للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَلَاةُ (شِدَّةِ خَوْفٍ وَهِيَ أَنْ يُصَلِّيَ كُلٌّ) مِنْهُمْ (فِيهَا) أَيْ فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ سَوَاءٌ الْتَحَمَ قِتَالٌ وَلَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ تَرْكِهِ أَوْ لَمْ يَلْتَحِمْ بِأَنْ لَمْ يَأْمَنُوا هُجُومَ الْعَدُوِّ لَوَلَّوْا عَنْهُ أَوْ انْقَسَمُوا (كَيْفَ أَمْكَنَ) رَاكِبًا وَمَاشِيًا وَلَوْ مُومِئًا بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ عَجَزَ عَنْهُمَا وَلَا يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا قَالَ تَعَالَى {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: ٢٣٩] (وَعُذِرَ فِي تَرْكِ) تَوَجُّهِ (قِبْلَةٍ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (لِعَدُوٍّ) أَيْ لِأَجْلِهِ لَا لِجِمَاحِ دَابَّةٍ طَالَ زَمَنُهُ قَالَ ابْنُ عُمَرَ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ وَغَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا قَالَ الشَّافِعِيُّ رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِبَعْضِهِمْ الِاقْتِدَاءُ بِبَعْضٍ مَعَ اخْتِلَافِ الْجِهَةِ كَالْمُصَلِّينَ حَوْلَ الْكَعْبَةِ وَصَلَاةُ الْجَمَاعَةِ فِي ذَلِكَ

ــ

[حاشية الجمل]

يُبِيحُ التَّيَمُّمَ بِتَرْكِ حَمْلِهِ وَجَبَ عَلَى الْأَوْجَهِ وَلَوْ نَجَسًا وَمَانِعًا لِلسُّجُودِ أَيْضًا وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ يَأْتِي فِي الْقَضَاءِ هُنَا مَا يَأْتِي فِي حَمْلِ السِّلَاحِ النَّجَسِ فِي حَالِ الْقِتَالِ وَإِنْ فُرِضَ أَنَّ هَذَا أَنْدَرُ وَلَوْ انْتَفَى خَوْفُ الضَّرَرِ وَتَأَذَّى غَيْرُهُ بِحَمْلِهِ كُرِهَ أَيْ إنْ خَفَّ الضَّرَرُ بِأَنْ اُحْتُمِلَ عَادَةً وَإِلَّا حَرُمَ وَبِهِ يَجْمَعُ بَيْنَ إطْلَاقِ كَرَاهَتِهِ وَإِطْلَاقِ حُرْمَتِهِ انْتَهَتْ.

وَعِبَارَةُ ز ي قَوْلُهُ فَيَجِبُ حَمْلُهُ أَيْ وَإِنْ كَانَ نَجَسًا أَوْ بَيْضَةً تَمْنَعُ مُبَاشَرَةَ الْجَبْهَةِ بِمَسْجِدِهِ حَيْثُ انْحَصَرَتْ الْوِقَايَةُ فِي حَمْلِهِ لِأَنَّ تَرْكَهُ حِينَئِذٍ اسْتِسْلَامٌ لِلْعَدُوِّ وَكَذَا لَوْ آذَى غَيْرَهُ فَيَجِبُ حَمْلُهُ حِفْظًا لِنَفْسِهِ وَلَا نَظَرَ لِضَرَرِ غَيْرِهِ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الِاضْطِرَارِ حَيْثُ قَدَّمَ نَفْسَهُ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ دَفْعُهُ لِمُضْطَرٍّ آخَرَ تَقْدِيمًا لِنَفْسِهِ عَلَى غَيْرِهَا وَيَجِبُ الْقَضَاءُ قِيَاسًا عَلَى مَا سَيَأْتِي فِيمَا لَوْ تَنَجَّسَ سِلَاحُهُ وَاحْتَاجَ إلَى حَمْلِهِ فَإِنَّهُ يَحْمِلُهُ وَيَجِبُ الْقَضَاءُ خِلَافًا لِمَا فِي الْمِنْهَاجِ وَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ فِي مَسْأَلَتِنَا لَعَلَّهُ بَنَاهُ عَلَى مَا فِي الْمِنْهَاجِ مِنْ عَدَمِ الْقَضَاءِ فِي مَسْأَلَةِ السِّلَاحِ إذَا تَنَجَّسَ وَاحْتَاجَ إلَى حَمْلِهِ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ أَوْ بَيْضَةً تَمْنَعُ مُبَاشَرَةَ الْجَبْهَةِ وَهَلْ إذَا صَلَّى كَذَلِكَ تَجِبُ الْإِعَادَةُ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ شَقَّ عَلَيْهِ نَزْعُ الْعِصَابَةِ لِجِرَاحَةٍ تَحْتَهَا صَلَّى عَلَى حَالِهِ وَلَا إعَادَةَ مَا لَمْ يَكُنْ تَحْتَهَا نَجَاسَةٌ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهَا أَنَّهُ لَا إعَادَةَ هُنَا لَكِنْ فِي كَلَامِ ز ي كَابْنِ حَجَرٍ مَا يَقْتَضِي الْإِعَادَةَ وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْعُذْرَ ثَمَّ مَوْجُودٌ وَهُوَ الْجِرَاحَةُ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا فَإِنَّ إصَابَةَ السَّهْمِ مَثَلًا لَيْسَتْ مُحَقَّقَةً وَأَيْضًا فَمَا هُنَا نَادِرٌ اهـ. ع ش عَلَى م ر

(قَوْلُهُ صَلَاةُ شِدَّةِ خَوْفٍ)

(تَنْبِيهٌ) إذَا صَلَّيْت هَذِهِ الصَّلَاةُ هَلْ تُسَنُّ إعَادَتُهَا فِي جَمَاعَةٍ كَغَيْرِهَا أَوْ لَا لِأَنَّهَا عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ يُحَرَّرُ ذَلِكَ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَفِي ع ش مَا نَصُّهُ وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ هُنَا سَنُّ إعَادَتِهَا عَنْ الْهَيْئَةِ الَّتِي فَعَلَهَا أَوَّلًا وَانْظُرْ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهَا صَلَاةُ ضَرُورَةٍ فَلَا نُجَوِّزُهَا ثَانِيًا لِمُجَرَّدِ حُصُولِ سُنَّةِ الْإِعَادَةِ نَعَمْ يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ التَّرَدُّدِ حَيْثُ فَعَلَهَا مَعَ الْأَفْعَالِ الْكَثِيرَةِ أَمَّا لَوْ خَلَتْ عَنْ ذَلِكَ فَلَا يَبْعُدُ سَنُّ الْإِعَادَةِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَبْطَلَهَا بِالْعَمَلِ الْكَثِيرِ اهـ.

(قَوْلُهُ سَوَاءٌ الْتَحَمَ قِتَالٌ إلَخْ) قِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُصَلِّ سِلَاحَ أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ لِلْآخَرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسِّلَاحِ نَحْوُ السَّيْفِ اهـ. ح ل.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَهَذَا كِنَايَةٌ عَنْ شِدَّةِ اخْتِلَاطِهِمْ بِحَيْثُ يَلْتَصِقُ لَحْمُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ أَوْ يُقَارِبُ الْتِصَاقَهُ أَوْ عَنْ اخْتِلَاطِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ كَاشْتِبَاكِ لَحْمَةِ الثَّوْبِ بِالسَّدَى انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ بِالسَّدَى بِفَتْحِ السِّينِ وَالْقَصْرِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ وَاللَّحْمَةُ بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّهَا لُغَةٌ وَهَذَا عَكْسُ اللُّحْمَةِ بِمَعْنَى الْقَرَابَةِ وَأَمَّا اللَّحْمُ مِنْ الْحَيَوَانِ فَجَمْعُهُ لُحُومٌ وَلُحْمَانٌ بِضَمِّ اللَّامِ وَلِحَامٌ بِالْكَسْرِ اهـ. مِصْبَاحٌ بِالْمَعْنَى

(قَوْلُهُ بِأَنْ لَمْ يَأْمَنُوا هُجُومَ الْعَدُوِّ) وَهَذَا تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ أَوْ لَمْ يَلْتَحِمْ وَقَوْلُهُ لَوْ وَلَّوْا عَنْهُ أَيْ وَصَلَّوْا صَلَاةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ أَوْ بَطْنِ نَخْلٍ وَقَوْلُهُ أَوْ انْقَسَمُوا أَيْ وَصَلَّوْا صَلَاةَ عُسْفَانَ اهـ. شَيْخُنَا

(قَوْلُهُ رَاكِبًا) أَيْ وَلَوْ فِي الْأَثْنَاءِ إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ وَلَوْ أَمِنَ رَاكِبٌ نَزَلَ فَوْرًا وُجُوبًا وَبَنَى إنْ لَمْ يَسْتَدْبِرْ الْقِبْلَةَ اهـ. ز ي وَلَا يَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمَاشِي وَالرَّاكِبِ الِاسْتِقْبَالُ حَتَّى فِي التَّحَرُّمِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَلَا وَضْعِ جَبْهَتِهِ عَلَى الْأَرْضِ لِمَا فِي تَكْلِيفِهِ ذَلِكَ مِنْ تَعَرُّضِهِ لِلْهَلَاكِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْمَاشِي الْمُتَنَفِّلِ فِي السَّفَرِ كَمَا هُوَ. اهـ. شَرْحُ م ر

(قَوْلُهُ وَلَوْ مُومِئًا بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ) أَيْ وَيَكُونُ السُّجُودُ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ وَظَاهِرُهُ الِاكْتِفَاءُ بِأَقَلِّ إيمَاءٍ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى أَزْيَدَ مِنْهُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ فِي تَكْلِيفِهِ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ مَشَقَّةً وَرُبَّمَا يُفَوِّتُ الِاشْتِغَالُ بِهَا تَدْبِيرَ أَمْرِ الْحَرْبِ فَيَكْفِي فِيهِ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ إيمَاءٌ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَيُؤْخَذُ مِنْ عُذْرِهِ فِي الْإِيمَاءِ عُذْرُهُ فِي سُجُودِهِ عَلَى الْبَيْضَةِ إذَا خَافَ أَنْ يُصِيبَ رَأْسَهُ سَهْمٌ لَوْ نَزَعَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ. ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ عَلَى الْإِرْشَادِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ

(قَوْلُهُ لَا لِجِمَاحِ دَابَّةٍ) قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي نَقْلِ السَّفَرِ أَنَّ مِثْلَهُ الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ. اهـ. ع ش

(قَوْلُهُ طَالَ زَمَنُهُ) أَيْ عُرْفًا فَإِنْ لَمْ يَطُلْ لَمْ تَبْطُلْ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ

(قَوْلُهُ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ) أَيْ فِي سِيَاقِ تَفْسِيرِ الْآيَةِ وَإِلَّا فَتَفْسِيرُ {فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: ٢٣٩] بِذَلِكَ بَعِيدٌ مِنْ اللَّفْظِ اهـ. ح ل وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ أَيْ فِي مَقَامِ تَفْسِيرِ الْآيَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ جَعَلَهُ مَعْنَى الْآيَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ إلَخْ) أَيْ رَوَى هَذَا الْقَوْلَ الَّذِي قَالَهُ فَهُوَ مَرْفُوعٌ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

(قَوْلُهُ كَالْمُصَلِّينَ حَوْلَ الْكَعْبَةِ) التَّشْبِيهُ فِي الْجُمْلَةِ لَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ إذْ يَجُوزُ هُنَا أَنْ يَتَقَدَّمُوا عَلَى الْإِمَامِ فِي جِهَةٍ وَكَذَا يَجُوزُ

<<  <  ج: ص:  >  >>