(فَ) إنْ تَعَذَّرَ بَيْتُ الْمَالِ فَهُوَ عَلَى (مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ) وَلَا يَلْزَمُهُمْ التَّكْفِينُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَوْبٍ وَكَذَا إذَا كُفِّنَ مِنْ مَالِ مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ أَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مِنْ مَوْقُوفٍ عَلَى التَّكْفِينِ أَوْ مَنَعَ الْغُرَمَاءُ الْمُسْتَغْرِقُونَ ذَلِكَ وَذِكْرُ بَيْتِ الْمَالِ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ زِيَادَتِي وَتَعْبِيرِي بِالتَّجْهِيزِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالتَّكْفِينِ.
(وَحَمْلُ جِنَازَةٍ) بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ (بِأَنْ يَضَعَهُمَا) رَجُلٌ (عَلَى عَاتِقَيْهِ) وَرَأْسَهُ بَيْنَهُمَا (وَيَحْمِلَ الْمُؤَخَّرَيْنِ رَجُلَانِ) أَحَدُهُمَا مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ وَالْآخَرُ مِنْ الْأَيْسَرِ إذْ لَوْ تَوَسَّطَهُمَا وَاحِدٌ كَالْمُقَدَّمَيْنِ لَمْ يُرَ مَا بَيْنَ قَدَمَيْهِ (أَفْضَلُ مِنْ التَّرْبِيعِ بِأَنْ يَتَقَدَّمَ رَجُلَانِ) يَضَعُ أَحَدُهُمَا الْعَمُودَ الْأَيْمَنَ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ وَالْآخَرُ عَكْسُهُ (وَيَتَأَخَّرَ آخَرَانِ) يَحْمِلَانِ كَذَلِكَ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ــ
[حاشية الجمل]
مَا ذُكِرَ الْمَوْقُوفُ عَلَى الْمُوصَى بِهِ أَوْ يُقَدَّمُ الْمُوصَى بِهِ أَوْ يُتَحَرَّى فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَمْلِيكٌ فَهِيَ أَقْوَى مِنْ الْوَقْفِ وَالْمُرَادُ بِالْغَنِيِّ مِنْهُمْ مَنْ يَمْلِكُ كِفَايَةَ سَنَةٍ كَذَا بِهَامِشٍ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ فِي الْكَفَّارَةِ وَفِي الْمَجْمُوعِ فِيهَا الْغَنِيُّ مَنْ يَمْلِكُ زِيَادَةً عَلَى الْعُمُرِ الْغَالِبِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيَاسُهُ هُنَا كَذَلِكَ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِشِدَّةِ الِاحْتِيَاجِ إلَى تَجْهِيزِ الْمَيِّتِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ فَعَلَى مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَحْجُورَيْنِ فَيَكُونُ الْإِخْرَاجُ عَلَى أَوْلِيَائِهِمْ اهـ. حَجّ اهـ. سم وَالْمُرَادُ بِالْمُوسِرِ هُنَا مَنْ يَمْلِكُ زِيَادَةً عَلَى كِفَايَةِ سَنَةٍ مَا يُصْرَفُ فِي التَّجْهِيزِ وَإِذَا سُئِلَ بَعْضُهُمْ فِي التَّجْهِيزِ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَتَوَاكَلُوا اهـ. ع ش.
وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَغَيْرِهِ فَلَوْ مَاتَ إنْسَانٌ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُكَفَّنُ بِهِ إلَّا ثَوْبٌ مَعَ مَالِكٍ غَيْرِ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ لَزِمَهُ بَذْلُهُ لَهُ بِقِيمَتِهِ كَالطَّعَامِ لِلْمُضْطَرِّ زَادَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَمَجَّانًا لِأَنَّ تَكْفِينَهُ لَازِمٌ لِلْأُمَّةِ وَلَا بَدَلَ يُصَارُ إلَيْهِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهُمْ التَّكْفِينُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَوْبٍ) أَيْ يَسْتُرُ جَمِيعَ بَدَنِهِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّ أَقَلَّهُ مَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ كَمَا يَقُولُ الْمُؤَلِّفُ وَغَيْرُهُ وَهَلْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ كَفَنُ الزَّوْجَةِ جَدِيدًا كَالْكِسْوَةِ أَوْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَلْبُوسًا لِأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ الْجَدِيدِ فِي الْكَفَنِ وَلِأَنَّهُ لَوْ رُوعِيَتْ الْكِسْوَةُ لَوَجَبَ أَكْثَرُ مِنْ ثَوْبٍ أَفْتَى حَجّ بِالْأَوَّلِ وَاعْتَمَدَ ابْنُ كَبْنٍ الثَّانِيَ وَإِذَا كُفِّنَ الْمَيِّتُ مِنْ ذَلِكَ بِثَوْبٍ وَاحِدٍ هَلْ يَجِبُ أَنْ يُكَفَّنَ بِثَانٍ وَثَالِثٍ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ كَالزَّوْجَةِ الْمُوسِرَةِ الْوَجْهُ لَا يَجِبُ ذَلِكَ لِأَنَّ كَفَنَهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِتَرِكَتِهِ فَلَوْ تَعَلَّقَ بِتَرِكَةِ الزَّوْجَةِ بِأَنْ كَانَ مَالُ الزَّوْجِ لَمْ يَفِ بِكُلِّ الثَّوْبِ بَلْ بِبَعْضِهِ وَقُلْنَا يُتَمَّمُ مِنْ تَرِكَتِهَا كَمَا تَقَدَّمَ كَانَ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ وُجُوبَ ذَلِكَ فَلْيُحَرَّرْ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا كُفِّنَ مِنْ مَالِ إلَخْ) وَمِنْ هَذَا الزَّوْجَةُ فِي حَقِّ الزَّوْجِ الْغَنِيِّ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي تَكْفِينِهَا إلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ وَإِنْ أَيْسَرَ بِالثَّلَاثَةِ وَلَا تَجِبُ بَقِيَّةُ الثَّلَاثَةِ فِي تَرِكَتِهَا بَلْ يَجُوزُ دَفْنُهَا بِهَذَا الثَّوْبِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَيْسَرَ الزَّوْجُ بِبَعْضِ الثَّوْبِ أَوْ لَمْ يُوسِرْ بِشَيْءٍ تَجِبُ بَقِيَّةُ الثَّلَاثَةِ أَوْ كُلُّهَا فِي تَرِكَتِهَا إنْ كَانَتْ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) وَتَحْرُمُ الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّوْبِ الْوَاحِدِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَيْ يَحْرُمُ عَلَى وَلِيِّ الْمَيِّتِ أَخْذُهُ وَإِذَا اتَّفَقَ ذَلِكَ فَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَى وَلِي الْمَيِّتِ دُونَ أَمِينِ بَيْتِ الْمَالِ لَكِنَّهُ طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ وَلَا يَجُوزُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا نَبْشُهُ لِتَقْصِيرِهِمَا بِالدَّفْنِ وَلَيْسَ ذَلِكَ كَالْمَغْصُوبِ الْآتِي لِأَنَّ الْمَالِكَ ثَمَّ لَمْ يَرْضَ بِالدَّفْنِ فِيهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ وَحَمْلُ جِنَازَةٍ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ إلَخْ) وَلَيْسَ فِي الْحَمْلِ دَنَاءَةٌ وَلَا سُقُوطُ مُرُوءَةٍ بَلْ هُوَ بِرٌّ وَإِكْرَامٌ لِلْمَيِّتِ فَقَدْ فَعَلَهُ بَعْضُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ بِأَنْ يَضَعَهُمَا عَلَى عَاتِقَيْهِ) تَثْنِيَةُ عَاتِقٍ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبِ وَالْعِتْقِ وَهُوَ مُذَكَّرٌ وَقِيلَ مُؤَنَّثٌ اهـ. شَرْحُ م ر فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْحَمْلِ أَعَانَهُ اثْنَانِ بِالْعَمُودَيْنِ بِأَنْ يَضَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَاحِدًا مِنْهُمَا عَلَى عَاتِقِهِ وَيَأْخُذَ الثَّانِي بِالْمُؤَخَّرَيْنِ فِي حَالَتَيْ الْعَجْزِ وَعَدَمِهِ وَلَا يَدْخُلُ وَاحِدٌ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ لَا يَرَى مَا بَيْنَ قَدَمَيْهِ بِخِلَافِ الْمُقَدَّمَيْنِ فَحَامِلُهُمَا بِلَا عَجْزٍ ثَلَاثَةٌ وَبِهِ خَمْسَةٌ فَإِنْ عَجَزُوا فَسَبْعَةٌ أَوْ تِسْعَةٌ أَوْ أَكْثَرُ وِتْرًا بِحَسَبِ الْحَاجَةِ اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ إذْ لَوْ تَوَسَّطَهُمَا وَاحِدٌ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ حَمَلَهُ عَلَى رَأْسِهِ خَرَجَ عَنْ الْحَمْلِ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ وَأَدَّى إلَى تَنْكِيسِ رَأْسِ الْمَيِّتِ اهـ. (قَوْلُهُ أَفْضَلُ مِنْ التَّرْبِيعِ) أَيْ إنْ أُرِيدَ الِاقْتِصَارُ عَلَى أَحَدِهِمَا وَالْأَفْضَلُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِأَنْ يَحْمِلَ تَارَةً بِهَيْئَةِ الْحَمْلِ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ وَتَارَةً بِهَيْئَةِ التَّرْبِيعِ اهـ. شَرْحُ م ر.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْحَمْلُ تَارَةً كَذَا أَيْ بِهَيْئَةِ الْحَمْلِ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ وَتَارَةً كَذَا أَيْ بِهَيْئَةِ التَّرْبِيعِ أَفْضَلُ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى أَحَدِهِمَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَصَرَّحَ بِهِ كَثِيرُونَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ فِي أَيِّهِمَا أَفْضَلُ وَتَفْسِيرُ صِفَةِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا بِمَا ذُكِرَ هُوَ مَا فِي الْأَصْلِ عَنْ بَعْضِهِمْ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَصِفَةُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَصَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ أَنْ يَحْمِلَهَا خَمْسَةٌ أَرْبَعَةٌ مِنْ الْجَوَانِبِ وَوَاحِدٌ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ كَلَامَ الْمَاوَرْدِيِّ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْجِنَازَةِ إذْ الْأَفْضَلُ حَمْلُهَا بِخَمْسَةٍ دَائِمًا وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ بِالنِّسْبَةِ إلَى كُلٍّ مِنْ مُشَيِّعِهَا فَيَحْمِلُ تَارَةً كَذَا وَتَارَةً كَذَا فَيَكُونُ لِلْجَمْعِ كَيْفِيَّتَانِ كَيْفِيَّةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْجِنَازَةِ وَكَيْفِيَّةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ بِأَنْ يَتَقَدَّمَ رَجُلَانِ إلَخْ) فَإِنْ عَجَزَ الْأَرْبَعَةُ فَسِتَّةٌ أَوْ ثَمَانِيَةٌ أَوْ أَكْثَرُ شَفْعًا بِحَسَبِ الْحَاجَةِ وَالزَّائِدُ عَلَى الْأَصْلِ يُحْمَلُ مِنْ الْجَوَانِبِ أَوْ تُزَادُ عُمُدٌ مُعْتَرِضَةٌ كَمَا فُعِلَ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ لِبَدَانَتِهِ وَأَمَّا مَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى اثْنَيْنِ