وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانُوا يُصَلُّونَ الْعِيدَيْنِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ» وَكَوْنُهُمَا ثِنْتَيْنِ مَقِيسٌ عَلَى خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَلَوْ قُدِّمَتْ عَلَى الصَّلَاةِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا كَالرَّاتِبَةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ إذَا قُدِّمَتْ (كَخُطْبَتَيْ جُمُعَةٍ فِي أَرْكَانٍ وَسُنَنٍ) لَا فِي شُرُوطٍ خِلَافًا لِلْجُرْجَانِيِّ وَحُرْمَةُ قِرَاءَةِ الْجُنُبِ آيَةً فِي إحْدَاهُمَا لَيْسَ لِكَوْنِهَا رُكْنًا فِيهَا بَلْ لِكَوْنِ الْآيَةِ قُرْآنًا لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي أَدَاءِ السُّنَّةِ الْإِسْمَاعُ وَالسَّمَاعُ وَكَوْنُ الْخُطْبَةِ عَرَبِيَّةً وَقَوْلِي وَسُنَنٍ مِنْ زِيَادَتِي
(وَ) سُنَّ (أَنْ يُعَلِّمَهُمْ فِي) عِيدِ (فِطْرٍ الْفِطْرَةَ وَ) فِي عِيدٍ (أَضْحَى الْأُضْحِيَّةِ) أَيْ أَحْكَامَهُمَا لِلِاتِّبَاعِ فِي بَعْضِهَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلِأَنَّ ذَلِكَ لَائِقٌ بِالْحَالِ (وَ) أَنْ (يَفْتَتِحَ) الْخُطْبَةَ (الْأُولَى
ــ
[حاشية الجمل]
(قَوْلُهُ وَأَبَا بَكْرٍ) يَعْنِي الصِّدِّيقَ وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ عُثْمَانُ بْنُ عَامِرٍ وَقِيلَ عَتِيقٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّ عَتِيقًا لَقَبٌ لَهُ لُقِّبَ بِهِ لِعِتْقِهِ مِنْ النَّارِ وَقِيلَ لِحُسْنِ وَجْهِهِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي نَسَبِهِ شَيْءٌ يُعَابُ بِهِ الْقُرَشِيُّ وُلِدَ بَعْدَ الْفِيلِ بِثَلَاثِ سِنِينَ تَقْرِيبًا وَأَسْلَمَ وَصَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَاجَرَ مَعَهُ وَشَهِدَ مَعَهُ الْمَشَاهِدَ كُلَّهَا رُوِيَ لَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِائَةٌ وَاثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ حَدِيثًا وَرَوَى عَنْهُ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَغَيْرُهُمْ مِنْ التَّابِعِينَ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ بَادَرَ بِتَصْدِيقِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَوَّلُ خَلِيفَةٍ فِي الْإِسْلَامِ وَأَوَّلُ أَمِيرٍ أُرْسِلَ إلَى الْحَجِّ وَأَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَمَنَاقِبُهُ كَثِيرَةٌ شَهِيرَةُ الْمُتَوَفَّى بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ لِثَمَانٍ بَقِينَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَلَهُ مِنْ الْعُمُرِ ثَلَاثٌ وَسِتُّونَ سَنَةً وَدُفِنَ بِجَانِبِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَتْ خِلَافَتُهُ سَنَتَيْنِ وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا) يَقْتَضِي أَنَّهَا تَحْرُمُ لِأَنَّهُ تَعَاطٍ لِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ كَالْأَذَانِ قَبْلَ الْوَقْتِ وَنُوزِعَ فِي التَّحْرِيمِ إذَا قَصَدَ الْخُطْبَةَ. اهـ. ز ي وَقَالَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ فَلَوْ قَصَدَ أَنَّ تَقْدِيمَ الْخُطْبَةِ عِبَادَةٌ وَتَعَمَّدَ ذَلِكَ لَمْ يَبْعُدْ التَّحْرِيمُ وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْ م ر عَلَيْهِ تَرَدُّدٌ ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ اخْتَارَ الْحُرْمَةَ فَرَاجِعْهُ اهـ. وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيَدُلُّ عَلَى الْحُرْمَةِ قَوْلُ مَتْنِ الرَّوْضِ وَلَوْ خَطَبَ لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ وَأَسَاءَ قَالَ شَارِحُهُ كَالسُّنَّةِ الرَّاتِبَةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ إذَا قَدَّمَهَا عَلَيْهَا. اهـ. ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ لَا فِي شُرُوطٍ) وَمَعَ ذَلِكَ يُسْتَحَبُّ الْإِتْيَانُ بِهَا أَيْ الشُّرُوطِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَنْذِرْ الصَّلَاةَ وَالْخُطْبَةَ أَوْ الْخُطْبَةَ وَحْدَهَا وَإِلَّا وَجَبَ اعْتِبَارُ الشُّرُوطِ كُلِّهَا لِأَنَّ النَّذْرَ يَسْلُكُ بِهِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَوْ خَالَفَ وَتَرَكَهَا أَيْ الشُّرُوطَ كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ مَعَ الْإِثْمِ اهـ. مِنْ شَرْحِ م ر وع ش عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ خِلَافًا لِلْجُرْجَانِيِّ) هُوَ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدْ الْجُرْجَانِيُّ قَاضِي الْبَصْرَةِ وَشَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ بِهَا تَفَقَّهَ عَلَى أَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ الْمُتَوَفَّى وَهُوَ رَاجِعٌ مِنْ أَصْبَهَانَ إلَى الْبَصْرَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ وَهُنَاكَ آخَرُ يُقَالُ لَهُ الْجُرْجَانِيُّ أَيْضًا وَهُوَ أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إبْرَاهِيمَ الْجُرْجَانِيُّ تَفَقَّهَ عَلَى أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ الْمُتَوَفَّى بِبَغْدَادَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ عَنْ نَيِّفٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ وَحُرْمَةُ قِرَاءَةِ الْجُنُبِ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ وَرَدٌّ عَلَى قَوْلِهِ لَا فِي شُرُوطِ أَيْ فَمُقْتَضَى هَذَا النَّفْيِ عَدَمُ حُرْمَةِ الْقِرَاءَةِ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ فَأَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ الْحُرْمَةَ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَقَوْلُهُ لَا لِكَوْنِهَا رُكْنًا إلَخْ كَانَ الْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ لَا لِكَوْنِ الطَّهَارَةِ شَرْطًا اهـ. شَيْخُنَا وَتُجْزِئُ الْخُطْبَةُ مِنْ الْجُنُبِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْحُرْمَةَ إنَّمَا هِيَ عِنْدَ قَصْدِ الْقُرْآنِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ الذَّكَرَ وَحْدَهُ فَلَا حُرْمَةَ وَلَا تُجْزِئُهُ قِرَاءَةُ الْآيَةِ اهـ. مِنْ ع ش عَلَى م ر.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ وَحُرْمَةُ قِرَاءَةِ الْجُنُبِ إلَخْ عِبَارَةُ حَجّ نَعَمْ لَوْ كَانَ فِي حَالِ قِرَاءَةِ الْآيَةِ جُنُبًا بَطَلَتْ خُطْبَتُهُ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهَا مِنْهُ مَا لَمْ يَتَطَهَّرْ وَيُعِيدُهَا انْتَهَتْ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ كَلَامَ الشَّارِحِ وَقَدْ يُرَدُّ إلَيْهِ كَلَامُ حَجّ بِأَنْ يَحْمِلَ كَلَامَهُ عَلَى مَنْ لَمْ يَقْصِدْ الْقِرَاءَةَ وَحِينَئِذٍ فَالْبُطْلَانُ لِعَدَمِ الْقَصْدِ لَا لِلْحُرْمَةِ فَإِنْ قِيلَ الْأَرْكَانُ لَا يُشْتَرَطُ قَصْدُهَا قُلْت مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ صَارِفٌ كَمَا هُنَا وَهُوَ الْجَنَابَةُ فَتَأَمَّلْ كَاتِبُهُ انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ لَيْسَ لِكَوْنِهَا رُكْنًا فِيهَا إلَخْ) فَفِي الْآيَةِ جِهَتَانِ كَوْنُهَا رُكْنًا فِي الْخُطْبَةِ وَكَوْنُهَا قُرْآنًا فَالْحُرْمَةُ لِأَجْلِ الْجِهَةِ الثَّانِيَةِ لَا لِلْأُولَى وَمَا ذَكَرَهُ حَجّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ جُنُبًا فِي حَالِ الْقِرَاءَةِ بَطَلَتْ خُطْبَتُهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَقْصِدْ الْقُرْآنَ اهـ. شَوْبَرِيٌّ بِاخْتِصَارٍ
(قَوْلُهُ الْإِسْمَاعُ وَالسَّمَاعُ) أَيْ بِالْفِعْلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ فِي الْإِسْمَاعِ الْمُسْتَلْزِمِ لِلسَّمَاعِ بِخِلَافِهِ فِي الْجُمُعَةِ فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهَا الْإِسْمَاعُ وَالسَّمَاعُ بِالْقُوَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ اهـ. رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر
(قَوْلُهُ وَكَوْنُ الْخُطْبَةِ عَرَبِيَّةً) هَلْ وَلَوْ كَانُوا مِنْ غَيْرِ الْعَرَبِ.
وَعِبَارَةُ حَجّ وَلَا بُدَّ فِي أَدَاءِ سُنِّيَّتِهَا مِنْ كَوْنِهَا عَرَبِيَّةً لَكِنْ الْمُتَّجَهُ أَنَّ هَذَا شَرْطٌ لِكَمَالِهَا لَا لِأَصْلِهَا بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ يَفْهَمُهَا كَالطَّهَارَةِ بَلْ أَوْلَى ثُمَّ قَالَ وَلَا بُدَّ فِي ذَلِكَ أَيْضًا مِنْ سَمَاعِ الْحَاضِرِينَ لَهَا بِالْفِعْلِ لَكِنْ يَظْهَرُ الِاكْتِفَاءُ بِسَمَاعِ وَاحِدٍ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ تُسَنُّ لِاثْنَيْنِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَفُهِمَ مِنْ عِبَارَتِهِ عَدَمُ اعْتِبَارِ الشُّرُوطِ كَالْقِيَامِ وَالسَّتْرِ وَالطَّهَارَةِ فَيَجُوزُ أَنْ يَخْطُبَ قَاعِدًا أَوْ عَارِيًّا وَمُتَنَجِّسًا وَمُحْدِثًا اهـ. شَيْخُنَا وَيُعْتَبَرُ أَيْضًا فِي أَدَاءِ السُّنَّةِ ذُكُورَةُ الْخَطِيبِ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ
(قَوْلُهُ الْفِطْرَةَ) بِكَسْرِ الْفَاءِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَبِضَمِّهَا كَمَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ لِلِاتِّبَاعِ فِي بَعْضِهَا) وَهُوَ