للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَكْفِي اسْتِتَابَتُهُ فِي الْحَالِ لِأَنَّ تَأْخِيرَهَا يُفَوِّتُ صَلَوَاتٍ وَقِيلَ يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَالْقَوْلَانِ فِي النَّدْبِ وَقِيلَ فِي الْوُجُوبِ وَالْمَعْنَى أَنَّهَا فِي الْحَالِ أَوْ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ مَنْدُوبَةٌ وَقِيلَ وَاجِبَةٌ فَإِنْ لَمْ يَتُبْ قُتِلَ (ثُمَّ) بَعْدَ قَتْلِهِ (لَهُ حُكْمُ الْمُسْلِمِ) الَّذِي لَمْ يَتْرُكْ الصَّلَاةَ فَيُجَهَّزُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يُطْمَسُ قَبْرُهُ كَسَائِرِ أَصْحَابِ الْكَبَائِرِ وَلَا يُقْتَلُ إنْ قَالَ صَلَّيْت وَلَوْ قَتَلَهُ فِي مُدَّةِ الِاسْتِتَابَةِ أَوْ قَبْلَهَا إنْسَانٌ أَثِمَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَقَاتِلِ الْمُرْتَدِّ وَكَتَارِكِ الصَّلَاةِ فِيمَا ذُكِرَ تَارِكُ شَرْطٍ لَهَا كَالْوُضُوءِ لِأَنَّهُ مُمْتَنِعٌ مِنْهَا

ــ

[حاشية الجمل]

وَلَا تُفِيدُ الِامْتِنَاعَ عَنْهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِخِلَافِ تَوْبَتِهِ هُنَا فَإِنَّهَا بِفِعْلِ الصَّلَاةِ وَذَلِكَ يُحَقِّقُ الْمُرَادَ فِي الْمَاضِي وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَارِكُ الصَّلَاةِ يَسْقُطُ حَدُّهُ بِالتَّوْبَةِ وَهِيَ الْعَوْدُ لِفِعْلِ الصَّلَاةِ كَالْمُرْتَدِّ بَلْ هُوَ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْهُ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ وَتَكْفِي اسْتِتَابَتُهُ فِي الْحَالِ) الِاسْتِتَابَةُ طَلَبُ التَّوْبَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا فِي الْحَالِ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ لِأَنَّهَا مِنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ فَلَا تَأْخِيرَ فِيهَا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْقَتْلِ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهَا أَيْ هَلْ يُقْتَلُ حَالًا بَعْدَ الِاسْتِتَابَةِ أَوْ يُؤَخَّرُ لَعَلَّهُ يَتُوبُ فَعَلَى هَذَا كَلَامُهُ يَحْتَاجُ لِتَأْوِيلٍ فَقَوْلُهُ لِأَنَّ تَأْخِيرَهَا أَيْ تَأْخِيرَ مُسَبَّبِهَا وَقَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ أَيْ لِمُسَبَّبِهَا وَقَوْلُهُ فِي مُدَّةِ الِاسْتِتَابَةِ أَيْ فِي مُدَّةِ الْإِمْهَالِ لِمُسَبَّبِهَا وَقَوْلُهُ أَوْ قَبْلَهَا اُنْظُرْ مَعْنَى الْقَبْلِيَّةِ فَإِنْ كَانَ الضَّمِيرُ رَاجِعًا لِلْمُدَّةِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ فَلَمْ يَظْهَرْ وَإِنْ كَانَ رَاجِعًا لِلِاسْتِنَابَةِ فَهُوَ ظَاهِرٌ تَأَمَّلْ بِإِنْصَافٍ (قَوْلُهُ فِي الْحَالِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَالِاسْتِحْبَابِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ كَسَائِرِ أَصْحَابِ الْكَبَائِرِ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ أَصْحَابِ الْكَبَائِرِ فَإِنَّهُمْ لَا تُطْمَسُ قُبُورُهُمْ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَلَا يُقْتَلُ إنْ قَالَ صَلَّيْت) أَيْ وَلَوْ ظَنَنَّا كَذِبَهُ فَإِنْ قُطِعَ بِكَذِبِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَذَلِكَ لِاحْتِمَالِ طُرُوءِ حَالَةٍ عَلَيْهِ تُجَوِّزُ لَهُ الصَّلَاةَ بِالْإِيمَاءِ اهـ. ح ل.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر فَإِنْ أَبْدَى عُذْرًا كَنِسْيَانٍ أَوْ بَرْدٍ أَوْ عَدَمِ مَاءٍ أَوْ نَجَاسَةٍ عَلَيْهِ صَحِيحَةً كَانَتْ الْأَعْذَارُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَمْ بَاطِلَةً كَمَا لَوْ قَالَ صَلَّيْت وَظَنَنَّا كَذِبَهُ لَمْ نَقْتُلْهُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ تَعَمُّدِهِ تَأْخِيرَهَا عَنْ وَقْتِهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ نَعَمْ نَأْمُرُهُ بِهَا بَعْدَ ذِكْرِ الْعُذْرِ وُجُوبًا فِي الْعُذْرِ الْبَاطِلِ وَنَدْبًا فِي الصَّحِيحِ بِأَنْ نَقُولَ لَهُ صَلِّ فَإِنْ امْتَنَعَ لَمْ يُقْتَلْ لِذَلِكَ فَإِنْ قَالَ تَعَمَّدْت تَرْكَهَا بِلَا عُذْرٍ قُتِلَ سَوَاءٌ قَالَ وَلَا أُصَلِّيهَا أَمْ سَكَتَ لِتَحَقُّقِ جِنَايَتِهِ بِتَعَمُّدِ التَّأْخِيرِ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ إنْسَانٌ) أَيْ لَيْسَ مِثْلَهُ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ لَيْسَ مِثْلَهُ أَيْ فِي الْإِهْدَارِ وَإِنْ اخْتَلَفَ سَبَبُهُ كَزَانٍ مُحْصَنٍ أَوْ قَاطِعٍ مَعَ تَارِكِ الصَّلَاةِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) هَذَا وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ الِاسْتِتَابَةَ مَنْدُوبَةٌ وَهُوَ خِلَافُ مُعْتَقِدِ الشَّارِحِ مِنْ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ إذْ عَلَيْهِ لَا يَنْبَغِي إلَّا الضَّمَانُ اهـ. حَلَبِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْضًا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) أَيْ إذَا كَانَ قَتْلُهُ لَهُ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ أَمَّا إذَا قَتَلَهُ قَبْلَ أَمْرِ الْإِمَامِ بِهَا فَيَضْمَنُهُ لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ عَلَى قَاتِلِهِ اهـ. ع ش وَلَوْ جُنَّ أَوْ سَكِرَ قَبْلَ فِعْلِ الصَّلَاةِ لَمْ يُقْتَلْ فَإِنْ قُتِلَ وَجَبَ الْقَوَدُ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْمُرْتَدِّ لَا قَوَدَ عَلَى قَاتِلِهِ لِقِيَامِ الْكُفْرِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ قَدْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ وَعَانَدَ بِالتَّرْكِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَكَتَارِكِ الصَّلَاةِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ إلَّا بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِ الصَّلَاةِ الضَّرُورِيِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ جَرَى الشَّيْخُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ عَلَى خِلَافِهِ وَاسْتَوْجَهَ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِخُرُوجِ وَقْتِ الصَّلَاةِ الْحَقِيقِيِّ مُعَلِّلًا لَهُ بِأَنَّ تَرْكَ الشَّرْطِ أَشَدُّ مِنْ تَرْكِ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الِامْتِهَانِ بِالدِّينِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ تَارِكُ شَرْطٍ) أَيْ أَوْ رُكْنٍ اهـ. شَرْحُ م ر.

وَعِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ وَيُقْتَلُ أَيْضًا بِكُلِّ رُكْنٍ أَوْ شَرْطٍ أُجْمِعَ عَلَى رُكْنِيَّتِهِ أَوْ شَرْطِيَّتِهِ أَوْ كَانَ الْخِلَافُ فِيهِ وَاهِيًا جِدًّا دُونَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ انْتَهَتْ اهـ. ع ش.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر تَارِكُ شَرْطٍ أَيْ مُتَّفَقً عَلَيْهِ أَوْ فِيهِ خِلَافٌ وَاهٍ بِخِلَافِ الْقَوِيِّ فَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ لَوْ تَرَكَ فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا أَوْ مَسَّ شَافِعِيٌّ الذَّكَرَ أَوْ لَمَسَ الْمَرْأَةَ أَوْ تَوَضَّأَ وَلَمْ يَنْوِ وَصَلَّى مُتَعَمِّدًا لَا يُقْتَلُ لِأَنَّ جَوَازَ صَلَاتِهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بَحْثًا بِمَا إذَا قَلَّدَ الْقَائِلَ بِذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا قَائِلَ حِينَئِذٍ بِجَوَازِ صَلَاتِهِ قَالَ فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ قَتْلُهُ لِأَنَّهُ تَارِكٌ لَهَا عِنْدَ إمَامِهِ وَغَيْرِهِ فَعُلِمَ أَنَّ تَرْكَ التَّيَمُّمِ كَتَرْكِ الْوُضُوءِ إنْ وَجَبَ إجْمَاعًا أَوْ مَعَ خِلَافٍ وَلَمْ يُقَلِّدْ الْقَائِلَ بِعَدَمِ وُجُوبِهِ اهـ وَالْأَوْجَهُ الْأَخْذُ بِالْإِطْلَاقِ أَيْ فَمَتَى كَانَ فِيهِ خِلَافٌ غَيْرُ وَاهٍ فَلَا قَتْلَ وَإِنْ لَمْ يُقَلِّدْ اهـ. رَشِيدِيٌّ وَفِي ع ش عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ الْأَخْذُ بِالْإِطْلَاقِ أَيْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ التَّقْلِيدِ وَعَدَمِهِ فِي أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ اهـ.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ الْغَزَالِيُّ لَوْ زَعَمَ زَاعِمٌ أَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى حَالَةٌ أَسْقَطَتْ عَنْهُ الصَّلَاةَ وَأَحَلَّتْ لَهُ شُرْبَ الْخَمْرِ وَأَكْلُ مَالِ النَّاسِ كَمَا زَعَمَهُ بَعْضُ الْمُتَصَوِّفَةِ وَوَقَعَ أَيْضًا فِي رَوْضِ الْيَافِعِيِّ فَلَا شَكَّ فِي وُجُوبِ قَتْلِهِ وَإِنْ كَانَ فِي خُلُودِهِ فِي النَّارِ نَظَرٌ بَلْ قَتْلُ مِثْلِهِ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ قَتْلِ مِائَةِ كَافِرٍ لِأَنَّ ضَرَرَهُ أَكْثَرُ وَاتَّفَقَ الْجِيلِيُّ أَنَّهُ نُودِيَ مِنْ جِهَةِ السَّمَاءِ يَا عَبْدَ الْقَادِرِ قَدْ أَبَحْنَا لَك الْمُحَرَّمَاتِ وَأَسْقَطْنَا عَنْك الْوَاجِبَاتِ فَقَالَ اخْسَأْ أَيُّهَا اللَّعِينُ فَإِنِّي لَسْت أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ مِنْ نَبِيِّهِ فَقَالَ وُفِّقْت لَقَدْ فَتَنْت بِهَا قَبْلَك سَبْعِينَ صِدِّيقًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>