لِوُرُودِهِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اعْتِبَارِ أَرْبَعِ أَصَابِعَ فِيمَا مَرَّ بِأَنَّ التَّطْرِيفَ مَحَلُّ حَاجَةٍ وَقَدْ تَمَسُّ الْحَاجَةُ لِلزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فَإِنَّهُ مُجَرَّدُ زِينَةٍ فَيَتَقَيَّدُ بِالْأَرْبَعِ أَمَّا الْمَرْأَةُ فَيَحِلُّ لَهَا مَا ذُكِرَ
ــ
[حاشية الجمل]
حَرِيرًا وَبَعْضُ اللُّحْمَةِ كَذَلِكَ وَأَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِجَوَازِ الْأَزْرَارِ الْحَرِيرِ لِغَيْرِ الْمَرْأَةِ قِيَاسًا عَلَى التَّطْرِيفِ بَلْ أَوْلَى وَيَحْرُمُ عَلَى غَيْرِ الْمَرْأَةِ الْمُزَعْفَرُ دُونَ الْمُعَصْفَرِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ خِلَافًا لِلْبَيْهَقِيِّ حَيْثُ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الصَّوَابَ تَحْرِيمُهُ أَيْضًا قَالَ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي لَوْ بَلَغَتْ الشَّافِعِيَّ لَقَالَ بِهَا.
وَلَوْ صُبِغَ بَعْضُ ثَوْبٍ بِزَعْفَرَانٍ فَهَلْ هُوَ كَالتَّطْرِيزِ فَيَحْرُمُ مَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ أَصَابِعَ أَوْ كَالْمَنْسُوجِ مِنْ الْحَرِيرِ وَغَيْرِهِ فَيُعْتَبَرُ الْأَكْثَرُ الْأَوْجَهُ أَنَّ الْمَرْجِعَ فِي ذَلِكَ إلَى الْعُرْفِ فَإِنْ صَحَّ إطْلَاقُ الْمُزَعْفَرِ عَلَيْهِ عُرْفًا حُرِّمَ وَإِلَّا فَلَا وَلَا يَكْرَهُ لِغَيْرِ مَنْ ذُكِرَ مَصْبُوغٌ بِغَيْرِ الزَّعْفَرَانِ وَالْعُصْفُرِ سَوَاءٌ الْأَحْمَرُ وَالْأَصْفَرُ وَالْأَخْضَرُ وَغَيْرُهَا سَوَاءٌ أَصُبِغَ قَبْلَ النَّسْجِ أَمْ بَعْدَهُ وَإِنْ خَالَفَ فِيمَا بَعْدَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ لِعَدَمِ وُرُودِ نَهْيٍ فِي ذَلِكَ وَيَحِلُّ لُبْسُ الْكَتَّانِ وَالصُّوفِ وَنَحْوِهِمَا وَإِنْ غَلَتْ أَثْمَانُهَا إذْ نَفَاسَتُهَا فِي صَنْعَتِهَا وَيُكْرَهُ تَزْيِينُ الْبُيُوتِ لِلرِّجَالِ وَغَيْرِهِمْ حَتَّى مَشَاهِدِ الْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ أَيْ مَحَلُّ دَفْنِهِمْ بِالثِّيَابِ وَيَحْرُمُ تَزْيِينُهَا بِالْحَرِيرِ وَالصُّوَرِ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الشَّيْخُ فِي إلْبَاسِهَا الْحَرِيرَ أَمَّا تَزْيِينُ الْمَسَاجِدِ بِهِ فَسَيَأْتِي فِي الْوَقْفِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى نَعَمْ يَجُوزُ سَتْرُ الْكَعْبَةِ بِهَا تَعْظِيمًا لَهَا وَالْأَوْجَهُ جَوَازُ سَتْرِ قَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْأُشْمُونِيُّ فِي بَسِيطِهِ جَرْيًا عَلَى الْعَادَةِ الْمُسْتَمِرَّةِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ وَلُبْسُ خَشِنٍ لِغَيْرِ غَرَضٍ شَرْعِيٍّ خِلَافُ السُّنَّةِ سَوَاءٌ لَاقَى الْبَدَنَ أَمْ لَا كَمَا اخْتَارَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقِيلَ مَكْرُوهٌ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِنَقْلِ الْمُصَنِّفِ لَهَا عَنْ الْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيِّ.
وَيُسَنُّ لُبْسُ الْعَذْبَةِ وَأَنْ تَكُونَ بَيْنَ كَتِفَيْهِ لِلِاتِّبَاعِ وَلَا يُكْرَهُ تَرْكُهَا إذْ لَمْ يَصِحَّ فِي النَّهْيِ عَنْهُ شَيْءٌ وَيَحْرُمُ إطَالَتُهَا طُولًا فَاحِشًا وَهِيَ اسْمٌ لِقِطْعَةٍ مِنْ الْقُمَاشِ تُغْرَزُ فِي مُؤَخَّرِ الْعِمَامَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ مَقَامَهَا إرْخَاءُ جُزْءٍ مِنْ طَرَفِ الْعِمَامَةِ مَحَلَّهَا وَيَحْرُمُ إنْزَالُ ثَوْبِهِ أَوْ إزَارِهِ عَلَى كَعْبَيْهِ لِلْخُيَلَاءِ لِلْوَعِيدِ الشَّدِيدِ الْوَارِدِ فِيهِ فَإِنْ انْتَفَتْ الْخُيَلَاءُ كُرِهَ وَيُسَنُّ فِي الْكُمِّ كَوْنُهُ إلَى الرُّسْغِ لِلِاتِّبَاعِ وَهُوَ الْمَفْصِلُ بَيْنَ الْكَفِّ وَالسَّاعِدِ وَلِلْمَرْأَةِ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى فِيمَا يَظْهَرُ إرْسَالُ الثَّوْبِ عَلَى الْأَرْضِ إلَى ذِرَاعٍ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ عَلَيْهِ لِمَا صَحَّ مِنْ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الذِّرَاعَ يُعْتَبَرُ مِنْ الْكَعْبَيْنِ وَقِيلَ مِنْ الْحَدِّ الْمُسْتَحَبِّ لِلرِّجَالِ وَهُوَ إنْصَافُ السَّاقَيْنِ وَرَجَّحَهُ جَمَاعَةٌ وَقِيلَ مِنْ أَوَّلِ مَا يَمَسُّ الْأَرْضَ وَإِفْرَاطُ تَوْسِعَةِ الثِّيَابِ وَالْأَكْمَامِ بِدْعَةٌ وَسَرَفٌ وَتَضْيِيعٌ لِلْمَالِ وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ مَكْرُوهٌ إلَّا عِنْدَ قَصْدِ الْخُيَلَاءِ نَعَمْ مَا صَارَ شِعَارًا لِلْعُلَمَاءِ يُنْدَبُ لَهُمْ لُبْسُهُ لِيُعْرَفُوا بِذَلِكَ فَيُسْأَلُوا وَلْيُطَاعُوا فِيمَا عَنْهُ زَجَرُوا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ ذَلِكَ سَبَبٌ لِامْتِثَالِ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَالِانْتِهَاءِ عَمَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ وَيَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِمْ التَّشَبُّهُ بِهِمْ فِيهِ لِيَلْحَقُوا بِهِمْ وَقَدْ كَثُرَ هَذَا فِي زَمَانِنَا وَيُكْرَهُ بِلَا عُذْرٍ الْمَشْيُ فِي نَعْلٍ أَوْ خُفٍّ وَاحِدَةٍ لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْهُ بَلْ يَخْلَعُهُمَا أَوْ يَلْبَسُهُمَا لِيَعْدِلَ بَيْنَ الرِّجْلَيْنِ وَلِئَلَّا يَخْتَلَّ مَشْيُهُ وَأَنْ يَنْتَعِلَ قَائِمًا لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْهُ خَوْفَ انْقِلَابِهِ.
وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُدَاسَاتِ الْمَعْرُوفَةِ الْآنَ وَنَحْوَهَا لَا يُكْرَهُ فِيهَا ذَلِكَ إذْ لَا يُخَافُ مِنْهُ انْقِلَابٌ وَيُسَنُّ أَنْ يَبْدَأَ بِيَمِينِهِ لُبْسًا وَبِيَسَارِهِ خَلْعًا وَلَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ يَسَارَهُ خُرُوجًا وَيَضَعَهَا عَلَى ظَاهِرِ النَّعْلِ مَثَلًا ثُمَّ يَخْرُجَ بِالْيَمِينِ فَيَلْبَسَ نَعْلَهَا ثُمَّ يَلْبَسَ نَعْلَ الْيَسَارِ فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ سُنَّةِ الِابْتِدَاءِ بِلُبْسِ الْيَمِينِ وَالْخُرُوجِ بِالْيَسَارِ وَيُسَنُّ أَنْ يَخْلَعَ نَحْوَ نَعْلَيْهِ إذَا جَلَسَ وَأَنْ يَجْعَلَهُمَا وَرَاءَهُ أَوْ بِجَنْبِهِ إلَّا لِعُذْرٍ كَخَوْفٍ عَلَيْهِمَا وَيُسَنُّ أَنْ يَطْوِيَ ثِيَابَهُ ذَاكِرًا اسْمَ اللَّهِ لِمَا قِيلَ أَنَّ طَيَّهَا أَيْ مَعَ التَّسْمِيَةِ يَرُدُّ إلَيْهَا أَرْوَاحَهَا وَيَمْنَعُ لُبْسَ الشَّيْطَانِ لَهَا وَالْمُرَادُ بِطَيِّهَا لَفُّهَا عَلَى هَيْئَةٍ غَيْرِ الْهَيْئَةِ الَّتِي تَكُونُ عَلَيْهَا عِنْدَ إرَادَةِ اللُّبْسِ وَفِي الْمَجْمُوعِ لَا كَرَاهَةَ فِي لُبْسِ نَحْوِ قَمِيصٍ وَقَبَاءٍ وَفَرْجَيْهِ وَلَوْ مَحْلُولَ الْإِزَارِ إذَا لَمْ تَبْدُ عَوْرَتُهُ وَلَا يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ النَّشَاءِ وَهُوَ الْمُتَّخَذُ مِنْ الْقَمْحِ فِي الثَّوْبِ وَالْأَوْلَى تَرْكُهُ وَتَرْكُ دَقَّ الثِّيَابِ وَصَقْلِهَا اهـ. شَرْحُ م ر بِزِيَادَةٍ مِنْ ع ش عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ لِوُرُودِهِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ) عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَهُ جُبَّةٌ يَلْبَسُهَا لَهَا لِبْنَةٌ مِنْ دِيبَاجٍ وَفَرْجَاهَا مَكْفُوفَانِ بِالدِّيبَاجِ» وَاللِّبْنَةُ بِكَسْرِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْبَاءِ رُقْعَةٌ فِي جَيْبِ الْقَمِيصِ أَيْ طَرَفِهِ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «كَانَ لَهُ جُبَّةٌ مَكْفُوفَةُ الْجَيْبِ وَالْكُمَّيْنِ وَالْفَرْجَيْنِ بِالدِّيبَاجِ» وَالْمَكْفُوفُ الَّذِي جُعِلَ لَهُ كُفَّةٌ بِضَمِّ الْكَافِ أَيْ سِجَافٌ انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ بِأَنَّ التَّطْرِيفَ مَحَلُّ حَاجَةٍ) يَرِدُ عَلَيْهِ التَّرْقِيعُ فَإِنَّهُ مَحَلُّ حَاجَةٍ بِحَسَبِ الْأَصْلِ وَإِنْ كَانَ قَدْ يُجْعَلُ لِلزِّينَةِ اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ فَيَحِلُّ لَهَا مَا ذُكِرَ) أَيْ اسْتِعْمَالُ الْحَرِيرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute