للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ فِي إحْدَاهُمَا؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ الْقِرَاءَةُ فِي الْخُطْبَةِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ (وَ) لَكِنَّهَا (فِي الْأُولَى أَوْلَى) كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَوْلِي مُفْهِمَةٍ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَ) خَامِسُهَا (دُعَاءٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (بِأُخْرَوِيٍّ) وَلَوْ بِقَوْلِهِ رَحِمَكُمْ اللَّهُ (فِي) خُطْبَةٍ (ثَانِيَةٍ) لِاتِّبَاعِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ؛ وَلِأَنَّ الدُّعَاءَ يَلِيقُ بِالْخَوَاتِمِ وَالْمُرَادُ بِالْمُؤْمِنِينَ الْجِنْسُ الشَّامِلُ لِلْمُؤْمِنَاتِ وَبِهِمَا عَبَّرَ فِي الْوَسِيطِ تَبَعًا لِلرُّويَانِيِّ وَفِي التَّنْزِيلِ

ــ

[حاشية الجمل]

الْأَرْبَعَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا أَنَّهُ لَا يَرِدُ مَا يُقَالُ إنَّ " {ثُمَّ نَظَرَ} [المدثر: ٢١] " مُفْهِمٌ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْإِسْنَادِ لِلضَّمِيرِ الْعَائِدِ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَوَجْهُ عَدَمِ الْوُرُودِ أَنَّ هَذَا الْإِفْهَامَ لَيْسَ مِنْ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ اهـ. شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ ع ش، قَوْلُهُ مُفْهِمَةٍ أَيْ لِمُعَيَّنٍ يُقْصَدُ بِهِ الْوَعْظُ فَلَا يُقَالُ {ثُمَّ نَظَرَ} [المدثر: ٢١] مُفْهِمَةٌ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الْفِعْلِ وَالْفَاعِلِ وَهُوَ الضَّمِيرُ الرَّاجِعُ لِلْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا - وَجَعَلْتُ لَهُ مَالا مَمْدُودًا} [المدثر: ١١ - ١٢] . الْآيَةَ. انْتَهَتْ وَهَلْ تُجْزِئُ الْآيَةُ مَعَ لَحْنٍ يُغَيِّرُ الْمَعْنَى فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ يُتَّجَهُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ وَالتَّفْصِيلِ بَيْنَ عَاجِزٍ انْحَصَرَ الْأَمْرُ فِيهِ وَغَيْرِهِ، ثُمَّ الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُحْسِنُ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ كَانَ حُكْمُهُ كَالْمُصَلِّي الَّذِي لَا يُحْسِنُ الْفَاتِحَةَ وَهَلْ يَجْرِي ذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ حَتَّى إذَا لَمْ يُحْسِنْ الْحَمْدَ أَتَى بَدَلَهُ بِذِكْرٍ أَوْ دُعَاءٍ مَثَلًا ثُمَّ وَقَفَ بِقَدْرِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَمَالَ م ر إلَى عَدَمِ جَرَيَانِ ذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ بَلْ يَسْقُطُ الْمَعْجُوزُ عَنْهُ بِلَا بَدَلٍ وَفِيهِ نَظَرٌ وَعَلَى الْجُمْلَةِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ بَعْضِ الْخُطْبَةِ وَكُلِّهَا حَتَّى لَوْ لَمْ يُحْسِنْ الْخُطْبَةَ سَقَطَتْ كَالْجُمُعَةِ وَالْكَلَامُ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ آخَرُ يُحْسِنُهَا كُلَّهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي إحْدَاهُمَا) قَالَ فِي الْإِيعَابِ وَتُجْزِئُ قَبْلَهُمَا وَبَعْدَهُمَا وَبَيْنَهُمَا اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الْآيَةِ وَشَيْءٍ مِنْ الْأَرْكَانِ فَكُلُّ مَوْضِعٍ أَتَى بِهَا فِيهِ أَجْزَأَتْهُ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَيُسَنُّ جَعْلُهَا بَعْدَ فَرَاغِ الْأُولَى كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَيُسَنُّ قِرَاءَةُ " قِ " بِتَمَامِهَا بَعْدَ فَرَاغِ الْأُولَى فِي كُلِّ جُمُعَةٍ لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَيَكْفِي فِي أَصْلِ السُّنَّةِ قِرَاءَةُ بَعْضِهَا وَقَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى نَدْبِ قِرَاءَتِهَا أَوْ بَعْضِهَا فِي خُطْبَةِ كُلِّ جُمُعَةٍ وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْحَاضِرِينَ كَمَا لَمْ يَشْتَرِطُوهُ فِي قِرَاءَةِ الْجُمُعَةِ وَالْمُنَافِقِينَ فِي الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَتْ السُّنَّةُ التَّخْفِيفَ، وَتَضْمِينُ الْآيَاتِ لِنَحْوِ الْخُطَبِ كَرِهَهُ جَمَاعَةٌ وَرَخَّصَ فِيهِ آخَرُونَ فِي الْخُطْبَةِ وَالْمَوَاعِظِ وَهُوَ أَوْجَهُ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَهُوَ أَوْجَهُ بَلْ قَالَ حَجّ الْحَقُّ أَنَّ تَضْمِينَ ذَلِكَ وَالِاقْتِبَاسَ مِنْهُ وَلَوْ فِي شِعْرٍ جَائِزٌ وَإِنْ غَيَّرَ نَظْمَهُ وَمِنْ ثَمَّ اقْتَضَى كَلَامُ صَاحِبِ الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا مَحْظُورَ فِي أَنْ يُرَادَ بِالْقُرْآنِ غَيْرُهُ كَ {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ} [الحجر: ٤٦] لِمُسْتَأْذِنٍ نَعَمْ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي نَحْوِ مُجُونٍ حَرُمَ بَلْ رُبَّمَا أَفْضَى إلَى كُفْرٍ. اهـ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحِقَ بِالْقُرْآنِ فِيمَا ذَكَرَ الْأَحَادِيثَ وَالْأَذْكَارَ وَالْأَدْعِيَةَ اهـ. ع ش عَلَيْهِ، وَلَوْ أَتَى بِرُكْنٍ ضِمْنَ آيَةً أَجْزَأَتْ عَنْهُ دُونَ الْقِرَاءَةِ أَيْ إنْ قَصَدَ الرُّكْنَ فَقَطْ فَإِنْ قَصَدَهُمَا أَجْزَأَتْ عَنْ الْقِرَاءَةِ فَقَطْ كَمَا لَوْ قَصَدَ الْقِرَاءَةَ فَقَطْ أَوْ أَطْلَقَ اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ: بِأُخْرَوِيٍّ) أَيْ لَا دُنْيَوِيٍّ فَلَا يَكْفِي، وَلَوْ لَمْ يَحْفَظْ الْأُخْرَوِيَّ اهـ. مَدَابِغِيٌّ لَكِنْ قَالَ الْإِطْفِيحِيُّ إنَّ الدُّنْيَوِيَّ يَكْفِي حَيْثُ لَمْ يَحْفَظْ الْأُخْرَوِيَّ قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْعَجْزِ عَنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ بَلْ مَا هُنَا أَوْلَى حُرِّرَ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِقَوْلِهِ رَحِمَكُمْ اللَّهُ) أَيْ فَلَا يَضُرُّ تَخْصِيصُ الْحَاضِرِينَ بِالدُّعَاءِ.

وَعِبَارَةُ ش م ر وَلَوْ خَصَّ بِهِ الْحَاضِرِينَ فَقَالَ رَحِمَكُمْ اللَّهُ كَفَى، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِتَخْصِيصِهِ بِالْغَائِبِينَ وَجَزَمَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْأَمَالِي وَالْغَزَالِيُّ بِتَحْرِيمِ الدُّعَاءِ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ أَيْ لِجَمِيعِهِمْ بِمَغْفِرَةِ جَمِيعِ ذُنُوبِهِمْ وَبِعَدَمِ دُخُولِهِمْ النَّارَ؛ لِأَنَّا نَقْطَعُ بِخَبَرِ اللَّهِ تَعَالَى وَخَبَرِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ فِيهِمْ مَنْ يَدْخُلُ النَّارَ، وَأَمَّا الدُّعَاءُ بِالْمَغْفِرَةِ فِي قَوْله تَعَالَى حِكَايَةٍ عَنْ نُوحٍ {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [نوح: ٢٨] ، وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ وَرَدَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ، وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ؛ لِأَنَّ الْأَفْعَالَ نَكِرَاتٌ وَلِجَوَازِ قَصْدٍ مَعْهُودٍ خَاصٍّ وَهُوَ أَهْلُ زَمَانِهِ مَثَلًا انْتَهَتْ، وَقَوْلُهُ بِمَغْفِرَةِ جَمِيعِ ذُنُوبِهِمْ قَالَ الزَّيْنُ الْعِرَاقِيُّ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذَكَرَ وَهَذَا مَرْدُودٌ بِعِلَّتِهِ لِوُرُودِ ذَلِكَ عَنْ الْخَلَفِ وَالسَّلَفِ، وَخُرُوجُهُمْ مِنْ النَّارِ إنَّمَا هُوَ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ فَلَا مَانِعَ مِنْ تَعْمِيمِ الدُّعَاءِ بِذَلِكَ اهـ. حَجّ فِي الْإِيعَابِ وَيُجَابُ بِأَنَّ مَا تَمَسَّكَ بِهِ لَا يَصْلُحُ رَدًّا عَلَى الْغَزَالِيِّ فِيمَا ذَكَرَهُ بِأَنَّ مَنْ خَرَجَ مِنْ النَّارِ بِالْمَغْفِرَةِ لَمْ يُغْفَرْ لَهُ جَمِيعُ ذَنْبِهِ إذْ لَوْ غُفِرَ الْجَمِيعُ لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ وَلَا دَخَلَهَا وَاَلَّذِي مَنَعَهُ الْغَزَالِيُّ إنَّمَا هُوَ مَغْفِرَةُ جَمِيعِ الذُّنُوبِ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ بِحَيْثُ لَا تَمَسُّ النَّارُ وَاحِدًا مِنْهُمْ اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فِي ثَانِيَةٍ) الْمُرَادُ بِهَا الْمَفْعُولَةُ ثَانِيًا وَلَوْ عَلَى عَكْسِ التَّرْتِيبِ الْمَعْهُودِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْمُؤْمِنِينَ) أَيْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَكَذَا فِي كَلَامِ الْخَطِيبِ أَيْ كَلَامُهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْجِنْسِ إذَا أَتَى بِالْمُؤْمِنِينَ فَقَطْ وَلَا يُشْتَرَطُ مُلَاحَظَةُ الْجِنْسِ اهـ. شَيْخُنَا وَهَذَا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْسَانِ وَإِلَّا لَوْ خَصَّ الذُّكُورَ كَفَى بِخِلَافِ مَا لَوْ خَصَّ النِّسَاءَ لَمْ يَكْفِ وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُهُ الِاكْتِفَاءَ اهـ. شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: وَفِي التَّنْزِيلِ إلَخْ) اسْتِدْلَالٌ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِصِيغَةِ الذُّكُورِ مَا يَشْمَلُ الْإِنَاثَ

<<  <  ج: ص:  >  >>