لَيْسَ لِكَوْنِهِ وَاجِبًا فِي التَّكْفِينِ بَلْ لِكَوْنِهِ حَقًّا لِلْمَيِّتِ يَتَقَدَّمُ بِهِ عَلَى الْغُرَمَاءَ وَلَمْ يُسْقِطْهُ عَلَى أَنَّ فِي هَذَا الِاتِّفَاقِ نِزَاعًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَبِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَهُوَ مَعَ حَمْلِهِ عَلَى مَا قُلْنَا مُسْتَثْنًى لِتَأَكُّدِ أَمْرِهِ وَإِلَّا فَقَدْ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّ لِلْغُرَمَاءِ مَنْعَ مَا يُصْرَفُ فِي الْمُسْتَحَبِّ وَلَوْ لَمْ يُوصِ بِمَا ذُكِرَ وَاخْتَلَفَ الْوَرَثَةُ فِي تَكْفِينِهِ بِثَوْبٍ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَاتَّفَقُوا عَلَى ثَوْبٍ أَوْ كَانَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ كُفِّنَ بِثَلَاثَةٍ
(وَأَكْمَلُهُ لِذَكَرٍ) وَلَوْ صَغِيرًا (ثَلَاثَةٌ) يَعُمُّ كُلٌّ مِنْهَا الْبَدَنَ غَيْرَ رَأْسِ الْمُحْرِمِ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - «كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ يَمَانِيَةٍ بِيضٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ» (وَجَازَ أَنْ يُزَادَ تَحْتَهَا قَمِيصٌ وَعِمَامَةٌ) كَمَا فَعَلَهُ ابْنُ عُمَرَ بِابْنٍ لَهُ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ (وَ) أَكْمَلُهُ (لِغَيْرِهِ) أَيْ لِغَيْرِ الذَّكَرِ مِنْ الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى الْمَزِيدُ عَلَى الْأَصْلِ خَمْسَةٌ (إزَارٌ فَقَمِيصٌ فَخِمَارٌ فَلِفَافَتَانِ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَفَّنَ فِيهَا ابْنَتَهُ
ــ
[حاشية الجمل]
لِكَوْنِهِ إلَخْ وَهَذَا الْجَوَابُ لَا يُعْقَلُ إلَّا بِمُلَاحَظَةِ الِاسْتِثْنَاءِ الْآتِي فَجَعْلُهُمَا جَوَابَيْنِ فِيهِ تَسَمُّحٌ وَقَوْلُهُ مُسْتَثْنًى أَيْ مِنْ قَاعِدَةِ إجَابَةِ الْغُرَمَاءِ فِي مَنْعِ الْمَنْدُوبِ أَيْ وَهَذَا مِنْهُ عَلَى طَرِيقَتِهِ فَيُسْتَثْنَى مِنْ الْمَنْدُوبِ سَاتِرُ بَقِيَّةِ الْبَدَنِ فَتُجَابُ فِيهِ الْوَرَثَةُ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ لَمْ نَقُلْ إنَّهُ مُسْتَثْنًى وَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ أَيْ فَيُنَاقِضُ مَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ أَيْ لِأَنَّ مَا جَزَمَ بِهِ يُنَاقِضُ هَذَا الِاتِّفَاقَ الْمَفْرُوضَ صِحَّتُهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَيْسَ لِكَوْنِهِ) أَيْ وُجُوبِ مَا زَادَ عَلَى الْعَوْرَةِ وَاجِبًا فِي التَّكْفِينِ أَيْ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بَلْ لِكَوْنِهِ حَقًّا لِلْمَيِّتِ أَيْ مُتَمَحِّضًا لِحَقِّهِ عِنْدَ الشَّارِحِ وَيَتَوَقَّفُ سُقُوطُهُ عَلَى إسْقَاطِهِ عِنْدَ الشَّارِحِ لِكَوْنِهِ مَحْضَ حَقِّهِ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ مَعَ حَمْلِهِ عَلَى مَا قُلْنَا) أَيْ مِنْ أَنَّهُ حَقُّهُ لَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى مُسْتَثْنًى وَإِيضَاحُ هَذَا أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْعَوْرَةِ صَارَ بِمَثَابَةِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وَاجِبٌ لِحَقِّهِ وَلِلْغُرَمَاءِ مَنْعُهُمَا فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنَّ لَهُمْ مَنْعَ هَذَا أَيْضًا فَيُقَالُ فِي جَوَابِهِ هُوَ مُسْتَثْنًى لِتَأَكُّدِ أَمْرِهِ اهـ. ح ل وَالْمُرَادُ بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ هُوَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا فَقَدْ حَرَّمَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِمَّا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يُوصِ بِمَا ذُكِرَ) أَيْ بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ فَقَطْ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ فَإِذَا أَوْصَى بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ أَيْ وَلَوْ انْتَفَتْ وَصِيَّتُهُ بِالِاقْتِصَارِ عَلَى سَاتِرِ الْعَوْرَةِ وَلَوْ هُنَا لَيْسَتْ امْتِنَاعِيَّةً بَلْ هِيَ لِمُجَرَّدِ التَّعْلِيقِ كَإِنْ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمَا زَادَ عَلَى الثَّوْبِ مَحْضُ حَقِّ الْمَيِّتِ فَلَهُ إسْقَاطُهُ فَلَوْ مَاتَ وَلَمْ يُوصِ بِذَلِكَ إلَى آخَرِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ أَوْضَحُ
(قَوْلُهُ وَأَكْمَلُهُ لِذَكَرٍ ثَلَاثَةٌ) إنْ قُلْت الثَّلَاثَةُ وَاجِبَةٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ سَابِقًا وَلَوْ لَمْ يُوصِ بِمَا ذُكِرَ إلَخْ فَكَيْفَ يَجْعَلُهَا هُنَا أَكْمَلَ وَالْجَوَابُ أَنَّهَا أَكْمَلُ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا الْمَذْكُورَةِ بِقَوْلِهِ وَجَازَ أَنْ يُزَادَ تَحْتَهَا قَمِيصٌ وَعِمَامَةٌ وَإِلَّا فَهِيَ وَاجِبَةٌ فِي نَفْسِهَا مِنْ التَّرِكَةِ وَتُجْبَرُ الْوَرَثَةُ عَلَيْهَا وَلَا يُعْتَبَرُ رِضَاهُمْ وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ اهـ. شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالْأَفْضَلُ لِلرَّجُلِ ثَلَاثَةٌ لِخَبَرِ «عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سُحُولِيَّةٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ وُجُوبِ الثَّلَاثَةِ مِنْ التَّرِكَةِ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ وَاجِبَةً فَالِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا أَفْضَلُ مِمَّا زَادَ عَلَى ذَلِكَ وَلِهَذَا قَالَ وَيَجُوزُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ رَابِعٌ وَخَامِسٌ لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهَ بْنَ عُمَرَ كَفَّنَ ابْنًا لَهُ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ قَمِيصٍ وَعِمَامَةٍ وَثَلَاثِ لَفَائِفَ نَعَمْ هِيَ خِلَافُ الْأَفْضَلِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ فَمَكْرُوهَةٌ لَا مُحَرَّمَةٌ انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ وَأَكْمَلُهُ لِذَكَرٍ ثَلَاثَةٌ أَيْ فَالِاقْتِصَارُ عَلَى الثَّلَاثَةِ أَكْمَلُ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا وَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ وُجُوبِ الثَّلَاثَةِ مِنْ التَّرِكَةِ حَيْثُ لَمْ يُوصِ بِتَرْكِهَا وَلَمْ تَمْنَعْ مِنْهَا الْغُرَمَاءُ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ وَاجِبَةً فَالِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا أَفْضَلُ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا وَالنَّقْصِ عَنْهَا فَإِنَّ الزِّيَادَةَ عَلَيْهَا وَالنَّقْصَ عَنْهَا خِلَافُ الْأَوْلَى وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ غَيْرُ أَهْلٍ لِلتَّبَرُّعِ فَلَوْ أَوْصَى بِتَرْكِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ حَيْثُ كَانَ خِلَافَ الْأَوْلَى كَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ لِأَنَّ الْمَكْرُوهَ فِي قَوْلِ الْأَصْحَابِ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالْمَكْرُوهِ يَشْمَلُ خِلَافَ الْأَوْلَى لِأَنَّ حَمْلَهُ عَلَى الْكَرَاهَةِ الشَّدِيدَةِ دُونَ الْخَفِيفَةِ الَّتِي تُسَمِّيهَا الْعَوَامُّ خِلَافَ الْأَوْلَى بَعِيدٌ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إلَخْ سَيَأْتِي قَرِيبًا عَنْ م ر مَنْعُهُ وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا عَنْ سم إيضَاحُ ذَلِكَ
(فَائِدَةٌ) حِكْمَةُ كَوْنِ الذَّكَرِ يُكَفَّنُ فِي ثَلَاثَةٍ وَالْمَرْأَةُ فِي خَمْسَةٍ أَنَّ آدَمَ وَحَوَّاءَ لَمَّا خَالَفَا وَأَكَلَا مِنْ الشَّجَرَةِ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِإِخْرَاجِهِمَا مِنْ الْجَنَّةِ فَسَقَطَتْ التِّيجَانُ مِنْ رُءُوسِهِمَا وَالْحُلَلُ عَنْ أَجْسَادِهِمَا فَمَرَّا عَلَى أَشْجَارِ الْجَنَّةِ يُرِيدَانِ شَجَرَةً يَسْتَتِرَانِ مِنْهَا فَلَمْ يُعْطَيَا شَيْئًا فَمَرَّا عَلَى شَجَرَةِ التِّينِ فَأَعْطَتْهُمَا ثَمَانِيَةَ أَوْرَاقٍ ثَلَاثَةٌ لِآدَمَ وَخَمْسَةٌ لِحَوَّاءَ فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَانَ لِلرَّجُلِ ثَلَاثَةُ أَكْفَانٍ وَلِلْمَرْأَةِ خَمْسَةٌ إذَا مَاتَا وَلَمَّا أَعْطَتْهُمَا شَجَرَةُ التِّينِ تِلْكَ الْأَوْرَاقَ قَالَ لَهَا الرَّبُّ جَلَّ وَعَلَا أَيَّتُهَا الشَّجَرَةُ كُلُّ أَشْجَارِ الْجَنَّةِ لَمْ يُعْطُوا لَهُمَا شَيْئًا مِنْ أَوْرَاقِهَا وَأَنْتِ أَعْطَيْتهمَا تِلْكَ الْأَوْرَاقَ فَقَالَتْ إلَهِي وَسَيِّدِي أَنْتَ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْكَرِيمَ أَنَا أَحْبَبْت أَنْ أَكُونَ مِمَّنْ أَحْبَبْته فَقَالَ لَهَا أَبْشِرِي فَإِنِّي جَعَلْتُك أَفْضَلَ شَجَرَةٍ فِي الْجَنَّةِ وَخَصَصْتُك بِثَلَاثٍ حَرَّمْتُك عَلَى النَّارِ وَجَعَلْتُك قُوتًا لِبَنِي آدَمَ وَجَعَلْت أَكْفَانَ بَنِي آدَمَ عَدَدَ الْأَوْرَاقِ الَّتِي أَعْطَيْتهَا لِآدَمَ وَحَوَّاءَ وَسَتَرْتِي بِهَا عَوْرَاتِهِمَا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ صَغِيرًا) أَيْ أَوْ مُحْرِمًا اهـ. شَرْحُ م ر أَوْ ذِمِّيًّا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ يَمَانِيَةٍ بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ) أَيْ مِنْ قَرْيَةٍ مِنْ الْيَمَنِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ