للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ إنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ» وَالْجَنَّةُ لَا يَدْخُلُهَا كَافِرٌ فَلَا يُقْتَلُ بِالظُّهْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَلَا بِالْمَغْرِبِ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ وَيُقْتَلُ فِي الصُّبْحِ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَفِي الْعَصْرِ بِغُرُوبِهَا وَفِي الْعِشَاءِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ وَطَرِيقُهُ أَنَّهُ يُطَالَبُ بِأَدَائِهَا إذَا ضَاقَ وَقْتُهَا وَيُتَوَعَّدُ بِالْقَتْلِ إنْ أَخْرَجَهَا عَنْ الْوَقْتِ فَإِنْ أَصَرَّ وَأَخْرَجَ اسْتَحَقَّ الْقَتْلَ نَعَمْ لَا يُقْتَلُ بِتَرْكِهَا فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ ذَكَرَهُ الْقَفَّالُ وَإِنَّمَا يُقْتَلُ غَيْرُهُ (بَعْدَ اسْتِتَابَةٍ) لَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَسْوَأَ حَالًا مِنْ الْمُرْتَدِّ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالْمَجْمُوعِ أَنَّ اسْتِتَابَتَهُ وَاجِبَةٌ كَالْمُرْتَدِّ لَكِنْ صَحَّحَ فِي التَّحْقِيقِ نَدْبَهَا وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ وَإِنْ فَرَّقَ الْإِسْنَوِيُّ بَيْنَهُمَا

ــ

[حاشية الجمل]

وَقَوْلُهُ اسْتِخْفَافًا أَيْ عَلَى صُورَةِ الِاسْتِخْفَافِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ) أَيْ وَعْدٌ لَا يُخْلَفُ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ وَالْجَنَّةُ لَا يَدْخُلُهَا كَافِرٌ) فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّ تَرْكَ الصَّلَاةِ كُفْرٌ وَهُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ وَفِي الْعِشَاءِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ) أَيْ وَفِي الْجُمُعَةِ بِضِيقِ الْوَقْتِ عَنْ أَقَلِّ مُجْزِئٍ مِنْ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ لِأَنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ لَيْسَ وَقْتًا لَهَا فِي حَالَةٍ وَلَا عِبْرَةَ بِسَلَامِ الْإِمَامِ مِنْهَا لِاحْتِمَالِ تَبَيُّنِ فَسَادِ صَلَاتِهِ وَإِعَادَتِهَا فَيُدْرِكُهَا فَلَا يُؤْمَنُ الْيَأْسُ مِنْهَا بِكُلِّ تَقْدِيرٍ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ وَطَرِيقُهُ) أَيْ الْقَتْلِ وَهَذَا جَوَابٌ عَنْ إشْكَالٍ وَهُوَ أَنَّ الْمَقْضِيَّةَ لَا يُقْتَلُ بِهَا وَقَدْ قُلْتُمْ لَا يُقْتَلُ إلَّا إنْ أَخْرَجَهَا عَنْ جَمِيعِ أَوْقَاتِهَا فَتَصِيرُ مَقْضِيَّةً وَمُحَصَّلُ الْجَوَابِ أَنَّ قَوْلَهُمْ الْمَقْضِيَّةُ لَا يُقْتَلُ بِهَا مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يُتَوَعَّدْ عَلَيْهَا وَيُؤْمَرْ بِأَدَائِهَا فِي الْوَقْتِ فَإِنْ تُوُعِّدَ عَلَيْهَا قُتِلَ بِهَا اهـ. شَيْخُنَا وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر.

(قَوْلُهُ أَنَّهُ يُطَالَبُ بِأَدَائِهَا) وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُطَالِبَ وَالْمُتَوَعِّدَ هُوَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ فَلَا يُفِيدُ طَلَبُ غَيْرِهِ وَتَوَعُّدُهُ تَرَتُّبَ الْقَتْلِ الْآتِي لِأَنَّهُ مِنْ مَنْصِبِهِ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ أَوْ نَائِبُهُ وَمِثْلُهُ الْقَاضِي الَّذِي لَهُ وِلَايَةُ ذَلِكَ كَالْقَاضِي الْكَبِيرِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ إذَا ضَاقَ وَقْتُهَا) أَيْ بِحَيْثُ يَبْقَى مِنْ الْوَقْتِ زَمَنٌ يَسَعُ مِقْدَارَ الْفَرِيضَةِ وَالطَّهَارَةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ عِنْدَ سِعَةِ الْوَقْتِ فَإِذَا وَقَعَ حِينَئِذٍ لَا الْتِفَاتَ إلَيْهِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ. ح ل وَقَرَّرَ شَيْخُنَا ح ف خِلَافَهُ حَيْثُ قَالَ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الطَّلَبَ مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ مِثْلُ الطَّلَبِ إذَا بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُهَا وَطُهْرَهَا فِي الِاعْتِدَادِ بِهِ اهـ.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ إذَا ضَاقَ وَقْتُهَا مُتَعَلِّقٌ بِأَدَائِهَا فَتَكْفِي الْمُطَالَبَةُ وَلَوْ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ إلَى أَنْ يَبْقَى بَعْدَ الْأَمْرِ مَا يَسَعُهَا وَطُهْرَهَا انْتَهَتْ وَفِي شَرْحِ م ر مَا نَصُّهُ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَقْتَ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ وَقْتَانِ أَحَدُهُمَا وَقْتُ أَمْرٍ وَالْآخَرُ وَقْتُ قَتْلٍ فَوَقْتُ الْأَمْرِ هُوَ إذَا ضَاقَ وَقْتُ الصَّلَاةِ عَنْ فِعْلِهَا يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَأْمُرَ التَّارِكَ فَنَقُولَ لَهُ صَلِّ فَإِنْ صَلَّيْت تَرَكْنَاك وَإِنْ أَخَّرْتهَا عَنْ الْوَقْتِ قَتَلْنَاك وَفِي هَذَا الْوَقْتِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا إذَا بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ زَمَنٌ يَسَعُ مِقْدَارَ الْفَرِيضَةِ وَالطَّهَارَةِ وَالثَّانِي إذَا بَقِيَ زَمَنٌ يَسَعُ رَكْعَةً وَطَهَارَةً كَامِلَةً اهـ. (قَوْلُهُ وَيُتَوَعَّدُ بِالْقَتْلِ) أَيْ يَتَوَعَّدُهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ فَلَا يُفِيدُ تَوَعُّدُ غَيْرِهِ مِنْ الْآحَادِ وَلَعَلَّ مِنْهُمْ السَّادَةَ لِأَنَّ أَمْرَ الْقَتْلِ لِلْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ فَلَا بُدَّ أَنْ تَصْدُرَ مُقَدِّمَتُهُ مِنْهُمَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَمْرِ وَالتَّهْدِيدِ وَأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ إلَّا بَعْدَ ذَلِكَ وَنَقَلَ شَيْخُنَا أَنَّهُ يُكْتَفَى بِالْأَمْرِ وَفِي كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ تَقْدِيمُ الطَّلَبِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الْقَتْلِ بِلَا خِلَافٍ بَلْ مَتَى اعْتَرَفَ بِتَعَمُّدِ إخْرَاجِهَا عَنْ وَقْتِهَا اسْتَحَقَّ الْقَتْلَ وَإِنَّمَا اشْتَرَطُوا الْمُطَالَبَةَ لِلِاطِّلَاعِ عَلَى مُرَادِهِ بِتَأْخِيرِهَا وَلِيَعْرِفَ مَشْرُوعِيَّةَ الْقَتْلِ فَإِنَّهُ قَدْ لَا يَعْرِفُ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ فَإِنْ أَصَرَّ) أَيْ لَمْ يَفْعَلْ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَخَرَجَ بِالتَّوَعُّدِ الْمَذْكُورِ مَا تَرَكَهُ قَبْلَهُ وَلَوْ غَالِبَ عُمُرِهِ فَلَا قَتْلَ بِهِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ) وَكَذَا كُلُّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ) أَيْ فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ تَابَ) أَيْ وَتَحَصَّلَ فِي تَوْبَتِهِ بِفِعْلِ الصَّلَاةِ الْمَتْرُوكَةِ الْمُتَوَعَّدِ عَلَى تَرْكِهَا فَلَا يَكْفِي فِي التَّوْبَةِ الْوَعْدُ بِفِعْلِهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الْعُبَابِ أَنَّهُ يَكْفِي. اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ مَا لَمْ يَتُبْ أَيْ بِأَنْ يُصَلِّيَ بِالْفِعْلِ وَلَا يَكْفِي أُصَلِّي فَإِنْ قَالَ صَلَّيْت أَوْ تَرَكْتهَا لِعُذْرٍ كَعَدَمِ الْمَاءِ صُدِّقَ فَلَا يُقْتَلُ وَإِنْ ظُنَّ كَذِبُهُ يُؤْمَرُ بِأَنْ يُصَلِّيَ وُجُوبًا فِي الْعُذْرِ الْبَاطِلِ وَنَدْبًا فِي غَيْرِهِ اهـ. (قَوْلُهُ لَكِنْ صَحَّحَ فِي التَّحْقِيقِ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر فِي شَرْحِهِ وَعِبَارَتُهُ وَيُسْتَتَابُ مَنْ تَرَكَ ذَلِكَ نَدْبًا كَمَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ خِلَافًا لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا مِنْ وُجُوبِهَا كَالْمُرْتَدِّ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا كَمَا أَفَادَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ الرِّدَّةَ تُخَلِّدُ صَاحِبَهَا فِي النَّارِ فَوَجَبَ إنْقَاذُهُ مِنْهَا بِخِلَافِ تَرْكِ الصَّلَاةِ بَلْ مُقْتَضَى مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي فَتَاوِيهِ مِنْ أَنَّ الْحُدُودَ تُسْقِطُ الْإِثْمَ أَنَّهُ لَا يَبْقَى عَلَيْهِ شَيْءٌ بِالْكُلِّيَّةِ لِأَنَّهُ قَدْ حُدَّ عَلَى هَذِهِ الْجَرِيمَةِ وَالْمُسْتَقْبِلُ لَمْ يُخَاطَبْ بِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ فِي عَزْمِهِ أَنَّهُ إنْ عَاشَ لَمْ يُصَلِّ أَيْضًا مَا بَعْدَهَا فَهُوَ أَمْرٌ آخَرُ لَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ وَاسْتَشْكَلَ الْإِسْنَوِيُّ مَا تَقَرَّرَ بِأَنَّهُ يُقْتَلُ حَدًّا عَلَى التَّأْخِيرِ عَنْ الْوَقْتِ وَالْحُدُودُ لَا تَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْحَدَّ هُنَا لَيْسَ هُوَ عَلَى مَعْصِيَةٍ سَابِقَةٍ وَإِنَّمَا هُوَ حَمْلٌ لَهُ عَلَى فِعْلِ مَا تَرَكَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ أَوْ بِأَنَّهُ عَلَى تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَمْدًا مَعَ تَرْكِهَا فَالْعِلَّةُ مُرَكَّبَةٌ فَإِذَا صَلَّى زَالَتْ الْعِلَّةُ وَقَالَ الرِّيمِيُّ فِي التَّفْقِيهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ التَّوْبَةَ هُنَا تُفِيدُ تَدَارُكَ الْفَائِتِ بِخِلَافِ التَّوْبَةِ عَنْ الزِّنَا وَشِبْهِهِ فَإِنَّ التَّوْبَةَ لَا تُفِيدُ تَدَارُكَ مَا مَضَى مِنْ الْجَرِيمَةِ بَلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>