للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إلَّا لِضَرُورَةٍ) كَحَرٍّ وَنَحْوِهِ مِمَّا مَرَّ

ــ

[حاشية الجمل]

عَلِمْت أَنَّ جِلْدَ الْكَلْبِ وَنَحْوِهِ لَا يَحِلُّ لُبْسُهُ وَيَجُوزُ فَرْشُهُ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ وَذَكَرُوا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ لِدَابَّتِهِ وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُ الْمُشْطِ مِنْ الْعَاجِ فِي اللِّحْيَةِ وَالرَّأْسِ حَيْثُ لَا رُطُوبَةَ اهـ. حَلَبِيٌّ وَكَأَنَّهُمْ اسْتَثْنَوْهُ لِشِدَّةِ خَفَائِهِ مَعَ ظُهُورِ رَوْنَقِهِ، وَجِلْدُ الْآدَمِيِّ وَلَوْ حَرْبِيًّا وَشَعْرُهُ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ كَمَا مَرَّ أَوَائِلَ الْكِتَابِ اهـ. شَرْحُ م ر وَمِثْلُ الْمُشْطِ مِنْ الْعَاجِ الْمُشْطُ مِنْ عَظْمِ الْمَيْتَةِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ

(قَوْلُهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَحَرٍّ إلَخْ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر إلَّا لِضَرُورَةٍ كَفَجْأَةِ قِتَالٍ وَخَوْفٍ عَلَى نَحْوِ عُضْوٍ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ وَيَجُوزُ تَغْشِيَةُ الْكِلَابِ وَالْخَنَازِيرِ بِذَلِكَ لِمُسَاوَاةِ مَا ذُكِرَ لَهُمَا فِي التَّغْلِيظِ أَمَّا تَغْشِيَةُ غَيْرِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَفَرْعِهِمَا أَوْ فَرْعِ أَحَدِهِمَا مَعَ الْآخَرِ بِجِلْدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَا يَجُوزُ بِخِلَافِ تَغْشِيَتِهِ بِجِلْدِ غَيْرِهِمَا مِنْ الْجُلُودِ النَّجِسَةِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ انْتَهَتْ

١ -

(فَوَائِدُ مُهِمَّةٌ) لِأَنَّ أَكْثَرَهَا لَيْسَ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ وَإِنَّمَا هِيَ مُلْتَقَطَةٌ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ وَلِذَا كُنْت أَطَلْت الْكَلَامَ فِيهَا ثُمَّ رَأَيْت أَنَّهَا أَخْرَجَتْ الشَّرْحَ عَنْ مَوْضُوعِهِ فَأَفْرَدْتهَا بِتَأْلِيفٍ حَافِلٍ ثُمَّ لَخَّصْت مِنْهُ هُنَا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ بِأَخْصَرِ عِبَارَةٍ وَأَيْسَرِ إشَارَةٍ اتِّكَالًا عَلَى مَا بُسِطَ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يَتَحَرَّرْ - كَمَا قَالَ الْحُفَّاظُ - فِي طُولِ عِمَامَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَرْضِهَا شَيْءٌ وَمَا وَقَعَ لِلطَّبَرِيِّ فِي طُولِهَا أَنَّهَا نَحْوُ سَبْعَةِ أَذْرُعٍ وَلِغَيْرِهِ أَنَّهُ نُقِلَ «عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا سَبْعَةُ أَذْرُعٍ فِي عَرْضِ ذِرَاعٍ وَأَنَّهَا كَانَتْ فِي السَّفَرِ بَيْضَاءَ وَفِي الْحَضَرِ سَوْدَاءَ مِنْ صُوفٍ وَأَنَّ عَذَبَتَهَا كَانَتْ فِي السَّفَرِ مِنْ غَيْرِهَا وَفِي الْحَضَرِ مِنْهَا» فَهُوَ شَيْءٌ اسْتَرْوَحَا إلَيْهِ وَلَا أَصْلَ لَهُ نَعَمْ وَقَعَ فِي الرِّدَاءِ خِلَافٌ فَقِيلَ سِتَّةُ أَذْرُعٍ فِي عَرْضِ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ وَقِيلَ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ وَنِصْفٌ أَوْ شِبْرَانِ فِي عَرْضِ ذَارِعَيْنِ وَشِبْرٍ وَقِيلَ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ فِي عَرْضِ ذِرَاعَيْنِ وَنِصْفٍ وَلَيْسَ فِي الْأَنْوَارِ إلَّا الْقَوْلُ الثَّانِي وَيُسَنُّ لِكُلِّ أَحَدٍ بَلْ يَتَأَكَّدُ عَلَى كُلِّ مَنْ يُقْتَدَى بِهِ تَحْسِينُ الْهَيْئَةِ وَالْمُبَالَغَةُ فِي التَّجَمُّلِ وَالنَّظَافَةِ وَالْمَلْبُوسِ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهِ لَكِنَّ الْمُتَوَسِّطَ نَوْعًا مِنْ ذَلِكَ بِقَصْدِ التَّوَاضُعِ لِلَّهِ أَفْضَلُ مِنْ الْأَرْقَعِ فَإِنْ قَصَدَ بِهِ إظْهَارَ النِّعْمَةِ وَالشُّكْرَ عَلَيْهَا اُحْتُمِلَ تَسَاوِيهِمَا لِلتَّعَارُضِ وَأَفْضَلِيَّةُ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَا حَظَّ لِلنَّفْسِ فِيهِ بِوَجْهٍ وَأَفْضَلِيَّةُ الثَّانِي لِلْخَبَرِ الْحَسَنِ «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ» وَيَنْبَغِي عَدَمُ التَّوَسُّعِ فِي الْمَأْكَلِ وَالْمَشْرَبِ إلَّا لِغَرَضٍ شَرْعِيٍّ كَإِكْرَامِ ضَيْفٍ وَالتَّوْسِيعِ عَلَى الْعِيَالِ وَإِيثَارِ شَهْوَتِهِمْ عَلَى شَهْوَتِهِ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ كَقَرْضٍ لِحُرْمَتِهِ عَلَى فَقِيرٍ جَهِلَ الْمُقْرِضُ إلَّا إنْ كَانَ لَهُ جِهَةٌ ظَاهِرَةٌ يَتَيَسَّرُ الْوَفَاءُ مِنْهَا إذَا طُولِبَ.

وَوَرَدَ امْشُوا حُفَاةً وَفِي رِوَايَةٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَشَى حَافِيًا» وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ نَدْبُ الْحَفَاءِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ بِقَصْدِ التَّوَاضُعِ حَيْثُ أَمِنَ مُؤْذِيًا وَتَنَجُّسًا وَلَوْ احْتِمَالًا وَيُؤَيِّدُهُ نَدْبُهُ لِنَحْوِ دُخُولِ مَكَّةَ بِهَذِهِ الشُّرُوطِ، وَيَحِلُّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ بِلَا كَرَاهَةٍ لُبْسُ نَحْوِ قَمِيصٍ وَقَبَاءٍ وَنَحْوِ جُبَّةٍ أَيْ غَيْرِ خَارِمَةٍ لِمُرُوءَتِهِ فِيمَا يَظْهَرُ لِمَا يَأْتِي فِي الطَّيْلَسَان وَلَوْ غَيْرَ مَزْرُورَةٍ أَيْ إنْ لَمْ تَبْدُ عَوْرَتُهُ لِلِاتِّبَاعِ اهـ. وَمَرَّ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ مَتَى قَصَدَ بِلِبَاسٍ أَوْ نَحْوِهِ نَحْوَ تَكَبُّرٍ كَانَ فَاسِقًا أَوْ تَشَبُّهًا بِنِسَاءٍ وَعَكْسَهُ فِي لِبَاسٍ اخْتَصَّ بِهِ الْمُشَبَّهُ بِهِ حَرُمَ بَلْ فَسَقَ لِلَعْنِهِ فِي الْحَدِيثِ، وَيَحْرُمُ عَلَى غَنِيٍّ لُبْسُ خَشِنٍ لِيُعْطَى لِمَا يَأْتِي أَنَّ كُلَّ مَنْ أُعْطِيَ شَيْئًا لِصِفَةٍ ظُنَّتْ فِيهِ وَخَلَا عَنْهَا بَاطِنًا حَرُمَ عَلَيْهِ قَبُولُهُ وَلَمْ يَمْلِكْهُ. وَيَحْرُمُ نَحْوُ جُلُوسٍ عَلَى جِلْدِ سَبُعٍ كَنَمِرٍ وَفَهْدٍ بِهِ شَعْرٌ وَإِنْ جُعِلَ إلَى الْأَرْضِ عَلَى الْوَجْهِ لِأَنَّهُ مِنْ شَأْنِ الْمُتَكَبِّرِينَ وَحَرُمَ جَمْعُ لُبْسِ فَرْوِ السِّنْجَابِ وَالصَّوَابُ حِلُّهَا كَجُوخٍ وَجُبْنٍ اشْتَهَرَ عَمَلُهُمَا بِشَحْمِ خِنْزِيرٍ بَلْ لَا يُفِيدُ عِلْمُ ذَلِكَ إلَّا فِي فَرْوٍ مُعَيَّنٍ دُونَ مُطْلَقِ الْجِنْسِ، وَفَرْوُ الْوَاشِقِ شَعْرُهُ نَجِسٌ وَإِنْ دُبِغَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْكُولٍ وَيُسَنُّ نَفْضُ فَرْشٍ احْتَمَلَ حُدُوثُ مُؤْذٍ عَلَيْهِ لِلْأَمْرِ بِهِ «وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَلْبَسُ الْحِبَرَةَ» وَهِيَ ثَوْبٌ مُخَطَّطٌ بَلْ صَحَّ أَنَّهَا أَحَبُّ الثِّيَابِ إلَيْهِ «وَقَالَ فِي ثَوْبٍ خَيْطُهُ أَحْمَرُ خَلَعَهُ وَأَعْطَاهُ لِغَيْرِهِ خَشِيت أَنْ أَنْظُرَ إلَيْهَا فَتَفْتِنِّي عَنْ صَلَاتِي» وَبَيْنَهُمَا تَعَارُضٌ مَعَ كَوْنِ الْمُقَرَّرِ عِنْدَنَا كَرَاهَةُ الصَّلَاةِ فِي الْمُخَطَّطِ أَوْ إلَيْهِ أَوْ عَلَيْهِ.

وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهَا أَحْبِيَةٌ خَاصَّةٌ بِغَيْرِ الصَّلَاةِ جَمْعًا بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ وَالْأَفْضَلُ فِي الْقَمِيصِ كَوْنُهُ مِنْ قُطْنٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِهِ سَائِرُ أَنْوَاعِ اللِّبَاسِ كَالْعِمَامَةِ وَالطَّيْلَسَانِ وَالرِّدَاءِ وَالْإِزَارِ وَغَيْرِهَا وَيَلِيهِ الصُّوفُ لِحَدِيثٍ فِي الْأَوَّلِ وَحَدِيثَيْنِ فِي الثَّانِي لَكِنَّ ذَاكَ أَقْوَى مِنْ هَذَيْنِ وَكَوْنُهُ قَصِيرًا بِأَنْ لَا يَتَجَاوَزَ الْكَعْبَ وَكَوْنُهُ إلَى نِصْفِ السَّاقِ أَفْضَلُ وَتَقْصِيرُ الْكُمَّيْنِ بِأَنْ يَكُونَا إلَى الرُّسْغِ لِلِاتِّبَاعِ فَإِنْ زَادَا عَلَى ذَلِكَ كَكُلِّ مَا زَادَ عَلَى مَا قَدَّرُوهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ بِقَصْدِ الْخُيَلَاءِ حَرُمَ بَلْ فِسْقٌ وَإِلَّا كُرِهَ إلَّا لِعُذْرٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>