للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِنَحْوِ سَيْفٍ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ هَذَا الدَّيْنَ قَامَ بِالسِّلَاحِ (وَيُمْنَاهُ بِحَرْفِ الْمِنْبَرِ) لِاتِّبَاعِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَهَذَا مَعَ قَوْلِي يُسْرَاهُ مِنْ زِيَادَتِي فَإِنْ لَمْ يَجِدْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ جَعَلَ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى أَوْ أَرْسَلَهُمَا، وَالْغَرَضُ أَنْ يَخْشَعَ وَلَا يَعْبَثَ بِهِمَا

(وَ) أَنْ (يَكُونَ جُلُوسُهُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ (قَدْرَ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ) تَقْرِيبًا لِذَلِكَ وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ وَيَقْرَأُ فِيهِ شَيْئًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ

(وَ) أَنْ (يُقِيمَ بَعْدَ فَرَاغِهِ) مِنْ الْخُطْبَةِ (مُؤَذِّنٌ وَيُبَادِرُ هُوَ لِيَبْلُغَ الْمِحْرَابَ مَعَ فَرَاغِهِ) مِنْ الْإِقَامَةِ فَيَشْرَعُ فِي الصَّلَاةِ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ الْمُبَالَغَةُ فِي تَحْقِيقِ الْوَلَاءِ الَّذِي مَرَّ وُجُوبُهُ

(وَ) أَنْ (يَقْرَأَ فِي) الرَّكْعَةِ (الْأُولَى) بَعْدَ الْفَاتِحَةِ (الْجُمُعَةَ وَ) فِي (الثَّانِيَةِ الْمُنَافِقِينَ جَهْرًا) لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَرَوَى أَيْضًا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ فِي الْجُمُعَةِ بِ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: ١] وَ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [الغاشية: ١] » قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَانَ يَقْرَأُ هَاتَيْنِ فِي وَقْتٍ وَهَاتَيْنِ فِي وَقْتٍ فَهُمَا سُنَّتَانِ وَفِيهَا كَأَصْلِهَا لَوْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ فِي الْأُولَى

ــ

[حاشية الجمل]

لِلْمُؤَذِّنِ دُونَ غَيْرِهِ وَبَقِيَ الْخَطِيبُ هَلْ يُطْلَبُ مِنْهُ النَّظَرُ إلَيْهِمْ فَيُكْرَهُ لَهُ تَغْمِيضُ عَيْنَيْهِ وَقْتَ الْخُطْبَةِ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَنْ يُقْبِلَ عَلَيْهِمْ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّهُ يَنْظُرُ إلَيْهِمْ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ أَيْضًا وَيُسَنُّ لَهُمْ أَنْ يُقْبِلُوا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى جِهَتِهِ فَلَا يُطْلَبُ مِمَّنْ عَلَى يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ أَنْ يَنْحَرِفَ إلَيْهِ اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ الْمَشْيُ بَيْنَ الصُّفُوفِ) لِلسُّؤَالِ وَدَوْرَانِ الْإِبْرِيقِ وَالْقِرَبِ لِسَقْيِ الْمَاءِ وَتَفْرِقَةِ الْأَوْرَاقِ وَالتَّصَدُّقِ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ يُلْهِي النَّاسَ عَنْ الذِّكْرِ وَاسْتِمَاعِ الْخُطْبَةِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا وَيُسَنُّ لَهُمْ أَنْ يُقْبِلُوا عَلَيْهِ) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ تَوَجُّهِهِمْ لِلْقِبْلَةِ نَعَمْ يَظْهَرُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي اسْتِقْبَالِهِمْ لِنَحْوِ ظَهْرِهِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ؛ وَلِأَنَّهُمْ مُحْتَاجُونَ إلَى ذَلِكَ فِيهِ غَالِبًا عَلَى أَنَّهُ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الِاسْتِدَارَةِ الْمَنْدُوبَةِ لَهُمْ فِي الصَّلَاةِ إذَا أَبَرَّ الْكُلَّ بِالْجُلُوسِ مِنْ تِلْقَاءِ وَجْهِهِ ثُمَّ بِالِاسْتِدَارَةِ بَعْدَ فَرَاغِهِ فِي غَايَةِ الْعُسْرِ وَالْمَشَقَّةِ اهـ. حَجّ.

(قَوْلُهُ: بِنَحْوِ سَيْفٍ) كَعَصَا وَنَحْوِهَا مِنْ ابْتِدَاءِ طُلُوعِهِ بَعْدَ أَخْذِهِ مِنْ الْمَرْقَى بِالْيَمِينِ كَمَا يَدْفَعُهُ لَهُ بَعْدَ نُزُولِهِ بِهِ لِشَرَفِهَا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ الْإِشَارَةُ إلَخْ) وَلِهَذَا قَبَضَهُ بِالْيُسْرَى عَلَى عَادَةِ مَنْ يُرِيدُ الْجِهَادَ بِهِ وَلَيْسَ هَذَا تَنَاوُلًا حَتَّى يَكُونَ بِالْيَمِينِ بَلْ هُوَ اسْتِعْمَالٌ وَامْتِهَانٌ بِالِاتِّكَاءِ فَكَانَتْ الْيَسَارُ بِهِ أَلْيَقَ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ تَمَامِ الْإِشَارَةِ إلَى الْحِكْمَةِ الْمَذْكُورَةِ اهـ. شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: وَيُمْنَاهُ بِحَرْفِ الْمِنْبَرِ) وَمِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى فِي أَمَاكِنَ كَثِيرَةٍ فِي بَلْدَتِنَا أَنْ يُمْسِكَ الْخَطِيبُ حَالَ خُطْبَتِهِ حَرْفَ الْمِنْبَرِ وَيَكُونُ فِي جَانِبِ ذَلِكَ الْحَرْفِ عَاجٌ غَيْرُ مُلَاقٍ لَهُ، وَقَدْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِصِحَّةِ خُطْبَتِهِ كَمَا تَصِحُّ صَلَاةُ مَنْ صَلَّى عَلَى سَرِيرٍ قَوَائِمُهُ فِي نَجَسٍ أَوْ عَلَى حَصِيرٍ مَفْرُوشٌ عَلَى نَجَسٍ أَوْ بِيَدِهِ حَبْلٌ مَشْدُودٌ فِي سَفِينَةٍ فِيهَا نَجَاسَةٌ وَهِيَ كَبِيرَةٌ لَا تَنْجَرُّ بِجَرِّهِ؛ لِأَنَّهَا كَالدَّارِ فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً تَنْجَرُّ بِجَرِّهِ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْمُهِّمَّاتِ وَصُورَةُ مَسْأَلَةِ السَّفِينَةِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ أَنْ تَكُونَ فِي الْبَحْرِ فَإِنْ كَانَتْ فِي الْبَرِّ لَمْ تَبْطُلْ قَطْعًا صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَبِيرَةً اهـ.

وَإِنَّمَا بَطَلَتْ صَلَاةُ الْقَابِضِ طَرَفَ شَيْءٍ عَلَى نَجَسٍ وَإِنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ لِحَمْلِهِ مَا هُوَ مُتَّصِلٌ بِنَجَسٍ وَلَا يَتَخَيَّلُ فِي مَسْأَلَتِنَا أَنَّهُ حَامِلٌ لِلْمِنْبَرِ اهـ. ش م ر.

(قَوْلُهُ: جَعَلَ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى) أَيْ تَحْتَ صَدْرِهِ وَلَوْ أَمْكَنَهُ شَغْلُ الْيَمِينِ بِحَرْفِ الْمِنْبَرِ وَإِرْسَالُ الْيُسْرَى فَلَا بَأْسَ اهـ. ش م ر.

(قَوْلُهُ: وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ) كَانَ الْمُخَالِفُ مِنْ أَئِمَّةِ مَذْهَبِنَا أَوْ مِنْ أَئِمَّةِ بَعْضِ الْمَذَاهِبِ وَذَلِكَ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْجُلُوسِ مِنْ أَصْلِهِ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَالثَّلَاثَةُ لَا يَقُولُونَ بِهِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَيَقْرَأُ فِيهِ شَيْئًا إلَخْ) وَالْأَفْضَلُ قِرَاءَةُ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ: وَأَنْ يَقْرَأَ فِي الْأُولَى الْجُمُعَةَ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ صَلَّى بِغَيْرِ مَحْصُورِينَ اهـ. ش م ر وَعُمُومُهُ شَامِلٌ لِمَا لَوْ تَضَرَّرُوا أَوْ بَعْضُهُمْ لِحَصْرِ بَوْلٍ مَثَلًا وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي إلَى مُفَارَقَةِ الْقَوْمِ لَهُ وَصَيْرُورَتِهِ مُنْفَرِدًا اهـ. ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا وَأَنْ يَقْرَأَ فِي الْأُولَى الْجُمُعَةَ إلَخْ) قَالَ حَجّ فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ أَيْ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ وَسُنَّتْ لَهُ السُّورَةُ فَقَرَأَ الْمُنَافِقِينَ فِيهَا أَيْ الْأُولَى احْتَمَلَ أَنْ يُقَالَ يَقْرَأُ الْجُمُعَةَ فِي الثَّانِيَةِ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ وَأَنْ يُقَالَ يَقْرَأُ الْمُنَافِقِينَ؛ لِأَنَّ السُّورَةَ لَيْسَتْ مُتَأَصِّلَةً فِي حَقِّهِ اهـ. وَالْأَقْرَبُ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَرَأَ الْمُنَافِقِينَ فِي الثَّانِيَةِ خَلَتْ صَلَاتُهُ مِنْ سُورَةِ الْجُمُعَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَرَأَ الْجُمُعَةَ فَإِنَّ صَلَاتَهُ اشْتَمَلَتْ عَلَى السُّورَتَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا الْأَصْلِيِّ، وَأَمَّا لَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الثَّانِيَةِ وسَمِعَ قِرَاءَتَهُ قَالَ سم عَلَى حَجّ فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنْ يَقْرَأَ الْمَأْمُومُ فِي ثَانِيَتِهِ الْجُمُعَةَ؛ لِأَنَّ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ قِرَاءَةٌ لِلْمَأْمُومِ فَكَأَنَّ الْمَأْمُومَ قَرَأَ الْمُنَافِقِينَ فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ أَوَّلَ صَلَاتِهِ فَيَقْرَأُ الْجُمُعَةَ فِي الثَّانِيَةِ لِئَلَّا تَخْلُوَ صَلَاتُهُ مِنْهَا اهـ. وَلَوْ قِيلَ فِي هَذِهِ يَقْرَأُ الْمَأْمُومُ فِي ثَانِيَتِهِ الْمُنَافِقِينَ لَمْ يَبْعُدْ؛ لِأَنَّ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ لِلْمُنَافِقِينَ الَّتِي يَسْمَعُهَا الْمَأْمُومُ لَيْسَتْ قِرَاءَةً حَقِيقِيَّةً لِلْمَأْمُومِ بَلْ تُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ مَا لَوْ أَدْرَكَهُ فِي الرُّكُوعِ فَيَتَحَمَّلُ الْقِرَاءَةَ عَنْهُ فَكَأَنَّهُ قَرَأَ مَا طُلِبَ مِنْهُ فِي الْأُولَى أَصَالَةً وَهُوَ الْجُمُعَةُ وَبَقِيَ مَا لَوْ قَرَأَ الْإِمَامُ الْجُمُعَةَ وَالْمُنَافِقِينَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَقْرَأَ فِي الثَّانِيَةِ {سَبِّحِ} [الأعلى: ١] وَ {هَلْ أَتَاكَ} [الغاشية: ١] ؛ لِأَنَّهُمَا طُلِبَتَا فِي الْجُمُعَةِ فِي حَدِّ ذَاتِهِمَا اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: وَ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [الغاشية: ١] أَيْ وَإِنْ كَانَتْ أَطْوَلَ مِنْ سَبِّحْ لِوُرُودِهِ مَعَ حِكْمَةِ لُحُوقِ الْمُتَأَخِّرِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: فَهُمَا سُنَّتَانِ) أَيْ وَقِرَاءَةُ الْأُولَتَيْنِ أَوْلَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ اهـ. ش م ر.

(قَوْلُهُ: لَوْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ فِي الْأُولَى) أَيْ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا وَقِرَاءَةُ بَعْضٍ مِنْ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>