للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ فَصَيْحَةً جَزْلَةً لَا مُبْتَذَلَةً رَكِيكَةً فَإِنَّهَا لَا تُؤَثِّرُ فِي الْقُلُوبِ (مَفْهُومَةً) أَيْ قَرِيبَةً لِلْفَهْمِ لَا غَرِيبَةً وَحْشِيَّةً إذْ لَا يَنْتَفِعُ بِهَا أَكْثَرُ النَّاسِ (مُتَوَسِّطَةً) لِأَنَّ الطَّوِيلَةَ تُمِلُّ.

وَفِي خَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ «كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَصْدًا وَخُطْبَتُهُ قَصْدًا» أَيْ مُتَوَسِّطَةً وَالْمُرَادُ أَنْ تَكُونَ الْخُطْبَةُ قَصِيرَةً بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَطِيلُوا الصَّلَاةَ وَاقْصُرُوا الْخُطْبَةَ» بِضَمِّ الصَّادِ وَتَعْبِيرِي بِمُتَوَسِّطَةٍ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِقَصِيرَةٍ فَإِنَّهُ الْمُوَافِقُ لِلرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرِ.

(وَ) أَنْ (لَا يَلْتَفِتَ) فِي شَيْءٍ مِنْهَا بَلْ يَسْتَمِرُّ مُقْبِلًا عَلَيْهِمْ إلَى فَرَاغِهَا وَيُسَنُّ لَهُمْ أَنْ يُقْبِلُوا عَلَيْهِ مُسْتَمِعِينَ لَهُ

(وَ) أَنْ (يَشْغَلَ يُسْرَاهُ

ــ

[حاشية الجمل]

فِي هَذَا الْيَوْمِ الْعَظِيمِ الْمَطْلُوبُ فِيهِ إكْثَارُهَا وَفِي قِرَاءَةِ الْخَبَرِ بَعْدَ الْأَذَانِ وَقَبْلَ الْخُطْبَةِ تَيَقُّظٌ لِلْمُكَلَّفِ لِاجْتِنَابِ الْكَلَامِ الْمُحَرَّمِ أَوْ الْمَكْرُوهِ فِي هَذَا الْوَقْتِ عَلَى اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيهِ، وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ يَقُولُ هَذَا الْخَبَرَ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي خُطْبَتِهِ وَالْخَبَرُ الْمَذْكُورُ صَحِيحٌ اهـ. ش م ر، وَقَوْلُهُ وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ يَقُولُ هَذَا الْخَبَرَ إلَخْ لَمْ يَقُلْ فِي افْتِتَاحِ خُطَبِهِ فَأَشْعَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُهُ كَيْفَ اتَّفَقَ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصِهِ بِمَوْضِعٍ بِعَيْنِهِ وَلَعَلَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُهُ فِي ابْتِدَاءِ الْخُطْبَةِ لِكَوْنِهِ مُشْتَمِلًا عَلَى الْأَمْرِ بِالْإِنْصَاتِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.

وَعِبَارَةُ ح ل وَاِتِّخَاذُ الْمَرْقَى بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ لَمْ تُفْعَلْ فِي عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا عَهْدِ الْخُلَفَاءِ الثَّلَاثَةِ بَعْدَهُ كَذَا فِي عِبَارَةِ شَيْخِنَا.

وَعِبَارَةِ غَيْرِهِ حَدَثَ بَعْدَ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ قَالَ حَجّ وَأَقُولُ يُسْتَدَلُّ لِذَلِكَ أَيْ لِلسُّنَّةِ بِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ مَنْ يَسْتَنْصِتُ لَهُ النَّاسَ عِنْدَ إرَادَتِهِ خُطْبَةَ مِنًى فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ» وَهَذَا شَأْنُ الْمَرْقَى فَلَا يَدْخُلُ فِي حَدِّ الْبِدْعَةِ أَصْلًا انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: أَيْ فَصِيحَةً جَزْلَةً) كِلَاهُمَا تَفْسِيرٌ وَيُقَابِلُ الثَّلَاثَةَ كُلٌّ مِنْ الْمُبْتَذَلَةِ وَالرَّكِيكَةِ فَلَا يُخَالِفُ كَلَامَ الْجَلَالِ اهـ. حَلَبِيٌّ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا أَنَّ قَوْلَهُ لَا مُبْتَذَلَةً إلَخْ مِنْ قَبِيلِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُشَوِّشِ اهـ. لَكِنْ فِي الْمُخْتَارِ مَا نَصُّهُ وَاللَّفْظُ الْجَزْلُ ضِدُّ الرَّكِيكِ اهـ.

(قَوْلُهُ: لَا مُبْتَذَلَةً) أَيْ مَعْهُودَةً رَكِيكَةً أَيْ كَالْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْأَلْفَاظِ الْمَأْلُوفَةِ عِنْدَ الْعَوَامّ وَنَحْوِهِمْ قَالَ الْعَلَّامَةُ حَجّ وَيُؤْخَذُ مِنْ نَدْبِ الْبَلَاغَةِ فِي الْخُطْبَةِ حُسْنُ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْخُطَبَاءِ مِنْ تَضْمِينِهَا آيَاتٍ وَأَحَادِيثَ مُنَاسِبَةً لِمَا هُوَ فِيهِ إذْ الْحَقُّ أَنَّ تَضْمِينَ ذَلِكَ وَالِاقْتِبَاسَ مِنْهُ، وَلَوْ فِي شِعْرٍ جَائِزٌ وَإِنْ غَيَّرَ نَظْمَهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: لَا غَرِيبَةً وَحْشِيَّةً) أَيْ غَيْرَ مَأْلُوفَةِ الِاسْتِعْمَالِ قَالَ الْقَمُولِيُّ وَتُكْرَهُ الْكَلِمَاتُ الْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَ مَعَانٍ عَلَى السَّوَاءِ وَالْبَعِيدَةُ عَنْ الْأَفْهَامِ وَمَا يُنْكِرُهُ عُقُولُ بَعْضِ الْحَاضِرِينَ، وَقَدْ يَحْرُمُ الْأَخِيرُ إنْ أَوْقَعَ فِي مَحْظُورٍ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: مُتَوَسِّطَةً) أَيْ بَيْنَ الطَّوِيلَةِ وَالْقَصِيرَةِ اهـ. ش م ر (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ أَنْ تَكُونَ الْخُطْبَةُ إلَخْ) وَحِينَئِذٍ لَا يُنَافِي ذَلِكَ سَنُّ قِرَاءَةِ " ق " فِي الْأُولَى كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَحَسَنٌ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ فَقَدْ يَقْتَضِي الْحَالُ الْإِسْهَابَ كَالْحَثِّ عَلَى الْجِهَادِ إذَا طَرَقَ الْعَدُوُّ أَيْ وَالْحَثُّ عَلَى التَّوْبَةِ وَالْإِقْلَاعِ عَنْ الْمَعَاصِي إذَا حَصَلَ الْجَذْبُ اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ طَوِيلَةً فِي نَفْسِهَا هـ. شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: وَاقْصُرُوا الْخُطْبَةَ) وَحِكْمَةُ ذَلِكَ لُحُوقُ الْمُتَأَخِّرِ وَوَرَدَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا خَطَبَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ وَعَلَا صَوْتُهُ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ ثُمَّ يَقُولُ بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ وَيَقْرِنُ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَيَقُولُ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ» ، وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ «الدُّنْيَا عَرَضٌ حَاضِرٌ يَأْكُلُ مِنْهَا الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ وَالْآخِرَةُ وَعْدٌ صَادِقٌ يَحْكُمُ فِيهَا مَالِكٌ قَادِرٌ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ بَنُونَ فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الْآخِرَةِ وَلَا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا» اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: بِضَمِّ الصَّادِ) أَيْ لِأَنَّهُ الرِّوَايَةُ وَإِلَّا فَكَسْرُهَا جَائِزٌ عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَقْصَرَ وَإِنْ كَانَتْ لُغَةً قَلِيلَةً كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ اهـ. ع ش

وَفِي الْمِصْبَاحِ: قَصَرْت الصَّلَاةَ قَصْرًا مِنْ بَابِ طَلَبَ هَذِهِ هِيَ اللُّغَةُ الَّتِي جَاءَ بِهَا الْقُرْآنُ، قَالَ تَعَالَى {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} [النساء: ١٠١] وَفِي لُغَةٍ يَتَعَدَّى بِالْهَمْزَةِ وَالتَّضْعِيفِ فَيُقَالُ أَقْصَرْتهَا وَقَصَّرْتهَا اهـ.

(قَوْلُهُ: بَلْ يَسْتَمِرُّ مُقْبِلًا عَلَيْهِمْ) أَيْ إلَى جِهَتِهِمْ فَلَا يُقَالُ هَذَا إنَّمَا يَأْتِي فِيمَنْ فِي مُقَابَلَتِهِ لَا مَنْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ اهـ. ح ل وَلَوْ اسْتَقْبَلَ هُوَ الْقِبْلَةَ أَوْ اسْتَدْبَرَهَا الْحَاضِرُونَ أَجْزَأَ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَيُكْرَهُ لَهُ وَلَهُمْ الشُّرْبُ مِنْ غَيْرِ عَطَشٍ فَإِنْ حَصَلَ فَلَا وَإِنْ لَمْ يَشْتَدَّ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا وَيُكْرَهُ مَا ابْتَدَعَتْهُ جَهَلَةُ الْخُطَبَاءِ مِنْ الْإِشَارَةِ بِيَدٍ أَوْ غَيْرِهَا وَالِالْتِفَاتِ فِي الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ وَدَقِّ الدَّرَجِ فِي صُعُودِهِ بِنَحْوِ سَيْفٍ أَوْ رِجْلِهِ وَالدُّعَاءِ إذَا انْتَهَى إلَى الْمُسْتَرَاحِ قَبْلَ جُلُوسِهِ عَلَيْهِ، وَقَوْلُ الْبَيْضَاوِيِّ يَقِفُ فِي كُلِّ مَرْقَاةٍ وَقْفَةً خَفِيفَةً يَسْأَلُ اللَّهَ الْمَعُونَةَ وَالتَّسْدِيدَ غَرِيبٌ ضَعِيفٌ وَمُبَالَغَتُهُ فِي الْإِسْرَاعِ فِي الثَّانِيَةِ وَخَفْضِ الصَّوْتِ فِيهَا وَالِاحْتِبَاءِ حَالَ الْخُطْبَةِ لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْهُ وَلِجَلْبِهِ النَّوْمَ وَيُسَنُّ أَنْ يَخْتِمَ الثَّانِيَةَ بِقَوْلِهِ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ اهـ. ش م ر.

(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ لَهُمْ أَنْ يُقْبِلُوا عَلَيْهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْظُرُوا لَهُ وَهَلْ يُسَنُّ النَّظَرُ إلَيْهِ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي أَخْذًا مِمَّا وَجَّهُوا بِهِ حُرْمَةَ أَذَانِ الْمَرْأَةِ بِسَنِّ النَّظَرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>