلُوا بِأَسْبَابٍ حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الِانْصِرَافُ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ هُوَ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الِانْصِرَافُ حِينَئِذٍ اهـ. عِ ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَتَلْزَمُ أَعْمَى وَجَدَ قَائِدًا) أَيْ غَيْرَ أَعْمَى أَوْ أَعْمَى أَقْوَى مِنْهُ إدْرَاكًا وَإِنْ لَمْ نُوجِبْ عَلَى الْقَائِدِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْقَائِدِ وَإِنْ أَحْسَنَ الْمَشْيَ بِالْعَصَا إلَّا فِيمَا إذَا كَانَ مَحَلُّ الْجُمُعَةِ قَرِيبًا فَإِنَّ الْأَعْمَى الْمَذْكُورَ يَكُونُ كَالْعَصَا فَيَجِبُ السَّعْيُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ ذَلِكَ لَمْ يُكَلَّفْ الْحُضُورَ وَإِنْ أَحْسَنَ الْمَشْيَ بِالْعَصَا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعَرُّضِ لِلضَّرَرِ قَالَ شَيْخُنَا نَعَمْ لَوْ كَانَ مَحَلُّ الْجُمُعَةِ قَرِيبًا بِحَيْثُ لَا يَنَالُهُ مِنْ ذَلِكَ ضَرَرٌ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحُضُورُ فِيمَا يَظْهَرُ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ فَتَاوَى الْوَالِدِ انْتَهَى ح ل.
(قَوْلُهُ: وَجَدَ قَائِدًا) أَيْ تَلِيقُ بِهِ مُرَافَقَتُهُ فِيمَا يَظْهَرُ لَا نَحْوَ فَاسِقٍ وَمَشْهُورٍ بِهَجْوٍ وَخَلَاعَةٍ أَخْذًا