وَفِي التَّكْبِيرِ وَالْجَهْرِ وَخُطْبَتَيْهِ وَغَيْرِهَا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ (لَكِنَّهَا لَا تُوَقَّتُ) بِوَقْتِ عِيدٍ وَلَا غَيْرِهِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَلَا تَخْتَصُّ بِوَقْتِ الْعِيدِ فَيُصَلِّيهَا فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ لِأَنَّهَا ذَاتُ سَبَبٍ فَدَارَتْ مَعَ سَبَبِهَا
(وَتُجْزِئُ الْخُطْبَتَانِ قَبْلَهَا) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ (وَيُبَدِّلُ تَكْبِيرَهُمَا بِاسْتِغْفَارٍ) أَوَّلَهُمَا فَيَقُولُ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إلَيْهِ بَدَلَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ وَيُكْثِرُ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَتَيْنِ مِنْ الِاسْتِغْفَارِ وَمِنْ قَوْلِهِ {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} [نوح: ١٠] {يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} [نوح: ١١] {وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: ١٢]
ــ
[حاشية الجمل]
لَا تُزَادُ عَلَيْهِمَا كَالْعِيدِ وَهُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ م ر فِي شَرْحِهِ وَجَرَى عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ اهـ. حَجّ فِي شَرْحه وَلَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الدُّعَاءُ وَهَلْ إذَا زَادَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ يَجْهَرُ فِي الْجَمِيعِ أَوْ يَفْصِلُ بَيْنَ أَنْ يَتَشَهَّدَ تَشَهُّدًا أَوَّلَ فَيُسِرَّ بَعْدَهُ أَوْ لَا فَيَجْهَرَ مُطْلَقًا وَهَلْ تُزَادُ وَلَوْ وَاحِدَةً وَهَلْ إذَا أَمَرَ بِهَا الْإِمَامُ نَحْوَ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ تَجِبُ كَذَلِكَ أَوْ يَجِبُ الْأُولَيَانِ فَقَطْ مَعَ أَنَّ الْإِحْرَامَ وَاحِدٌ وَهَلْ يُزَادُ التَّكْبِيرُ فِي الرَّكَعَاتِ الزَّائِدَةِ أَوْ يَخْتَصُّ بِالْأُولَيَيْنِ وَإِذَا كَبَّرَ فَهَلْ يُكَبِّرُ فِي الثَّالِثَةِ سَبْعًا وَفِي الرَّابِعَةِ خَمْسًا مَثَلًا وَهَلْ يَقْرَأُ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ مَثَلًا سُورَةً أَوْ لَا؟ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ وَكُلٌّ مُحْتَمَلٌ انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ وَفِي التَّكْبِيرِ وَالْجَهْرِ) فَيُكَبِّرُ بَعْدَ افْتِتَاحِهِ قَبْلَ التَّعَوُّذِ وَالْقِرَاءَةِ سَبْعًا فِي الْأُولَى وَخَمْسًا فِي الثَّانِيَةِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ وَيَقِفُ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ كَآيَةٍ مُعْتَدِلَةٍ وَيَقُولُ فِي حَالِ وُقُوفِهِ بَيْنَ التَّكْبِيرَتَيْنِ مَا يَقُولُهُ فِي الْعِيدِ وَيَقْرَأُ فِي الْأُولَى جَهْرًا بِسُورَةِ ق وَفِي الثَّانِيَةِ اقْتَرَبَتْ فِي الْأَصَحِّ أَوْ بِسَبِّحْ وَالْغَاشِيَةِ قِيَاسًا وَلِوُرُودِهِ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ. اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَلَا تَخْتَصُّ بِوَقْتِ الْعِيدِ) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ تَعْبِيرَ الْأَصْلِ يُوهِمُ أَنَّهَا تَخْتَصُّ بِوَقْتٍ غَيْرِ الْعِيدِ عَلَى مَا هُوَ مَعْلُوم مِنْ أَنَّ النَّفْيَ إذَا دَخَلَ عَلَى كَلَامٍ مُقَيَّدٍ بِقَيْدٍ كَانَ الْمَنْفِيُّ ذَلِكَ الْقَيْدَ غَالِبًا وَالْقَيْدُ هُنَا هُوَ قَوْلُهُ بِوَقْتِ الْعِيدِ فَيَكُونُ هُوَ الْمَنْفِيَّ وَالِاخْتِصَاصُ غَيْرُ مَنْفِيٍّ وَيُجَابُ عَنْ الْأَصْلِ بِأَنَّهُ إنَّمَا قَيَّدَ بِهَذَا الْقَيْدِ لِأَجْلِ الْخِلَافِ الَّذِي حَكَاهُ وَعِبَارَتُهُ مَعَ شَرْحِ م ر وَلَا تَخْتَصُّ بِوَقْتِ الْعِيدِ فِي الْأَصَحِّ بَلْ وَلَا بِوَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ بَلْ يَجُوزُ فِعْلُهَا مَتَى شَاءَ وَلَوْ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّهَا ذَاتُ سَبَبٍ فَدَارَتْ مَعَهُ كَصَلَاةِ الْكُسُوفِ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ تَخْتَصُّ بِهِ «لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدِ» كَمَا مَرَّ وَإِنَّمَا تُصَلَّى فِي الْعِيدِ فِي وَقْتٍ خَاصٍّ انْتَهَتْ وَفِي الشَّوْبَرِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ أَنَّ وَقْتَهَا الْمُخْتَارَ وَقْتُ صَلَاةِ الْعِيدِ. اهـ. وَكَأَنَّهُ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ الَّذِي عَلِمْته
(قَوْلُهُ فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ) أَيْ وَلَوْ وَقْتَ كَرَاهَةٍ مَا لَمْ يَتَحَرَّهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ لِأَنَّهَا ذَاتُ سَبَبٍ) وَهُوَ الْمَحَلُّ. اهـ. رَشِيدِيٌّ
(قَوْلُهُ لِلِاتِّبَاعِ) أَيْ اتِّبَاعِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا فَعَلَهُ فَهَذَا الْكَلَامُ يَقْتَضِي «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدَّمَ الْخُطْبَةَ عَلَى الصَّلَاةِ» مَعَ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى فَيَكُونُ فِعْلُهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَيُقَالُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ التَّقْدِيمُ مَأْخُوذًا مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ وَحَكَمْتُمْ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى فَمِنْ أَيْنَ يُؤْخَذُ التَّأْخِيرُ الَّذِي هُوَ الْأَوْلَى وَالْأَفْضَلُ وَفِي شَرْحِ م ر مَا يَقْتَضِي أَنَّ النَّبِيَّ فَعَلَ كُلًّا مِنْ الْأَمْرَيْنِ لَكِنْ فِعْلُ التَّأْخِيرِ أَكْثَرُ وَعِبَارَتُهُ وَلَوْ خَطَبَ قَبْلَ الصَّلَاةِ جَازَ لِمَا صَحَّ مِنْ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطَبَ ثُمَّ صَلَّى» لَكِنَّهُ فِي حَقِّنَا خِلَافُ الْأَفْضَلِ لِأَنَّ فِعْلَ الْخُطْبَتَيْنِ بَعْدَ الصَّلَاةِ هُوَ الْأَكْثَرُ مِنْ فِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - انْتَهَتْ وَهَذَا بِخِلَافِ الْعِيدِ وَالْخُسُوفِ فَإِنَّهُ لَمْ يَرِدْ أَنَّ النَّبِيَّ خَطَبَ قَبْلَهُمَا وَكَتَبَ عَلَيْهِ الشَّوْبَرِيُّ اُنْظُرْ مَا الْمَانِعُ مِنْ الصِّحَّةِ فِي الْعِيدِ وَالْكُسُوفِ وَلَا يُقَالُ الِاتِّبَاعُ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِهِ لَا يَقْتَضِي الْمَنْعَ لِجَوَازِ الْقِيَاسِ فِيمَا لَمْ يَرِدْ عَلَى مَا وَرَدَ وَلَا يُقَالُ الِاهْتِمَامُ بِأَمْرِ الْحَثِّ عَلَى التَّوْبَةِ وَالْوَعْظِ اقْتَضَى صِحَّةَ التَّقْدِيمِ لِأَنَّهُ بِتَسْلِيمِهِ لَا يَقْتَضِي مَنْعَ الصِّحَّةِ بَلْ الْأَوْلَوِيَّةُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ فَلْيُحَرَّرْ اهـ. مِنْ حَوَاشِي التَّحْرِيرِ اهـ. ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ وَيُبَدَّلُ تَكْبِيرُهُمَا بِاسْتِغْفَارٍ) هَذَا أَيْضًا مُسْتَثْنًى فَالْمُسْتَثْنَيَات ثَلَاثَةٌ فَيَفْتَتِحُ الْأُولَى بِتِسْعِ اسْتِغْفَارَاتٍ وَالثَّانِيَةَ بِسَبْعٍ بِخِلَافِ تَكْبِيرِ الصَّلَاةِ لَا يُبَدِّلُهُ بَلْ يُكَبِّرُ فِي الْأُولَى سَبْعًا وَالثَّانِيَةِ خَمْسًا كَالْعِيدِ فِيمَا مَرَّ اهـ. شَيْخُنَا وَيَنْدُبُ أَنْ يَجْلِسَ أَوَّلَ مَا يَصْعَدُ الْمِنْبَرَ بِقَدْرِ أَذَانِ الْجُمُعَةِ ثُمَّ يَقُومَ فَيَخْطُبَ اهـ شَرْحُ م ر.
وَقَدْ رَأَيْت بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ مَا نَصُّهُ هَذِهِ خُطْبَةُ اسْتِسْقَاءٍ بَلِيغَةٌ مُبَارَكَةٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إلَيْهِ تِسْعَ مَرَّاتٍ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَكُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ الَّذِي أَوْجَبَ الْفَنَاءَ عَلَى كُلِّ حَيٍّ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَالْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَالْحَيَوَانِ فَكُلٌّ مِنْهُمْ يَمُوتُ حَتَّى مَلَكُ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ يَمُوتُ بِإِذْنِ الْمَلِكِ الدَّيَّانِ فَسُبْحَانُهُ مِنْ إلَهٍ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَيَفْعَلُ مَا يُرِيدُ كُلُّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ لَا يُقَال أَيْنَ كَانَ وَلَا مَتَى كَانَ وَلَا كَيْفَ كَانَ كَوَّنَ الْأَكْوَانَ وَلَوَّنَ الْأَلْوَانَ وَدَبَّرَ بِحِكْمَتِهِ الْمُلْكَ وَالزَّمَانَ رَفَعَ السَّمَاءَ بِقُدْرَتِهِ وَبَسَطَ الْأَرْضَ بِحِكْمَتِهِ وَأَنْبَتَ الْأَشْجَارَ بِصَنْعَتِهِ وَأَجْرَى الْعُيُونَ لِلْإِنْسَانِ أَحْمَدُهُ وَهُوَ الْمَحْمُودُ بِكُلِّ لِسَانٍ وَأَشْكُرُهُ وَهُوَ الْمَقْصُودُ فِي زِيَادَةِ الْإِحْسَانِ وَأَسْتَغْفِرُهُ وَأَتُوبُ إلَيْهِ وَأَسْأَلُهُ التَّوْبَةَ وَالْمَغْفِرَةَ وَالرِّضْوَانَ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ شَهَادَةً نَاشِئَةً عَنْ التَّحْقِيقِ وَالْإِيقَانِ وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -