للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ الزَّائِدِ عَلَيْهِ الْآتِي ذِكْرُهُ فَإِنَّهُ حَقٌّ لِلْمَيِّتِ بِمَثَابَةِ مَا يُجَمَّلُ بِهِ الْحَيُّ فَلَهُ مَنْعُهُ فَإِذَا أَوْصَى بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ كُفِّنَ بِسَاتِرِهَا لَا بِسَاتِرِ كُلِّ الْبَدَنِ عَلَى الْأَصَحِّ فَإِنَّ ذَلِكَ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِي التَّكْفِينِ سَتْرُ كُلِّ الْبَدَنِ لَا سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى وُجُوبِ سَاتِرِ كُلِّ الْبَدَنِ فِيمَا لَوْ قَالَ الْوَرَثَةُ يُكَفَّنُ بِهِ وَالْغُرَمَاءُ بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ

ــ

[حاشية الجمل]

وَأَنَّ الْوَاجِبَ الْأَوَّلَ لَا يَسْقُطُ بِالْإِسْقَاطِ بِوَصِيَّةٍ وَلَا مَنْعِ وَارِثٍ وَلَا غَرِيمٍ وَأَنَّ الْوَاجِبَ الثَّانِيَ كَذَلِكَ نَظَرًا لِشَائِبَةِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَلِأَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى سَاتِرِ الْعَوْرَةِ مَكْرُوهٌ فَالْوَصِيَّةُ بِهِ وَصِيَّةٌ بِمَكْرُوهٍ وَالْوَصِيَّةُ بِالْمَكْرُوهِ غَيْرُ نَافِذَةٍ وَأَنَّ الْوَاجِبَ الثَّالِثَ بِالْإِسْقَاطِ بِالْوَصِيَّةِ وَمَنْعِ الْغَرِيمِ وَلَا يَسْقُطُ بِمَنْعِ الْوَارِثِ. إذَا عَلِمْت ذَلِكَ عَلِمْت أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ لَا بِسَاتِرِ كُلِّ الْبَدَنِ عَلَى الْأَصَحِّ مَمْنُوعٌ وَكَذَا قَوْلُهُ فَإِنَّ ذَاكَ مُفَرَّعٌ إلَخْ وَالْوَجْهُ وِفَاقًا ل م ر مُرَاجَعَةُ الْغُرَمَاءِ فِي الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. فَإِنْ قُلْت تَحَصَّلَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ يَجِبُ التَّكْفِينُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ حَيْثُ لَا غُرَمَاءَ تَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَهَذَا يُنَافِي قَوْلَهُمْ إنَّ الْأَفْضَلَ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ قُلْت كَوْنُهُ أَفْضَلَ بِاعْتِبَارِ الْجُمْلَةِ وَيَكْفِي تَحَقُّقُ الْأَفْضَلِيَّةِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ كَمَا لَوْ كَانَ هُنَاكَ غُرَمَاءُ فَيُقَالُ لَهُمْ الْأَفْضَلُ أَنْ تُكَفِّنُوهُ فِي ثَلَاثَةٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ وَكَفَّنَهُ بَعْضُ النَّاسِ فَيُقَالُ لَهُ الْأَفْضَلُ أَنْ تُكَفِّنَهُ فِي ثَلَاثَةٍ.

وَهَكَذَا وِفَاقًا فِي ذَلِكَ ل م ر عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِ الثَّلَاثَةِ أَفْضَلَ أَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهَا أَفْضَلُ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُمْ وَيَجُوزُ رَابِعٌ وَخَامِسٌ فَالْأَفْضَلِيَّةُ مِنْ حَيْثُ الِاقْتِصَارُ وَإِنْ كَانَتْ فِي نَفْسِهَا وَاجِبَةً فَلْيُتَأَمَّلْ هَذَا وَيُشْكِلُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالِاقْتِصَارِ عَلَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ مَكْرُوهٌ أَنَّهُ وَاجِبٌ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَكَوْنُهُ مَكْرُوهًا يَقْتَضِي عَدَمَ وُجُوبِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَكْرُوهٌ مِنْ حَيْثُ حَقُّ نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ مُمْتَنِعًا مِنْ حَيْثُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلْيُحَرَّرْ.

(تَنْبِيهٌ) أُورِدَ عَلَى قَوْلِ م ر أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْإِيصَاءُ بِالِاقْتِصَارِ عَلَى سَاتِرِ الْعَوْرَةِ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ كَمَا مَرَّ أَنَّهُ يَقُولُ بِصِحَّةِ إيصَائِهِ بِتَرْكِ الثَّوْبِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ مَعَ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَفْضَلِ فَأَجَابَ بِأَنَّ خِلَافَ الْأَفْضَلِ لَيْسَ مَكْرُوهًا فِي الِاصْطِلَاحِ وَأَقُولُ هَذَا لَا يُفِيدُ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَمُجَرَّدُ اصْطِلَاحِ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى خِلَافِهِ لَا يُفِيدُ، وَإِرَادَةُ الْأَصْحَابِ الْكَرَاهَةَ فِي قَوْلِهِمْ لَا يَصِحُّ بِالْمَكْرُوهِ الْكَرَاهَةَ الشَّدِيدَةَ دُونَ الْخَفِيفَةِ الَّتِي سَمَّاهَا الْمُتَأَخِّرُونَ خِلَافَ الْأَوْلَى بَعِيدَةٌ فَلْيُتَأَمَّلْ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَكْرُوهَ عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ هُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى وَهُوَ النَّهْيُ بِغَيْرِ الْمَقْصُودِ وَخِلَافُ الْأَفْضَلِ أَعَمُّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْأَفْضَلَ مَأْمُورٌ بِهِ وَالْأَمْرُ بِهِ يَتَضَمَّنُ النَّهْيَ عَنْ تَرْكِهِ فَتَرْكُهُ خِلَافُ الْأَوْلَى تَأَمَّلْ اهـ بِالْحَرْفِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى) أَيْ فَقَطْ وَلَا حَقَّ لِلْمَيِّتِ فِيهِ بِاتِّفَاقٍ وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ حَقٌّ لِلْمَيِّتِ أَيْ فَقَطْ وَلَا حَقَّ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى وَعَلَى هَذَا طَرِيقَتُهُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ وَلِلْمَيِّتِ مَعًا.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر فَسَتْرُ الْعَوْرَةِ مَحْضُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَبَاقِي الْبَدَنِ فِيهِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَحَقٌّ لِلْمَيِّتِ فَلَمْ يَمْلِكْ إسْقَاطَهُ لِانْضِمَامِ حَقِّهِ تَعَالَى، فِيهِ وَمَا زَادَ عَلَى الثَّوْبِ مَحْضُ حَقِّ الْمَيِّتِ فَلَهُ إسْقَاطُهُ فَلَوْ مَاتَ وَلَمْ يُوصِ بِذَلِكَ فَقَالَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ يُكَفَّنُ بِثَوْبٍ سَاتِرٍ جَمِيعَ الْبَدَنِ وَبَعْضُهُمْ بِثَلَاثَةٍ كُفِّنَ بِثَلَاثَةٍ لُزُومًا لِأَنَّهُ مَحْضُ حَقِّ الْمَيِّتِ وَمِنْ تَرِكَتِهِ فَيُكَفَّنُ فِيهَا حَيْثُ لَا دَيْنَ يَسْتَغْرِقُهَا وَلَا وَصِيَّةَ بِإِسْقَاطِهَا وَلَوْ اتَّفَقُوا عَلَى ثَوْبٍ كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي التَّتِمَّةِ.

فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ وَقَالَ الْغُرَمَاءُ يُكَفَّنُ فِي ثَوْبٍ وَقَالَ الْوَرَثَةُ فِي ثَلَاثَةٍ أُجِيبَ الْغُرَمَاءُ لِأَنَّهُ إلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ أَحْوَجُ مِنْهُ إلَى زِيَادَةِ السَّتْرِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ قَالَ الْغُرَمَاءُ يُكَفَّنُ بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ وَالْوَرَثَةُ بِسَاتِرِ كُلِّ الْبَدَنِ نَقَلَ صَاحِبُ الْحَاوِي وَغَيْرُهُ الِاتِّفَاقَ عَلَى سَاتِرِ جَمِيعِ الْبَدَنِ وَلَوْ اتَّفَقَ الْغُرَمَاءُ وَالْوَرَثَةُ عَلَى ثَلَاثَةٍ جَازَ بِلَا خِلَافٍ أَيْ وَلَا نَظَرَ لِبَقَاءِ ذِمَّتِهِ، مُرْتَهَنَةً بِالدَّيْنِ لِأَنَّ رِضَاهُمْ قَدْ يَقْتَضِي فَكَّ ذِمَّتِهِ وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ الْكَفَنَ بَعْدَ مَا مَرَّ مِنْ مَرَاتِبِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْغُرَمَاءِ سَاتِرٌ جَمِيعَ بَدَنِهِ وَبِالنِّسْبَةِ لِلْوَرَثَةِ ثَلَاثَةٌ فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ الْمَنْعُ مِنْهَا تَقْدِيمًا لِحَقِّ الْمَالِكِ وَفَارَقَ الْغَرِيمَ بِأَنَّ حَقَّهُ سَابِقٌ وَبِأَنَّ مَنْفَعَةَ صَرْفِ الْمَالِ لَهُ تَعُودُ إلَى الْمَيِّتِ بِخِلَافِ الْوَارِثِ فِيهِمَا. هَذَا كُلُّهُ إنْ كُفِّنَ مِنْ تَرِكَتِهِ فَإِنْ كُفِّنَ مِنْ غَيْرِهَا لَمْ يَلْزَمْ مَنْ يُجَهِّزُهُ وَلَوْ غَنِيًّا مِنْ سَيِّدٍ وَزَوْجٍ وَقَرِيبٍ وَبَيْتِ مَالٍ إلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ سَاتِرٌ لِجَمِيعِ بَدَنِهِ بَلْ تَحْرُمُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَكَذَا لَوْ كُفِّنَ مِمَّا وُقِفَ لِلتَّكْفِينِ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ قَالَ وَيَكُونُ سَابِغًا لِجَمِيعِ بَدَنِهِ وَلَا، يُعْطِي الْحَنُوطَ وَالْقُطْنَ فَإِنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْأَثْوَابِ الْمُسْتَحَبَّةِ الَّتِي لَا تُعْطَى عَلَى الْأَظْهَرِ وَقَدْ حَرَّرْنَا هَذَا الْمَقَامَ حَسَبَ الِاسْتِطَاعَةِ وَرُبَّمَا لَا يُوجَدُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمُؤَلَّفَاتِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ وَلَا، يُعْطِي الْحَنُوطَ إلَخْ أَيْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَالْمَوْقُوفِ وَالزَّوْجِ وَغَيْرِهِمْ اهـ. عِ ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) هَذَا وَارِدٌ عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْعَوْرَةِ مَنْدُوبٌ أَيْ وَالْقَاعِدَةُ إجَابَةُ الْغُرَمَاءِ فِي مَنْعِ الْمَنْدُوبِ وَكُلٌّ مِنْ الْمَبْنِيِّ وَالْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ ضَعِيفٌ وَقَدْ أَجَابَ بِقَوْلِهِ لَيْسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>