. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية الجمل]
عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْمُؤَيَّدَ بِالْقُرْآنِ الْمَبْعُوثَ إلَى سَائِرِ الْخَلْقِ مِنْ الْأَبْيَضِ وَالْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ مِنْ الْإِنْسِ وَالْجَانِّ نَبِيٌّ أَخْبَرَهُ اللَّهُ بِمَا سَيَكُونُ مِنْ الدُّنْيَا وَبِمَا قَدْ كَانَ.
نَبِيٌّ نَسَخَ شَرِيعَتُهُ جَمِيعَ الشَّرَائِعِ وَأَظْهَرَ بِبَعْثَتِهِ دِينَ الْحَقِّ وَكَلِمَةَ الْإِيمَانِ وَلَمْ يَزَلْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُنَبِّهُ الْغَافِلِينَ وَيُحَذِّرُ الْعَاصِينَ وَيَنْصُرُ دَعَوْته بِالدَّلِيلِ وَالْبُرْهَانِ حَتَّى تَرَكَهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً فَاتَّضَحَ الْحَقُّ بِإِيضَاحِهِ وَاسْتَبَانَ اللَّهُمَّ فَصَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ صَلَاةً وَسَلَامًا دَائِمَيْنِ مُتَلَازِمَيْنِ مَا انْفَلَقَ صُبْحٌ وَبَانَ أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ الْمَلِكَ الدَّيَّانَ وَتُوبُوا إلَيْهِ مِنْ جَمِيعِ الذُّنُوبِ وَالْعِصْيَانِ وَلَا تَقُولُوا لِشَيْءٍ كَانَ لَيْتَهُ لَا كَانَ فَإِنَّ هَذِهِ كَلِمَةٌ تَفْتَحُ أُذُنَ الشَّيْطَانِ فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ إنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى كَتَبَ مَقَادِيرَ الْخَلْقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفِ عَامٍ» فَكَانَ الَّذِي قَدْ كَانَ فَانْظُرُوا وَتَبَصَّرُوا وَتَفَكَّرُوا وَتَدَبَّرُوا يَا عِبَادَ اللَّهِ فِي تَصَارِيفِ هَذَا الْوَقْتِ وَالزَّمَانِ وَتَقَلُّبَاتِ الدَّهْرِ فِيهِ وَالْحَدَثَانِ وَاعْتَبِرُوا حُكْمَ اللَّهِ بِهَذِهِ الْآفَاتِ الَّتِي سَلَّطَتْ عَلَيْكُمْ هَذِهِ الْمَصَائِبَ الَّتِي حَلَّتْ لَدَيْكُمْ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَمَكَانٍ وَاعْلَمُوا أَنَّ كُلَّ مُصِيبَةٍ تُصِيبُ الْعَبْدَ فَسَبَبُهَا ذُنُوبُهُ وَغَفَلْته عَنْ طَاعَةِ مَوْلَاهُ كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْقُرْآنُ قَالَ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: ٣٠] أَيْ مِنْ الذُّنُوبِ وَالطُّغْيَانِ.
وَوَرَدَ فِي الْخَبَرِ «أَنَّ يَعْقُوبَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمَّا ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِفِرَاقِ وَلَدِهِ يُوسُفَ أَوْحَى إلَيْهِ يَا يَعْقُوبُ أَتَدْرِي لِمَا اُبْتُلِيَتْ بِفِرَاقِ وَلَدِك يُوسُفَ قَالَ لَا يَا رَبِّ قَالَ لِأَنَّك ذَبَحْت كَبْشًا سَمِينًا فَأَتَتْك أَوْلَادٌ أَيْتَامٌ فَلَمْ تُطْعِمْهُمْ هَذَا» وَهُوَ صَفْوَةُ الرَّحْمَنِ فَمَا بَالُك بِمَنْ عَصَى اللَّهَ وَأَطَاعَ الشَّيْطَانَ فَبِعِصْيَانِكُمْ سَلَّطَ عَلَيْكُمْ بِذُنُوبِكُمْ مَنْ لَا يَرْحَمُكُمْ وَأَنْزَلَ بِكُمْ الْقَحْطَ وَالْمَحَلَّ وَالْغَلَاءَ وَالْوَبَاءَ فِي الْأَبْدَانِ وَسَلَّطَ عَلَيْكُمْ الْحُكَّامَ وَأَعْوَانَهَا وَالظَّلَمَةَ وَأَقْرَانَهَا وَأَهْلَ الْفِسْقِ وَالطُّغْيَانِ وَصَارَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ الْهَمِّ مُظْلِمَةً وَالدُّنْيَا عَلَيْكُمْ مُغَبَّرَةً مُقْتِمَةً قَدْ قَلَّ فِيهَا الْخَيْرُ وَالْإِيمَانُ وَضَاقَتْ عَلَيْكُمْ الْمَعِيشَةُ وَصَارَتْ نُفُوسُكُمْ مِنْ الْهَوْمِ مَدْهُوشَةً وَالْقُلُوبُ فِي بِحَارِ الْغَفْلَةِ مَطْلُوسَةً مَطْرُودَةً مَبْعُودَةً عَنْ الرَّحْمَنِ وَرُفِعَتْ عَنْكُمْ الْبَرَكَاتُ وَغُلِّيَتْ عَلَيْكُمْ الْأَقْوَاتُ وَسُلِّطَتْ عَلَيْكُمْ الْآفَاتُ وَالْعَاهَاتُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَمَكَانٍ وَشَحَّ عَلَيْكُمْ النِّيلُ وَالْأَمْطَارُ وَارْتَفَعَتْ بَيْنَكُمْ الْأَسْعَارُ.
كَيْفَ لَا وَالْجَارُ لَا يَأْمَنُ غَوَائِلَ الْجَارِ وَالْأَمِينُ صَارَ خَوَّانًا وَأَكَلْتُمْ الْحَرَامَ وَظَلَمْتُمْ الْأَيْتَامَ وَقَطَعْتُمْ الْأَرْكَامَ وَلَمْ تَخَافُوا مِنْ عَالِمِ السِّرِّ وَالْإِعْلَانِ وَشَهِدْتُمْ بِالزُّورِ وَشَرِبْتُمْ الْخُمُورَ وَأَظْهَرْتُمْ الْفُجُورَ وَلَمْ تَخْشُوا سَطْوَةَ الْمَلِكِ الدَّيَّانِ وَدَرَسْتُمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ وَحُرُمَاتِ الْمَسَاجِدِ وَقَلَّ فِيهَا الرَّاكِعُ وَالسَّاجِدُ وَجَعَلْتُمُوهَا مَجَالِسَ لِلْغِيبَةِ وَمَقَاعِدَ - أَمَا تَخَافُونَ مِنْ اللَّهِ الْوَاحِدِ الدَّيَّانِ؟ - وَقَلَّتْ الْأَمَانَاتُ وَكَثُرَتْ الْخِيَانَاتُ وَاخْتَفَى الْحَقُّ وَظَهَرَ الْبَاطِلُ وَبَانَ وَحُكْمُ الشَّرِيعَةِ انْدَرَسَ وَمَاتَ وَسُنَّةُ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَمَنُهَا قَدْ فَاتَ فَاسْتَحِقِّينَا بِذَلِكَ الْعَذَابَ وَالْهَوَانَ فَلَوْلَا بَرَكَةُ الْأَطْفَالِ الصِّغَارِ وَالشُّيُوخِ الرُّكَّعِ الْكِبَارِ وَالدَّوَابِّ الرُّتَّعِ فِي الْقِفَارِ لَصُبَّ عَلَيْنَا الْعَذَابُ صَبًّا بِغَيْرِ كَيْلٍ وَلَا مِيزَانٍ لِأَنَّ الْخَلْقَ قَدْ ارْتَكَبُوا ذُنُوبًا عَظِيمَةً وَأَحْوَالًا ذَمِيمَةً وَسَيِّئَاتٍ جَسِيمَةً وَخَالَفُوا السُّنَّةَ وَالْقُرْآنَ فَأَيُّ ذَنْبٍ أَعْظَمُ مِنْ تَعَدِّي الْحُدُودِ وَلَطْمِ الْخُدُودِ وَتَرْكِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْإِفْطَارِ بِغَيْرِ عُذْرٍ فِي رَمَضَانَ وَأَيُّ ذَنْبٍ أَعْظَمُ مِنْ قَذْفِ الْمُحْصَنَاتِ وَأَذِيَّةِ الْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ بِالْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَالزُّورِ وَالْبُهْتَانِ.
فَكَيْفَ بِكُمْ يَا عِبَادَ اللَّهِ إذَا وَقَفْتُمْ هُنَالِكَ وَأَيُّ شَيْءٍ يُنْجِيكُمْ مِنْ تِلْكَ الْمَهَالِكِ إذَا اشْتَدَّ غَضَبُ الْجَبَّارِ وَحَمَى النَّارَ مَالِكٌ وَطَارَ شَرَرُهَا وَالدُّخَانُ وَسَأَلَكُمْ مَوْلَاكُمْ وَقَالَ عِبَادِي مَاذَا فَعَلْتُمْ؟ وَمَاذَا جَنَيْتُمْ؟ وَمَاذَا أَخَذْتُمْ؟ وَمَاذَا صَنَعْتُمْ؟ فَتَنْطِقُ الْجَوَارِحُ وَيَخْرَسُ اللِّسَانُ فَاَللَّهَ اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ اتَّقُوا اللَّهَ وَتُوبُوا إلَيْهِ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ لَدَيْهِ وَاسْأَلُوهُ التَّوْبَةَ وَالْغُفْرَانَ وَلْيَتُبْ كُلٌّ مِنْكُمْ مِنْ ذَنْبِهِ وَيَسْتَغْفِرْ رَبَّهُ بِلِسَانِهِ وَقَلْبِهِ {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} [نوح: ١٠] {يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} [نوح: ١١] {وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: ١٢] اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا هَنِيئًا مَرِيئًا مُرِيعًا غَدَقًا مُجَلَّلًا سَحًّا طِبْقًا دَائِمًا إلَى يَوْمِ الدِّينِ اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنْ الْقَانِطِينَ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَغْفِرُك إنَّكَ كُنْت غَفَّارًا فَأَرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْنَا مِدْرَارًا اللَّهُمَّ إنَّ بِالْعِبَادِ وَالْبِلَادِ مِنْ الْجُهْدِ وَالْجُوعِ وَالضَّنْكِ مَا لَا نَشْكُوا إلَّا إلَيْك اللَّهُمَّ أَنْبِتْ لَنَا الزَّرْعَ وَأَدِرْ لَنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute