(وَأَنْ يُسَلِّمَ عَلَى مَنْ عِنْدَهُ) إذَا انْتَهَى إلَيْهِ لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَلِمُفَارَقَتِهِ لَهُمْ (وَ) أَنْ (يُقْبِلَ عَلَيْهِمْ إذَا صَعِدَ) الْمِنْبَرَ أَوْ نَحْوَهُ وَانْتَهَى إلَى الدَّرَجَةِ الَّتِي يَجْلِسُ عَلَيْهَا الْمُسَمَّاةُ بِالْمُسْتَرَاحِ (وَ) أَنْ (يُسَلِّمَ) عَلَيْهِمْ (ثُمَّ يَجْلِسُ)
(فَيُؤَذِّنُ وَاحِدٌ) لِلِاتِّبَاعِ فِي الْجَمِيعِ، رَوَاهُ فِي الْأَخِيرِ الْبُخَارِيُّ وَفِي الْبَقِيَّةِ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ، وَذِكْرُ التَّرْتِيبِ بَيْنَ السَّلَامِ وَالْجُلُوسِ مَعَ قَوْلِي وَاحِدٌ مِنْ زِيَادَتِي
(وَ) أَنْ (تَكُونَ) الْخُطْبَةُ (بَلِيغَةً)
ــ
[حاشية الجمل]
عَلَى مِنْبَرٍ وَلَوْ بِمَكَّةَ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَإِنْ قَالَ السُّبْكِيُّ الْخَطَابَةُ بِمَكَّةَ عَلَى مِنْبَرٍ بِدْعَةٌ وَالسُّنَّةُ أَنْ يَخْطُبَ عَلَى الْبَابِ كَمَا فَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْفَتْحِ وَإِنَّمَا أَحْدَثَ الْمِنْبَرَ بِمَكَّةَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَيُكْرَهُ مِنْبَرٌ كَبِيرٌ يُضَيِّقُ عَلَى الْمُصَلِّينَ وَيُسْتَحَبُّ التَّيَامُنُ فِي الْمِنْبَرِ الْوَاسِعِ اهـ. ش م ر وَقَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمِنْبَرِ وَالْقِبْلَةِ إلَخْ لَعَلَّ حِكْمَتَهُ أَنَّهُ يَتَأَتَّى لَهُ الْمُبَادَرَةُ إلَى الْقِبْلَةِ مَعَ فَرَاغِ الْإِقَامَةِ وَعَلَيْهِ فَمَا يُفْعَلُ الْآنَ مِنْ قُرْبِهِ مِنْهُ جِدًّا خِلَافُ الْأَوْلَى لَكِنَّهُ أَدْعَى لِلْمُبَادَرَةِ إلَى الْمِحْرَابِ بَعْدَ فَرَاغِ الْخُطْبَةِ، وَقَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ التَّيَامُنُ أَيْ لِلْخَطِيبِ وَهُوَ الْقُرْبُ مِنْ جِهَةِ الْيَمِينِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا عَلَى يَمِينِ الْمِحْرَابِ) أَيْ عَلَى يَمِينِ الْوَاقِفِ فِي الْمِحْرَابِ وَإِلَّا فَكُلُّ شَيْءٍ اسْتَقْبَلْتَهُ فَيَمِينُك يَسَارُهُ وَيَسَارُك يَمِينُهُ اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ وَأَنْ يُسَلِّمَ عَلَى مَنْ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَمَا ذَكَرَ مِنْ الْمِنْبَرِ وَالْمُرْتَفِعِ اهـ. ح ل وَيَجِبُ رَدُّ السَّلَامِ فِي الْحَالَيْنِ وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ كَرَدِّ السَّلَامِ فِي بَاقِي الْمَوَاضِعِ اهـ. ش م ر.
(قَوْلُهُ: وَلِمُفَارَقَتِهِ لَهُمْ) أَيْ بِاشْتِغَالِهِ بِصُعُودِهِ الْمِنْبَرَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ فَارَقَ الْقَوْمَ لِشُغْلٍ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِمْ سُنَّ لَهُ السَّلَامُ وَإِنْ قَرُبَتْ الْمَسَافَةُ جِدًّا اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَلِمُفَارَقَتِهِ لَهُمْ) أَيْ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ مَعَ جَمْعٍ وَفَارَقَهُمْ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِمْ وَيَجِبُ عَلَيْهِمْ الرَّدُّ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْإِمَامُ جَالِسًا عِنْدَ الْمِنْبَرِ وَنَحْوِهِ فَيُسَلِّمُ لِمُفَارَقَتِهِ مَنْ كَانَ جَالِسًا مَعَهُمْ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، وَأَمَّا لَوْ جَاءَ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ فَيُسَلِّمُ عَلَى كُلِّ مَنْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ ثُمَّ يُسَلِّمُ عَلَى مَنْ عِنْدَ الْمِنْبَرِ لِمُفَارَقَتِهِ لَهُمْ هَذَا وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ يُسَلِّمُ عَلَى مَنْ فِي الْمَسْجِدِ عِنْدَ دُخُولِهِ ثُمَّ يُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ عِنْدَ طُلُوعِهِ لِلْمِنْبَرِ لِمُفَارَقَتِهِ لَهُمْ فَلْيُحَرَّرْ اهـ. ح ل وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّدَتْ الصُّفُوفُ بَيْنَ الْبَابِ وَالْمِنْبَرِ لَا يُسَلِّمُ إلَّا عَلَى الصَّفِّ الَّذِي عِنْدَ الْبَابِ وَالصَّفِّ الَّذِي عِنْدَ الْمِنْبَرِ وَالْأَوْجَهُ كَمَا هُوَ الْقِيَاسُ سَنُّ السَّلَامِ عَلَى كُلِّ صَفٍّ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ وَلَعَلَّ اقْتِصَارَهُمْ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا آكَدُ وَقَدْ صَرَّحَ الْأَذْرَعِيُّ بِنَحْوِ ذَلِكَ وَلَا يُسَنُّ لَهُ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ كَمَا فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ اهـ. ش م ر.
(قَوْلُهُ: وَأَنْ يُقْبِلَ عَلَيْهِمْ) وَهَلْ الْتِفَاتُهُ عِنْدَ الْإِقْبَالِ عَلَيْهِمْ يَكُونُ إلَى جِهَتِهِ الْيَمِينِ أَوْ الْيَسَارِ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا حَجّ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إلَى جِهَةِ الْيَمِينِ وَأَيَّدَهُ بِجَوَابٍ عَنْ الْحَضْرَمِيِّ فِي ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: إذَا صَعِدَ) فِي الْمُخْتَارِ صَعِدَ فِي السُّلَّمِ بِالْكَسْرِ صُعُودًا وَصَعَّدَ فِي الْجَبَلِ وَعَلَى الْجَبَلِ تَصْعِيدًا قَالَ أَبُو زَيْدٍ وَلَمْ يَعْرِفُوا فِيهِ صَعِدَ بِالتَّخْفِيفِ وَقَالَ الْأَخْفَشُ أَصْعَدَ فِي الْأَرْضِ أَيْ مَضَى وَسَارَ وَأَصْعَدَ فِي الْوَادِي وَصَعَّدَ فِيهِ أَيْضًا تَصْعِيدًا أَيْ انْحَدَرَ وَعَذَابٌ صَعَدٌ بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ شَدِيدٌ وَالصَّعُودُ بِالْفَتْحِ ضِدُّ الْهُبُوطِ فَالصَّعُودُ وَالْهُبُوطُ بِالْفَتْحِ فِيهِمَا ضِدُّ الصُّعُودِ وَالْهُبُوطِ بِالضَّمِّ فِيهِمَا وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ وَقَعْنَا فِي صَعُودٍ وَهُبُوطٍ أَيْ فِي أَمَاكِنَ مُرْتَفِعَةٍ وَمُنْخَفِضَةٍ وَالصَّعِيدُ التُّرَابُ وَقَالَ ثَعْلَبٌ وَجْهُ الْأَرْضِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا} [الكهف: ٤٠] صَعِيدُ مِصْرَ مَوْضِعٌ بِهَا اهـ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ وَصَعِدَ فِي السُّلَّمِ وَالدَّرَجَةِ يَصْعَدُ مِنْ بَابِ تَعِبَ صُعُودًا وَصَعِدَ فِي الْجَبَلِ مِنْ بَابِ تَعِبَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ يَجْلِسُ) أَيْ لِيَسْتَرِيحَ مِنْ تَعِبَ الصُّعُودُ اهـ. ش م ر فَلَوْ لَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِمْ حَتَّى جَلَسَ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ بَعْدَهُ وَيَحْصُلُ لَهُ أَصْلُ السُّنَّةِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: فَيُؤَذِّنُ وَاحِدٌ) أَيْ فِي حَالِ جُلُوسِ الْخَطِيبِ أَيْ يُسَنُّ كَوْنُ الْمُؤَذِّنِ وَاحِدًا لَا جَمَاعَةً اهـ. ش م ر.
(قَوْلُهُ أَيْضًا فَيُؤَذِّنُ) وَاحِدٌ وَأَمَّا الْأَذَانُ الَّذِي قَبْلَهُ عَلَى الْمَنَارَةِ فَأَحْدَثَهُ عُثْمَانُ وَقِيلَ مُعَاوِيَةُ لَمَّا كَثُرَ النَّاسُ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الِاتِّبَاعِ أَفْضَلَ إلَّا لِحَاجَةٍ كَأَنْ تَوَقَّفَ حُضُورُهُمْ عَلَى الْأَذَانِ عَلَى الْمَنَابِرِ اهـ. سُلْطَانٌ وَأَمَّا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي زَمَانِنَا مِنْ مُرْقٍ يَخْرُجُ بَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ يَقُولُ {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: ٥٦] . الْآيَةَ، ثُمَّ يَأْتِي بِالْحَدِيثِ فَلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ فِي السُّنَّةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَمْ يُفْعَلْ ذَلِكَ «بَيْنَ يَدَيْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ كَانَ يُمْهِلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ فَإِذَا اجْتَمَعُوا خَرَجَ إلَيْهِمْ وَحْدَهُ مِنْ غَيْرِ جَاوِيشٍ يَصِيحُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ فَإِذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ اسْتَقْبَلَ النَّاسَ بِوَجْهِهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ يَجْلِسُ وَيَأْخُذُ بِلَالٌ فِي الْأَذَانِ فَإِذَا فَرَغَ مِنْهُ قَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْخُطْبَةِ» لَا بِأَثَرٍ وَلَا خَبَرٍ وَلَا غَيْرِهِ وَكَذَلِكَ الْخُلَفَاءُ الثَّلَاثَةُ بَعْدَهُ فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ إذْ فِي قِرَاءَةِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ تَرْغِيبٌ وَتَرْهِيبٌ فِي الْإِتْيَانِ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -